|
المؤسسة الأممية والفراغ بين شرقين
أحمد زكارنه
الحوار المتمدن-العدد: 1638 - 2006 / 8 / 10 - 10:33
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
من نافلة القول: إن بلية الشعوب في ِهبات الحكام.. وحكامنا بالرغم من معاصرتهم كافة مراحل الصراع العربي الاسرائيلي لم يتعلموا شيئاً من أخطائهم المتكررة، فدائما ما يتأتى فعلهم كرد فعل متأخر على حدثٍ جلل، تاركين الساحة السياسية يملؤها الفراغ والاخرون حتى إن وقعت الواقعة، قالوا إن اللوم ليس علينا إنما على الاخرين. هذا الفراغ السياسي الحاضر دوماً في منطقة الشرق الاوسط، ليس وليد كل لحظة بلحظتها، إنما هو إرث ثقيل توارثته الاجيال جيلا بعد جيل، منذ الناصر صلاح الدين مروراً بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر وصولاً الى السيد حسن نصر الله. وحتى لا نذهب بعيداً في ندبنا على زعمائنا، لندخل في صميم القضية موضوع النقاش هنا، وهي قضية الفراغ السياسي الحاضر في منتطقنا، منذ غياب الراحل عبد الناصر اكثر الزعماء العرب في العصر الحديث قربا من الجماهير، ناهيك عن غزارته السياسية الرافدة للمشهد العربي في حينه. هذه القضية تعود بقوة كلما جد جديد في صراعنا الازلي مع الكيان اليهودي الغاصب لارضنا ومقدراتنا، ما يثبت أن الاحداث الدموية التى تشهدها المنطقة اليوم، هى إفراز طبيعي لفراغ سياسي احدثه تغيب زعماء الامة لقضاياها المركزية ولاسيما القضية الفلسطينية التي ُتِركتْ فريسة للامريكان والغرب يتحكمون فيها كما يشاءون. هذا الفراغ السياسي اغرى الأصوليين العرب على ملئه بفعل مضاد، تحت راية الجهاد ومجابهة الأعداء، في تلاق واضح مع مصالح بعض القوى الاقليمية، وهنا لا خلاف بيننا حول ضروريات المجابهة بالمقاومة والصمود، ولكننا يجب ان ندرك الخيط الرفيع الفاصل ما بين رفضنا لخنوع النظام العربي الحالي وسياساته وبين النزوع كليا إلى الإسلام الاصولي وإفرازاته. وللخروج من هذا المأزق كرد عملي على اطروحة الشرق الاوسط الجديد، نرى أن الحل بيد طرفين لا ثالث لهما.. أما الأول: فهو النظام العربي الحاكم بجامعته العربية، اذ بيده يكمن "إنْ توفرت الإرادة" إنتاج الفعل، ولا سيما أن الفرصة مواتية لإسقاط الشرعية عما يسمى بهيئة الأمم " الأمريكية " المتحدة، الوجه الأخر لعصبة الأمم، والإشارة هنا تأتي للنظر مليا في أسباب فشل الأخيرة. بمقدور النظام العربي الحاكم بفعل قرار من جامعة الدول العربية، ان يعلن عدم التعامل مع هذه المؤسسة الأممية المهيمن عليها أمريكياً، وإغلاق جميع فروعها في الوطن العربي، ولنأخذ درسا في هذا الصدد من فعل الأمريكي نفسه حينما طرح فكرة عصبة الأمم ولم ينضم لها، بل انكفأ على ذاته واهتم بتنمية بنيته الاجتماعية والسياسية، علما بأنه كان يتخذ من دول أمريكا اللاتينية " حديقة خلفية " كما كان َيْطِلُق عليها، للسيطرة على قرارات هذه العصبة حتى تاريخ استبدالها بالهيئة الأممية الحالية. على النظام العربي أن يبادر الى هذه الخطوة، خاصة ونحن نقرأ من واقع المشهد العالمي الحالي، ثمة توجه أمريكي لاستبدال هذه المؤسسة بأخرى إما آجلا أو عاجلا، للتحكم بها أكثر كنتاج طبيعي لوحدوية إستئثاره بمقدرات دول العالم أجمع. ثانيا: بإمكان النظام العربي الحاكم اليوم وبرغم ظروفه الاقتصادية الصعبة بحكم سياسة العولمة، والتي تحول دون دخوله في معركة مصيرية مع الكيان الإسرائيلي المُغتِصب للأراضي العربية، بإمكانه أن يعلن تجميد العمل بالاتفاقيات السياسية والاقتصادية الموقعة بين بعض الأقطار العربية ودولة إسرائيل، إضافة الى سحب جميع السفراء والقناصل والممثلين التجاريين العرب من الدولة العبرية، وطرد نظرائهم من العواصم العربية. أما الخيار الاخر فيكمن بيد الجماهير العربية مدعومة بالقوى والاحزاب الوطنية المحرك الفعلي للشعوب، خاصة وأن الجماهير باتت تضجر من سياسة الخنوع والقنوط في وجه الاستعلاء الاسرائيلي على العرب، وهي قادرة اليوم اكثر من أي وقت مضى على قلب كافة المعادلات المطروحة للمنطقة عبر الخلاص من النظام العربي الحاكم لانتاج ما اشرنا إليه سلفا كحد أدنى من الفعل. فالشرق الأوسط الجديد، مراد له أن يكون طائفياً.. إن لم نقرأ ذلك جيداً للخروج من المأزق، عبر العودة الى بعث روح القومية العربية من جديد لانتشال الامة الواقعة ما بين شرقين وتيارين أحلاهما مر، فإننا سنبقى في إعادة إنتاج التاريخ الذي أشار إليه ذات مرة ماركس بالقول إن التاريخ لا يعيد نفسه، فإذا أعاد نفسه فانه يكون في المرة الأولى مأساة وفي الثانية مهزلة.
#أحمد_زكارنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب المتلفزة والإدمان
المزيد.....
-
سوريا.. فيديو حراسة موكب أمير قطر بدمشق ولقطة مع أحمد الشرع
...
-
-سيفعلان ذلك-.. تصريح جديد لترامب عن مصر والأردن وخطة استقبا
...
-
الحوثيون على قائمة الإرهاب: ماذا يعني ذلك لليمن؟
-
بعد الدمار.. نازحون فلسطينيون يعودون إلى شمال غزة وينصبون خ
...
-
تحذير لمكاتب الكونغرس الأمريكي بعدم استخدام تطبيق -ديب سيك-
...
-
اليونان.. قرار بإزالة طوابق فندقية مخالفة قرب معبد الأكروبول
...
-
الصليب الأحمر يدعو إلى عمليات نقل -آمنة وكريمة- للرهائن
-
قنبلة نووية في متناول اليد!
-
السعودية.. فيديو يشعل تفاعلا لشخص وما فعله بمكان عام والأمن
...
-
-بلومبيرغ-: شركات العملات المشفرة تبرعت بملايين الدولارات لح
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|