أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 8 )














المزيد.....


الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 8 )


آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 6966 - 2021 / 7 / 22 - 19:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك من إن الحالة الحضارية و الثقافية لأي شعب هي ركن مهم من اركان قوة دولته , إلا أن هذا الركن لا يكون فعالا دون تحقق شروط و أركان أخرى من قوة الدولة , فعلى سبيل المثال :
عند تفشي المجاعة الشديدة في بلد ما و انعدم وجود الحاجات الأساسية لحياة الأنسان فليس من المتوقع أن تجد في هذا البلد شيء من التكافل الاجتماعي بين افراد المجتمع حتى لو كان ذلك التكافل موجودا في الإرث الحضاري لهذا البلد .
و لا يمكن أن تجد الاستعداد عند المواطنين للتضحية من أجل وطنهم و الدفاع عنه في دولة انعدمت فيها ابسط انواع الحريات و الشعب فيها يخضع لنظام استبدادي قاسي لدرجة يَفقدْ فيها الأنسان كرامته .
لن يكون للإرث الحضاري و الثقافي اي حضور في أي بلد دون وجود متسع كافي من الحريات العامة و الحريات الشخصية .
لا يظهر الإرث الحضاري لأي بلد يعيش في زمن الاستبداد , فأول شيء يستهدفه و يقمعه الاستبداد هو الأبداع و القدرة على استحضار الجانب المشرق من الماضي بما فيه من افكار و فلسفة الأنسان الحر و عادات اجتماعية جميلة تعزز التكافل الاجتماعي و الوقوف بوجه الطغيان .

قبل وضع الحالة الحضارية و الثقافية للشعب الصيني و الأمريكي في ميزان المقارنة لا بد من الإشارة الى ما يلي :
أولا : الهيمنة الاستعمارية الأجنبية للصين منعت إرثها الحضاري من البروز و ظل مكبوتا خلال قرن من الزمان يمتد من منتصف القرن التاسع عشر الى منتصف القرن العشرين الذي كانت فيه الصين تحت الهيمنة الاستعمارية الأجنبية , هذا القرن الذي يطلق عليه الصينيون ( قرن الذل ) تم خلال قرن الذل دحر الهوية الصينية الأصيلة و طغت هوية المستعمر الغريبة على المجتمع الصيني .
ثانيا : بعد انتصار الثورة الشيوعية في الصين التي قادها الثوار الشيوعيون تخلصت الصين من الاستبداد الأجنبي لكنها سقطت مرة أخرى تحت هيمنة الاستبداد الوطني خلال الثورة الثقافية الماوية .
ثالثا : بعد ذلك تخلصت الصين من الاستبداد الذي رافق الثورة الثقافية الشيوعية التي قادها الزعيم الصيني ماو تس تونغ عندها بدأ الإرث الحضاري للصين بالظهور على السطح من جديد و بشكل تدريجي فمع كل خطوة نجاح لمسيرة الإصلاحين في بناء نظام جديد للصين يعتمد الاشتراكية ذات الخصائص الصينية أي بمعنى نظام اشتراكي مرتبط بالإرث الحضاري و الثقافي للأمة الصينية يظهر معها شيء من حضارة الصين و ثقافتها القديمة .
رابعا : اليوم و بعد أن تخلصت الصين من الجزء الأكبر من أثار الاستعمار الثقافي الأجنبي و من اثار تلك الثورة الثقافية الماوية و بدأ مرحلة تطبيق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية التي ربطت الصين الحديثة من جديد بجذور حضارة الصين القديمة أصبحت توجيهات قادة الصين و الأعلام الصيني يستند على مفردات كثيرة من مفردات الثقافة الصينية الأصيلة التي تساعد الشعب الصيني على التغلب على الصعاب و بناء دولة الصين الحديثة القوية .
خامسا : في البلدان التي لا تمتلك إرثا حضاريا خاصا بها كالولايات المتحدة الأمريكية تكون الحريات العامة و الحريات الشخصية فيها غير قادرة على خلق إرثا حضاريا لأن الإرث الحضاري لا يمكن أن يخلق من العدم فهو بحاجة الى زمن ...زمن طويل .

لذا فأن وضع دولتين مثل الصين و امريكا في ميزان واحد للمقارنة هو أمر غير منتج لأنه و بسهولة سنجد الصين و قد وضِعَتْ في كفة , الصين هذه الدولة التي لها تاريخ حضاري عمرة الاف الستين و جذور موروثها الثقافي يمتد في عمق التاريخ الإنساني ... و في الكفة الأخرى أمريكا , هذه الدولة التي ابتدأ تاريخ وجودها قبل بضعة مئات قليلة من السنين , دولة فيها امة لازالت في طور التكوين و ميزات هذه الأمة الأمريكية الحديثة التكوين انها لازالت تَتَشكَلْ من خلال تلاقي و تلاقح حضارات و ثقافات و أديان كافة امم العالم في كيان اجتماعي واحد جديد اسمه امريكا , و رغم أن عنجهية و غطرسة الرجل الأبيض من أصل أوربي لازالت تفرض طغيانها على جوانب مهمة من الحياة في أمريكا إلا أنها لم تستطع وقف مسيرة امريكا في انتاج هوية المواطنة الأمريكية الغير منقوصة لكل المواطنين الأمريكان ... و قد يحتاج ذلك الى زمن ليس بالقصير .
من المؤكد أن الصين متفوقة حاليا على أمريكا بمقدار القوة المستمدة من الإرث الحضاري , و الصينيون يستطيعون الآن القول أننا في الأزمات نصبح عائلة واحدة .
الحضارة تعني أن هنالك تكافئ بين ما يقدمه الوطن لأبنائه و بين ما يقدمه ابناء الوطن لوطنهم , و الحضارة الجميلة تعني ايضا رسوخ قيم الصدق و الإخلاص في العمل و أن يكون الكذب و الخداع مرفوض اجتماعيا .

(( يتبع ))



#آدم_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 7 )
- الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 6 )
- الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 5 )
- الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 4 )
- الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 3 )
- الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 2 )
- الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 1 )
- متى تتنحى أمريكا عن لعب دور شرطي العالم ...؟
- هل ستسيطر حركة طالبان على كابل عاصمة أفغانستان , و ماذا بعد ...
- هل ستسيطر حركة طالبان على كابل عاصمة أفغانستان , و ماذا بعد ...
- هل ستسيطر حركة طالبان على كابل عاصمة أفغانستان , و ماذا بعد ...
- هل هنالك مصلحة عراقية في قرارات القمة الثلاثية العراقية المص ...
- هل هنالك مصلحة عراقية في قرارات القمة الثلاثية العراقية المص ...
- هل هنالك مصلحة عراقية في قرارات القمة الثلاثية العراقية المص ...
- هل هنالك مصلحة عراقية في قرارات القمة الثلاثية العراقية المص ...
- التكنوقراط ... هل هم قادة المستقبل نحو مجتمع الرفاهية ..؟
- التنافس الأمريكي الصيني على قيادة العالم ( 2 )
- التنافس الأمريكي الصيني على قيادة العالم ( 1 )
- طاقة الاندماج النووي ... تداعياتها السياسية و الاقتصادية و م ...
- طاقة الاندماج النووي ... تداعياتها السياسية و الاقتصادية و م ...


المزيد.....




- رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو ...
- قراءة الإعلام المصري لصورة السيسي في -جيروزاليم بوست- الإسرا ...
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 119 مقذوفا في غضون 24 ساعة ...
- وزير الخارجية الأمريكي ونظيره السعودي يناقشان مستقبل غزة وال ...
- فوتشيتش يصف الاحتجاجات في صربيا بأنها محاولة لتدمير البلاد م ...
- أنباء أولية عن سقوط قتلى في تحطم طائرة في فيلادلفيا الأمريكي ...
- إعلام أوكراني: سماع دوي انفجارات في كييف ومقاطعتها
- المبعوث الأمريكي الخاص: إنهاء الصراع في أوكرانيا يصب في مصلح ...
- تاكر كارلسون: زيلينسكي باع أوكرانيا وتحول إلى خادم للغرب
- -إم 23- تواصل زحفها شرق الكونغو الديمقراطية


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 8 )