ماجد لفته العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1638 - 2006 / 8 / 10 - 10:35
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في معمعة الحرب العدوانية الاسرائلية الدائرة رحاها اليوم على لبنان , وفي ظل الدمار والقتل والتهجير الذي خلفه هذا العدوان الهمجي على الشعب اللبناني , ظل الموقف العربي الرسمي عاجزا ومشلولا بسسب التفويض الذي منحه المجتمع الدولي للاسرائيل وبإصرار أمريكي واضح لتحقيق النصر العسكري الإسرائيلي على [ حزب الله ] والمقاومة اللبنانية , وقد تم فرض هذه الرؤيا على المجتمع الدولي وجرى تبريرها بحجج منها , إن الدول العربية والإسلامية لا تختلف مع المواقف الأمريكية من قضية حل مسببات ألازمة [ خطف جنديين أسرائلين ] , وقد أظهرت الإدارة الأمريكية إصرارها على عدم وقف إطلاق النار من دون تحقيق نتائج ملموسة في الميدان العسكري غير عابئة بنتائج العدوان المدمرة على الشعب اللبناني بتوفيرها التغطية السياسية والإعلامية والقانونية والدعم الدولي واللوجستي لحكومة أيهود أو لمرت التي مارست ضغوطها مع الإدارة الأمريكية وحلفائها الاوربين على مختلف بلدان العالم, ولعبة الولايات المتحدة على ورقة البعبع الايراني والقضية الطائفية ( حزب الله الشيعي) لحشد التأييد العربي لموقفها وما التصريحات المزامنة لتلك التحركات من قبل أصدقاء أمريكا في بداية ألازمة , الرئيس المصري حسني مبارك على خلفية اجتماعه مع الملك الأردني عبد الله أبن الحسين والخطاب الشهير لوزير الخارجية السعودية في اجتماع وزراء الخارجية العرب المنعقد في القاهرة مقر الجامعة العربية وصدور موقف عربي غير حازم بحيث رحلت فيه ألازمة في حينها إلى أروقة مجلس الأمن من دون أبداء إي تصور واضح عنها من قبل الدول العربية أو المطالبة الصريحة بوقف أطلاق النار أو دعوة المجتمع الدولي للاتخاذ مواقف واضحة بصدد ذلك ولكنه بالعكس تماما فقد ساعد الموقف العربي الرسمي الملتبس في إعطاء إسرائيل والولايات المتحدة الحق في مواصلة العدوان للأجل غير مسمى وجرى تسويق موقفيهما على الأسس التالية :
1_ حق الدفاع عن النفس لتبرير العدوان.
2_ تطبيق قرارات الشرعية الدولية .
3_ المساهمة في مكافحة الإرهاب .
4_ مواجهة الأجندة الإيرانية السورية التي تمثل محور الشر .
5_ ربط حل ألازمة الراهنة في الحل السلمي الدائم .
وفي ظل المأساة اللبنانية وتصاعد الاحتجاجات والانتقادات لسياسية الإدارة الأمريكية والدول الأوربية [ من دون فرنسا ,وروسيا] , توالت تصريحات رايس المبطنة باعتبار ما تم الأقدام عليه ليس من دون التشاور مع أصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة , وأعقبها تصريحات الرئيس المصري لتجاوز إسرائيل حدود مهماتها في تحرير الأسرى وتصريحات السعودية والأردن بان العمل العسكري تجاوز قضية حزب الله وطال الشعب اللبناني , في محاولة منهما للإيصال رسالة إلى (العم سام) و إسرائيل بان ذلك قد تجاوز اتفاقات ما وراء الكواليس لتقليم أظافر حزب الله وانقلب إلى تدمير وقتل الشعب اللبناني , فلم تمهل الولايات المتحدة الأمريكية أصدقائها وحلفائها في العالم العربي أو تعطيهم فرصة للتراجع , فقد أفشلت مهمة الفيصل في الحصول على وقف أطلاق النار في لقاءه مع الرئيس بوش, وجرى سرق الاضواء من زيارته لواشنطن في ظل الأجواء الاحتفالية لزيارة المالكي , ولم تمضي أسابيع حتى جاءت تصريحات وزير خارجية قطر حول تنسيق أمريكا معهم والأخذ الضمني لموافقتهم للقيام بهذا العمل لمدة أسبوعين , ورفض قطر أغلاف مكتب العلاقات التجارية القطرية- الاسرائلية , ثم أعقبه الرد السعودي الواضح حول ذلك بالعبارات النافية والمتهكمة والتي جاءت على لسان وزير خارجية السعودية السيد سعود الفصيل , وما أعقبها من تصريحات ليهود أو لمرت رئيس وزراء إسرائيل والتي قال فيها بأنه للأول مرة في حربهم يلاقون مساندة وتفهم من دول عربية وإسلامية , ولم تنتهي هذه التصريحات حتى خرج السيد حمد بن جاسم وزير خارجية قطر وكالعادة بتصريحاته ( الشفافة ) المعرية لكواليس الخطاب العربي الرسمي وتناقضانه !!؟ , ليخطف الاضواء من مبادرة السعودية ودول المحور العربي ( القاهرة – عمان- الرياض) في عقد اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت الأسبوع الماضي كتضامنا مع لبنان , والذي جاء كتصحيح للموقف العربي واتخاذ موقف أكثر جدية والدعوة لوقف أطلاق النار فورا والأخذ بمبادرة السنيورة والاعتراضات اللبنانية على مسودة القرار الأمريكي _ الفرنسي وتشكيل وفد عربي لشرح وجهة النظر هذه للأعضاء مجلس الأمن الدولي , في ظل الأجواء التي خلفتها المجازر في لبنان والتي دفعت الولايات المتحدة بعد مجزرة قانا وفشل الإلة العسكرية الاسرائلية من تحقيق أي نصر يذكر ما عدى تدمير البنية التحتية للبنان وقتل الأبرياء وهذا ليس انتصار , سعت أمريكا إلى تلين موقفها وابداء استعداها لمناقشة المشروع الفرنسي حول حل النزاع والمساهمة في وقف العنف !!؟ وفي ظل تسارع الإحداث والمحاولات المحمومة لفرض الشروط الأمريكية الاسرائلية للحل النزاع , حاولت الولايات المتحدة تذكير أصدقائها وحلفائها الذين أظهروا تراجعا عن تعهداتهم السابقة للإدارة الأمريكية فجاءت تصريحات السيد حمد بن جاسم بن جبر لتقول بصريح العبارة ( وشهد شاهد من أهلها ) , ففي مقابلة مع قناة الجزيرة في بيروت, نشرت ( إيلاف ) مقتطفات منها يوم الثامن من أب 2006 [ قال فيها وزير خارجية قطر حمد بن جاسم بن جبر رد على تعليقات وزير خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل على التصريحات السابقة التي هاجم فيها بن جبر دولاً عربية في شأن موقفها من الحرب الدائرة في لبنان، ومتهما إياها بـ "التغطية على إنهاء حزب الله". اعتبر حمد بن جاسم بن جبر المواقف الدبلوماسية التي تجددت خلال مؤتمر وزراء الخارجية الاستثنائي في بيروت بمثابة تراجع من بعض الدول حيث قال "هناك بعض الدول تراجعت عن موقفها الذي أيدت من خلاله مهمة إسرائيل في لبنان وبما أن المهمة لم تنجح حدث تراجع" (!)، وعلى ما يبدو أن حمد بن جبر كان يقصد ثانية مواقف السعودية ومصر والأردن. ولاحظ مراقبون أن وزير خارجية قطر وجد في الاجتماع العربي في بيروت فرصة للرد على تعليقات سابقة صدرت عن وزير خارجية السعودية في مسألة إقامة قطر لعلاقات مع إسرائيل دون استشارة أحد، وقال حمد بن جاسم "هذا كلام غير صحيح وإننا جلسنا مع الإخوة في السعودية وباقي الدول العربية في مدريد مقابل شامير والآخرين، وتم الاتفاق على عملية سلمية والبعض أنهاها على عجل والبعض في منتصف الطريق والبعض مازال يطرح عمليات سلام، وهذا شيء إيجابي ونحن دعمناه" وأضاف "وإننا لا نتكلم عن الاعتراف بقدر ما نتكلم عن عملية السلام الآن بيننا وبين إسرائيل، لأن الاعتراف حصل إضافة إلى ذلك فإن مقولة العلاقات مع إسرائيل وفي ظل اتفاقية التجارة الحرة والجات وكل من وقع عليها بمن فيهم الإخوة في السعودية فإن لهذه الاتفاقية أيضا شروطها المعروفة وأهمها انه لا توجد هناك مقاطعة".
وقال "ولذلك فإنني لا اعتقد ان الوصف كان دقيقا بما تمنيت حدوثه في روما، وبدا كأننا ذهبنا لإسرائيل بدون أوسلو وبدون اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل واتفاقية سلام بين الأردن وإسرائيل وبدون مبادرات من السبعينيات أخرها مؤتمر لبنان والمبادرة العربية]. وخلال حديث الملك عبد الله الثاني لمجلس وزراء الأردن عن تطورات الإحداث في المنطقة،قال "لقد كان موقف الأردن منذ بداية العدوان الإسرائيلي على لبنان ولا زال واضحا في الدعوة لوقف فوري وشامل ودائم لإطلاق النار وإدانة العمليات العسكرية الاسرائيلية باعتبارها انتهاكا صارخا للمباديء الإنسانية والأخلاقية والمواثيق الدولية"."
ان التصريحات التي أبداها حمد بن جاسم ومرافقها من تصريحات بوعودالادارة الأمريكية للقيام بالعملية خلال أسبوعين وغيرها تؤكد أن السيد اولمرت لم يكن كذبا في تصريحه , وان الخطاب العربي الرسمي والأنظمة العربية الرسمية بأغلبيتها للمرة العاشرة تقع في الحسابات الخاطئة التي تضرر مصالح الشعوب العربية ومستقبل أجيالها منصاعة للأجندة الأمريكية وحساباتها الإستراتجية من دون النظر الى الوراء ودراسة نكبات الماضي وماسي الحاضر, أمثال حروب الخليج والقضية الفلسطينية واحتلال العراق وتشجيع العنف الطائفي في العراق وتسويق فلسفة الهزيمة والتطبيع ألقسري مع إسرائيل من دون مقابل بحيث بات [الشرق الأوسط الجديد ] فرض إسرائيل وسياستها بالقوة على شعوب المنطقة ونهب ثرواتها وإذلالها وتدميرها بأسم محاربة الإرهاب , يبقى التساؤل ماثلا هل كان أيهود اولمرت كاذبا بقوله أنهم حضوا بدعم دول عربية وإسلامية , بعد أن رفضت كل الدول العربية التي لها علاقة مع إسرائيل استدعاء أو سحب سفرائها احتجاجا على العدوان الإسرائيلي !؟
أو الدعوة لعقد اجتماع لوزراء الدفاع العرب لتقيم الموقف بعد أن تحولت القضية من الدفاع عن النفس إلى احتلال بلد تحت أنظار ومسامع المجتمع الدولي , ولازال الحبل على الجرار في انتظار يوم الأربعاء لعقد الحكومة الأمنية اللاسرائيلية المصغرة اجتماعا لها لتمضي فيه على قرار وزير الدفاع باحتلال جنوب لبنان حتى حدود نهر الليطاني بعمق 20 كم من الاراضي اللبنانية للأمد غير مسمى , ربما هذا جاء باقتراح عربي إسلامي ( والله من وراء القصد) في ظل فقدان الموازين وضياع القيم !!؟
#ماجد_لفته_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟