|
ثقافة التهجم و التحاسد
محمد قاسم علي
كاتب و رسام
(سِï أ. دِلèçê)
الحوار المتمدن-العدد: 6963 - 2021 / 7 / 19 - 23:59
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في بداية هذا العام بزغت فكرة الى ذهني منعكسة عن الإشمئزاز الذي عايشته عند الاحتكاك بالاشخاص الذين يحملون الثقافة العربية المبتذلة كهوية لهم ، الفكرة تتمحور حول الكتابة بشكل مستفيض عن الأزمة الثقافية العربية ، ما دفع الحماس في صدري هو مجود كُتب مسبقة تحمل عنوان "القبيح" من قبيل " الأمريكي القبيح" "الياباني القبيح" الصيني القبيح و أزمة الثقافة الصينية" و الأخير قرأته و ترجمته بشكل مستفيض . مما وقعت على قراءات و دلائل أن الثقافات الشرقية متشابهة الى حد بعيد للغاية، العامل التاريخي كان هو الأساس في ترسيخ تلكم الثقافات ، ربما لعبت العوامل الأقتصادية دوراً محورياً ، فالنرى. لم أفوت فرصة لتسجيل الملاحظات و المشاهدات مما أشاهده أو أقرأءه في مواقع التواصل الإجتماعي أو الحوار مع أشخاص آخرين إلا و وضعت ملاحظات كبيرة و خطوط عريضة على بنية الحوار من الأساس و على السلوك الذي ينتهجه شخص ما يتحدث باللغة العربية ذو إثنية عربية أو غيرها من الأثنيات لكن يحمل الثقافة العربية في وجدانه أو تصرفاته، إن الملاحظات التي سجلتها هي ملاحظات تتأثر بالعامل السياسي و الإقتصادي و الموروث التأريخي الى حد بعيد. لكن إن أكثر ما لفت إنتباهي هو أن ذلك السلوك المقيت المكتسب من التشوه الحضري لقرون ما بعد الهزيمة لهو بصورة كبيرة يكاد يتعدى العوامل الإقتصادية للكثير من الأشخاص فبالرغم من تحسن الوضع الإقتصادي لدى بعضهم إلا أن السلوك المنحط ظاهر الى العيان بشكل جلي. الكتابة عن هكذا موضوع لابد أن تكون من نوع اللغة المتناولة التي يفهمها الجميع ، و إلا سوف لن يمرر المكتوب غرضه الأساسي الى المتلقي الغرض هو "التأثير" ، عندها ستبقى الأمور التي تنطوي تحت بلاغة الكلمة لا تؤدي مبتغاها ومفعولها لن يكن الفهم جلياً على بسطاء الناس ، إن الكتاب الذي يتناول الصيني القبيح ذو لغة متناولة بعيداً كل البعد عن الزخرفات البيانية مما يوفر مساحة أوسع للإنتشار بين عامة الناس بطريقة مرنة. إذا كنت فاشلاً ، يمكنك إلقاء اللوم على أسلافك ، ولكن هناك خلل كبير في هذه الحجة. في مسرحية إبسن ، أشباح ، زوجان مصابان بمرض الزهري يلدان ابنًا مصابًا بالزهري ، عليه تناول الدواء كلما اشتد مرضه. في نقطة معينة من الدراما ، صرخ الابن: لم أسألكم أبدًا عن الحياة. و أي نوع من الحياة أعطيتموني؟ هل نلوم الابن أو نلوم والديه؟ يجب علينا نحن العرب أن لا نلوم والدينا ولا أسلافنا ، بل نلوم ثقافة ذلك الذي ورثناه من أسلافنا. نحن في أوطان تمثل حفرة من الرمال المتحركة مليئة بالفقر ، الجهل والفتنة وسفك الدماء. الضوضاء و الرثاثة و التعالي و عقدة الدونية ، و التعصب أشد ما يُضايقني ، آه ما الحل؟ آفة الأقتتال الدخلي وعدم القدرة على التعاون هو أهم ما يميز الشخصية العربية ، إن الشعب العربي ببساطة لا يفهم أهمية التعاون. ولكن إذا أخبرت شخصاً عربياً أنه لا يفهم ، فسوف يجلس ويكتب كتابًا من أجلك فقط بعنوان "أهمية التعاون". إذا توصل ثلاثة عرب بثلاثة آراء مختلفة إلى توافق ، فسيظل الثلاثة يتصرفون وفقًا لإرادتهم. على سبيل المثال ، يقترح خالد الذهاب إلى بغداد ويريد عمر الذهاب إلى القاهرة . هناك تصويت ويتم اختيار بغداد باعتبارها الوجهة المشتركة. في الأمم المتعاونة ، كان الجميع يذهبون إلى بغداد. لكن في العالم العربي ، كان عمر يقول ، "يمكنكم الذهاب إلى بغداد. انا ذاهب الى القاهرة . يمكن للشعب العربي أن يكون مقنعًا للغاية عندما يتحدث ، شكرًا لألسنتهم الذكية بشكل ملفت. إذا كنت تصدق ما يقولون ، لا يوجد شيء لا يستطيعون فعله ، بما في ذلك إطفاء الشمس بنسمة واحدة. أمة "الهمبلة" و المبالغات هذه المبالغات مستوحاة من الأدب و الموروث الشعري الذي وَلَد الأنفة و الأفتخار الزائد ، هذه الصفة كانت بمثابة قنبلة ذرية تعصف في عصب الفرد و المجتمع ، مثال على ذلك التكريس في المبالغة بالقدرات و عدم الأعتراف بجوانب الضعف في أحيان كثيرة يأتي من أبيات الفخر في القصيدة العربية التي تزهو و تعتز بنفسها الى حد الجنون . ففي معلقة عمرو أبن كلثوم ألا هبي بصحنك فأصبحينا هناك درجة من المبالغة في الأعتزاز بالنفس و الأنتماء القبلي إلى حد يصعب تصديقه ، لا نكران للعوامل الحضارية القدرة على تحويل هذه النزعة الى نزعات مدنية مثل ما شهدناه في العصر العباسي في أنتقاء الشعر من نوع يتوافق مع الظروف المحيطة. لكن كل هذا لا يستطيع إطفاء الوهج الملتهب للشخصية البدوية و إنعكاساتها على واقعنا الآن في الوقت المعاصر. إن ما يتم تدريسه في المدارس العربية يمثل كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. إستمرارية الإنحطاط و توارثه إنه لعمل مُخرب بشكل فضيع. التهجم يالها من صفة وقحة تنم عن التحاسد و الغيرة والكبر و الغرور و عدم النبل كل هذا الكلمات و الصفات تنطوي خلف ظاهرة التهجم. لكي أمثل لذلك بأمثلة أحتاج لكتابة مقالين أو أكثر تطول أسطرها و تتوسع سردياتها. لا بد للعربي أو الشرقي أن يخطأ بحقك و يتهجم عليك لمجرد انك تختلف عن قطيعهم، لا بد له من التنمر و إلا فكيف له أن يضع راسه على الوسادة. إحدى الوصايا العشرة تحث على عدم التحاسد ، لا شك ان هذه الوصية لن تستطيع أن تخترق تلكم النفوس التي يحملها الأوغاد. إن أرخص طريقة للفاشل هي بإرشادك الى الهاوية متخفياً بذلك تحت قناع النصح ، ياله من غبي هو أساء الى نفسه بغبائه ، " أستطيع أن أسامحك بجنايتك علي لكن لا أستطيع أن أسامحك على جنايتك على نفسك" الفيلسوف نيتشه. كل هذا الصفات نابعة من الضعف العميق. إن لم أستطع النجاح ف سأسعى الى إفشال الآخرين، هكذا و بكل سهولة تدور أفكار المنحطين في رؤسهم الجوفاء. بل تتعدى ال-امور إلى ان تصبح ثقافة متمثلة بما هو أشد و أمر بأنني سأنجح و أضع العصي في عجلات الآخرين تمهيداً لسقوطهم ، هذا هو واقع اليوم. "الأمم المقهورة تسوء أخلاقها" أبن خلدون. أنا هنا أتحدث من واقع و عن تجربة و دراية، فحتى أن تعيش في اوربا سوف لن تنجو من هذه المخلوقات. لانها ببساطة منهزمة داخلياً بشكل فضيع ، هذا الأنهزام هو نتيجة الأنهزام الحضاري المتمثل بالصُعد شتى الثقافية و العلمية و الفنية ، نحتاج الى تدريب من جديد لترميم المتهالك و أصلاح ما نستطيع أصلاحه. يمكن للعرب وحدهم أصلاح أنفسهم نقطة أخيرة: بلاد العرب مكتظة بشكل خطير. البلاد لديها ما يناهز النصف مليار من الأفواه جائعة للإطعام ، مع شهية جماعية يمكن أن تلتهم بسهولة سلسلة جبال طوبقال. هذا يجب أن يذكرنا أن مشاكل العرب معقدة ، وتتطلب مستوى عالٍ من الوعي من جانب كل عربي. يجب على كل واحد منا أن يصبح قاضيًا مميّزًا ونستخدم قدرتنا على فحص ونقدر أنفسنا وأصدقائنا وقادة بلادنا. هذا هو املنا في النجاة.
#محمد_قاسم_علي (هاشتاغ)
سِï_أ._دِلèçê#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإستخفاف و رفاهية الحزن
-
الأدب الصيني في عصره الذهبي
-
يا لها من وقاحة
-
شئء من شعر دو فو
-
دعوات لهدم تمثال المنصور بعدما هدّموا الدولة.
-
لماذا أتعلم اللغة الصينية وما تأثير الشعر في ذلك؟
-
جريمة مشتل الأعظمية، كلبُ عَرّى مجتمع و جُناة.
-
العراق تحت خِناق الميليشيات و سُراق المال العام
-
السياسة في العالم العربي
-
الإسلام يقف حاجزاً في وجه مجتمع مدني سعيد
-
دو فو الشاعر المؤرخ
-
جرف الصخر و عمليات التجريف الطائفية
-
عودة إبن فضلان
-
المقامة البغدادية
-
دو فو اعظم شعراء الصين
-
الْيَهُودْ
-
لهذا انا إشتراكي ديموقراطي
-
الخطاب الساذج و الضحل
-
مُعجب بالأدب الإنجليزي
-
الجميل في قادم الأيام إن....
المزيد.....
-
التحقيق بسبب اندلاع حرائق لوس أنجلوس.. مسؤول يكشف لـCNN ما ي
...
-
تحدته أمام الجميع وأحرجته.. مرشح ترامب لمنصب وزير الدفاع يفش
...
-
مهرجان فيفشاني الشتوي في مقدونيا الشمالية: احتفال بتقاليد عم
...
-
أستراليا تطالب روسيا بتوضيح حول مصير أسترالي أسر في أوكرانيا
...
-
-انتزعوا كل شيء حتى الغسالة-.. تفاصيل فضيحة أسقطت حكومة بكام
...
-
الأردن.. توقيف شخصين وتوجيه الاتهام إلى 5 آخرين في حادثة -حر
...
-
عراقجي حول مفاوضات النووي: نشعر بجدية الجانب الآخر
-
بري عن استشارات تشكيل الحكومة: الأمور ليست سلبية للغاية
-
صحيفة: -الناتو- يؤسس بنية تحتية في البلطيق استعدادا لحرب مع
...
-
مرشح ترامب للخارجية: الصين غشت لتصبح قوة عظمى
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|