|
البحث عن خطأ - قصة قصيرة
رقية كنعان
شاعرة وكاتبة
(Ruqaia Kanaan)
الحوار المتمدن-العدد: 6961 - 2021 / 7 / 17 - 13:42
المحور:
الادب والفن
لا حظّ عندي في الحياة، أو فلنقل ببساطة أنّي أركله بنفسي من حيث أشترط أن يرتبط بخياراتي التي كثيرا ما عرفت مسبقاً أنها خاسرة آملة أن أخلق معجزة تليق بي، ولا ينقصني الغرور لأدعي أنّي قادرة على صنع المعجزات رغم فشلي الذريع في تحقيق أي نجاح يتناسب مع مواهبي التي يتحدثون عنها بإعجاب ظاهر أو مستتر لا يخلو من حسد دون أن أراها!
لا أنكر أن عنادي ذاك كان يغذّي حياتي الباهتة ويمنحني لذة العشق والعطاء متعتي الوحيدة في هذه الحياة، ذاك أني نلت بعضا من النجاح في كل شأن آخر فصرت عازفة عن التمتّع بأي جديد، وصار النجاح مجرد خطوة أخرى لإثبات الذّات أو الندّية مفرغة من كل روح وفرح، الندّية ذلك المرض الخبيث الذي أصبت به منذ الصغر فساهم في تمييزي كما يزعمون، وتبّاً له من تمييز!
وحده العشق يا هناء كان لعبة غير مضمونة ،ولهذا وحده صار التّحدي والمحور للسّباحة ضد مدارات الذات، ومهما نجحنا لا طعم للنجاح ما لم نهده مع قبلة لمن نحب، وحده العشق من لا يكون دون "آخر" أو "جحيم"، ولقد عشقت.. آه أنت تعرفين القصة فلماذا أشغلك بهذه التفاصيل التافهة سأقفز خطوة إلى أمام فتابعيني أو اتبعيني كما فعلت دائماً.
ها هو يهين أنوثتي ويصفعني بالإهمال، يطلب مني الزواج بوقاحة كدت فيها أن ألطمه على وجهه، لقد طلب مني القبول بأن أكون زوجة ثانية بعد أن يتزوج ابنة عمه حسب ما ارتأت تعليمات عشيرته!
لا تدهشي مني يا هناء إذ أصفه بالوقاحة ولا تظني أنّي أناقض نفسي، أنا لا أقيّد الحب بأوراق وحبر، بل إنّي أظنّ أنه لو حدث و عشقت رجلا متزوجاً فما كنت لأتراجع أو أتردد وسأتفهم ظروفه لمساعدته على خداع تلك الأخرى ما دام الحب يسيّرني ويهديني متعة الحياة، لا تحدثيني عن الأخلاق والواجب هنا، فالأنانية بنت الحب، ووحده الحب من يغير المسلّم والثابت فينا، وحده لا يكفي رغم أنه كل شيء!
لقد أدرت له كتفي ومضيت وهو يحاول إقناعي بأنه مضطر للزواج منها ليتمكن من الزواج بي لاحقا، أتدرين، شعرت وكأنه تزوج عليّ فعلاً، فموقفي هو موقف الزوجة الأولى تماماً حتى وإن كنت الثانية تسلسلاً على الورق!
كبريائي لا يحتمل ذلك، فإن تطعن أنوثتي فكل فاتنات العالم تعرضن لهذا الموقف وإن أخفين ذلك حفاظا على "برستيج الأنوثة" ما لم تفضحه حوادث أخرى كحادثة زليخة وهي تهب نفسها لمن رفضها بتعفف ربّاني، الأمر ليس مرتبطا بالكبرياء وحده ولطالما تحملت حماقاته وتحمل نزقي فما عاد للكبرياء بيننا من هيبة، ولكن الطعنة هنا في تصميمي على خلق المعجزة، في ذاتي. يحبّني؟! عليه أن يصرخ "لا" في وجه والده ومجتمعه، عليه أن يكون نفسه ولو أظهر بعض العقوق !!
العقوق ، تماما هذه هي الكلمة!
وإن لم يكن فعليه أن ينسحب دون أن يجرّني إلى تلك الإرادة الغبية ولو باسم العشق، فلن أرضخ تحت عباءة من الغباء لأن العشق والغباء لا يجتمعان يا هناء، لا يجتمعان!
آه ما أغبى كتابنا وكاتباتنا وهم يتحدثون عن رضوخ المرأة للرجل في مجتمعاتنا ويغضون النظر عن رضوخ الرجل لأبيه، هل كان الكوني من قال: نحن نحب الأمهات ولكننا نعبد الآباء! إنه لكاتب رائع، اقرأيه يا هناء ودعك من الركض وراء مترجمات أهل النوبل و النابالم. أنا لا أستهين بما نتعرض له كنساء من حصرنا في زاوية الجسد والجغرافيا، فأنت تعرفين بأنه لو كانت تنورتي أقصر مع فتحة بلوز أوسع لكنت نلت وظيفة مرموقة لأقدم صورة حضارية عن البلد، وآه يا بلد ! ساعديني على التركيز يا هناء وقولي أنك تفهمينني تماماً لأختصر من هذري وثرثرتي عن كل شيء، تبّاً لك من صامتة سعيدة !
أتدرين ، فكرت في عقاب مناسب ولكني استسخفت نفسي فلم يفعل شيئا يعاقب عليه، كل ما هنالك أنه لا يفعل شيئاً وهذه بعرف العدالة والقانون لا توجب العقاب، ثم إني للحظات فكرت أن أخون، ولكن الفكرة بدت أحقر من تناولها، فأنا امرأة الخيار الواحد!
آه كم نخطئ عندما نعمل عكس ما نريد إرضاءاً أو انتقاماً لأحد، هنا فقط تتحول حياتنا وتتخذ منحى مأساوياً باهت الألوان، نشتري وهماً جميلاً بقليل من التنازلات، ولقد وقعت في هذا الخطأ، عندما كنت مستعدة لإرضاء نزواته كلها حتى دون متعة مني أو اقتناع لأكون جزءاً من عالمه، عشقت ما يعشق يا هناء، وقرأت حتى ما يقرأ: من سارتر إلى جاك برفير..و .. وغيرهم وغيرهم، وتمثلت نفسي في أحضانه كعاشقة مهووسة دائمة الاستثارة ضد البلادة والرتابة، تعلمت مبادئ الإغراء على يديه ورقصت يا هناء كأغنية ساحرة بين شفتيه وهو يرزح تحت قيد القبيلة، لأكتشف بأني أكثر تحرراً منه؟!
أتعلمين ذلك؟
وإن كان لا يعترف لي بهذا ويحيل الحوار إلى غمزات جنسية في التحرر المشترك كعادتهم أجمعين يسكتون المرأة بقبلة على الشفتين فيصيبون عصفورين بحجر كما قال لي ممازحاً بعد عبور عاصفة من حوار، أعرف أنه يحبني و يشتهيني بشدة ولن يتخلى عن ملكيته لي، أعرف هذا والله إني حتى هذه اللحظة لا أرى غيره رجلاً لأنه بدوره "رجلي"
ولكنّي سأقصيه يا هناء ، الليلة سأرتكب خطأ يليق بمثاليتي، وحدها من يجب أن يطعن لأتخلص منه، سأواعد زوجك المراهق وسأغريه حتى يتشقق من اللهفة ويظن أني وقعت ثم سأصفعه وأدير له ظهري، سأمتطيه لغايتي وأترك له أحلام امتطاء الريح، لا تغضبي يا صديقتي، أنا أعالج نفسي من جنوني، وأقسم بأنّي على عهدي، لست من ربّات المجون.
بالتأكيد لن أرتكب حماقة أن أرسل لك هذه الرسالة لئلا أنتزعك من سعادتك الجميلة، وأعرف بأنّك ستبكين معي غداً على انتهاء علاقتي بحبيبي وستواسيني ونقرأ من جديد عن حبّ يكتبنا معجزات ولا يأتي !
#رقية_كنعان (هاشتاغ)
Ruqaia_Kanaan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نداءات عاشقة - قصيدة
-
عبور الروبيكون - قصة قصيرة
-
خفقات متقاطعة - قصة قصيرة
-
عمّان بلا خسائر - قصة قصيرة
-
غابة الكلام - قصة قصيرة
-
أغنية لوردة بيضاء
-
الفاكهة الحرام
-
تشرين بغداد
-
فخاخ الصبر
-
رقية كنعان تعبر الروبيكون
-
سمّها أنت - نادين غورديمر
-
بيت الأشباح لفرجينيا وولف بترجمة رقية كنعان
-
أشيلوس
-
ريموت كنترول
-
نبوءات أسد بابل
-
الأفعى – قصة قصيرة للكاتب الأمريكي جون شتاينبك
-
بيت الأشباح -قصة فرجينيا وولف
-
وصايا جان دارك لجان دارك
المزيد.....
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|