أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - صهيل الشمس والصقيع














المزيد.....

صهيل الشمس والصقيع


عادل الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 6937 - 2021 / 6 / 23 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


مُنحنى الطريق تحيط به بناية عتيقة جديدة , يستخدم كراجها الأرضي مجاميع المتسولين ومُحتسي الخمر والمارجوانا المُشردين , ورغم الضرب المتواصل لصفارة الإنذار في تلك البناية تنظر المجاميع التي تتظلل تحت سقف الكراج من الثلج والبرد والشمس , تراها لا تتزحزح من حوافرها ! الخاسرون لا يفقدون شيئا في هذا المنحدر الحياتي , هل تخسر شيء ؟!
في الجانب الآخر ثمة " ستور " محل كبير لبيع الخضار والعصير واللبن وغيره .. في تواز آخر تنظر محل لبيع الخمور , كذلك يتحلق حوله المتسولون .. إن إكترثت لهم ووضعت بعض النقود في أيديهم أو لم أفعل سوف تظل الحال على ديدنها , وإن لم أفعل سوف تظل القيثارة تضرب في العزف الغير مُنتهي ..

في مُنحدر آخر , وعلى جدار لأحد الهوتيلات أو الفنادق تجد إمرأة في عُمر الثمانين تقريباً , تجدها وقد هدها الحشيش والكحول وهي تقول لشخص يقف قبالتها في نفس عمرها وتداعيها , تقول له : don’t hit me , لا تضربني , والواقع إنه لا يريد أن يضربها لأنه مهدود ولا يستطيع أن يرفع يديه .. قال لي أحد الأصدقاء : لماذا تنتبه لتلك الكائنات ؟ فقلت له : لا أعرف , هي هكذا تأتي الأمور !

على الضفة الأخرى ثمة كائنات تختلف جذرياً , على ضفاف النهر الطامي للعنبر العراقي والشعير , في الأفق الآخر , كائنات ترتدي سراويل قصيرة حيث الأفخاذ البرونزية والبيضاء والسمراء .. وخيوط تُعلق النهود لكي تشع على غروب الشمس الدامي .. لكن في ذات الوقت يبدو إنه قلقا , تستشعر القلق في تلكما العالمين المفسوخين عن التلاقي والحنين , لخلق نوعا من البهجة ..

ماذا تفعل ؟ ذهبت لسوق شعبي على ضفاف أحد الشطوط .. من غير المنطقي أن تلاحظ جل الأشياء من منظور قادم أو مُلفع بـ أفق غير مرغوب به , أفق سوداوي , لا بد أن تجد أو تخلق رهاناُ لعوالم تنفلق قبالتك للتعامل مع الحدث بجميع تلويناته : كان السوق عبارة عن : شماسات عريضة وباديات خضرة : طماطة وبرتقال وتفاح وكرنب وفلفل وباذنجان .. الآسيويون يرغبون الباذنجان : هل يطبخونه مثلنا ويخسرون الزيت في الطاوة .. في الطابق العلوي سوف تجد تُحفيات وأثواب تم تصنيعها في عوالم مجهولة وثمة إمرأة تستقبلك بترحاب مُفرط : هل هي ترغب في تصريف بضاعتها فقط , أم أن رُوحها جميلة لتلك الدرجة ؟ .. الأشياء تحدث في أي صقع في هذا العالم ولا تفهم طبيعته .. المهم هو أن تستمر أو أن يستمر الضخ على هذا النحو ..

هل الشط يستجيب للحيرة .. تتوجه للنهر , النهر الأشد غموضأً .. كيف تستجلي الغموض من الموج المُضمخ بالسرية ؟
تقف على الجسر المُشيد , يستجير النهر من عدوانيتك , الجسر في مفهوم النهر إنتهاك لخصوصيته , النهر يطمح للعوم , عوم البشرو والبط والسلاحف, العوم في مفهومه يعني تواصل مع الضخ الحياتي .. تقول له : لقد قتلت الكثير في هذا العوم البريء .. سوف يقول لك : وما الضير أو الغرابة : أنتم قضيتم حياتكم تقتلون , القتل عندكم عادة , أو سلوك ممتع تتجملون به !

تتوافد النساء من فوق الجسر .. تقول واحدة : الجسر هُنا ليس رومانسياً .. تقول لها : هي لحظة عابرة يا سيدتي .. فتقول : كلنا عابرين , لكن هناك جسراً فيه رومانسية رُبما تنسيك العشاء والجنس " .. إنفعلت وقلت لها : هل عندك إجرة باص لكي أطير لليلك الحالم الرومانسي ؟

الثانية كانت ترتدي بنطلون عريض وقميص فضفاض , همست بالقول : ليس هنا مكانك .. فقلت لها : مكاني ما مكاني , المساء مسائي وأنا سيد الموقف .. فقالت : لا أريد أن أسبب لك نغصا , لكن حاول أن تجد .. قلت لها : لا يبدو عليك ما أظن , فقالت كيف : , فقلت : يعني , ملابس فضفاضة ولا مكياج .. فقالت : مسمار في خصرك , فقلت : وهل أنا بحاجة لمسمارك فالمسامير تتوغل منذ كنت في لفة الله.. هو مجرد تداعي لواقع سخيف .. ومع ذلك أتبع خطاك رغم قناعتي بسخافتة ما تبوزين به !

أخرى في مسامير أو مُعلقات من نوع آخر في حلقها وخشمها , هل تُسمى الكوث أو الخوث , لا أعرف .. تنطعت عبر الجسر .. فقالت : الليل .. الليل ليس بعيد .. إنجعضت وضحكت وقلت : لا أعتقد أنك من المُهتمين بالليل .. فقالت : بالفعل , لا يُوجد لا ليل و نهار , الذي يهمني أن أنال رغبتي .. طيب , هل رغبتك مقرونة بجيبي , فقالت لا , إنما بالنهر الذي يغشي بصرك .. فقلت لها : النهر قد قتل ليلي ونهاراتي في سنين العمر عندما قتل ذلك الشط البعيد الغلمان من فوق جسر شط الشطرة الخرافي !

حينها تركت الجسر والشط ورجعت أداري حسرات المتسولين على بوابات محلات التسوق والخمور ..



#عادل_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن بروتوكولات الكاظمي مرة أخرى
- - بوتين - يُثير الضحك في توصيفاته عن بايدن وترامب !
- التحكم الإيراني في العراق
- هوامش عن :- محاكمة كافكا -
- خراتيت السياسة العراقية
- عن نوال السعداوي
- الناصرية تنزف !
- إحدى حكايات الديانات المُنحظة : التعميد المسيحي
- ماذا يُريد منا ملك ساسان - خامنئي - ؟
- هل يُوجد طب بيطري في استراليا
- الصهيونية والطربوش والعِقال
- متلازمة عقدة النقص عند عبد الخالق حسين
- عندما لا تعشق فأنت تنتمي لجنس الديناصورات
- عراق الصدرين , وكأننا قدمنا من الهند أو الصين!
- تذكرت - طروب - فقادتني إلى - عبد الفتاح السيسي - !
- الكاظمي بروتوكولي على هيئة ياسر عرفات
- هل السيسي مثقف ؟
- يخاف من إيران يروح يسوي معاهدة مع إسرائيل !
- لا بد ان تقول شيئا عن - سعدي الحلي -
- عبقرية وزارتي النقل والصحة العراقيتين !


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - صهيل الشمس والصقيع