|
يوميات العدوان : مفارقة الربط التعسفي بين الشرعية الدولية والقانون الدولي ومفاهيم المقاومة والإرهاب وحقوق الشعوب
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1639 - 2006 / 8 / 11 - 09:37
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
نحن بصدد مواجهة هجوم عالمي شرس على جميع الجبهات في منطقتنا، تقوده الإدارة الأمريكية المتطرفة وإسرائيل العنصرية الدينية، بإعتبارها كيان وظيفي تابع ، لتغيير الخرائط والسياسات والعلاقات والقوانيين الدولية والمفاهيم العامة، ولتغيير وجه القرن الحالي، بإعتباره القرن الأمريكي بإمتياز، وتتعمد في خلط الأمور بطريقة فجة وإجبارية، وهي تستخدم كل الأساليب، الكلاسيكية والحديثة، العسكرية والسياسية والقانونية والعلمية والإقتصادية والثقافية والنفسية، لكنها لاتمتلك طروحات وأدوات ثقافية تاريخية حداثية مقنعة، وهي تعيد تكرار أساليب الإستعمار القديم بشكل فج ودموي قبيح .. ولكن هل تنجح الإدارة الأمريكية وجناحها المحافظ المتطرف في فرض هذه الخطط على العالم بسهولة،؟؟ وخاصة في أبرز الساحات الهامة لتنفيذ هذه المعركة، هي بلادنا العربية وشعوبنا المتطلعة للتحرر والتقدم، عبر الإحتلال العسكري لبلداننا، ودعم المشروع الصهيوني ، للوصول الى مايسمى الآن بالشرق الأوسط الجديد . نعود مباشرة الى عملية فرض وخلط المفاهيم وإستغلال القوانين الدولية الجارية، والقياس بمكيالين متباينين في كل الأمور، وإنحياز الميزان الساحق لصالح العدو والعدوان في منطقتنا مثلاً . فالحديث يدور هنا عن ضرورة إنجاز الإصلاح السياسي وتكريس الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي دعاوى كاذبة أو تغطية لمشاريع إستعمارية وإستغلالية جديدة، تقودها الشركات العالمية الرئيسية، وريثة الشركات الإحتكارية الأولى، وإستعمارها القديم بكل بشاعته ووحشيته المطلقة، فقد جرى غزو العراق، من دون قرار دولي، وهاهي النتائج المرعبة، تؤكد شياطنية هذا المشروع وهذه الخطوة، كما سكتت الإدارة الأمريكية عن كل الإنظمة القمعية والمتخلفة في المنطقة، وسحبت برامج الإصلاح والديمقراطية المزعومة، وإستمر التنسيق في المجالات الإقتصادية، خاصة في مجال تصدير ونهب النفط، والتنسيق فيما يسمى مكافحة ( الإرهاب)، كما لاتزال الإدارة الأمريكية تؤيد الإنظمة القمعية الرجعية غير الشرعية التابعة لها حول العالم، بينما تقف ضد الحكومات المنتخبة، إذا لم تكن تابعة لها . والعالم بجميع مؤسساته ومرجعياته الفكرية والقانونية لم يتوصل بعد لتعريف جامع مانع للإرهاب، وسوف لن يكون هناك إجماع تاريخي ثابت، فالعالم منقسم حسب مصالحه الأساسية الى عوالم، وكل طرف سينظر لهذه القضية من مصالحة الخاصة، بل المصالح الضيقة في أحيان كثيرة، ولا يخضعها لتصورات وإرادة طرف معين، وهنا هو الطرف الأمريكي .. لكننا أمام مفارقات غريبة ومجحفة، فالإدارة الأمريكية تحاول شرعنة إرهاب الدولة السافر في العراق، كمثال صارخ، وكذلك الدفاع عن العدوان الإسرائيلي في غزة ولبنان، وتبرير كل مذابحه وجرائمه العلنية الثابتة، وتسمية مقاومة الشعوب بالإرهاب ومحاولة إدانتها وعزلها وتفتيتها بجميع الأساليب وفي مقدمتها الأساليب العسكرية الإستعمارية المباشرة، كما في نموذج العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان، ومناطق أخرى مرشحة ومقترحة للإختراق والتخريب والتدمير . الجرائم والمجازر المتواترة، في العراق وغزة ولبنان الآن، ماذا تعني للقانون الدولي الأساسي السائد ؟؟ وكيف طبق ويطبق مواده أزاءها ؟؟ وماذا حقق للضحية ؟؟ وهل أعاد ولو جزء بسيط من حقوقه العادية المشروعة ؟؟ أين ، ومتى ؟؟ إنني أحاول مقاربة مادة أو حالة عامة أو خاصة في الوضع الفلسطيني الطويل أو العراقي القائم أو اللبناني الحالي والمباشر ؟؟ ولما لم يكن كل ذلك، وأي شئ من ذلك، فنحن أمام حالة عجيبة وغريبة من الخراب الحقوقي والسياسي والأخلاقي، على الجميع رفضها وتحديها ومقاومتها، وذلك أول الإيمان بالشعوب وقدراتها الحياتية الطبيعية . الإدارة الأمريكية وإسرائيل، وحتى بعض الإنظمة العربية، تقود عمليات إرهابية على شكل حروب مباشرة وإعتقالات جماعية وعمليات تعذيب وحشي منظم، ومجازر جماعية ضد المدنيين في المدن المستباحة، وكلها تعد من الإعمال الوحشية والجرائم ضد الإنسانية، فالغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان، وما رافقه من مذابح للمدنيين، وفضائح سجن أبو غريب المستمرة، والتي لم يكشف منها إلا الجزء البسيط والقليل، وأسرى الشعب الفلسطيني، إضافة الى سجون غوانتنامو وسجن قاعدة باغرام والسجون السرية الأخرى، تعد خرقاً كاملاً لأبسط حقوق الإنسان المنصوص عليها قانوناً، والمعروفة غريزياً وعالمياً. إن الإجتياحات المتواترة والمستمرة للمدن العراقية، وخاصة ماحصل في مدن النجف والثورة والفلوجة وحديثة وتلعفر والكرابله وغيرها العشرات من المدن العراقية المستباحة، الى جانب المدن الفلسطينية في رام اله ونابلس وحنين وأريحا، ومدن قطاع عزة وقراه ومخيماته، والجرائم السابقة والحالية في لبنان، وخاصة في مروحين وقانا والقاع والشياح وغيرها من الجرائم المتصاعدة، كلها جرائم ثابتة ضد الإنسانية، سوف لن ينساها أحد، ولن ينسى مرتكبيها، مهما طال الزمن . ولي كلمة بصدد العقلانية والعالم الجديد المزعوم والأفكارالليبرالية المفتعلة في منطقتنا وفي بلدنا، والتي لم تأت بأفكار جديدة لحد الآن من المنطقة وللمنطقة، إنما هي عملية تصدير لبعض المفاهيم والأفكار السياسية من جهات ومؤسسات معروفة، وفرضها لإغراض معينة، وقد ركبت هذه الموجات مجاميع سياسية وأفراد، وتبنت أفكارها المشوشة وغير المدروسة، والتي لم تأت عن تطور إجتماعي سياسي حقيقي وطبيعي، وربما تم على أساس علاقات شخصية أو مؤسساتية متنوعة، تدفع أموالاً ومنحاً أو مساعدات مشروطةاخرى، بعضها تافه ولايتعدي 100 دولار فقط على خدمة الكتابة، وهو ثمن بخس، فمثلاً لعبت المؤسسات الأمريكية قبل إحتلال العراق وبعده دوراً خطيراً في هذا المجال، وكسبت أعداداً هائلة من قابلي هذه الخدمة من المتكسبين، تحت عناوين وتبريرات مختلفة، على إن قسم من هؤلاء تهافت على هذه الخدمة المنحطة، وهم من مختلف الدرجات والرتب والإسماء، آخرهم المترجم أو المخبر، خاصة الذي يخبر بالإنكليزي مباشرةً، إنه نوع شائع من الإرتزاق الجماعي، ورغم جماعيته فهو لايلغي صفة المرتزق عن صاحبه، حتى لو كان الدفع والقبض داخلي أو بالنيابة، أو لصفات سياسية أو أكاديمية إستشارية أو مهرجانات وفعاليات سياسية أو ثقافية، أو لجان دعم الديمقراطية . في جميع الأحوال فالتاريخ وقوانينه، لايصُنع أو يتغير بهذه الطريقة التعسفية القسرية، والتدمير الشامل والمنهجي الذي تتعرض له منطقتنا سوف يخلق مقاومات متصلة وقوية وناجحة، لهذا الإرهاب الشامل، تنخرط فيها قوى جديدة ومتجددة، تعمل وفق قوانينها الداخلية الخاصة، وتتجاوز أساليب العدو بأساليبها المبتكرة، كما في تجربة المقاومة اللبنانية وتصديها للعدوان الصهيوني الراهن. وإن محاولة خلط القوة العسكرية بلغة القانون الدولي ومؤسساته، وبواسطة الإرهاب والتهديد الفكري والإعلامي والدعائي المحموم، سوف تفشل أيضاً في فرض الأمر الواقع، وسيكون للشعوب قوانينها وتشريعاتها التي تنطلق وتتطابق مع حقوقها مصالحها في الإستقلال والتقدم الإجتماعي والبناء، وليس مع مصالح الشركات عابرة القارات وحكوماتها وإستغلالها الوحشي، الذي يمثل الرؤيا الرأسمالية للمصالح الإقتصادية ولعمليات الربح والنهب وللعلاقات بين الدول .
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات العدوان : إجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب المتأخر، ش
...
-
يوميات العدوان : قراءة أولية في مشروع قرار مجلس الأمن الدولي
-
متابعة ليوميات العدوان : العدو يفشل في التقدم البري، والمقاو
...
-
متابعة وتعليق : مصير الهجوم الصهيوني الرئيسي الأخير، هل إنتص
...
-
تعليق : مابعد اللحظة الراهنة ، الهجوم الصهيوني الجديد، وعدم
...
-
كوندليزا رايس في غرفة العمليات الحربية الصهيونية
-
مجزرة قانا الجديدة : الأمريكي والصهيوني يكرع الدم اللبناني ب
...
-
كلمة : إطردوا كوندليزا رايس، وأمنعوا القوات الدولية في الجان
...
-
كلمة : المقاومة اللبنانية باقية، ولواء كولاني الوحشي ينهزم،
...
-
بيروت مربع الوجود والبقاء والحياة
-
المنطقة تحترق والعالم الرأسمالي يتفرج وينتظر ويخطط للمستقبل
-
مراجعة للماضي القريب - آثار الحقبة الفاشية والحروب والحصار و
...
-
غزة خيمتنا الأخيرة .. غزة خيمتنا الجديدة !!
-
كلمة : ملاحظات أولية بصدد ما يسمى - مشروع المصالحة والحوار ا
...
-
كلمة : المذابح مستمرة ، ودائماً هناك شاهد وكاميرا !!
-
رسالة مفتوحة : الوطن تحت الخطر الداهم ، وفي الدرجة الحرجة .
-
كلمة : مذبحة مدينة حديثة من منظور وطني وقانوني وإنساني
-
كلمة : بلير والنفاق السياسي بين المزرعة الخضراء والبيت الأبي
...
-
عن الحرب والحب . أو كيف نرتق الجرح ؟؟
-
رسائل واستغاثات من الوطن ، وقضية أخرى .
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|