|
لميعه عباس عماره --- رائدة الأدب العراقي
عبد الجبار نوري
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 6936 - 2021 / 6 / 22 - 14:22
المحور:
الادب والفن
لميعة عباس عمارة ---رائدة الأدب العراقي الحديث عبدالجبارنوري تحية لشاعرة الأحاسيس والوجدان ، ما أرق كلماتها وما أعذب معانيها ، أشعارها سردية ناعمة مخملية الصيرورة وستبقى عصيّة الأستنساخ بدوام أبداعها وتميّزها في صنع سلالم الحروف البهيّة ، وأشعارها منظومة لئالئ مطابقة لما قالهُ الشاعر الأنكليزي " أليوت عن الشعر الجيد : (الشعر الجيد هو قد يبلغ القلب قبل تمام الفهم ) . عراقية عفوية جميلة جداً بجمال عراقي أخاذ قبل (موظة )عمليات التجميل، تراكيبها الوراثية تعود إلى المرأة السومرية البابلية ، أنوثة وثقافة وأبداع ، فهي حقاً رائدة الشعر العراقي الحديث ، توفيت لميعة عباس عمارة صباح الجمعة 18-6-2021 ، وفاة لميعة خسارة لكل من عرفها من العراق والعالم العربي ، حصلت على الكاريزمية الشخصية مبكرا وستبقى ذكراها في وجدان من عرفها شخصيا وعبر أشعارها وبحوثها ودراساتها الثرة . وأن لميعة أحدثت أنقلاباً واضحاً في الشعر لكونها أكدت على مفهوم الحرية وكانت صوتأ للمرأة ، وكانت جريئة جدا في تناول المرأة (كذات)؟! ، تحدت التقاليد وأستثمرت جرأتها وتحديها لذكورية المجتمع وتسيده وتنمره على حقوق المرأة . ولدت لميعة عباس عمارة لعائلة عريقة مشهورة في بغداد سنة 1929 ، وجاء لقبها العمارة من والدها ، والعمارة مدينة جنوبية متشاطئة مع لجة التأريخ والميثيولوجية ، تركبت شخصيتها من طين الرافدين بجذور سومرية ، أوغلت في التبغدد بحياة مترفة تميل دوماً إلى الدعة والأنبساط . ودرست في دار المعلمين العالية فرع اللغة العربية في هذه الدار كانت فرصة ثمينة لمعايشة ورفقة قامات ثقافية وشعرية في مواكبة حركة الشعر الحر الحديث فكان منهم الشاعر بدر شاكر السياب الذي وضع لميعة في قصيدته ( أنشودة مطر ) التي مطلعها : عيناك غابتا نخيل ساعة السحر أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر فكانت صداقة زمالة بريئة كما حكت لميعة للروائية " أنعام كججي " . فكانت شاعرتنا طاقة مثابرة لا تهدأ فقد شغلت عضوية الهيئة الأدارية أتحاد الأدباء في بغداد خلال الأعوام 1963 – 1975 ، وتولت نائب الممثل الدائم للعراق في منظمة اليونسكو في باريس بين عامي 1973 – 1975 . فقد تركت ورائها مجاميع شعرية تحوي تجاربها الثرة والثرية في الحياة والشعر في دواوينها هي : الزاوية الخالية 1960 ، عودة الربيع1963 ، ويسمونه الحب 1972 ، أغاني عشتار 1969 ، لو أنبأني العراف 1980 ، البعد الأخير 1988، أنا بدوي دمي . وها هي تغرد وتصدح في قصيدتها المشهورة من ديوان "لو أنبأني العراف " وهو الديوان الوحيد في مكتبتي المتواضغة : تقول في لو أنبأني العراف ! بصوت رومانسي مرهف في الشعر العراقي إنك يوماً ستكون حبيبي لم أكتب غزلا في رجل خرساء أظلّ لتظل حبيبي لوأنبأني العراف إني سألامس وجه القمر العالي لم ألعب بحصى الغدران ولم أنظمّ من خرز آمالي . لميعة عباس عمارة شاعرة الرومانسية العراقية – وهي تقول : أتدخنين ؟! لا--- أتشربين ؟! لا--- أترقصين ؟! لا --- ما أنت جمع لا----؟! أنا التي تراني كل خمول الشرق في أرداني فما الذي يشدُ رجليكِ إلى مكاني يا سيدي الخبير بالنسوان إن عطاء اليوم شيَ ثاني حلق ؟! فلو طأطأت---- فلن تراني وتقول في ديوانها الموسوم ب " عودة الربيع " مرحى ومرحى يا ربيع العام أشرق فدتك مشارق الأيام بعد الشتاء وبعد طول عبوسه أرنا بشاشة ثغرك البسام وأبعث لنا أرج النسيم معطراً متخطرا كخواطر الأحلام وفي قصيدة على شواطئ الأطلسي تقول : من غرفتي أحكي عن الحب أنا وعن هوى لم ألمسِ كفيلسوف يصف الخمر التي لم يحتسي عانت وشربت من الغربة ومنافيها حد الثمالة حيث تناءى الدرب وأنشق إلى نصفين جدار الروح نصفين فنصف تاه في أروقة الغربة والنصف أسير بين نهرين ومع معاناة هذا الوجع تردد : وما أجمل هذا الأسر وما أحلاه لو كنا على ضفته نرتاح يومين نرتاد مقاهيها ونمضي للأخلاء أربع وعشرون عاما في أمريكا لم تغيّر منها تلك السنون شيئاً ، فهي لم تشعر يوماً بالأنتماء غير أنتماء العراق الحبيب ، فقد كانت فتاة في أوج شبابها بيضاء البشرة تمطر حسناً ورقة ودلالاً، كأنها الرشا المتوثب النفور وفي أنثيالات شعرها الخمري المسدول لمعة يا لميعة ، كانت رسالتها بسلاح الشعر في نشر المحبة والسلام لا الكراهية الفوقية البغيضة ، ستبقين في ذاكرة التأريخ بصمتك شاخصة وعميقة ، يبدو لي كأنك متسابقة التي لا تبارى فأنت أميرة العبق وأنت يا أنت نوارة الحرف وماهية المعاني وألق الحرف وصيرورة الزمكنة . لك منا محبة تليق بنقاء روحك وصفاء قلبك وجمال حضورك المترع ، كنت ولا زلتِ مشعل نور متوهج بالعطاء ، وأنت أيقونة الثقافة والأنسنة ، دواوينك نصوص من الروعة ما يقول هل من مزيد ؟ يتجلى فيها جمال الرؤى وعبق الفكرة وشغف الأنهمار حيث تأتلق فيها لغة الأبداع مقرونة بشذى التمييز ، وناضلتِي ضد تصحر القلوب التي لا يفيد معها التنقيط ، ووجدتكِ دوماً مع أشاعة فلسفة الجمال الذي هو سر أنقاذ البشرية كما يعتقدونهُ الفلاسفة . ورثاها بعض من القامات الأدبية والثقافية والأعلامية في السويد نعاها الرئيس العراقي برهم صالح : نودع الشاعرة الكبيرة لميعة عباس عمارة في منفاها ، ونودع معها أكثر من خمسة عقود من صناعة الجمال . ورثاها الأديب جاسم المطير : رحلت الشاعرة الرقيقة بنت دجلة والعراق ، ويبقى شعرها برقته وجماله وحبه للعراق خالدا . ونعاها الأعلامي الدكتور سلام قاسم : لميعة عباس عمارة في ذمة الخلود بمطلع قصيدة لها تأكد هويتها العراقية ( هلا ) و(عيوني ) بلادي رضاها/ بلادي ويملؤني الزهو / أني لها أنتمي وبها أتباها . ورثتها الأديبة والشاعرة " رفيف الفارس " : هُدم اليوم عمود كان سنداً لتهجداتنا وغابت أشرعة الجمال ، يا لمعة الشعر والجمال والأنوثة والرقة ، يا نصا من أساطير سومر وبابل . رثاها بوجع الشاعر الأعلامي التقدمي " فالح حسون الدراجي : ماتت نخلة البرحي وترمل بستان الشعر ، قارورة عسل الشعر تهشمت في ثمالة هذا الليل المترع بخمرة الجمال . وهكذا حال الدنيا : العابرون لا يتكررون والراحلون لا يعودون ربما --- ربما القادم أجمل ؟؟؟!!! الأديب عبدالجبارنوري في 20/6/2021
#عبد_الجبار_نوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروع الدكتور سمير أمين المعرفي /ونظريته في الأقتصاد - التطو
...
-
كارل ماركس --- ---- والحركة النسوية؟!
-
جورج أورويل ------ متنبي الغرب؟!
-
حقاً إنّ يوسف أدريس تشيخوف العرب
-
نجيب محفوظ ----- ملك الرواية
-
الأقتصاد العراقي إلى أين !؟
-
الواقعية السحرية في رواية -بيت الأرواح - لأيزابيلا الليندي
-
سايكولوجية البنية السردية لرواية ---- وكر السلمان - للروائي
...
-
مشروع ميناء الفاو الكبير----- وأضطراب مؤشر البوصلة!؟
-
ملحمة -الأنياذة - للشاعر فيرجيل
-
بيوغرافيا الحكايات الفنتازية لكتاب أبن المقفع - كليلة ودمنه-
-
الأدباء مهندسو النفوس البشرية----- مكسيم غوركي
-
الخدمة القهرية ----هلوسة في زمن الأفلاس ؟!
-
أمنح شعبك ثورة قبل أن يثور عليك - ماوسي تونغ ؟!
-
أتفاقية خور عبدالله - المذلّة - --- تنازل جديد للأطماع الكوي
...
-
ملحمة - أربعينية - الحسين ( ع) بُعدُها التربوي والعقائدي الس
...
-
من مخرجات نظام التفاهة ----الأختفاء القسري
-
المعطيات السلبية للشركات الأمنية الأجنبية في العراق
-
أضواء على رواية - عصفور من الشرق - لتوفيق الحكيم
-
لماذا يجب أن نقرأ للروائي الروسي - ديستوفيسكسي - ؟!
المزيد.....
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|