أحمد البزور
باحث وناقد
(Ahmed Albzour)
الحوار المتمدن-العدد: 6946 - 2021 / 7 / 2 - 17:32
المحور:
الادب والفن
يُعدُّ مصطفى خليفة كاتبًا وناشطًا سياسيًا سوريًا، ولد عام 1948م. وواحدًا من المعتقلينَ السّياسيينَ في السّجنِ الصّحراويّ السّوريّ - تذمر، كما صرّح أكثر من مرّة، درسَ الفنَّ والإخراج السِّينمائيّ بفرنسا.
قامتْ دارُ الآدابِ اللبنانيّةِ ببيروتَ نشرَ كتابِ القوقعة سنة 2008م، يحكي الكتابُ يوميّات شابٍ مسيحيٍّ ذي توجّه شيوعيّ، ألقت عناصرُ الأمن القبضَ عليه لحظةَ وصولِه إلى المطارِ لسبب يجهله تزامنًا مع اشتدادِ الصّراعِ واحتدامه بين النّظامِ القائمِ وجماعةِ الإخوانِ المسلمين في بداية الثّمنينيات، عموما، يعود موسى السّارد من فرنسا إلى وطنه بعد الانتهاءِ من دراسة الإخراج السّينمائي. وعن طريق الخطأ الأمني، أمضى ثلاث عشرة سنة في السّجنِ الصَّحراويّ بتهمةٍ تظهر من قبيلِ المفارقة والسّخرية، ذلك من خلال الاشتباه بانضمامهِ إلى جماعةِ الإخوانِ المسلمين تارةً، وتارةً أخرى، بانتسابه للحزب الشّيوعيّ، وبعد إمضاءِ السّنوات في السّجن عرفَ التّهمة الحقيقيّة الموجّهة له والموثقة في تقارير المخابرات، ومفادها بأنّ أحدَ زملائه كتبَ تقريرًا أعدّه مسبقًا للمخابرات عن نكتة تفوّه بها في سهرةٍ مع أصدقائه بفرنسا تسخر من رئيس الجمهوريّة القائم علمًا أنّ عقوبة الشّتم والسّخرية تتراوح قانونيًا من سنةٍ إلى ثلاث سنوات.
على ذلك، يعمل مصطفى خليفة عن طريق السّارد العليم موسى تقديمَ شهادةٍ دامغة عن فظائع السّجن والسّجان وبشاعتهما، من قهر، وإذلال نفسيّ وجسديّ، حيث الضّربُ، والتّعذيبُ الوحشي، والتّنكيلُ، والاغتصابُ، والتّجويع، والقتل، كما يكشفُ الحياةَ القاسية والأليمة للسّجناء وجرائم وانتهاكات العناصر الأمنيّة والعسكريّة.
إنّ تسميةَ القوقعة بهذا الاسم جاء بسببِ انكفاء السّارد موسى على نفسه وانعزاله عن السّجناء كونه مختلفًا عنهم من الناحية العقدية والدّينية، إلى جانب أنه متهمٌ بالتّجسس والإلحاد، وبهذا، تقوقعَ على نفسه منطويًا، وقد أطلّ من ثقب جدار السّجن على ساحة السجن والإعدام متلصصًا.
خلافًا لما يظنّهُ الكثيرون من القرّاء بأنّ القوقعة رواية، مع أنّ الكاتبَ مصطفى خليفة وضعَ عبارة "يوميّات متلصص" على غلافِ الكتاب، وهذه إشارةٌ كافية بأنّ الكتابَ ليس برواية، أولاً، ثانيًا، ما إنْ ينتهي القارئ من القراءة حتّى يتأكد تأكيدًا بما لا يدع مجالاً للشكّ في أنّ الكتابَ لا يعدو كونه شهادة، ووثيقة، ولا يتجاوزه. فالحوادث حقيقية وليست من نسج الخيال، ودلائل كثيرة تثبت بأنّ السّارد موسى المخرج السّينمائي هو المؤلِّف نفسه مصطفى خليفة الكاتب، بما يتطابق تمامًا شخصيّته مع سيرته الحقيقية، لا سيّما القارئ إذا علم وقرأ عن سيرة الكاتب بأنّه درس الإخراج بفرنسا، وسجن 1982ـ 1994م، كما أنّ الكاتبَ في كثير من مقابلاته لا ينفي عن كتابه هذا صفة الشّهادة، واليوميّة، والوثيقة.
#أحمد_البزور (هاشتاغ)
Ahmed_Albzour#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟