|
عراق الجهل بين السخرية والهزل
رياض رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 6945 - 2021 / 7 / 1 - 08:11
المحور:
كتابات ساخرة
رسالة إلى فالح مهدي. أخي فالح تحية، أعرف تفانيك وشجاعتك فكلها مثار أعجاب ولا تعاني من الشح لديك. أنت يا فالح من القلة الذين فتحوا نافذة شجاعتهم على مداها، فكنت مدعاة فخر حين كلّمت الجهلة بأقسى الكلمات، بكتبك وسلوكك الشبيه ببرج تطل منه فوهة مدفع: هو قلم ولسان وفكر بليغ. تحياتي رياض.
عراق الجهل بين السخرية والهزل رياض رمزي
إفضالات السيد. وصل السيد إلى نقطة تم بلوغها.. وتدلت يدٌ تنبأه رسالة أن الخالق رشحه لمهمة جليلة. هو من وصله التبليغ لم يطلق صرخة ابتهاج ولا أخذته الدهشة لأنه يعرف أنه منذور لمهمة أبدية مذ كان صبيا لم يطر شاربه بعد، فكيف يمكن التخلي عنه بعد أن صار إماما أكثر فطنة وذكاء؟. لم يكن هينا على من بلّغه الرسالة وجود ضحايا في دولة تم صدور تكليف السيد بمهمة إصلاحها. فنحن، كما قال المكلّف، لم نرشحك لمهمة سلام تتمرغ فيه بالملذات. نعم أمر الضحايا يهمّنا، لكن دعنا لا ننفخ ببوق وجود ضحايا. فدولة الإسلام سارت شوطا بعيدا في التحقق تحت ألوية أجدادكم، بوجود ضحايا. تذكّرْ أن عظمة النار المستعرة تتجلى في ما تلحقه من ضرر. عظمة الله تتجلى في ألسنة لهب جهنم. هل يذكر المؤمنون ألسنة اللهب الواهنة. نعم لمنجزات السيد ضحايا تتجلى في بيوت مليئة بنساء أرامل وأطفال يتامى. السماء الرحيمة سمحت لكم كما لأجدادكم بحيازة قدرات سبق أن أنعمتْ عليهم بها لكثرة ما بينكم أنتم الحفيد وأجدادكم من قدرات يصعب تجاهلها، كي يتذكركم سكان الأرض. ألم يخلّد الأباطرة والقياصرة خلودهم من عدد ما أزهقوا من أرواح وما ألحقوا من آلام. السيد وجماعته يستحقون ضحايا لإعلاء معجزاتهم بمن فيهم " رهط التشرينيين" الذين قتلوا. لا شك أن موتهم كان من أشق الأعباء على السيد الذي قال أن موتهم مقدّر. عندما سئل كيف؟. أجاب لو أراد الخالق منع الموت عنهم، لألبسهم معاطف ضد الرصاص. ماذا عن مدمني كحول الطقوس من أدمت القامات رؤوسهم وأحمرت خدودهم من كثرة اللطم؟. أرسلت السماء للتخفيف عنهم ملهاة البكاء ليس في حوزة السكان غيرها، تشبه رائحة لها أثر السحر عليهم يسمونها رائحة القداح يتدافعون لاستشمامها، وهم يسيرون مدنا ويرقدون والرائحة تظلّلهم، يطول أمد بقائها عشرة أيام، تتوزع عليهم بالتساوي: بين من تهيّج أشجانه، ومن يلتمس منها العون لقول قصيدة، ومن تدفعه ليدلف تحت السرادق طلبا للظل ويخرج منها حين يمسي المساء وقد تحكمت به رغبة في النحيب... وهم يبكون على ذنب لم يرتكبوه. الكل بلا استثناء ليس لديهم ما يعولون عليه في حياتهم من آمال حادتْ عنهم وابتعدت عن توقعاتهم، فراحوا يتخيلون معجزات تراودهم في منامهم. وعندما يستيقظون صباحا تأتي ريح تهبُّ على كل أحلامهم يكنسها زبالو منطقة الحوزة ويتركونها مثل بلاد ضربها الطاعون. ليسوا هؤلاء مثار غيظي. من تكون لديهم أوهام تتخذ شكل يقين ثم تتكشّف أمامهم الحجب حين تخيب فرضياتهم، لن تتعرض قناعاتهم لانعطافة. لأن من آمن بقوة بخرافات لن ينبعث فيه فضول لحرث تربة قناعاته. فمن بلغ حواف الجهل سيعاوده جهل أشد قوة إن تخلى عنه. أظن أن السخرية من الأيقونات ليست بدون تأثير. لا بد من تشويه الأيقونات كي لا يكون أمام من تلبّسه الجهل من خيار سوى السخرية منهم، كي يحصل فك ارتباط بينه وبين "السادة". لابد من دفع من آمن بالجهل إلى مرحلة السخرية تمهيدا لإيصاله لمرحلة رفضهم. هناك جيش كامل من المبخرين، المداهنين، الدجالين، المأجورين... الذي يدعون الكلام باسم الآلهة، يرددون ما قالته وما لم تقله، ويكونون مصدر تهديد لمن لا يحفظ أناشيد السادة. الدين الذي أشادوه أنتج من المعارك والمجازر والحروب أكثر ما أنتج من سلام وسكينة ومحبة. السرقة باسم أهل البيت أنتجت مليارات وبما يفوق الأجر الذي أسلفه ألله لعباده إن صانوا فروضه. هي أمنية، لأنني أدرك أن الرفض مفهوم فلسفي يقتصر على العارفين فقط. نعود الآن إلى الهزل. الكثير من خريجي المدرسة المسماة السطوح راحوا يلطمون على رؤوسهم حين سمعوا بخبر تكليف السيد، حتى أن أحدهم أصيب بوجع دائم من كثرة اللطم عل رأسه. أحد الذين درسوا مع السيد انتحى به وقال له" لا داعي للعويل فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم..". ذكّره كيف أن السيد لم يشاهد مرة يتمتع بعطلة. أن الجميع كان يتذكرونه وهو يميل برأسه نحو اليمين عندما يجيء أوان الانتقال إلى الصفحة التالية. جاء أحد الطلاب بعين دامعة ولكن بخدين متوردين، اعتقد الكل أنها حمرة العافية لكنه كشف سر الاحمرار فهو لعدة أيام لم يكن يكف عن لطم خدوده، لأنه لم يقدر مواهب السيد ولم يضع ذكائه في بؤرة تركيزه. ذكر هذا الطالب أنه زار يوما حجرة السيد وشاهده يسير شبه عاري بخطى مارشال عسكري في جو كابوسي حرارته لا ترحم، وهو يستظهر أحد أجزاء كتاب الطوسي. ولأنه كان يسير أياما وليال ذهابا وإيابا فقد قام بمسح الأرضية عن طريق الحتْ حتى برزت حفرة انفتحت فانزلق السيد من السطوح إلى ألأعماق. حين هبط منزلقا إلى الأعماق زالت عنه الرغبة في الطعام لأن ذلك سيجعله ينفق وقتا على نشاط يأخذ مكانا من وقته، خوفا من ضياع هيبة سهر سنينا على تشييدها، فلا يسعفه الوقت كي تستنير بصيرته بعلوم وتتكشّف له الحجب. السيد مُذ ولد لم يكن طفلا يقضي وقته في نوم وتثاؤب. الفضل في ذلك يعود لجده الذي اختار حفرة صغيرة رقد فيها متجاوزا مرحلة الفطام لثمانية قرون وأكثر لم يأكل ويشرب فلم توجعه مثانته ولا آذته معدته. كان يشم هواء مصنوعا على قدر حاجاته فيه طعام ذائب مخلوط بشراب الكوثر. غدت السيطرة على المثانة والأمعاء همٌ رباني انشغلت به المصادر العليا. كان النائم يتصل بتلك المصادر بجوال رقمه موجود لدى رئيس الملائكة خوفا من تسرب المعلومات لإبليس الذي كان يتسمّع للمكالمات، فقامت تلك الجهات بتخصيص جيش من الملائكة ترمي زبانية إبليس من الجواسيس بنجوم مطفأة لطردهم؟. فرقة من علماء الحوزة برهنت على كذب نظرية تقول أن الحفرة منشأها بركاني تنفتح على أنفاق سرية يتم فيها تهريب الماء والطعام سرا. كل ما يخرج من المقدس مقدسا. أمر أنصار السيد بوضع حراسة على الأماكن التي ثابرت أمعائه على زيارتها، لجودتها وطهارتها، وكعلاج يأتي بكثير من الجدوى لأمراض متوطنة ومهاجرة. وصلت للسيد أخبار عن تدافع الجمهور وموت الكثيرين منهم للحصول على الدواء الطاهر مطالبين السيد بجعل الدواء محصورا بأنصاره. أصدر السيد فتوى يقول فيها" بنبرة افتخار أعلن عن تثميني لتهافت أنصاري وخاصة معتلو الصحة ومن تولتهم حالات من الغشية، أن يتخيروا ما يلائمهم بشرط واحد وحيد أن لا يستخدموه للخضاب أو كحنّة في الأعراس ولا يتم بيعه كبضاعة تباع كخردة في السوق للتربّح". في اليوم التالي نشرت جريدة أخبار الحوزة أن كومة من كنز مخلفات السيد وضعت في صحراء نجد، فانفجرت الأرض بثمار وأعناب وأشجار معمّرة بعد أن استروحت رائحة كافور السيد. توسعت أرنبتا أنف الأرض وارتدّت مشدوهة من شدة عبوق الكنز. وصلت في دقائق إلى مستوى الكتف. قالت المقالة الافتتاحية لجريدة الحوزة إن كان لا يعصى شيء على أفضالات السيد فهل تكون المعجزات في مأمن من كراماته؟. أوردت نفس الصحيفة خبرا لعالميْن أحدهم أمريكي والآخر روسي أفادا أن الأرض تعرضت لنوبة دوار بعد مرور تلك الرائحة، بعد قرون من الصمت والإذعان فأصيبت بشيزوفرينيا هذيانية وهي تسدد أقساط راحة قديمة، مثل حشرة قضت فترة سبات طويلة في مكان محجوب من الشمس فانتفضت كنادم فاضت مياه حيويته فراح يعوض ما ضاع منه منذ قرون. تم بيع ناتج السيد، حيث وضعت لصّاقات خضراء تبين طريقة الطحن وما يضاف عليها ومواصفات الخلطة وطرق وأوقات الاستخدام. حدث أن أحد الأفراد خالف التعليمات فانبجست فيه طاقات جنسية حيوانية، برغم أنه قبل التناول لم يلمس الزوجة أثنا عشر عاما. اجتاحه هيجان ولم يكن هناك من طريقة غير تقييده بالسلاسل. استعطفت الزوجة السيد ليرق لحالها فكتب له وصفة مضادة يتم تناولها بأوقات تشبه وقت كسر الصيام. فحلت سكينة على الرجل وآلته عن طريق تقليل مائها فاعتصمت بالصمت تنفيذا لأوامر السيد. بكت الزوجة بحرقة بسبب اختفاء احتياطي السيولة لدى زوجها. كانت تشرق بدموعها وهي تنتظر عودة عمل الصاروخ المفرّغ الآن من عبوته، جاعلا الزوجة أشبه بأم في حالة حداد. وصل الخبر إلى السيد فقال لا أتمكن من نقض قرارات الجهات العليا، لكنني سأتوسط لمنحها لقب علوية. لكنها ردت عليه وهي تسند ظهرها إلى الجدار" أفضل أن أكون قحبة ريّانة على علوية تلفانة". حين قارب الوقت الظهيرة جعلت تسير في رجاء البيت بملابس الدانتيل الداخلية. لم تحرك فيه شيئا. قالت له حتى الموامنة في حمأة الالتحام يطعنون بحرباتهم. وهم من حوّلوك إلى منزوع السلاح. نظرت إليه نظرة ازدراء عن طريق رسالة سُلّمت بنظرات العين. جملة حفرت مسارا في عقله. قال لها بهدوء" من أين عرفتي عن جولات الموامنة؟". قالت" من تجارب زواج المتعة. تخريب آلتك سيجلب الخير لهم". قال بصوت مبحوح نهاياته طويلة كيف؟. أجابت" كي يلتهمني السيد أنا الحلقة الأضعف كما فعل مع أم سجاد، أم كرار، أم زين العابدين، أم العليّين الأكبر والأصغر". وجد مشقة في تصديق عدد الضحايا. نهض من شدة غيظه وهو يطلق سيلا من الشتائم من ألم راح يوقظ آلته. صرخ: نامي أنها نزلة برد تعافيتُ منها. اندفع نحوها رافضا أن يكون الحلقة الأضعف، وهو يملّس آلته متصورا أن السيد يريد أن يسعد بها، وأنه مدّ نطاق اهتمامه نحوها. انتهت الواقعة بصرخة مزقت سكون البيت. ما حدث أصاب الزوجة بدهشة جعلها تقول" أحذرك أن تقول أن ما حدث هو من أفضال السيد". في هذه الأثناء سقطت من الباب رسالة ممهورة بختم مكتب السيد. يدعوها فيها للحضور موقعة باسم "خادمك السيد". لدى الزوج رغبة فطرية نحو الانحدار. طلب مقابلة عاجلة مع السيد قال له" سماحتكم، زوجتي تريد إدخال السرور إلى قلبكم فهي تريد نسلا مقدسا منكم". أطبق السيد بكلتا يديه على رأس الرجل وقبلها. ذهب الزوج ليحضر زوجته. وجد أنها ذهبت مع أبنها سلام إلى ساحة التحرير. شاهدها من بعيد تجري وراء نعش وهي تصرخ" عفية أبني ما وطّيت راسي". في نفس الليلة خرج المدعو عبد الكريم خلف يقول " متشردٌ متسكع قتل في حادث سير".
#رياض_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القديس مارادونا شهيدا
-
ضحكٌ كالبكا
-
لديّ ما أتحدث به
-
ألله يحب عباده العلماء
-
من رمزيات رياض رمزي
-
حول الطقوس
-
ذكرى استشهاد تشي جيفارا
-
الجهل في أرض المتنبي
-
تغريدة لثورة تموز خارج السرب
-
العزلة في زمن الكورونا
-
عفيفة لعيبي: تحويل صناعة الأحزان إلى كسبٍ مشروع، أو الحزن حا
...
-
موت مواطن لا ينتمي إلى وطنه. رياض رمزي
-
فائز الزبيدي مقاتل أجبر على هدنة أبدية
-
الميليشيات والاغتيالات
-
بعض ما يحدث في جمهورية الإسلام السياسي
-
صادق الصائغ لا بر إلا ساعداك
-
تصفيق لأول من قال عبارة: الدولة أهم من دماء مواطنيها
-
إلى نور مروان. وجهٌ جميل لا تليق به غير البسمة.
-
يا وطن سائقي التك تك احبك الان اكثر
-
محدثو النعمة-العراق نموذجاً
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|