|
يوميات العدوان : المرحلة البرية الأخيرة المتعثرة، ووضع المقاومة اللبنانية
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1640 - 2006 / 8 / 12 - 10:57
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لايزال العدوان الإسرائيلي الوحشي الواسع على لبنان متواصلاً، وهو يطوي شهره الدموي الطويل الأول، والعدو يهدد بإستمرار العمليات العسكرية، ويلوح بالتوسيع والتوسع نحو العمق اللبناني، وكذلك لايزال الهجوم السياسي الأمريكي، بقيادة بوش ورايس وبولتون، وعجرفة ديفيد ولش والسفير الأمريكي جيفري فلتمان في قلعة عوكر، تسانده جوقات الإعلام واصابع المؤسسات الأخرى، ينشط في كل المجالات والأروقة وكل المدن العالمية، والرسائل المتواترة الصادرة من إسرائيل وأمريكا متناقضة ومرتبكة، بسبب تعثر وفشل العدوان البري على أرض الجنوب، ونجاح المقاومة اللبنانية في صده وعرقلته، وسقوط دبابة المركفاه الحديثة أمام القذائف المضادة للدروع، ونفاذ الوقت المفترض والإضافي للعمليات العسكرية، وتصاعد خسائر العدو بشكل لافت بحيث لايستطيع إحتماله، وثبات الجبهة اللبنانية الداخلية ووحدتها، وبقاء المقاومة تقاتل على الحدود تماماً، في عيتا الشعب وبنت جبيل وعيترون، وكل المواقع والنقاط الحدودية، وعدم نجاح القصف الإستراتيجي والتدمير المنهجي للمدن والقرى اللبنانية في أحداث إختلال شعبي أو سياسي كما كان يريد العدو ويستهدف، مع إستمرار صواريخ المقاومة في دك المدن والمستوطنات في العمق الصهيوني، وحين تريد وحيثما تريد، بينما لم تزل المقاومة تمتلك العديد من الأوراق الفعالة، والتي أهمها إمكانية إطلاق حرب العصابات الشاملة، وتحويل الجنوب كل الجنوب اللبناني الى جبهة متحركة لقتال العدو، من خلال حرب إستنزاف مؤثرة، ستكون موجعة، وتوسيع المستنقع اللبناني، الذي سوف يغرق به العدو، كما غرق وهرب من قبل في التجربة الطرية السابقة . إن إمكانية إطلاق حرب العصابات في حالة بقاء جندي واحد على الأرض الوطنية اللبنانية، هو الهاجس الخطير والغامض، الذي يسطر على أركان القيادة السياسية والعسكرية للعدو، وعلى الإدارة الأمريكية أيضاً، التي تخشى من إستمرار وتوسع ظاهرة المقاومة للوجود الأمريكي، وللعدوان الصهيوني، فكيف للعدو إن يواجه هذه المشكلة المعقدة، والتي لايمكن مواجهتها وإيقافها، ولايمكن حصر إنعكاساتها وتداعياتها في لبنان والمنطقة، وخاصة الداخل الفلسطيني ؟؟ من هنا يتشدد الحديث على ضرورة نزع سلاح المقاومة، ومنع ثقافة ومفاهيم المقاومة، وفرض أفكار وأساليب الإستسلام والخنوع، وإتخاذ الخطوات العملية، من خلال نشر قوات دولية عازلة وضاربة في الجانب اللبناني، والحديث عن قرار دولي وقوة دولية، تعمل وفق البند السابع. المعادلات القديمة التي تحدثنا عنها مراراً لاتزال قائمة، وهي تعمل لصالح المقاومة اللبنانية لحد الآن على الأقل، رغم وحشية وشراسة وخبث العدوان، ورغم الجهد الأمريكي الذي يحاول إنتزاع نجاح سياسي سهل لصالح إسرائيل، ورغم حرب الإبادة العنصرية الصهيونية ضد المدنيين والمدن، لم يحصل إنقلاب إستراتيجي في الوضع القائم على الأرض، والأوضاع غير مرشحة لإنقلاب دراماتيكي، بالمقابل هناك ضغط آخر على الشارع الإسرائيلي بواسطة صواريخ المقاومة، لذلك سوف تفشل الخطوات السياسية ومحاولة فرض الشروط الأمريكية الإسرائيلة المشتركة، وسوف تظل المقاومة اللبنانية طرف رئيسي في المفاوضات والحلول القادمة، والمقاومة تملك الكثير من المرونة والتكتيكات العالية، السياسية والعسكرية، ولديها رؤية سياسية واضحة، وعمق جماهيري يحاول العدو ضربة وتخريبه بواسطة القصف الجوي والتجويع وقطع الإمدادات والحرب النفسية، والتهديد بالعقوبات الجماعية، لمدن ومناطق معينة، بواسطة ( حرب المنشورات)، وهي أساليب قديمة ومعروفة، ويمكن للناس والشعوب مواجهتها والتغلب عليها، رغم بشاعة وصعوبة الظرف العام ، والتجارب المحلية والعالمية كثيرة ومتنوعة في هذا المجال، فقد صمدت مدن كثيرة بوجه العدوان . لقد إستطاعت المقاومة اللبنانية من حماية وإبعاد بيروت عن التدمير الوحشي الشامل والمعد مسبقاً من قبل العدو، بواسطة الذراع الطويلة كما يسمونها، والتخلص من ضغط بيروت الهائل وتداعياته، ومحاولة إيذاء وإذلال الناس فيها، رغم ما أصاب الضاحية الجنونية من تدمير عدواني جنوني، وذلك بقرار المقاومة بقصف تل أبيب في حال التعرض لبيروت الكبرى، وهو إكتشاف كبير لنقاط ضعف العدو، من خلال دراسة نقاط قوته وضعفه، وهي دراية كبيرة ودقيقة لإمكانيات وطبيعة العدو وفكره ووضعه النفسي والإقتصادي والسياسي، لخلق نوع من توازن الردع أمام عدو وحشي منفلت، لايعرف غير لغة القوة والغدر والعنف . لقد إستمرت الإدارة الأمريكية في لعبة كسب الوقت الإضافي، ومنع إصدار قرار واضح من مجلس الأمن لإيقاف العدوان، وعرقلة جميع الجهود الدولية، على حساب آلام الشعب اللبناني وضحاياه اللذين تجاوزوا الألف شهيد جلهم من الأطفال، وآلاف الجرحى وأكثر من مليون نازح ومشرد، ومليارات الدولارات من الخسائر المادية، الناتج عن التدمير المنهجي للبنية التحتية والأهداف المدنية في لبنان، من هنا تأتي المشاركة الأمريكية المباشرة في العدوان، والذي في جوهره خطة أمريكية شاملة، الى جانب الجسور الجوية المفتوحة، القادمة من العراق وقاعدة أنجرليك التركية وقطر والبحرين والقواعد العسكرية في السعودية، والبحار العربية وقناة السويس، وكل مكان يسمح بمرور أدوات العدوان على شعبنا اللبناني، بينما لايزال الجهد الدبلوماسي العالمي، وبعرقلة أمريكية، يدور في المربع الأول، لكسب الوقت والضغط على الطرف اللبناني لقبول الشروط الأمريكية والإسرائيلية، رغم تعاظم مأساة الناس في المدن، بينما لازالت الحكومة اللبنانية ترفض المشاريع الأمريكية، رغم الضغط الكبير الذي تتعرض له بسبب إنحيازها لإسرائيل، وعدم الإخذ بالحقوق والمطالب اللبنانية . هناك من يصطف مع الأنظمة الرجعية العربية، التي شربت من بئر التخاذل والإنحطاط حتى أرتوت، ويحاول البعض من أصحاب الوعي المزيف قلب الأمور، والتقديم والتأخير المقصود، والحديث عن المغامرات غير المحسوبة، ويعتبر ذلك جرأة وموضوعية، وكأننا أمام عدو حضاري متطور ومسالم، يمكن التعايش معه وقبوله، حتى لو كان ذلك وفق شروطه، كما يتم الحديث عن إمكانية تجنب المشروع المعادي بكل تاريخة وتفاصيله الواضحة والثابتة، عبر البوابة الأمريكية، التي هي شريك ثابت وكامل في العدوان، وإذا كانت المقاومة اللبنانية قد أخطأت في التوقيت وفي حساب رد الفعل الصهيوني الشامل، فلماذا يسكت هؤلاء عن المشكلة الفلسطينية ؟؟ وعن الجرائم العنصرية المتصاعدة في غزة والضفة الغربية ؟؟ وهي الأساس التاريخي للمشكلة في منطقتنا ، وهل على الفلسطينيين الإستسلام والخنوع التام للعدو، والقبول بمشروعه التوسعي المعروف، وهو يتمدد ويصادر أراضي القدس والضفة الغربية ويقيم الجدار العنصري العازل والمستوطنات، ويرفض التنازلات الهائلة في أوسلو ومابعدها بقيادة عرفات وعباس الشخصية الإستسلامية المقبولة ؟؟ ماهو الموقف الأمريكي والعالمي مما يجري في بقايا الأرض الفلسطينية التاريخية ؟؟ وما هو دور الهيئات والمنظمات والمؤسسات الدولية، وماذا قدمت للشعب الفلسطيني ؟؟ وماهو دور الوساطات والمفاوضات وخرائط الطريق ؟؟ من حق هذا البعض أن يقبل بالسياسة الإسرائيلية بسبب إنحيازه للسياسة الأمريكية في العالم وفي المنطقة، ولكن ليس من حق أحد فرض هذا التصور الإستسلامي على شعوب المنطقة، وخاصة الشعب الفلسطيني تحت حجج باطلة وكلام فارغ، يشكل إمتداد وإلتقاء بسياسة الإنظمة العربية، التي أنتجت مشكلة العجز في الميزان، ثم صدقتها وتحججت بها منذ بداية المشكلة قبل 48 ، ولاأحد يعلم لماذا لم يتغير هذا الميزان للآن ؟؟ وهل هذه غير حجة العاجز ؟؟ فالعدو يستمر في قلب ميزان القوى لصالحه، ونحن نراقب ونتحدث عن الإختلال لصالح العدو، ولا أحد يطالب أو يعمل على تعديل الميزان وكأنه قدر تاريخي لايتغير ؟؟ هذا جوهر العجز والإستسلام التاريخي، أو الدور الوظيفي للأنظمة العربية، ومن ثم تماهي من يطرح هذه الأفكار والحجج مع هذا الموقف الرسمي البائس . لاأحد يستطيع تصدير وتعميم الوعي التاريخي الزائف، ومحاولة تناسي والقفز على أسباب قيام الكيان الصهيوني في المنطقة، بإعتباره دور وظيفي منفذ للرؤيا الأوربية ومن ثم الأمريكية في منطقتنا، وطبيعة الكيان العنصرية، وتاريخه وأساليبه العدوانية الدموية . إن هذه القراءة الواقعية الموضوعية لطبيعة الكيان وأساليبه وواجباته في المنطقة، تجعلنا أمام تجربة خاصة، وصراع خاص، لاتنفع معه التصورات المتهافتة والتي تدعي العقلانية والموضوعية، لكي تدخل الى الخانة الأمريكية ومع جناحها المتشدد من المحافظيين الجدد، وتشارك في المشروع الأمريكي، حتى لو في دور ثانوي، أو أجر بسيط على كتابة مقالات مضطربة لاترتكز على شيء من الواقع. إن من يريد أن يقدم نفسه للإمريكان فليقدمها بشجاعة كاملة ويعمل معهم على المكشوف، لبناء نموذج ديمقراطي في المنطقة، كما هو نموذج العراق الجديد تماماً، ومن يريد أن يتلهى بالدعابة الديمقراطية الفجة، فليتلهى ويلعب، لكنها تبقى دعابة سمجة وسط الدم والدمار والسخام والإجتياحات، تقودها مجاميع قابضة ومتقاعدة وخرفة، من جماعة ( القابضون الجدد ) .
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات العدوان : مفارقة الربط التعسفي بين الشرعية الدولية وا
...
-
يوميات العدوان : إجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب المتأخر، ش
...
-
يوميات العدوان : قراءة أولية في مشروع قرار مجلس الأمن الدولي
-
متابعة ليوميات العدوان : العدو يفشل في التقدم البري، والمقاو
...
-
متابعة وتعليق : مصير الهجوم الصهيوني الرئيسي الأخير، هل إنتص
...
-
تعليق : مابعد اللحظة الراهنة ، الهجوم الصهيوني الجديد، وعدم
...
-
كوندليزا رايس في غرفة العمليات الحربية الصهيونية
-
مجزرة قانا الجديدة : الأمريكي والصهيوني يكرع الدم اللبناني ب
...
-
كلمة : إطردوا كوندليزا رايس، وأمنعوا القوات الدولية في الجان
...
-
كلمة : المقاومة اللبنانية باقية، ولواء كولاني الوحشي ينهزم،
...
-
بيروت مربع الوجود والبقاء والحياة
-
المنطقة تحترق والعالم الرأسمالي يتفرج وينتظر ويخطط للمستقبل
-
مراجعة للماضي القريب - آثار الحقبة الفاشية والحروب والحصار و
...
-
غزة خيمتنا الأخيرة .. غزة خيمتنا الجديدة !!
-
كلمة : ملاحظات أولية بصدد ما يسمى - مشروع المصالحة والحوار ا
...
-
كلمة : المذابح مستمرة ، ودائماً هناك شاهد وكاميرا !!
-
رسالة مفتوحة : الوطن تحت الخطر الداهم ، وفي الدرجة الحرجة .
-
كلمة : مذبحة مدينة حديثة من منظور وطني وقانوني وإنساني
-
كلمة : بلير والنفاق السياسي بين المزرعة الخضراء والبيت الأبي
...
-
عن الحرب والحب . أو كيف نرتق الجرح ؟؟
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|