أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعيد الحمد - كرامتي في دوري و مساواتي














المزيد.....


كرامتي في دوري و مساواتي


سعيد الحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1640 - 2006 / 8 / 12 - 10:29
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ريما مكتبي، شيرين أبو عاقلة، كلوديا أبي حنا، كاتيا ناصر، جيفارا البديري، نجاة شرف الدين، ريما مصطفى، نجوى قاسم، ناجيا الحصري، منى سكرية، منى صليبا، و عشرات غيرهن لا يتسع المجال لذكرهن من اللواتي يقفن على خطوط النار و القتال، و يدخلن إلى مناطق الخطر بكاميراتهن لنقل المشاهد الحية من المواقع الساخنة و الملتهبة و لوضعنا بالصوت و الصورة أمام تقارير تلفزيونية و صحافية موثقة، و لولاهن .. لولا هؤلاء النسوة.. لما استطاع المشاهد العربي، و اغلبه من الذكور، مشاهدة و متابعة ما جرى و يجري في العراق و لبنان و الأراضي الفلسطينية.

هؤلاء النسوة سجلن معنى من معاني الكرامة و معاني المساواة بطريقة غير مسبوقة في عالمنا العربي و الإسلامي. هؤلاء النسوة لسن أشقاء الرجال فحسب، و إنما تفوقن على كثير من الرجال في مواجهة الخطر الحقيقي بشجاعة لا تتوفر في العشرات بل المئات من الرجال، خصوصا أولئك الرجال الذين يريدونها أن تتسربل في عباءتها و تقبع في دارها وراء الجدران الأربعة بلا دور تؤديه، هي القادرة على أداء أصعب الأدوار و اختراق خطوط النار و الخطر. بل أن المراسلات الحربيات من نسائنا ذهبن إلى ابعد من ذلك، و قدمن أرواحهن من اجل إكمال رسالتهن. فأطوار بهجت قضت في الشتاء الماضي و هي تؤدي رسالتها في نقل التقارير الإخبارية من العراق، بعدما اختطفت من وسط ميدان العمل لتقتل و تذبح، لأن كرامتها لم تكن في عباءتها و إنما كانت في دورها و في رسالتها التي أقضت مضاجع القتلة و الإرهابيين. أما ليال نجيب التي لم تبلغ الرابعة والعشرين من عمرها فقد قتلت في الغارات على جنوب لبنان أثناء تنقلها في ميدانها المشتعل، فكانت كرامتها في العمل الاستثنائي الذي امتهنته بكل جسارة من اجل أن تقول و ترد على الذين ما زالوا يرون في المرأة مجرد قارورة عطر شخصي و خاص يملكونها و حدهم و يسكبون منها بضع قطرات على أجسادهم في لحظات معينة، ثم يغلقون القارورة المرأة، و يخبئونها بعيدا عن الأعين وراء جدران عالية و خلف سواد عباءة قالوا بأنها هي الكرامة، ليخدعوها بالمعنى الزائف لوجودها و لدورها و لرسالتها، و حتى لا تفكر ولا تطالب بالمساواة في المواطنة فتثبت للجميع وعلى كافة الصعد أنها أفضل من ألف رجل و رجل. هذا الرجل الذي ما زال ينظر إليها كمجرد جسد للمتعة، و بالتالي لا زال يحبسها خلف الجدران و يدعو إلى إعادتها إلى المنزل لتكنس و تطبخ وتغسل و تتعطر آخر النهار بانتظاره... فذلك حصرا دورها و تلك فقط هي كرامتها.

و لعلنا لا ننسى هنا مي شدياق ببطولة الصمود أمام التفجير الغادر الشرس الذي لم يستطع المخططون له احتمال عقل امرأة و هي تحاور لتكشف أمام الجماهير العربية أصابع المؤامرة الداخلية في اغتيال الشهيد رفيق الحريري، فسعوا لاغتيالها بعد أن فشلوا أمام عقلها و منطقها.

المرأة عقل.. و المرأة ثقافة.. و المرأة إنسان لا يختلف عن الآخر الرجل الذكر. لكنهم بالقوة القسرية و الأساطير جعلوها مختلفة، بل جعلوها مختلفة حين أشاعوا ثقافتهم التي هي في الأساس ذكورية و ضد المرأة، و حين سعوا للترويج لمثل هذه الثقافة بوضع اطر دينية لها و نشرها بكثافة في عالمنا العربي، حتى استطاعوا أن يقنعوا بها قطاعا واسعا من الناس في مقدمتهم أولئك الذكور و الإناث ممن يعيشون خارج مدارات العصر.

و جاءت الأحداث و جرى القتال على القتال لتثبت المرأة أنها أول الواصلين إلى خطوط النار وميادين المعارك و الدمار .. فاستطاعت أن تنقل لنا نحن الذكور القابعين بعيدا في مساكننا المريحة ما يحدث بالصوت و الصورة. و عندما ذبحت أطوار و لحقت بها ليال، لم يفهم القابعون خارج مدارات العصر الدرس و لم يستوعبوا الرسالة، و استمروا في غيهم يتحدثون و يشيعون أن "كرامة المرأة في عباءتها و التزامها البيت".

يا لها من مفارقة شديدة القسوة و بالغة الوطأة على النفوس: المرأة كريمة إذا ارتدت العباءة وجلست في المنزل تنتظر الرجل فقط ، و هي غير ذلك عندما تحقق كرامتها بالاستشهاد على خطوط النار.

الكرامة ليست لباسا يا سادة.. الكرامة عمل و دور .. و بالتالي فمن السخف و الوقاحة أن نصرخ في المرأة التي تحمل روحها على كتفها و تقف تحت القصف لنقل مجريات الأحداث " اذهبي .. عودي.. و ارتدي عباءتك التي فيها كرامتك".

ثقافة العباءة، أمام ثقافة الرسالة و الدور، تصبح ثقافة قهرية تسلطية و وصائية، لأنها هنا و في كل الحالات و الأزمان سوف تمنع و تصادر و تلغي ثقافة الدور الذي بوسع المرأة أن تلعبه وتؤديه، و هو لعمري دور عظيم كما شاهدنا. و ثقافة العباءة سوف تلغي و تصادر و تمنع ثقافة الرسالة التي تحملها المرأة بين جوانحها، هي القادرة بامتياز على إيصال و تحقيق الرسائل في المجتمع و في السياسة و الاقتصاد و الثقافة و العلم و الفكر و الإبداع و العطاء، و بصورة يفوق إبداع و عطاء الرجل في الكثير من المواقف و المنعطفات، فيما لو اتيحت لها الفرصة و فتح أمامها المجال.

إن كرامة المرأة، بعبارة أخرى، تتجسد في إنسانيتها و في دورها و في نشاطها الإبداعي و في حراكها الاجتماعي الفاعل و المؤثر، بفعل ما عندها من قوة إصرار و قوة صمود و قوة اقتناع برسالتها. إذ لم تكن المرأة العربية المسلمة بلا كرامة و هي تعمل و تنشط و تساهم في بناء مجتمعها بلا عباءة. و لكن عندما اخترقت مجتمعاتنا العربية و اختطفتها "ثقافة العباءة و الأغطية السوداء" تراجعت مفاهيم العمل و النشاط و الإبداع الإنساني للمرأة لصالح مفاهيم تحجيم المرأة وتهميشها و مصادرة رسالتها و وجودها و اختصار دورها في إشباع غرائز الرجل عن طريق رشوتها بزجاجة عطر. و لنا فيما حدث و انتشر خلال العقود الأربعة الأخيرة دليل على التراجع. فهل تعود الآن ثقافة الدور و ثقافة الرسالة؟ نتمنى ذلك معتمدين على مبدأ أن "الخطأ لا يمكن أن يستمر طويلا" و مبدأ "لا يصح إلا الصحيح".


– كاتب و إعلامي من البحرين



#سعيد_الحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في إيران , اعتداء صارخ على الديمقراطية المزعومة


المزيد.....




- شبح النظام الأبوي يلاحق النساء إلى -أروقة العدالة-.. لبناني ...
- كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 والشروط m ...
- التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2025..إليكم التفاصي ...
- مبارك عليكن.. الوكالة الوطنية للتشغيل توضح كيفية التسجيل في ...
- الوكالة الوطنية للتشغيل anem.dz: حقيقة زيادة منحة المرأة الم ...
- عندي بسكليتة ما بعرف سوقا ركبنا عليها.. حدث تردد قناة وناسه ...
- الرفيقة سومية منصف حجي عضوة المكتب السياسي للحزب في قراءة في ...
- الرفيقة لبنى الصغيري عضوة المكتب السياسي : البلاغ كان محط ان ...
- الرفيقة نادية تهامي عضوة المكتب السياسي : مراجعة مدونة الأسر ...
- الرفيقة سومية منصف حجي عضوة المكتب السياسي للحزب : بناء مجتم ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعيد الحمد - كرامتي في دوري و مساواتي