|
الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 7 )
آدم الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 6965 - 2021 / 7 / 21 - 21:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قوة العلوم و التكنولوجية و قوة الاقتصاد بالإضافة الى القوة العسكرية هي الأركان الثلاثة الأساسية للدولة الحديثة و هنالك ثلاث اركان أخرى مكملة تعزز قدرات و قوة الدولة و هي : ** الدبلوماسية و التحالفات الخارجية . ** الحالة الحضارية و الثقافية للشعب . ** النظام السياسي و الحريات الشخصية . قوة الدبلوماسية و التحالفات الخارجية للصين و أمريكا في ميزان المقارنة : اولا : الصين ليست طرفا في أي تحالف عسكري بين الدول و لا تنوي و لا تريد أن يكون لها وجود في أي تحالف عسكري . ثانيا : بعد أن استطاعت الصين استعادة أراضي صينية واقعة ضمن الخارطة التاريخية للإمبراطورية الصينية القديمة لم يبقى سوى جزيرة تايوان خارج اطار الدولة الصينية و قد وضعت الصين لها هدفا هو استعادة تايوان و ضمها للدولة الصينية بشتى السبل لكنها تفضل الطرق السلمية و ضمن مبدأ نظامين في دولة واحدة . الصين لا تقبل أي شكل من أشكال المساومة على موضوع استعادة تايوان حيث أن الصين تعتبر هذا الأمر شأنا صينيا داخليا و معظم دول العالم و من ضمنهم امريكا و بريطانية و دول الاتحاد الأوربي لا تعترف بتايوان كدولة فعدد الدول التي نعترف بتايوان كدولة هو 13 دولة و كلها دول صغيرة و بعضها صغير جدا و هذا العدد في تناقص مع مرور الزمن . امريكا لا تعترض على استعادة الصين لتايوان و إنما تطالب في أن تكون العودة طوعية و بطرق سلمية لكنها في نفس الوقت تضع عراقيل أمام الطرق السلمية للعودة التي تتم من خلال توسيع التبادل التجاري و المصالح المشتركة و الاستثمارات المتبادلة و غيرها بين الصين و تايوان . و القيادة الصينية تعتقد أنه من الممكن تطوير المصالح المشتركة مع تايوان للوصول الى مرحلة يجد فيها التايوانيون أن مصلحتهم في أن يكونوا جزءا من الصين اكبر بكثير من مصلحتهم و هم خارج دولة الصين .
ثالثا : الميزة الأساسية لدبلوماسية الدولة الصينية و تحالفاتها هي أن السياسة الصينية تعتمد على البرغماتية و الحيادية و أن لا تكون الصين طرفا في أي نزاع بين الدول و أقامه علاقة تجارية و اقتصادية و تعاون مع جميع دول العالم دون استثناء و بأكبر قدر ممكن من المجالات بغض النظر عن طبيعة الأنظمة السياسية للدول الأخرى و تطبق مبدأ عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى بشكل حقيقي و كامل و يمكن تناول بعض الأمثلة على ذلك : ** للصين علاقات تجارية و اقتصادي واسعة مع ايران و في نفس الوقت نجد أن حجم تبادلها التجاري مع السعودية و دول خليجية أخرى في تصاعد مستمر ايضا . ** للصين علاقة متينة مع اسرائيل تشمل الاستثمارات و التبادل التجاري و التعاون في مجالات عديدة لغرض تبادل المعرفة في العلوم و التكنولوجية و في نفس الوقت ترتبط الصين بعلاقة جيدة مع الشعب الفلسطيني و السلطة الفلسطينية و منظمة التحرير الفلسطينية كما إن الصين تدعم دبلوماسيا الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية لغرض حصوله على حقوقه وفق قوانين الشرعية الدولية . ** الشريك الأول لأمريكا في التبادل التجاري هي الصين و كذلك الحال بالنسبة للاتحاد الأوربي فالصين تمكنت من ازاحة امريكا و أن تحل محلها لتصبحت هي الشريك الأول للاتحاد الأوربي و في نفس الوقت نجد أن حجم التبادل التجاري بين الصين و روسيا حاليا بحدود 107 مليار دولار سنويا لكنه يتجه نحو الصعود الى 200 مليار دولار سنويا في السنين القريبة القادمة و يزداد اعتماد الصين على مصادر الطاقة من روسيا و خصوصا الغاز الروسي حيث تم أنجاز مشروع نقل الغاز الروسي بسعة 38 مليار متر مكعب سنويا الى الصين كمرحلة أولى و سيتضاعف حجم الغاز الذي ستصدره روسيا الى الصين في السنين القادمة . ** نجحت الصين في جمع ثمانية دول في تحالف اقتصادي تجاري و لتبادل الخبرات في مجالات عديدة و يسمى هذا التحالف ب (( منظمة شنغهاي للتعاون )) و الدول الثمانية هي الصين و روسيا و الهند و باكستان و اوزبكستان و طاجكستان و قرغيزستان و تركمانستان . أن التعاون و التبادل التجاري بين دول هذه المنظمة في نمو مستمر حيث تخطط الصين لأن تكون هذه المنظمة نواة لأتحاد أسيوي على غرار الاتحاد الأوربي . أيران تطمح بالدخول لهذه المنظمة إلا أن مشكلة الملف النووي الإيراني و العقوبات الأمريكية عليها و على من يتعامل معها حالت دون دخولها كعضو في هذه المنظمة و لكنها تحضر بعض اجتماعات هذه المنظمة بصفة مراقب . أما بالنسبة لتركيا التي تطمح بالانضمام ايضا لهذه المنظمة فعليها الانسحاب من حلف الناتو و سحب طلبها للانضمام للاتحاد الأوربي فأي دولة غير اسيوية لا تقبل بهذه المنظمة حيث سبق و تم رفض طلب بلاروسيا للانضمام لهذه المنظمة بالرغم من علاقتها الجيدة جدا مع الصين و روسيا و السبب هو أن بلاروسيا دولة أوربية . ** تجاوز عدد الدول المشاركة بمشروع طريق الحرير الجديد الذي تقيمه و تموله الصين الستين دولة و هذا المشروع وسع كثيرا علاقات الصين الدبلوماسية مع دول القارات الثلاثة اسيا و اوربا و أفريقية .
أما في الكفة الأخرى من ميزان المقارنة و هي علاقات أمريكا الدبلوماسية و تحالفاتها فيمكن وضع المؤشرات التالية : اولا : تراجعت علاقات امريكا بحلفائها كثيرا في زمن الرئيس السابق ترامب و باشر الرئيس بايدن بترميم هذه العلاقات . ثانيا : أمريكا ليس عضوا في حلف الناتو العسكري فقط بل هي قائدة لهذا الحلف و هي بعكس الصين تعتمد على التحالفات العسكرية أكثر من اعتمادها على التحالفات الاقتصادية . ثالثا : امريكا بعكس الصين حيث تجدها طرفا في معظم النزاعات المنتشرة في العالم و تستخدم قدراتها العسكرية و نفوذها للعب دور اكبر في تحديد مسار تلك النزاعات . رابعا : بعكس الصين , أمريكا لا تستطيع اتخاذ موقف محايد في الكثير من الصراعات في العالم و لازالت لدى أمريكا الرغبة في ممارسة دور الشرطي على العالم و قد كانت قمة تدخلاتها الخارجية بعد الحرب البارة هي في احتلالها لأفغانستان ثم العراق حين رفعت شعار من ليس معنا فهو ضدنا .
و عليه يمكن القول أن القوة التي تكسبها الصين من علاقاتها الدبلوماسية هي اكبر بكثير من تلك القوة التي لدى امريكا , فعلاقات الصين الدبلوماسية مدعومة بالمصالح و المنافع المشتركة مع الدول الأخرى أما قوة امريكا الدبلوماسية فتعتمد على القوة العسكرية و الحصار و العقوبات و غيرها من هذه الوسائل التي سترتد عليها لا محال .
(( يتبع ))
#آدم_الحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 6 )
-
الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 5 )
-
الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 4 )
-
الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 3 )
-
الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 2 )
-
الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 1 )
-
متى تتنحى أمريكا عن لعب دور شرطي العالم ...؟
-
هل ستسيطر حركة طالبان على كابل عاصمة أفغانستان , و ماذا بعد
...
-
هل ستسيطر حركة طالبان على كابل عاصمة أفغانستان , و ماذا بعد
...
-
هل ستسيطر حركة طالبان على كابل عاصمة أفغانستان , و ماذا بعد
...
-
هل هنالك مصلحة عراقية في قرارات القمة الثلاثية العراقية المص
...
-
هل هنالك مصلحة عراقية في قرارات القمة الثلاثية العراقية المص
...
-
هل هنالك مصلحة عراقية في قرارات القمة الثلاثية العراقية المص
...
-
هل هنالك مصلحة عراقية في قرارات القمة الثلاثية العراقية المص
...
-
التكنوقراط ... هل هم قادة المستقبل نحو مجتمع الرفاهية ..؟
-
التنافس الأمريكي الصيني على قيادة العالم ( 2 )
-
التنافس الأمريكي الصيني على قيادة العالم ( 1 )
-
طاقة الاندماج النووي ... تداعياتها السياسية و الاقتصادية و م
...
-
طاقة الاندماج النووي ... تداعياتها السياسية و الاقتصادية و م
...
-
امريكا تنقل مركز ثقل تدخلاتها الخارجية الى بحر الصين الجنوبي
...
المزيد.....
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: معبر رفح لن يُفتح إذا تكررت -الفوضى- م
...
-
أمريكي ينتشل أجزاء من طائرة منكوبة تحطمت في نهر بواشنطن
-
كيم جونغ أون غاضب ويحاسِب.. إقالة عشرات المسؤولين تورّطوا في
...
-
واتساب يتصدّى لعملية تجسس واسعة استهدفت صحافيين وناشطين
-
الجيش الاسرائيلي يعلن تعرض قواته لإطلاق نار داخل سوريا
-
ترامب يتعهد بالحديث مع بوتين لإنهاء الصراع في أوكرانيا
-
ترامب: الأردن ومصر سيستقبلان سكانا من غزة
-
-الشبكة- يرصد أثر مشاهد تسليم أسرى الاحتلال على البريميرليغ
...
-
نادى الأسير يكشف عدد الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم السبت
-
ترامب يكرر تصريحه عن -تهجير- سكان من غزة إلى مصر والأردن
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|