أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - ثورةُ فستان














المزيد.....


ثورةُ فستان


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6944 - 2021 / 6 / 30 - 13:28
المحور: حقوق الانسان
    


في ألبوم صور العائلة، لقطاتٌ جميلة لأمي وخالتي وجَدتي، في فساتينَ أنيقةٍ كالتي نشاهدها في أفلام “الأبيض والأسود”. كانت البناتُ في فساتينهن يُشبهن الفراشات، كأنهن باليريناتُ رشيقاتٌ لا يمسسن الأرضَ بأقدامهن، بل يطرن خفيفاتٍ فيكدن يلمسن السماءَ بأطراف أناملهن. ربما لهذا نحبُّ أفلام زمان؛ حيث المجتمعُ راقٍ والبشرُ متحضرون، والألسنُ نظيفةٌ لا تعرف إلا المعاجمَ المهذبة، والبناياتُ أنيقةٌ منسّقة، والشجرُ كثيفٌ أخضرُ يرمى بظلاله على شوارعَ نظيفةٍ، والتماثيل في الميادين مغسولةٌ بالجمال والسحر. الرجال أنيقون مهذبون، والسيدات فاتنات بكعوب عالية وحقائبَ كأنها قطعٌ تشكيلية من الفن الرفيع. أشرتُ إلى صورة في ألبوم أمي القديم مع شقيقتها في حديقة الأندلس. كانت أمي في فستان ساحر بخصر ضيق وجوب واسع وكول رقيق. سألتها: (ماما، مكنش حد بيعاكسك وأنت خارجة كده؟ ) فقالت: (لم يكن في قاموسنا شيء اسمه ‘معاكسة’. كانت العيونُ نظيفة والعقول راقية والكلُّ يحترم الكل. الشابُّ يعتبر كلَّ البنات السائرات في الطريق شقيقاته! ). وصدقتْ أمي. الفضيلةُ والعفافُ والتحضُّر واحترام المرأة، ثقافةٌ وليست ملابسَ. الحجابُ والنقاب يملأ جوانب العالم، ولم تسلمِ النساءُ من التحرش والبذاءات والاغتصاب!! الفضيلةُ في الدماغ، لا في طول الثوب وقصره. ونتذكر من قراءاتنا مقالا كتبه د. "فكرى أباظة" في ثلاثينيات القرن الماضي، يهاجمُ فيه تدهور أخلاق الشباب وفساد أخلاقهم، قائلا: (الشابُّ الصفيق من هؤلاء يتعمدُ الوقوفَ على رصيف محطة الترام بالقرب من المكان المخصص لركوب السيدات، وعندما يجد سيدة تقف بمفردها يقترب منها بمنتهى الصفاقة ويقول لها دون سابق معرفة: "بنسوار يا هانم!) كانت تلك الكلمة هي أقصى وأقسى ما يحدثُ للمرأة من تحرّش في ذلك الزمن السعيد! تُرى ماذا عساه يكتبُ اليوم!
بعد هذه المقدمة الماضوية السعيدة، دعوني أقدّم لكم "حبيبة طارق رمضان": صبيّةٌ جميلة مثقفة عمرها 21 عامًا، طالبة بكلية الآداب جامعة طنطا، قسم لغات شرقية. إلى جانب الدراسة، تعمل متطوعةً في استعلامات مكتبة الإسكندرية. اشتهرت على مواقع التواصل الاجتماعي باسم "فتاة الفستان". إذْ ذهبت لتؤدي امتحاناتها بفستان بسيط "ميدي" (طولُه عند منتصف الساق) وأكمامه طويلة، فتنمّر عليها بعضُ المراقبين وكأنها جاءت شيئًا إدًّا! الأمرُ الآن قيدَ التحقيق الذي سوف يأتي للفتاة بحقّها، لكننا هنا نناقشُ حقَّ المجتمع الذي يُجرّمُ دستورُه جرائمَ التنمّر والتمييز الطائفي. وفق ما ذكرت "حبيبة": خرجتْ من اللجنة بعد أداء امتحانها، لتتسلّم بطاقتها الشخصية من المراقب، فنظر إلى فستانها وسأل: (انتي مسلمة واللا مسيحية؟) ويعدُّ هذا السؤالُ جريمةً عنصرية يعاقبُ عليها القانون في كثير من الدول، وبإذن الله سوف يُجرَّم في مصرَ لأنه سؤالُ فرز طائفي. ونذكرُ أن "مهاتير محمد" رئيس وزراء ماليزيا قد صكّ قانونًا يقضي بالسجن المشدّد لأي مواطن يسأل آخرَ عن عقيدته. ونُفِّذَ القانون بحسم، وخلال سنوات قفزت بلادُه من خطّ الفقر لتغدو واحدة من النمور الآسيوية القوية. الطائفيةُ تهدمُ الأوطان، والسلامُ المجتمعي يبنيها. ووفق تصريحات الطالبة، استوقفتها معلمةٌ في ممر الكلية، وسألتها ساخرةً: (أنتِ نسيتي تلبسي البنطلون تحت الفستان؟!)، وتلك جريمةُ تنمّر وتحرّش لفظي صريحة يضعُ المعلمةَ تحت طائلة القانون. ثم قالت معلّمةٌ أخرى للطالبة: ( كنتي محجبة ودلوقتي بقيتي مش محترمة وقليلة أدب؟!) وتلك جريمة سبّ وقذف وخوض في الشرف، ليس في حق الطالبة "حبيبة رمضان" وحسب، بل في حق كل مسلمة غير محجبة.
نشرت الطالبةُ "حبيبة" على صفحتها صورةً لها بفستانها البسيط وقصّت ما درى لها، فتحرّك الرأيُ العام يناصرُ الصبيةَ، وتلك ظاهرة طيبة تؤكد سلامة معدن شعبنا العظيم. وبدأ المسؤولون في الجامعة التحرك للتحقيق في الواقعة. وبعدما كتبتُ على صفحتي الرسمية تغريدةً أنتقدُ فيها ما تعرضت له الطالبة "حبيبة طارق رمضان" من تنمّر وتحرش لفظي وطائفي، اتصل بي "المجلس القومي للمرأة" لمعرفة طريقة للتواصل مع الطالبة لمساندتها للحصول على حقّها. علّ تلك الواقعةُ تكون بدايةً طيبة لسنّ قوانين رادعة تضمنُ احترام المرأة وحمايتها من التنمر والتحرش بجميع ألوانه، وتكافحُ ظاهرة الفرز الطائفي. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحترمُ أبناءَ للوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطيّبُ … الذي يُنسى!
- العقلُ والمادة … وعقابُ المرايا
- التقليدُ والابتكار … القطارُ والطيارةُ الورق
- سبعُ سنواتٍ من تحقيق الأحلام العصيّة
- شارعٌ: شهيدُ الكلمة فرج فودة
- شجرةٌ … وأربعُ عيون
- الرئيسُ السيسي … داعمًا الرحلةَ المقدسة
- -راعي مصر للتنمية- … أحدُ قلوب مصر الخافقة
- بقشيش الإنسانية … نجيب زاهي زركش
- سمير غانم … بهجةُ الحيّ الشرقي
- بناءُ الإنسانِ المصريّ الجديد
- أشرف عبد الباقي … فنُّ إتقانِ الأخطاء!
- في عيد الفطر المبارك … مَن يغنّي للعيد؟
- بنو صهيون … والمسجد الأقصى
- شم النسيم … عيد ثقافة الحياة
- قالها الرئيسُ/ السيسي: تصويبُ الخطاب الديني
- الرقصُ ... بجناح مكسور
- نصومُ رمضانَ … ونجدلُ السعفَ ... لأننا نحبُّ
- أعطني هذا الدواء!
- ثكنة -رابعة- الإرهابية… لكي لا ننسى!


المزيد.....




- وزيرالخارجية اليمني:ندعو الأمم المتحدة وكل المنظمات لتجريم م ...
- قطف مطار صنعاء استخفاف إسرائيلي بالأمم المتحدة
- الاحتلال يُمعن في ارتكاب جريمة إبادة جماعية بزيادة وتيرة تدم ...
- مراسل RT: ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والمنسق المقيم توا ...
- في جريمة هي الأكبر ضد الصحفيين في قطاع غزة خلال حرب الإبادة ...
- من لبنان وتركيا والأردن.. ضوابط لعودة اللاجئين السوريين إلى ...
- اعتقال قاضي المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا بسوريا
- اعتقال -سفاح صيدنايا- في طرطوس وحراك دبلوماسي سوري مع دول ال ...
- منظمة حقوقية: أكثر من 10 آلاف مهاجر لقوا حتفهم بالبحر العام ...
- استشهاد 3 أطفال رضع في خيام النازحين بغزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - ثورةُ فستان