جلال حسن
الحوار المتمدن-العدد: 6940 - 2021 / 6 / 26 - 13:52
المحور:
الادب والفن
في المقهى لا مرشد لجلوسك غير المكان الفارغ
تجلس في مقهى لكي يطيب لك المكان استراحة درويش، أو لقاء عابر، وأحيانا في إعادة د ذكريات تالفة، أنت تدرك ان الذكريات لا فائدة منها، سوى اجترار الوقت في مضيعة، هذه المضيعة أكثر ضررا من الذكريات التي جرتك الى قاع مجهول سقطت فيه بلا دراية، وجعلتك تنظر الى الأعلى ولكن بلا فائدة، لكنك تعيد وتطيل مكوثك في المقهى، لأنك لن تخسر شيء طالما أنت في قاع خارج حدود المقهى.
تجلس في المقهى بلا موعد، ربما لكي تلتقي أصدقاء، وأصدقاء أصدقاء، وغرباء، وهذه المرة تنظر الى لاعبين طاولي وتعيد النظر في رمية النرد، وتدرك تماما ان اللعبة تشبه الحديث مع صنم أملس، كل شيء من زهر وخشبة مستطيلة لونها بني وأنت تنظر الى رزتها المقوسة، وكما تعرف ان رمية الزهر ضربة حظ، ولا فراغ على سطح الخشبة سوى ندوبا وحفرا تلعب جمعا أو مربعا، وحظك لا يبتسم حتى وان كنت غالبا. وخير الأمور أن تكون خاسرا.
في المقهى ثمة أشخاص يحملون وجوه متجهمة، وجوه صامتة، ومنعزلة، وجوه حزينة تحمل تجاعيد وحفر كثيرة، وتقاويم أيام كسولة، ولكن بعد ان تتعرف عليهم، تدرك أنهم من أطيب وألذ الناس وقلوبهم نقية وعذبة كأنها خليط من عسل وتين. هكذا تقول ذائقة السمع بأن صاحب اللحن أهم من صوت المغني وأهم من صانع الكلمات، ولكن حين يكون التكامل لحنا وصوتا وكلاما يصبح الغناء حكمةً،
لكل مقهى روادها ومحبيها وعشاقها، والسبب في ألفة المكان، والشعور بالأمان، والخلوة التي تتيح مساحة للانسجام في محيطها، وقد يكون التعود سببا للإدمان الكسول في اللا جدوى والضياع، وخير المقاهي من يرافقها كتابا أو غناءً أو صديق قديم يفرش الطاولة على صمته، وفي الصمت دلالة لكلام كثير.
ليس بالضرورة ان تكون المقهى موعدا، حتى وان كانت كذلك، وخير المقاهي من اكتضت بزبائنها، لكن الكثيرين يفضلون مقاهي قليلة الجلاس، وان المكان الفارع هو دليل الجالس.
#جلال_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟