أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - العقلُ والمادة … وعقابُ المرايا














المزيد.....


العقلُ والمادة … وعقابُ المرايا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6937 - 2021 / 6 / 23 - 13:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



ثمّة مذهبٌ سيكولوجي، أو مزعم، اسمه "Mind over Matter". بما يعني قدرة العقل البشري على التحكّم في المادة. الموجوداتُ من جماد وعناصر، وحتى القيم المجرّدة، تغدو تحت سيطرة العقل، بعد إخضاعها لعمليات معقدة من التركيز الشديد. أجرى قسمُ علم النفس بجامعة أوتاوا تجاربَ لدراسة تلك الظاهرة وخرجوا بنتائج طريفة مثل النجاح في إخضاع حجر النرد وإجباره على السقوط على وجه معين حدّدوه سلفًا. يُطلب من المشاركين التركيز بشدة على رقم ما، وكتابته على ورقة قبل رمي النرد، وبتكرار المحاولة استطاع بعضهم بالفعل تجاوز نسبة المصادفة وقانون الاحتمالات، واستطاعوا رميه على الوجه المطلوب. وقال بروفيسور "فرانسيس باو" المشرف على التجارب: كلما زادت ثقةُ المرء بالفوز حقق نسبةَ نجاح أعلى.
وكثيرة هي الحكايا التي قرأناها حول أناس يحركون الأكواب والصحون بعيونهم بمجرد التحديق فيها والتركيز في خلاياها ثم أمرها أن تتحرك. فتتحرك. ولم يقل العلمُ كلمته النهائية حول الأمر. وأظنه لن يفعل؛ لكي يظل الغامضُ غامضًا ومثيرًا. لكن العلم يقول إن تفاعلا كهربائيا يتمُّ في خلايا الدماغ، في حالات الانشغال الذهني العميق والتركيز الحادّ، فيخلق مجالا مغناطيسيًّا بوسعه أن يؤثر على الإلكترونات في المادة موضوع التركيز. ومن ثم يبدّل فيها وفي تركيبها وطاقتها. بل إن ثمة نظرية تذهب إلى أن ظاهرة "الحسد" تتم على هذا النحو. حيث شعاعٌ كهرو-مغناطيسيّ يخرج من عين الحاسد إلى المحسود فيجعله يزلُّ أو يقع. أو يموت!!
وفي الحقل الفلسفيّ، وربما الإبداعي، يتقاطع هذا الأمرُ مع رواية "الخيميائي" للبرازيليّ "باولو كويللو" حين حدّثنا على لسان سانتياجو قائلا: "إذا آمن الإنسانُ بحُلم ما إيمانًا عميقًا، تآمر الكونُ كلُّه من أجل تحقيقه”. وقبله قال الشاعر الأمريكي "رالف أميرسون”: "إنَّ العالمَ يُفسح الطريقَ لمن يعرفُ إلى أين هو ذاهب.” والأمر ذاته شهدناه في فيلم مصري عنوانه "أنت عمري". حيث حبيبان مصابان بسرطان الدم. راقصةُ باليه شابة تحلم بالرقص مع فرقة البولشوي الروسية، ولم تتمن في أيامها الأخيرة سوى أن تموت فوق خشبة المسرح. حلمها كان قويًّا وإيمانها بتحقيقه حاسمًا. بينما حلمُ الشاب بالشفاء ضعيفٌ، فكان كمن يستدعي الموتَ لكي يُسرع خطاه. فوق جسر النيل قالت البنتُ: "أتمنى أن تمطرَ السماءُ الآن لنركضَ تحت زخّات المطر!” وأمطرتِ السماء بالفعل رغم الصيف. ورقصت مع البولشوي. لكنها لم تمت فوق خشبة المسرح. لأنها هزمت السرطان وأكملت حياتها. ومات حبيبُها الذي لم يعرف كيف يحلم، وكيف يثق في حلمه.
اِشْتُقّ من مذهب "العقل فوق المادة" مذهبٌ آخر هو "Mind over Mind”، العقلُ فوق العقل. وهو طريقة للتغلّب على صعابنا بنفيها من دائرة الدماغ. فماذا لو أنك مُعسرٌ وتثقلك الديون؟ اقنعْ نفسَك أنك أثرى أثرياء العالم ولا تعرف فيم تنفق أموالك. الأمرُ أبعدُ خطوةً من أحلام اليقظة، وأقل خطوةً من الفُصام. شيءٌ يشبه اليوجا الذهنية التي تجعلنا نصدق أحلامَنا. فتتحقّق. شيء كهذا قاله "فرانسيس بيكون" قبل أربعمائة عام: "إن المرءَ سوف يصدّق ما يودُّ له أن يتحقق". وهذا ما يجعل كلَّ إنسان متحمّسًا جدًّا لأفكاره ومعتقداته وربما أوهامه ولو لم تكن صحيحة. مثلما صدّق سجناءُ كهف أفلاطون أن ما يرونه على الحائط هو العالمُ الحقيقي ذاتُه ببشره وحيواناته وأشجاره، في حين لم تكن سوى خيالات وظلال وأوهام.
كلَّ ليلة قبل أن أخلد للنوم أنظر في مرآتي. ليس بهدف تجميليّ، بل هي ساحة المحكمة خاصتي. لو ارتكبتُ خلال يومي خطأ ما، أرى في المرآة وجها تعسًا. والعكس لو أتيت فعلا طيبًا أثناء النهار. عندي قصيدة قديمة عنوانها "ثقوبٌ تشكيليةٌ لا تغضبُ المرآة" تطرح الأمر بالتفصيل دون مجاز. بل هو واقعٌ عملي وعلميّ بحت. لأن جمالَ السلوك ينعكس بالفعل على الملامح فنرى أنفسنا جميلين بقدر ما أتينا من جمال وبقدر ما أحببنا الناس. والعكس. ولأنني أرتعبُ من عقاب المرايا أفكرُ كثيرًا قبل الإقدام على حماقة قد تفسد ليلتي بعدما أطالع قبل نومي وجها لا أحبُّ مرآه. رغم هذا، الحماقاتُ لا تنتهي! “الدينُ لله والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقليدُ والابتكار … القطارُ والطيارةُ الورق
- سبعُ سنواتٍ من تحقيق الأحلام العصيّة
- شارعٌ: شهيدُ الكلمة فرج فودة
- شجرةٌ … وأربعُ عيون
- الرئيسُ السيسي … داعمًا الرحلةَ المقدسة
- -راعي مصر للتنمية- … أحدُ قلوب مصر الخافقة
- بقشيش الإنسانية … نجيب زاهي زركش
- سمير غانم … بهجةُ الحيّ الشرقي
- بناءُ الإنسانِ المصريّ الجديد
- أشرف عبد الباقي … فنُّ إتقانِ الأخطاء!
- في عيد الفطر المبارك … مَن يغنّي للعيد؟
- بنو صهيون … والمسجد الأقصى
- شم النسيم … عيد ثقافة الحياة
- قالها الرئيسُ/ السيسي: تصويبُ الخطاب الديني
- الرقصُ ... بجناح مكسور
- نصومُ رمضانَ … ونجدلُ السعفَ ... لأننا نحبُّ
- أعطني هذا الدواء!
- ثكنة -رابعة- الإرهابية… لكي لا ننسى!
- شريهان ... فراشةُ البهجة ووهجُ الحياة
- المحبةُ المنثورةُ على وجه رمضان


المزيد.....




- المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات ...
- أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم. ...
- كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك ...
- الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق ...
- فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ ...
- نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
- عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع ...
- كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
- آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
- العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - العقلُ والمادة … وعقابُ المرايا