|
الحريالوجيا فن إنتاج المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية
حسن عجمي
الحوار المتمدن-العدد: 6942 - 2021 / 6 / 28 - 03:23
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الحريالوجيا مركَّبة من "الحرية" و "لوجيا" بمعنى عِلم و بذلك الحريالوجيا عِلم الحرية الذي يدرس الحرية علمياً من خلال تحليلها على أنها معادلة رياضية. بالنسبة إلى الحريالوجيا ، الحرية = إنتاج كل المعتقدات الإنسانوية الممكنة + إنتاج كل السلوكيات الإنسانوية الممكنة. لهذه المعادلة فضائل عديدة منها حلّ إشكال فلسفي أساسي ألا و هو كيف أننا أحرار رغم محكومية الكون بالعلاقات السببية و القوانين الطبيعية.
الكون محكوم بالقوانين الطبيعية و العلاقات السببية. و بذلك أفعالنا أيضاً محكومة بالقوانين الطبيعية و العلاقات السببية ما يتضمن أننا لسنا أحراراً لأنَّ أفعالنا نتائج العلاقات السببية و القوانين الطبيعية التي لا نتحكّم فيها. من جهة أخرى ، إن لم نكن أحراراً فحينئذٍ نحن غير مسؤولين عن أفعالنا. و لكن نحن مسؤولون عن أفعالنا و لذا لا بدّ من أننا أحرار. هكذا لدينا معضلة فلسفية ألا و هي وجود حجة قوية على أننا لسنا أحراراً لأنَّ أفعالنا كالظواهر كافة محكومة بالقوانين الطبيعية و العلاقات السببية و وجود حجة قوية أخرى مناقضة للأولى دالة على أننا أحرار و إلا لم نكن مسؤولين عن أفعالنا.
لكن معادلة الحريالوجيا تقدِّم حلاً ناجحاً لهذه الإشكالية الفلسفية على النحو التالي: بما أنَّ الحرية = إنتاج كل المعتقدات الإنسانوية الممكنة + إنتاج كل السلوكيات الإنسانوية الممكنة ، و علماً بأنه من الممكن والمتاح لنا أن ننتج كل المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية الممكنة (كالقِيَم والأخلاق واتباعها) لكونها ممكنة وبذلك منسجمة مع القوانين الطبيعية و العلاقات السببية الحاكمة للكون ، إذن نحن أحرار رغم محكومية الكون بالعلاقات السببية و القوانين الطبيعية. هكذا تحلّ معادلة الحريالوجيا هذه الإشكالية الفلسفية فتكتسب هذه الفضيلة الكبرى ما يدلّ على صدقها.
معادلة الحريالوجيا معادلة رياضية فلسفية و لكنها أيضاً علمية لكونها قابلة للاختبار. إن كانت الحرية = إنتاج كل المعتقدات الإنسانوية الممكنة + إنتاج كل السلوكيات الإنسانوية الممكنة فحينئذٍ الحرية العليا كامنة في صياغة فوجود كل المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية الممكنة ما يتضمن سيادة التنوّع العقائدي والاعتقادي والسلوكي و سيادة التعدّدية في المجتمع نفسه. من هنا ، إن وُجِدت الحرية أو الحريات بلا تعدّدية فحينئذٍ المعادلة السابقة كاذبة. و بذلك من الممكن اختبارها ما يجعلها علمية. و لكن لا وجود لحريات بلا تعدّدية ما يبرهن على صدق معادلة الحريالوجيا و ما يفسِّر لماذا المجتمعات المتصفة بتعدّدية كبرى متصفة أيضاً بامتلاكها لحريات أكبر و أكثر. هكذا أيضاً تملك معادلة الحريالوجيا مقدرة تفسيرية ناجحة ما يشير إلى مصداقيتها. فبما أنَّ الحرية = إنتاج كل المعتقدات الإنسانوية الممكنة + إنتاج كل السلوكيات الإنسانوية الممكنة ، إذن تتحقق الحرية بتحقق التعدّدية المتمثلة بإنتاج كل المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية الممكنة المختلفة. و لذا المجتمعات المتصفة بالتعدّدية متصفة أيضاً بالحرية.
بالإضافة إلى ذلك ، تنجح معادلة الحريالوجيا في التعبير عن أنَّ الحرية تتضمن بالضرورة الإنجازات الحضارية كالأخلاق و المعارف و العلوم و الفنون و العدالة. فلا حرية بلا هذه الإنجازات لأنَّ هذه الإنجازات الحضارية تحرّرنا كأن تحرّرنا المعرفة من الجهل و التخلّف و تمكّننا من الاستمرار و التطوّر. فبما أنَّ الحرية = إنتاج كل المعتقدات الإنسانوية الممكنة + إنتاج كل السلوكيات الإنسانوية الممكنة ، و علماً بأنَّ المعارف و العلوم و الفنون و الأخلاق و العدالة معتقدات و سلوكيات إنسانوية بفضل فوائدها فبها يحيا الإنسان و يتطوّر ، إذن الحرية تتضمن بالضرورة إنتاج المعارف و العلوم و الفنون و الأخلاق و العدالة. و بذلك لا حرية لمَن لا يصوغ المعارف العلمية و الفلسفية و الفنون و لا ينتج الأخلاق و العدالة. هكذا تنجح هذه المعادلة في التعبير عن أنَّ الحرية تتضمن بالضرورة الإنجازات الحضارية كالأخلاق و العدالة و المعارف و الفنون ما يعزِّز صدقها.
تنجح معادلة الحريالوجيا أيضاً في ضمان دورنا الفعّال في بناء الحرية. فإن كانت الحرية = إنتاج كل المعتقدات الإنسانوية الممكنة + إنتاج كل السلوكيات الإنسانوية الممكنة ، و علماً بأنه نحن مَن ننتج المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية ، إذن الحرية من صنعنا. و بذلك تطالبنا هذه المعادلة ببناء حريتنا من خلال صياغة كل المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية الممكنة فتضمن أن نكون فعّالين في إنتاج الحرية. من هنا ، تنجح معادلة الحريالوجيا في ضمان دورنا الفعّال في بناء حرياتنا.
تتضمن هذه المعادلة أيضاً أنَّ الحرية مشروع مستمر ما يضمن التطوّر الإنساني الدائم. فبما أنَّ الحرية = إنتاج كل المعتقدات الإنسانوية الممكنة + إنتاج كل السلوكيات الإنسانوية الممكنة ، و كل المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية الممكنة تتضمن المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية التي أُكتشِفت في الماضي كما تتضمن كل المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية في المستقبل و التي لم تُكتشَف بعد ، إذن تطالبنا هذه المعادلة بالاستمرار في البحث عن كل المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية التي لم تُكتشَف بعد و اكتشافها ما يجعل الحرية مشروعاً مستمراً معتمداً على عملية بحث دائمة عن كل المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية غير المعروفة لدينا ما يضمن بدوره استمرارية تطوّر الإنسان و حضارته من خلال اكتشاف تلك المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية التي لم تُعرَف سابقاً. هكذا تنجح معادلة الحريالوجيا في التعبير عن أنَّ الحرية مشروع دائم و تضمن التطوّر المستمر للإنسان و حضارته.
من نجاحات معادلة الحريالوجيا أنها أيضاً تعبِّر بنجاح عن أنَّ الحرية مسألة درجات فمن الممكن أن تزداد حرية الفرد أو تتناقص. فبما أنَّ الحرية = إنتاج كل المعتقدات الإنسانوية الممكنة + إنتاج كل السلوكيات الإنسانوية الممكنة ، و علماً بأنه من الممكن لنا أن ننتج معتقدات و سلوكيات إنسانوية ممكنة أكثر أو أقل ، إذن من الممكن لنا أن نكون أحراراً أكثر أو أحراراً أقل. و بذلك الحرية مسألة درجات قد تزداد أو تنقص. فمتى أنتجنا معتقدات و سلوكيات إنسانوية أكثر عددياً و تطوّراً إزدادت حريتنا و إلا تناقصت لأنَّ الحرية = إنتاج كل المعتقدات الإنسانوية الممكنة + إنتاج كل السلوكيات الإنسانوية الممكنة.
#حسن_عجمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحداثالوجيا و ما بعد الحداثالوجيا
-
الهويالوجيا فن القرارات الإنسانوية و الشخصية
-
الحقيقالوجيا فن الاحتمالات الممكنة
-
الحكمالوجيا و المعرفالوجيا
-
الفلسفالوجيا و الماهيالوجيا
-
المعادلاتية و الحقل المعرفي
-
المعادلاتية و تحليل الفلسفة
-
العقل الأنترنتي في مواجهة العقل المنطقي
-
الفلسفة المعادلاتية والثقافة والهوية
-
الفلسفة المعادلاتية و تحليل العلاقة السببية
-
الفلسفة المعادلاتية والقوانين الطبيعية
-
الفلسفة المعادلاتية و النظام السياسي المثالي
-
الفلسفة المعادلاتية و تحليل السلام
-
تصدق الأكوان
-
أنتظر الكلمات..
-
اللامساواة سبب الصراعات و الحروب
-
اللامساواة سبب الانهيار الاقتصادي
-
الفلسفة المعادلاتية و تحليل الحرية
-
الفلسفة المعادلاتية و تحليل الجمال
-
الفلسفة المعادلاتية و تحليل الفن
المزيد.....
-
عشرة قتلى في ضربة روسية على مستشفى في أوكرانيا
-
لبنانيون يهتفون باسم نصرالله عقب إعلان نبأ مقتله في غارة إسر
...
-
مصر: نراقب التطورات في -سد النهضة- ومخطئ من يتوهم أن مصر تغض
...
-
رئيس الوزراء الصومالي: الإجراءات الإثيوبية تشكل تهديدا خطيرا
...
-
مينسك: لن تنجح مشاريع التسوية السلمية في أوكرانيا بمعزل عن ر
...
-
وزير الخارجية المصري: التصعيد الإسرائيلي الخطير لا يعرف حدود
...
-
صفارات الإنذار تدوي في 6 مقاطعات أوكرانية
-
القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 101 مقذوف خلال 24
...
-
لافروف: قرارات الغرب حول استهداف العمق الروسي ستكشف مدى فهمه
...
-
انفجارات عنيفة تهز مدينة ديرالزور شرق سوريا
المزيد.....
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
المزيد.....
|