أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - أكلو اللوتس Lotus Eaters















المزيد.....

أكلو اللوتس Lotus Eaters


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6935 - 2021 / 6 / 21 - 18:31
المحور: الادب والفن
    


اللورد ألفرد تينيسون
ترجمة محمد عبد الكريم يوسف

هنا الموسيقى الهادئة التي تتدفق بنعومة،
مثلَ وريقات الوردد على العشب،
أو ندى الليل على مياه ساكنة ،
بين جدران غرانيتية ظليلة تتلألأُ ،
تمرر موسيقى تفترشُ الروح،
أرق من جفون ناعسة فوق عيون متعبة،
موسيقا تجلب النوم اللذيذ ،
من السماء المباركة،
يعشعش الطحلب البارد عميقا
ويزحف بينه اللبلاب
وتزرف الزهور المورقة ،
دموعها في الجدول المنساب،
ويتمايل الخشخاش الأحمر نعسانا
بين شقوق الصخور.
***
لما تنوء ظهورنا بالأحمال؟
لما يسحقنا الضيق الشديد؟
وكل ما حولنا خال من الهم والغم.
كل شيء يخلد للراحة،
لما نكدح وحدنا؟
نكدح، نحن في طليعة الكادحين،
ونتوجع للأبد،
ننتقل من حزن إلى حزن أخر،
ولانطوي الشراع ولا نتوقف عن التجوال،
ولا نغمض الجفن لننعم بالنوم المقدس،
ولا نصغي لأغنيات الروح الداخلية،
"لا سعادة إلا في السكينة"،
لما نكدح جميعا
من القاعدة إلى رأس الهرم؟
***
انظروا ! في عمق الغاب
يستدرج النسيم العليل
الأوراق المطوية على الغصون و يغويها
تتفتح هناك وتخضر ، لا تبالي:
تمتص أشعة الشمس عند الظهيرة،
وترشف الندى في الليالي المقمرة،
ثم تصفر وتسقط ، وتطفو عائمة في الهواء.
انظروا ! تلك التفاحة الناضجة،
لقد أشبعتها شمس الصيف حلاوة،
تكورت وتدورت وأينعت وسقطت
في ليل خريف ساكن.
وتمضي الأزهار حيث قدر لها،
تنضج في مكانها، ثم تذوي
تزهو وتخبو ، ثم تذبل بلا عناء
وجذورها راسخة عميقا في التراب الخصيب،
***
كريهة تلك السماء الزرقاء الكالحة،
عاقدة حاجبيها فوق ذاك البحر القاتم الزرقة،
الموت نهاية كل حياة،
علام تكون الحياة كدحا؟
اتركونا لوحدنا،
هذا الزمان يعدو كالمسعور،
وسرعان ما نطبق شفاهنا،
اتركونا لوحدنا،
من ذا الذي يدوم؟
ينتزع منا كل شيء
ويصير مضغة من ماض مهول.
اتركونا لوحدنا !
أي متعة نجنيها من محاربة الشرور؟
وهل هناك من راحة أو سلام؟
ما فائدة ركوب الموج العالي يوما بعد يوم؟
لا بد لكل شيء أن يستريح،
وينضج ويذبل ثم يمضي إلى لحده في سلام،
يشب وينضج ثم يذوي ثم يستكين
هات أعطنا راحة بال طويلة،
هات أعطنا موتا،
موتا خفيا مظلما ، أو رغد عيش حالم.
***
كم كان لطيف أن نسمع خرير الجدول المنساب
بعيون نصف مغمضة، تبدو تغط في الكرى،
نصف حالمة!
لنحلم ونحلم ونحلم
مثل ذلك الضياء البهي
الذي لا يغادر تلك الشجيرات،
هناك في الأعالي.
لنسمع ما نثرثر به من همسات،
ونلتهم اللوتس يوما بعد يوم،
لنرقب الأمواج تعصف بالشطآن،
وخطوطها الواهنة المتعرجة،
بزبد رذاذها .
لنعير قلوبنا وأرواحنا لسطوة كآبة رقيقة،
لنتأمل ونطيل التفكير ونعيش الذكرى من جديد،
ذكرى رفاق الدرب التي عشناها في الصغر،
كرابية معشوشبة،
وقبضتين من رماد أبيض،
في جرة محكمة الاغلاق،
مصنوعة من النحاس الأحمر.
***
غالية الذكريات التي تربطنا بزوجاتنا،
غال عناق زوجاتنا الأخير،
والأغلى دموعهن السخية،
لقد طالت يد النسيان كل شيء
وهذي مواقدنا قد بردت،
و لا بد أن أولادنا قد ورثونا،
واستحالت نظراتنا غريبة منسية،
لو زرناهم من ساعتنا
لصرنا كأشباح تعكر صفو المسرات.
ويأكل أمراء الجزر الباسلون خبزنا،
وأمامهم ينشد المنشدون
قصص حرب طروادة التي استمرت عشر سنين،
يروون بطولاتنا كقصص منسية،
هل هناك أدنى ارتباك في هذه الجزيرة الصغيرة؟
دع ما تحطم على حاله،
فالآلهة لا تغفر بسهولة،
وصعب أن يعود ما اختل إلى صفوة حاله،
هناك فوضى...أشد فتكا من الموت نفسه،
هموم فوق هموم....وألم فوق ألم...
كدح طويل حتى تشيخ النفوس،
وشقاء موجع لقلوب قرحتها الحروب،
وعيون أعشاها طول التحديق
إلى النجوم الهاديات.
***
نتكئ على أسرة مصنوعة من عشب خالد
لا يعرف الذبول،
وتحلو لنا الأنسام الدافئة التي تهدهدنا ،
تحت غطاء سماء عميقة مقدسة،
لنرقب بأعين ذابلة
ذلك النهر الطويل الرقراق،
يجري ماؤه على مهل،
من التل الأرجواني.
لنصغي للأصداء الندية
وهي تتجول من كهف إلى كهف،
بين الكروم الأنيقة الملتفة،
لنرقب الماء الزمردي الصافي
يهوي بين أكاليل الأغصان كالضفائر
تسلب الألباب،
لنصغي ونرقب البحر المتلألئ البعيد،
حسبنا أن نصغي ،
ونحن نستلقي تحت ظلال الصنوبر،
***
يزهر اللوتس حول القمة الجرداء،
يبرعم اللوتس عند كل جدول متعرج،
وتصبغ الأنسام النهار برمته،
تتنفس في نغم متآلف،
من كل فج عميق وشعاب متوحدة،
وينثر اللوتس غباره الأصفر حول التلال .
***
كفانا ما لاقينا من حروب وحراك،
ومن تقلب الأبطال الميامين ، ومن تقلب الحظوظ،
حين يفور الموج ويرغي ويزبد.
حين يبصق مسخ البحر المخيف
نوافيره من زبد غاضب،
لنقسم من ساعتنا، ونحفظ القسم بعقل رزين،
أن نعيش بأرض اللوتس المهجورة،
وأن نضطجع ونتكئ على الكثبان،
معا كما يفعل الأرباب الذين لا يبالون بالبشر،
يستلقون وفي إيديهم رحيق الخلود،
بينما تسقط السهام الصواعق من تحتهم في الوديان،
ويغمر الغمام في رفق
منازلهم الغارقة في الضياء.
***
يبتسمون في أعماقهم،
ويرمقون من عل البقاع الجرداء،
والجوع والطاعون والأوبئة والأفات،
والزلازل ، والحروب الطاحنة ، والمدن المحترقة، والسفن الغارقة، والأيدي المتوسلة،
يبتسمون، ويطربون لنغمة عذبة،
يلقونها في لحن حزين يجيش في الخاطر ويعلو في عويل أو بكاء،
وقصة وعظ عن خطيئة موغلة في القدم
حكاية خرقاء جزلة الكلمات،
ترددها سلالة بائسة من البشر،
يفلحون الأرض ، وينثرون البذور،
ويحصدون الغلال في شقاء راسخ دائم،
يخزنون عاما بعد عام حصصا قليلة
من قمح وزيت وخمر ،
حتى تأزف الآزفة، ويعاني
بعضهم - كما قيل-
عذابا أبديا في قعر الجحيم.
ويلحق بعضهم بالفردوس،
ويريحوا أطرافهم المتعبة
على أرائك من زنبق.
***
النومُ ألذ من الكدِّ والشقاءِ ،
هذا أمر مؤكد مؤكد.
والحياة في الساحل أحلى من الكدح بعرض البحر العميق والموج الهادر،
استرخ يا أخي البحار، استرخ
لن نتحرك بعد اليوم.
***
العنوان الأصلي:
Alfred, Lord Tennyson, The Lotos-eaters ,2021.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرض الأحلام
- إلى النيل ، جون كيتس
- وبيده وردة حمراء
- معجزة الافطار
- شحرور بعينين زرقاوين
- فيزياء إدارة المعرفة
- الابتكار ومفاهيمه
- التقدم في السن، ماثيو أرنولد
- روميو وجولييت بين شكسبير وتشايكوفسكي
- أمريكا ، ألان جينسبرغ
- نفس القصص أما الوجوه فمختلفة
- من مفكرة شهيد
- وعد بلفور
- بديهيات
- أيتها العذارى ! حاملات المطر
- السحب الخالدة - اوريستوفانيس
- المهرج
- أغنية عن جرة إغريقية ، جون كيتس
- بعدي فلا نزل القطر
- لغز، جاك بريفرت


المزيد.....




- مصر.. ضجة إثر سؤال محير في امتحان اللغة العربية بالثانوية ال ...
- ???????فن الشارع: ماريوبول تتحول إلى لوحة فنية ضخمة
- لوحات تشكيلية عملاقة على جدران الأبنية المرممة في ماريوبول ( ...
- تجليات الوجد واللوعة في فراق مكة المكرمة ووداع المدينة المنو ...
- الا.. أولى حلقات مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني مترجمة للعربي ...
- “فتح بورصة الجزء الثاني”.. تابع أولى حلقات مسلسل قيامة عثمان ...
- أغاني ومغامرات مضحكة بين القط والفار..تردد قناة توم وجيري ال ...
- الكاتب الروائى (خميس بوادى) ضيف صالون الثلاثاء الأدبى والثقا ...
- فيديو: أم كلثوم تطرب الجمهور في مهرجان -موازين- بالمغرب
- ما هي حقيقية استبعاد الفنان محمد سلام من جميع الأفلام السينم ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - أكلو اللوتس Lotus Eaters