أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الهم الشخصي والجمعي في -آن وقت الرحيل- وجيه مسعود















المزيد.....

الهم الشخصي والجمعي في -آن وقت الرحيل- وجيه مسعود


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6968 - 2021 / 7 / 24 - 00:55
المحور: الادب والفن
    


الهم الشخصي والجمعي في
"آن وقت الرحيل"
وجيه مسعود
الشعراء هم انبياء الأمة، هم من يخروجنها من الظلمات إلى النور، هم من يهدونها إلى الطريق القويم، هم من يكشفون عيوبها ويصاروحنها بحقيقتها، مقدمة لا بد منها لتأكيد دور الشعراء في التغيير، وعلى أنهم طلائع التمرد على الواقع السائد، وعلى أنهم غير مبالين لكسب ود هذا الحاكم أو ذلك المتنفذ، ولم يقتصر تمردهم على ما هو رسمي، بل طال أيضا العامة وما فيها من خبل واستسلام، الشاعر "وجيه مسعود" بكشف كل هذه العيوب من خلال الحديث عن همومه كإنسان، كمواطن عربي يعاني الأمرين في دول الطوائف والقبائل، وعندما عنون نصه "آن وقت الرحيل" أراد به الاشارة إلى إنهاء الواقع وما فيه من بؤس وهوان.
يفتتح الشاعر نصه بهذا المقطع:
"منكوب ، مهموم
لحية كثّاء و مخمورْ
اريد غيبةً
او واحةً من البعيدِ البعيدْ
هذي (الفُعْلةُ) نكبتي
نابُ الضاد في كبدي كالبندولِ
كم اودُّ الرحيلْ
ما همَّ في حفرةٍ ، عى طرف الطريقِ
ام غريقْ
الموتُ ارحم من هذا الفجور"
الألفاظ المجردة تُوصل لنا حاله الشاعر/الأمة: "منكوب، مهموم، مخمور، أريد غيبة، نكبتي، ناب في كبدي، أود الرحيل، حفرة، غريق، الموت، الفجور" كل هذا الألفاظ سوداء وقاتمة، وتبين حالة الشاعر من الخارج ومظهره/هيئته البائسة، وتتناول ما يعانيه داخليا/نفسيا، كما أنه يطرح الحلول/البدائل للواقع المتردي.
إذن الشاعر من خلال حديثه الشخصي يُوصل فكرة العقم التي وصلت إليها شخص وكمجتمع، ونلاحظ تركيزه على الأنا الحاضرة في ياء المتكلم، لكن المقطع الأخير "الموت أرحم من هذا الفجور" يأخذنا إلى ما هو أبعد من هم الشاعر، فهو يطرح حالته وهمومه الشخصية لتكون غطاء/رديف للهم الاجتماعي، لهذا نجده يتحدث عن هموم الأمة كاملة وليس عن همومه كمواطن فلسطين، فيحدثنا عن مجموعة حكام في المنطقة العربية:
" من نقيق ضفادع (عباسَ)
وبقيةِ الممالك والمشيخات والجمهوريات وعسكرات المغول
اشرف من جعجعة (الرئيس)
اقل بؤسآ من مشهد التافِهِ رئيس مجلس القمامه
(مرسيدس) بسائقٍ وخادمٍ وسبع سيارات حراسه
او (لاند روفر) (ابنته) يقيء الغبار على ارصفة ( بير زيت)
حضوركم داءٌ
وجودكم بذائه"
فهذا الطرح القومي يتجاوز القطرية ويتجاوز حالة الشاعر الشخصية، لهذا نجده يعري الحكام في المنطقة العربية، دون أن يحدد مكان جغرافي بعينه، لكنه يميز الحالة الفلسطينية من خلال "عباس" وأرصفة بير زيت، وهذا (الاستثناء) لفلسطين ناتج عن حجم الألم الذي تسببه لكل من يتابع أحوالها وما يجري فيها، فهي البلد الوحيد الذي ما زال يعاني من الاحتلال، وأي احتلال؟، احتلال استيطاني عنصري، يعمل على قتل السكان وتهجيرهم وسلب الأرض منهم، وأن يأتي متنفذين فاسدين يزيدون "الطين بلة" ويوقعون الأذى والظلم على من هم مظلومين أصل، ومن هم بحاجة إلى بصيص أمل ورحمة، وبحاجة إلى من يراعوا حقوقهم ويخففوا من مشاكلهم!!، من هنا جاء هذا التركيز على الواقع الفلسطيني عن غيره.
وإذا ما قارنا بين المقطع الأول الذي يتحدث عن حال الشاعر الشخصي، والمقطع الثاني الذي يتحدث عن الواقع الرسمي العربي، نجد في الأول ألفاظ أدبية تطفي لمسة من النعومة على المشهد، رغم السواد الظاهر فيه، بينهما في الثاني نجد الأدبية فيه شبه معدومة، وكأن الشاعر يريد ان القول أن الواقع الرسمي لا يمكن تجميلة أو تغيره، بينما الحالة الشخصية يمكن أن نجدد فيها شيء يخفف/يساعد على خلق حالة من الأمل والفرح فيها، بمعنى أنه يتعاطف دون وعي مع ما هو شخصي/شعبي، ويتحامل على كل ما هو رسمي، من هنا ختم المقطع واصفا الحالة الرسمية بالداء والبذائة، بمعنى أنها مريضة ومقززة.
"وأدُ آذارَ حيآ ، وقبرُ تموز الرب للأبد
...... ولا عشتارُ في جنوب سوريا .........
سيظل الخريف يجر خريفا
الى ان يقضي في السفح (سيزيف) وحيدا"
بعد أن تحدث بواقعية عن الرسمي العربي ينتقل مباشرة إلى الأسطورة، وكأن ادرك أنه النص ابتعد عن الأدب وما فيه من جمال، فأراد عن يعوضه بتخصيبه من خلال الأسطورة، فيتحدث عن "تموز وعشتار وسيزيف" مشيرا إلى أن ضعف الخصب الذي يبدأ في آذار، فبدا شحيح ولا يكاد يبزغ/"حيا" بينما تحدث عن الخراب/القحط/الموت باسهاب/"الخريف، يجر، خريفا، يقضي، وحيدا" وهذا ناتج عن الحالة القنوط التي يمر بها الشاعر وامته، وما تركيزه على فلسطين "جنوب سوريا" ، إلا تأكيد على حجم الألم الواقع فيها وما يسببه له من أذى وضغط لا يحتمل.
"كنت اخاف على ابنتيَّ من موتي
اذ كبرنَ ، تيسرَ العبور
من نكد الجراد في صحراء الهجير
الى ، ما قيلَ خانٌ سادناهُ (ناكرٌ ونكيرْ)"
الرحلة إلى العالم الآخر وما فيه تبقى محل تساؤل وتفكير، وقد تحدثت الأساطير السورية عن العالم السفلي، وكيف أنه يفتقد لمظاهر الحياة السوية، حيث الطين طاعم الموتى، ولا لباس فيه ولا مكان متسع، من هنا كان الرحيل للعالم السفي يحمل الرهبة والجزع، وهذا ما أوضحه الشاعر حينما قال "أخاف"، لكنه خوفه ليس من العالم والفسلي ما فيه/"ناكر ونكير"، بل على من سيتركهم أحياء/"ابنتي". ونلاحظ حنق الشاعر على الواقع من خلال استخدامه "تيسر العبور" والذي يعني التحرر والتخلص من "نكد، الجراد، صحراء، الهجير" بمعنى أنه يتحرر من سواد قاتم، لهذا نجده يكمل قائلا:
"ما أجمل الرحيل".
"......... ما اجمل الرحيل
... اوليس الموت اطهر من رؤية غِلٍّ ، يقوم من وحل النجاسة، ويسميه الصفيقُ اصلاحا

ما ابهى العدم ، حيث لا ضادٌ ولا ادِّعاء
لا رئيسٌ خالدٌ
ولا هُمامٌ بسيف الورقْ
خارجَ رملكم ما اجمل العدم
...وإن كان ثمّةَ ما تقولون ، حسيب وحِسبة ، قبّانُ جَزَر"
يتحرر الشاعر من هاجس الخوف من العالم الآخر، مفضلا إياه على البقاء في الواقع الرسمي الذي يعيشه ويعيشه شعبه/امته، مستخدما "ما أبهى"، فالفناء/الموت افضل من البقاء في واقع متردي، من هنا تناول الواقع الرسمي قديما وحديثا، "لا رئيس خالد، لا همام بسيف الورق، خرج رماحكم" بمعنى أن العداء والتناقض مع كل ما هو الرسمي متجذر في الشاعر ويمتد إلى الماضي/التاريخ، لأن التاريخ الرسمي أيضا تعامل مع المعارضين بشراسة واضطهاد وقمع، فلا لقاء أو جامع أو توافق بين الشاعر/الأمة والرسمي.
"وسوق غيبْ

رحلت من (مربدكم) العامر
لعلي اريح قلبي، في سقيفة (عروة ابن الورد)

لكن جرادكم عبر المحيط "
تأكيدا على حالة الصراع مع الرسمي يهجر الشاعر "المربد" المهرجان الشعري الذي خصه العراق للشعراء المرضي عنهم رسميا، ليلتجأ إلى سقيفة، ونلاحظ أن رحلة الشاعر "رحلت" تكللت ب"أريح، قلبي" فالألفاظ المجردة توصل النهاية السعيدة لرحلته، وإذا أخذنا "مربدكم" وقارناها مع "عروة بن الورد" نجد أن المكان الجديد أوسع وأكبر من الأول، وهذا يشير إلى حجم التناقض بين الشاعر وما يصبو إليه وبين الواقع الذي يعيشه.
يختم الشاعر النص بهذه الخاتمة:
"ما عدت احتمل خفافيش الظلام
وما دمت اذكر اسمي
وان لي من رملكم نصيب
نفق زق الخمر ، آن وقت الرحيل"

يحسم مسألة بقاءه في الواقع الرسمي بقوله: "ما عدت أحتمل" مستخدما الحيوانات/"خفافيش" والتي غالبا ما تأتي لتعبر عن حالة السواد والقتامة التي يمر بها الشعراء، موضحا حالة التناقض الكلي مع كل ما هو رسمي، "ما عدت احتمل".
ويختم الشاعر النص بوصف حالته "نفق زق الخمر"، رابطا رحيله/الرحيل بفقدان هذا المساعد/المقوى/المخلص له، فجاءت الخاتمة بصورة جميلة، تنسجم مع رغبته في مغادرة الواقع الرسمي، ومنسجة مع حالة الفرح والهناء الذي سيجده بعد رحل/ذهاب الرسمي من حياته.
النص منشور على الحوار المتمدن على هذا الرابط
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724646



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كامل ياسين القصيدة الكاملة -رؤيا-
- المجتمع الذكوي في رواية -اليتيمة- جميل السلحوت
- التجديد في نوع الأدب غواية الزنزلخت عبد الله رضوان
- شكل وطريقة تقديم السواد والألم في -الجدار- سليمان أحمد العوج ...
- التاريخ والواقع في رواية -الصوفي والقصر-* سيرة ممكنة للسيد ا ...
- رواية سبعينيات القرن الماضي -الخيوط- وليد أبو بكر
- -بريق كاذب- عبد المجيد السامرائي
- استعادة وجوه غسان كنفاني بعد نصف قرن من استشهاده
- اكتمال جمال الشهيد في قصيدة حضور الشهداء
- عبث الزمن والسواد جروان المعاني
- عندما يكون الكاتب مضحّياً من أجل كتابه
- ترتيب القصدة في -دون السماء الثامنة- كميل أبو حنيش
- المكان في ديوان -أستل عطرا- فهيم أبو ركن
- ديوان -استيقظ كي تحلم- مريد البرغوثي
- .الأدب الكامل في قصيدة -عناة- كميل ابو حنيش
- الحدث ولغة الشخوص في رواية -صهيل مدينة- مصطفى النبيه
- السواد في ديوان -قراءة في نقش صحراوي- مهدي نصير
- التجربة الاعتقالية في رواية -احترق لتضيء- نادية الخياط
- نتصار الفن في مسرحية -ممثل انتحاري- إبراهيم خلايلة
- الكلمة والحرف في قصيدة -خذي- سامح أبو هنود


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الهم الشخصي والجمعي في -آن وقت الرحيل- وجيه مسعود