|
لبنان ... وا لوعتاه
سامي المصري
الحوار المتمدن-العدد: 1638 - 2006 / 8 / 10 - 10:32
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
إذا كان ما يحدث اليوم في لبنان ليس مؤامرة، فما هي المؤامرة؟!!! ما هو تعريف كلمة مؤامرة؟!!!!
منذ أن قامت إسرائيل وهي ترفع شعار من النيل إلى الفرات ورغم مرور الزمن وتقلب عليها الكثير من الرؤساء لم يتغير الشعار. عَلَم إسرائيل يضع نجمتها بين خطين زرقاوين هما النيل والفرات. أما عن الشعوب الموجودة حاليا بالمنطقة فلم تخفي إسرائيل تخطيطاتها الإجرامية نحوهم بنشر الانقسامات والفتن بينهم حتى يدمروا أنفسهم بأنفسهم. إسرائيل تفرغ الأرض من سكانها ومع كل ذلك فهناك من يقول أنه ليس هنالك مؤامرة فالمؤامرة في رأيهم نظرية متخلفة في عقول واهمة. وعلى الجانب الآخر هناك من يستخدم فكرة المؤامرة ويبالغ فيها لتحقيق الصراع الذي تنشده إسرائيل. والتطرف في كلا الاتجاهين يخدم مصلحة عدو متربص بالمنطقة، له مطامع غير خافية فهو يريد أرضا فارغة بدون بشر حتى يقيم عليها مملكة ثيئوقراطية تعتمد على معتقد ديني كاذب غاية في الرجعية وفكر عنصري فاشي غاية في التخلف.
من العجيب أن هناك من يتصور أن هناك أساس كتابي لما تزعمه إسرائيل لتغتصب حقوق مئات من ملايين البشر وتضع سلطانها فوق الأرض كلها. الواقع إن إسرائيل تعتمد على جهل الناس بالتاريخ والكتب المقدسة فتستخدم بعض أجزاء من النصوص لتلبسها مفهوما سياسيا غاية في الخبث والتضليل بينما صانعوا السياسة في إسرائيل ملحدون. إن إسرائيل نفسها تعتبر أكبر مصدر للإلحاد كما أنها تصدِّر للعالم العبادات الجديدة المدمرة للإنسان من وثنية لعبادة الشيطان لأكلة لحوم البشر .... ألخ.
من النيل إلى الفرات هل هي أرض إسرائيل؟ أو هل هناك أي مقولة واحدة في الكتاب المقدس كله وعدتهم بهذه الأرض؟ الآية التي يعتمدون عليها تقول:
في ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام ميثاقا قائلا لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات (تك 15 : 18). أما أنا فهوذا عهدي معك وتكون أبا لجمهور من الأمم فلا يدعى اسمك بعد إبرام بل يكون اسمك إبراهيم لأني أجعلك أبا لجمهور من الأمم. (تك 17 : 4- 5
إن اسم إبراهيم معناه أب لأمم (كثيرة) نسل إبراهيم ليس أمة واحدة بل أمم كثيرة تقع بين النيل والفرات وهذا واقع لا يختلف عليه أحد. فأولاد عيسو أخو يعقوب وأولاد إسماعيل وأولاد إبراهيم من قطورة كلهم أولاد إبراهيم. إن من يسمُّون أنفسهم إسرائيل اليوم يمثلوا سبطا واحدا من أولاد يعقوب الإثنى عشر هو سبط يهوذا. أما باقي الأسباط من أولاد يعقوب فقد ضاعت في السبي بين الشعوب وهم موجودين الآن في الشعوب الساكنة شمال العراق وسوريا، وهم ليسوا فقط أبناء إبراهيم بل أبناء اسحق ويعقوب ويشكلوا أحد عشر سبطا أمام سبط واحد فقط هم اليهود الذين يدَّعون اليوم نسبتهم وحدهم لإبراهيم . وبذلك فالعهد الكتابي قد تحقق لإبراهيم في العرب واليهود وكل سكان المنطقة الذين من حقهم جميعا التعايش في سلام.
أين هو العهد لإسرائيل بقيام دولة واحدة من النيل للفرات؟!!! لا يوجد. إن أكبر دولة أقامها بنو إسرائيل في تاريخهم كانت تحت ملك داود وامتدت لملك سليمان ثم انقسمت الدولة بعد ذلك وتمزقت بسبب شرورهم بحسب الكتاب المقدس. إن اتساع مملكة إسرائيل عندما كانت اثني عشر سبطا في أقصى عصور ازدهارها لم تشمل ولا مرة في التاريخ كل المساحة التي يحتلها سبط واحد الآن. وفي ذلك الوقت كانت تعتبر تلك الحدود مقدسة لكل سبط وعطية من الله لا يجب أن يتجاوزها أو يفرط فيها أي سبط. إن حدود الأرض لأسباط إسرائيل حددها يعقوب أبوهم بنفسه وفصَّلها موسى أعظم أنبياءهم ويشوع بن نون وفي كل ذلك لم ترد أي نبوة أو ذكرى للأرض من النيل للفرات ولا مرة لا من بعيد أو قريب.
ولو درسنا تاريخ السبط الواحد الباقي من أسباط إسرائيل الاثنى عشر الذي هو سبط يهوذا لنجد أن الجزء الموجود منهم يشكل جزء واحد من ألف من السبط الأصلي وباقي يهوذا قد انتشر وتاه في وسط خضم الأمم واختلط بالشعوب المحيطة. في القرن الثامن قبل الميلاد ومشارف القرن السابع بعدما هاجم سنحاريب ملك أشور الدولة الشمالية لإسرائيل ودمرها وهجَّر سكانها ونشرهم بين البلدان التي فتحها، بدأ في مهاجمة مدن سبط يهوذا. والكتاب المقدس يذكر أسماء مدن يهوذا التي دمرها سنحاريب وهي 48 مدينة محصَّنة ذات أسوار. كل هذه المدن تم تهجير سكانها فانشروا في وسط الشعوب. بل يذكر الكتاب المقدس أن مدينة أورشليم هي المدينة الوحيدة التي نجت من السبي في ذلك الوقت.
ولم يمر قرن من الزمان حتى هاجم البابليون ما تبقى من سبط يهوذا ودمروا مدينة أورشليم تماما وسبوا معظم سكانها واقتادوهم لبابل مكبلين. وتركوا في الأرض قلة قليلة من الفقراء لم يلبسوا أن هاجروا لمصر وعاشوا فيها ونموا فيها نموا هائلا وكان لهم شأوا أيام حكم البطالسة ثم الرومان. أما الذين هاجروا إلى بابل فعاشوا هناك وهاجر منهم البعض إلى فارس وانتشروا في المنطقة المحيطة حتى روسيا. وعاد منهم قلة إلى أورشليم على دفعات وهذه القلة القليلة هم إباء اليهود المعاصرين.
أما اليهود الذين هاجروا إلى مصر فهم الذين ظهرت بينهم المسيحية وانتشرت بسرعة بين المصريين حتى صارت مصر كلها مسيحية ومنذ ذلك الوقت اختفي اليهود في المصريين ولم يعد لهم هوية متميزة عنهم. وبذلك فإن السبط الواحد يهوذا منتشر من النيل إلى الفرات!!!
خرافات دينية أخرى كثيرة بل عمليات استهبال مماثلة تقوم عليها خرافة إسرائيل الشعب المختار وليس لها أي أثر في الكتاب المقدس سنقوم بتقديم دراسة تحليل لها في كتابات مقبلة . منذ ألفين من السنين عندما أتى المسيح من بين اليهود راعه فكرهم العنصري المتخلِّف وحاول أن يحررهم من إسار التعصب المريض مرات كثيرة. لكن عنصريتهم المفرطة لم تعطيهم أي فرصة لإدراك ما يقوله السيد المسيح حيث قال: "لا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا إبراهيم أبا لأني أقول لكم أن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولادا لإبراهيم" (مت 9:3). "أجابوا و قالوا له أبونا هو إبراهيم قال لهم يسوع لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم" (يو 39:8).
وكان هناك إنسان يهودي متعصب ومغلق الفكر اسمه شاول لكنه بعد عناء ومعجزة أدرك المفهوم الحضاري للمسيح وعندما انفتح ذهنه غيَّر اسمه فصار القديس بولس الرسول ومن هذا المنطلق المسيحي المنفتح يقول:
"ليس يهودي و لا يوناني ليس عبد و لا حر ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع" (غل 3 : 28) "حيث ليس يوناني و يهودي ختان و غرلة بربري وسكيثي عبد حر بل المسيح الكل وفي الكل" (كو 3 : 11) من العجيب أنه بعد ألفين من السنيين وحتى اليوم لم يستطع العالم أن يطبق أو يدرك تماما هذه المفاهيم الإنسانية المتحضرة التي تنظر للإنسان في قيمته كإنسان بِغًض النظر عن اللون أو الدين أو الجنس أو الثقافة. ونحن في بدء القرن الواحد وعشرين تقوم حرب إبادة عنصرية شرسة تدعمها وتسندها أقوى قوة في العالم تقوم على خرافات دينية عقيمة وفكر عنصري فاشي رجعي متخلف.
و الأعجب من ذلك أن هناك من ينسب لهذا الجرم قيم حضارية فهناك من يخلط بين الحضارة والتكنولوجيا والقوة الغاشمة فكثيرون جدا هم الذين يسيرون في ركاب القوة لا الحق. لقد كان هتلر في الأمس القريب يملك أقوى جيش على الأرض وفي وقت ما سار في ركابه الكثيرون وتصورا انه المنتصر كما يرى البعض إسرائيل اليوم. إن القوى العنصرية الغاشمة مهما لبست الشكل الحضاري فهي التخلف ومهما قويت وتسلحت فهي الضعف والوهن لأنها تتحرك ضد التاريخ ضد الإنسان ضد الخير ضد الحب.
والأكثر عجبا أن هناك من يصبغ الإجرام الإسرائيلي بصبغة مسيحية. بينما المسيح المصلوب بريء تماما من كل المفتريين عليه. ودمه المسفوك الذي يشارك اليوم دم أطفال قانا يصرخ مرددا مقولته القديمة "
كي يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح... يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء و راجمة المرسلين إليها" "(مت 23 : 35-37)
#سامي_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جيل غيَّبَه التدين المريض
-
من الرجال من لا يموتون ... -أبونا متَّى المسكين-
-
الأنبا شنودة وأحداث الإسكندرية الأخيرة-2
-
الأنبا شنودة وأحداث الإسكندرية الأخيرة
-
نشاط الجماعة المحظورة في مصر علامة حكم يتهاوى
-
لا تدينوا لكي لا تدانوا
-
(1) -التعصب الديني في مصر
-
ماذا حصد الأقباط من موقف البابا شنودة من انتخابات الرئاسة
-
الشعب القبطي يتمزق بين شقي حجر الرحى -الدولة والكنيسة- 2
-
الديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي
-
أكتوبر؛ ختاما لحرب الست سنوات -الفصل الأول
-
الإرهاب والقهر والتكفير والفساد في الكنيسة القبطية
-
الشعب القبطي يتمزق بين شقي حجر الرحى الدولة و الكنيسة
-
البابا شنودة وانتخابات الرئاسة
-
انغلاق العقل القبطي في عصر البابا شنودة
-
حول الأزمة الدينية في مصر : الخلل الذي كشفته وفاء
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|