علي الجنابي
كاتب
(Ali . El-ganabi)
الحوار المتمدن-العدد: 6952 - 2021 / 7 / 8 - 23:58
المحور:
كتابات ساخرة
(مقتطعٌ من كتابي “صديقتي النملة” يروي سجالها في دفاعها عن قرصة)
– تَعَقَّلْ، وأطلِقْ سَراحي يا ذا المُرمَدتَينِ الغَائِرتَينِ؟
– ذُروةُ تَعَقَّلي، سترينَهُ مُعَلَّقاً على عُرْوَةِ القرارِ, قرارِ قعودكِ على ذُروَةِ جَبلِ النّارِ, نارِ سيجارتي فلا شافعَ لكِ ولافرار. إلّا فراراً لعَينِ النّارِ، أليسَ جمرةُ سيجارتي هي لكِ كجبلٍ من نارٍ؟
– أتَحَدّاكَ أن تفعلَ أيها الخَوّار ؟
– عَجباً! أيُّ جَبروتٍ مُقَبقَبِ غير مؤدَّب, تَنَمَّرَ بِهِ جبينُكِ المُدَبدَب، أو تَغَمَّرَ بِهِ رأسُكِ المُدَولَب, فما رأسُكِ إلّا جبينٌ مُحَدَّب.
أنتِ لو عَطَستِ لَفَطَستِ ومامن عزاءٍ مُرَتَّب، ولو تأفَّفتِ وتأَوَّهتِ: ” أوفْ ” لَتَشَوّهتِ، أو لَتَطَوَّفتِ عالياً في سَرابٍ مُثَقَّب!
بل أنَّ مكنَسَةَ دّارِنا تَشفِطُ منكمُ في كلِّ ضُحىً إمبراطوريةً من نملٍ مُتَرَّنِحٍ مُكَبْكَب.
أنتم والجبروتُ نقيضانِ، فمامن تلاقٍ مُرتَقَبٍ مُتَرَقَّب.
فأخبريني: ماسِرُّ عنفوانٍ فيكِ غير مُهَذَّب, بل وقبلُ ذلكَ: ماأسمِكِ يافوتونين متنافِرينِ في جُسيمٍ مُرَكَّب؟
-أسمي (دِلدِلٌ) وما أنا بجسيمٍ مُرَكَّب, بل أنا (أيقونةِ التَآزُرِ)، ودقيقُ الخَلْقِ في رَسمي مُقَولَبٍ،
وما عُنفواني بمُصطَنَعٍ مُعَلَّب, بل أنا (كينونةُ التّناصر)، ورقيقُ الحَقٍّ في وسمي مُرَتَّب،
وسِرُّ عُنفواني أنّي صاحبةُ حَقٍّ، و صاحبُ الحَقٍّ بحُجَّتهِ مخَضَّب,
وما كان لذي حقٍّ أن يخافَ أو يَتَعَصَّب.
إسمعْ: أنتَ الذي أعتدى عليَّ بهزوٍ مَمْقُوتٍ مُعَطَّب, وبإطباقِ أصبعَيْكَ على بدني الواهنِ المُشَعَّب, طوالَ فترةِ محاكمتِكَ البائسةِ هذهِ وبقانونٍ مُثَقَّب؟
-(دِل دِل)! أ كأنّهُ مُرتَسمٌ لخطىً بندولٍ أصم!
لابأس، كيف أنزَلتِ قَرْصَكِ للنّاسِ بوَرَم، وإقتِناصَهم بألم, مَنزِلةَ صاحبِ حقِّ قدِ إنتَقَم؟
ألَا إنَّكِ زَللتِ عنِ الحَقِّ، وهاقد بَدَأت جريمتُكِ يَتَّسِعُ من شِدّةِ الحَكٍّ فيها الوَرَم؟
(ويَقرُصونَ بِجدٍّ في مُمازحةٍ***وإن قَرَصْتُ فما قَرصي بِتَجميشِ)-إبنُ الرّومي.
– أنصِتْ لدِفاعي ياطينةً لازبة مُنِحَتِ تفضيلَاً وكَرم، ونورَ رسالاتٍ مِن بعدِ ظُلَم، فَوَعَتْ وما رَعَتْ، ومارَمَتْ بسَهَم،
وويلاه! فإنَّ الخَطبَ تاهَ في الأرضِ وباتَ يَبعثُ بالسَّأم،
وكيفَ لايَتوهُ! والغَيُّ فيها قدِ إستقامَ وحَكَم، والرُّشدُ على ظهرِها قد جَثَم ووَجَم،
وقامَ الباطلُ في عروشِها مقامَ الخَصمِ والحَكَمِ،
فيومَئذٍ لا تَسلْ عنِ المُهِمّ والأهَمِ، بلْ سِلْ عنِ الدِّرهَمَ والوَهَم،
فَتَرى الرَّدِيءَ يَتَسَلّى بحَنثِهِ بالقَسَم، والدَّنِيءَ يَتَجَلّى بِرَفثِهِ بالدَّسَم، وَإعتَلى السَّفيهُ ذو الوَشَم، وإبتلى النَّبيهُ ذوالعَشَم.
لكن لاحرجَ ياذا صَمَم، وسأفلِحُ في رميِّ مافي دِفاعيَ من سَهَم، فإسمَعْ يا ذا عُسرةٍ في الفَهمٍ:
كنتُ قد أَوْجَفتُ لتَوِّي سعياً وراءَ رزقٍ أَشَمّ, مَقسومٍ غير ذي نِفاقٍ ولاآثامٍ ولا لَمَم، ثمّ فجأةً أَجْحَفتَ أنتَ بخُفِّكَ على ظهريَ بِزَخَم, لكنّي خِفتُ وبَعُجَالةٍ إلتفَفْتُ فإلتَحَفتُ حَ…
– مَهلاً! أمازلتِ متَوَهِّمَةً بحَيازةِ ظَهرٍ مَحمُول؟ وربما بَطنٍ وبيتِ رَحَم! وربما مُتَجَهِّمَةً وترمينَ كَعبَ الخُطى بكِرْشٍ مَحفول بطيّاتِ شَحَم،
والَوجهُ الحَواجبُ الخمس والمُبتَسَمُ، مُزَخرَفاتٌ بِفَيرُوز مِن وَشَمِ.
نَملةٌ بِكِرشٍ و وَشَم! ذاك أمرٌ غيرُ مَأمولٍ ولا مُحتَشَم! أتِمِّي دِفاعَكِ يا حاجّةَ “زغلول” بطيّاتِ شَحَم.
– لن نُجاريكم يا بني آدم في تَدجين وتَسمينِ الكُروشِ،
وتَمَلّقٍ بإسبالِ الرموش, ولن نُباهيكمُ في تأمينِ وتَخزينِ القُروش،
وتَحَلُّقٍ وراءَ الدراهمَ بدناءةٍ الوحوش, ولن نُباريكمُ في تلوينِ وجوهِكم وجثامينكم بنُقوش,
وتزيينِ رؤوسِكم بقبعةٍ تارةً، وتارةً بعِقالٍ، أو سِدارةٍ أو بطربوش! فإطمئنْ، ودعني أكملُ دِفاعيَ ولا تقاطِعْ بِتَخَبِّطٍ مُشَوَّشٍ مَنفُوش:
(لكنّي خِفتُ وبعجالةٍ إلتَفَفتُ فإلتَحَفتُ حَبَّةَ رُطَبٍ بقربيَ، لِتكونَ ليَ داعمة، وذَرَفتُ دمعاً من وجِيعةِ دعسٍ لامُحالةَ قادِمَة,
وحِينَ عَرَفتُ لَمّا رَفَعْتَ قدمَكَ، أنَّكَ ستَغرِفُ حَبَّةَ الرُّطبِ بملعقةٍ حَذوَكَ جاثِمة,
وأنَّ الفجيعةَ أمسَت آتيةً وصَادِمة, كَفَفتُ نفسي عنِ الرُّطبةِ في وَمضةٍ حازِمة،
فصَفَفتُ ببدني بين طيّاتِ قدمٍ لكَ عنِ النَّظافةِ صائِمة, وأنا أدعو ألّا تَلقَفَني ملعَقتُكَ الجَرباءُ الغائِمة,
فتَقذفُ بها وإيَايَ في حَوضِ مياهٍ آسنةٍ قاتِمة, أو تَقصفُ بنا في زقاقٍ بالقيقِ مُلْتظٍ وبالقَاق، ومُكْتظٍ بزحمةِ أقدامٍ هائِمة.
(أتسمحْ ليَ لِلَحظةٍ أن أدخلَ في هذهِ القَصَبةِ الهائِمة، في جُبِّ كأسِكَ لأشربَ جرعةَ ماءٍ راحِمة)؟
-لابأس، إن لم تكوني مُصابَةً بِعِلّةٍ زاكمة؟
– لا زكامَ عندنا، أَفْلَتُّ من غَارةِ..
– كفى تجَشُّأً ! مابالُ تَجَشُّؤكِ لايخرُجُ إلّا أزواجاً متوائِمة!
– آسفة! كأنه ماكان ماءً!
أَفْلَتُّ من غَارةِ مِلعقةٍ لعينةٍ غاشِمة, وكدّتُ أرفرِفُ فَرحاً بِبَهجةٍ عارِمَة, لولا أنّكَ سَلَكتَ بَطنَ قدمِكَ اللّعينةِ النتنةِ الآثمة,
فدَلَكتَ بها ظهرَ أختِها المَلعونةِ العَفِنةِ الظّالِمة, فما كانَ منّي إلا أن جازَفتُ فزَرَقتُ بأنيابي أحدَى أوديةِ قدمِكَ للدَّرَنِ كاتِمة،
لأدنُفَ فأخطفَ خَلَاصاً، رغمَ عُفونَةٍ كانت في ذاكَ الواديَ مُتَلاطِمة).
– عُفُونَةٌ ومُتَلاطِمة! وقد تَوَضّأتُ قبيلَ ساعةٍ مُنصَرِمَة ! هذا إفكٌ من نَملةٍ أفّاكةٍ آثِمة؟
-تَوَضَّأتَ نَعم, لكنّهُ وضوءٌ بلا أسباغ, ويَقيناً أنَّ ماتَبِعَهُ من نُسُكٍ كانَ لغواً وسَهواً غيرَ مَستَساغ , فذي رَدِفَ ذيكَ، وسواءً في الإتقانِ أم في الرّواغ،
فإن هَوَتْ إحدَاهُما غَوَت الأخرى الى فراغ. وماهكذا عُلِّمتُمُ المَناسِكُ، وماهكذا بُلِّغتُمُ بالبَلاغُ.
-كم يتَمنّى ألآن أن يُحَلِّقَ بِكِ على لَهيبِ سيجارتي الفؤادُ منّي والدّماغ؟
-إفعَلْها أيُّها البئيسُ المُتَكلّسُ, هيّا إقدَحْ وإصفَحْ عن جورٍ فيكَ مُتَلَبِّس,
وإنّما ذلكَ غَمزُكَ المُتَنَحَّس,ورَمزُ أخيكَ قابيلَ المُتهلوس, وهَمزُ سلفِك ذوي الأخدودِ المُتَكَدِّس,
ثمَّ وَخزَ (فِرعون) المُتَجَبِّس، لمّا خاب في رَدٍّ لموسى مُتَمَرِّس, أنابَ الى صَدٍّ متعجرَفٍ مُتَغَطرِس :
(لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ )، وفي حُفرَةٍ مُتَنَكِّس.
وهكذا دأبُكَ يا أبنَ آدمَ، دأبُ مُتنافِسٍ مُتَخنفِس, لمّا تَخيبُ في الحُجّةِ والبُرهان، تُنيبُ الى الضَّجّةِ والطُغيان,
وإنَّ داءَ البَغيِّ بينكم سَرى وإستَشرى حتَّى الى دواجِنِكُمُ والّأنعام!
أما نحنُ فمن فَجرِ الخليقةِ ما اقتدَينا بغرورٍ ولا أوهام, وما إعتدَينا بعَبثٍ أو خِصام.
وإذاً، فإستمعْ لكلمةٍ منّي أخيرةٍ ومسكٌ للخِتام:
” تَذَكّرْ أنَّ العِقابَ بالنّارِ هو صفةٌ إلهيّة, إختصَّها الألهُ لنفسهِ بكلماتٍ أبَديّة, فلا يَتَجَرأُ أحدٌ من خلقهِ منافَستهِ بمُحاكاةٍ غَبيةٍ، إلّا ظَلوماً جَهُولاً وذا نفسٍ بَغيّة.
– مَهلاً عليَّ وعلى رَسلِ….
#علي_الجنابي (هاشتاغ)
Ali_._El-ganabi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟