|
إسرائيل الخاسر الوحيد من الحرب
حبيب هنا
الحوار المتمدن-العدد: 1637 - 2006 / 8 / 9 - 07:04
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في الواقع رغم الضربات التي تلقاها حزب الله والدمار الذي لحق بلبنان ومرافقه وبنيته التحتية على اختلاف أنواعها، يجمع الخبراء في ميادين الحرب ومعظم المحللون السياسيون الذين أضم صوتي لصوتهم، أن حزب الله بات من المؤكد خروجه من هذه الحرب أقوى وأشد صلابة وأعمق تجربة وإفادة مما دار ويدور على جبهات المعارك، ربما ليس بشكل فوري ومباشر، ولكن على المدى المتوسط بحيث أضحى كرمز سياسي الوحيد القادر على التصدي لإسرائيل وتحدي أمريكا ومن ورائها، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار وقوفه في وجه المخطط الذي يستهدف صياغة البنية التركيبية للمنطقة العربية برمتها، بل وأبعد من ذلك، تمكنه من إفشال معظم الخطط حتى هذه اللحظة، الأمر الذي يؤكد قراءته للواقع المتحرك وقدرته على التعاطي معه بما ينسجم وتحقيق انتصار المقاومة، ليس فقط على مستوى الساحة اللبنانية فقط، بل والفلسطينية أيضاً على طريق جعل السلوك المقاوم مثلاً أعلى يحتذى به في مختلف الأقطار العربية التي عانت جماهيرها من حالة القمع على أيدي حكامها وكبحت بالتالي أي تحرك معادي للإمبريالية، مما صادر الأحلام والآمال بإمكانية التطور والتمتع بالمقدرات القومية لهذه الأقطار. وليس أكبر بلاغة من هذا القول، الذي تمخض عنه اتساع التأييد العربي والعالمي الجماهيري منه، وحشية الحملة العدوانية وحجم الدمار الذي طال أكبر قدر من مؤسسات المجتمع المدني والبنية التحتية من جسور ومطارات ومستشفيات..الخ، في حين أقل الخسائر وقعت في صفوف حزب الله وترسانته العسكرية التي أثبتت عن حق قدرتها على ضرب العمق الإسرائيلي وإصابة النخاع بشلل، حال وما يزال أمام الادعاء بتحقيق النصر الذي غدا معه ارتفاع الأصوات داخل الكيان الإسرائيلي بضرورة وقف الحرب والدمار، مؤشراً واضحاً حتماً سيتصاعد يوماً إثر يوم، ليس لأن ما يتعرض له لبنان غير مبرر أخلاقياً كما يحاول تصويره البعض، بل لأن حجم رد الفعل وتعطيل الحياة الداخلية وبقاء أكثر من نصف مليون مستوطن داخل الملاجئ، فضلاً عن رحيل عشرات الألوف إلى مناطق الجنوب بحثاً عن مكان آمن لا تصل إليه صواريخ حزب الله، كلها عوامل بات من الضروري معها الإسراع في إنهاء الحرب بغض النظر عن النتائج، باعتبار أن ما سيؤول إليه الأمر أكثر خطورة في اللحظة الراهنة من استمرار الحرب، علماً بأن هناك أصوات مؤثرة ترى عكس ذلك تماماً، بحيث تتعامل مع المسألة من زاوية: إذا لم نتمكن من القضاء على حزب الله الآن وخلال هذه الفرصة التي تغطيها أمريكا دولياً بشكل جيد، لن نتمكن من القضاء عليه لاحقاً، بل وسيصبح حزب الله الحزب الأقوى على المستوى العربي وبالتالي يمكن له تعطيل أي من المشاريع من خلال خوف القادة العرب من عدم رضاه عنها. ومن الملاحظ، أن لهجة أمريكا بدأت تأخذ منحى آخر لم يكن قائماً في البداية، ومرد ذلك إلى الخوف من إطالة أمد الحرب. في ظل تفاقم الوضع داخل العراق الذي تلتزم فيه الشيعة حتى الآن الحذر وعدم التعرض بشكل فعلي للقوات الأمريكية، الأمر الذي سيعطل المشروع الأمريكي في العراق ويلحق الهزيمة الأكيدة في صفوف قواتها، غير أن هذا التغيير لا يبرر عدم سعي الإدارة الأمريكية إلى إنهاء حالة الحرب بما يكفل ماء الوجه إلى حليفتها إسرائيل، اللهم إلا إذا أرادت التخلي عنها، وهذا غير وارد في أي حسابات. وأما حزب الله الذي يعرف المعادلة جيداً ويتصرف على ضوءها، فقد جهز نفسه منذ زمن على دخول معركة طويلة لا تقدر إسرائيل على تحمل تبعاتها من إغلاق مصانع ورحيل المستوطنين وبقاء جزء منهم داخل الملاجئ وما يترافق معه من تعطيل للحياة العامة التي لم تتعود إسرائيل عليها في أي يوم من الأيام. وعليه، إن بقاء أولمرت ووزير دفاعه اللذين خفت وتيرة لهجتهما وسقف شروطهما أخذ بالهبوط، متمسكين بمحاولة التغلغل إلى الأراضي اللبنانية حتى يظهران وكأنهما حققا معجزة القرن، لن يفيدهما في شيء من أجل المحافظة على مستقبلهما السياسي وبقاء الحكومة الحالية على سدة الحكم، بل سيواجهان مأزقاً آخر لا تنفع معه حالة الكذب والخداع وطمأنة الجمهور بإمكانية وضع حد نهائي لما يتعرضون إليه من حزب الله وبقاء الجبهة اللبنانية ساخنة، مادامت مزارع شبعا تحت السيطرة الإسرائيلية. وعليهما أن يعرفا أن لا مناص من التسليم بالأمر الواقع وجرجرة أطراف هزيمتهما والخروج بأسرع ما يكون قبل أن يستحيل الأمر عليهما، دون مضاعفة الثمن ورحيل المستوطنين إلى الدول التي قدموا منها دون الحصول على إذن مسبق بحثاً عن الأمان وتوظيف الرساميل وجني الأرباح التي وعدوا بها عندما قدموا إلى فلسطين. بهذا المعنى فإن الخاسر الوحيد من هذه الحرب هي إسرائيل، على اعتبار أن ما تقوم بتدميره بصواريخ طائراتها وقذائف مدفعيتها البرية والبحرية لا يعدو كونه محصلة للحرب سرعان ما يتم إعماره، غير أن الإنسان التي تدمر نفسيته من الاستحالة بمكان إعادته سوياً، وهذا ما يؤشر إلى مرحلة جديدة في تاريخ الصراع بدأ نجمها بالسطوع.
#حبيب_هنا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسرائيل.. رياح التغيير تخطف النوم والأمن
-
قانا و-متلازمات جينوفيز-
-
لبنان وحزب الله في طور التحول
-
رسالة الى غسان كنفاني في الذكرى ال33 لاستشهاده
-
-17-مازال المسيح مصلوبا
-
مازال المسيح مصلوبا 15
-
-13- مازال المسيح مصلوبا
-
مازال المسيح مصلوبا 11
-
مازال المسيح مصلوبا
-
ما زال المسيح مصلوبا
-
ما زال المسيح مصلوباً
-
شهادة ابداعية
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|