|
بيان للناس!..
عبد العزيز غرمول
الحوار المتمدن-العدد: 1637 - 2006 / 8 / 9 - 07:00
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أيها الناس، هناك جريمة تقع أمام أعينكم وأنتم صامتون... أيها القانون ـ رجاء ـ أنزل العقاب بهؤلاء الذين لم ينجدوا بشرا في حالة خطر؟!. * هناك كلمات قليلة، ذات قوة كافية، لوصف ما يحدث اليوم في فلسطين ولبنان... وما يحدث اليوم جريمة حرب بكل المقاييس الإنسانية والقانونية.. جريمة حرب مبيتة ومدمرة لكل ضروريات الحياة.. شعب بكامله، بنسائه وأطفاله وشيوخه، يحاصر ويقصف ويغتال على مرأى من كاميرات العالم.. قتلى وجرحى ومهجرين ودماء وأشلاء وفرجة وصمت.. جريمة ضد الإنسانية بأتم معنى الكلمة يلاحقها الصمت من كل الجهات... * كل أركان الجريمة قائمة باقتراف كل ما يدينه ويعاقب عليه ميثاق روما للمحكمة الجنائية: تجويع المدنيين، منع العمل والحركة، قتل منظم خارج القضاء، استباحة الأراضي والأعراض، نهب الممتلكات وتدمير المنشآت والبنى التحتية، تعطيل شبكات المياه والكهرباء، تعطيل المستشفيات ومصادر الأدوية، قصف الجسور وتجريف المزارع، قصف مواطنين أبرياء في بيوتهم وأماكن عملهم وشواطئ السباحة... وأخيرا قتل الأطفال والنساء غير المسلحين سوى بأقدارهم... وبكلمة مختصرة اقتراف كل ما يدينه ويعاقب عليه القانون الدولي... لكن المحكمة الجنائية الدولية عاطلة عن أداء مهامها، والقضاة الذين تعودوا على قصف الضعفاء بأحكامهم المنتقاة ينظرون للجريمة بحياد غير المعني... الجريمة لا تتوقف هنا، الجريمة تمتد إلى هذا الصمت الحرج الذي تلتزمه المنظمات والهيئات الدولية التي عودتنا على إثارة الدنيا إذا ما تعلق الأمر بإلقاء القبض على "جاسوس" يمس المصالح العربية، ولكنها تلتزم جهة الحريم أمام فلسطينيين ولبنانيون يموتون دون محاكم ولا رحمة بدعوى "حق الدفاع عن النفس" و " ضمان أمن إسرائيل"... راجية في بيانات ذات تعابير حذرة وخجولة من الآلة العسكرية الإسرائيلية، أن تعود إلى قواعدها في أسرع وقت بعد أداء مهامها... * تعود الفلسطينيون واللبنانيون على حروب الإبادة الإسرائيلية كلما جاء قائد جديد على رأس الكيان الصهيوني، فليس لهم ما يبرهنون به على " زعامتهم" سوى بقتل فلسطينيين ولبنانيين جدد. كل قادم على رأس الدولة العبرية يبدأ انجازه بالقتل، وكأن كفاءتهم وأهليتهم وبطولتهم لا تستوي في عيون ناخبيهم إلا بمزيد من القتل. كل مواصفات بطولة الصهاينة تتجسد في التمثيل بالجسد العربي احتقارا وحصارا وسجنا واغتيالا.. إنها على كل حال البطولة الوحيدة التي يمكن اقترافها بتفاخر أمام ناخبيهم، أولئك الذين يختارونهم ويمجدونهم بقدر دمويتهم... انجاز عظيم بالنسبة لهم هذا الذي يجعل من اليهودي قاتلا يذهب إلى جنته على جثث الفلسطينيين أو اللبنانيين. هوس ديني يقسر التوراة على تفسير خاص لإقامة دولة تدعي الحداثة والديمقراطية ثم تقتل ببدائية وبربرية ضد كل المبادئ السماوية. هل كانت في حاجة إلى كل هذه الترسانة من الأسلحة والكذب والجدران لاجتياح كل الاتفاقات والمواثيق الدولية؟. هل نسمي نجاحا هذا الذي أنجزته العصابات الصهيونية في صناعة دولة تتغذى على الدم والمساعدات الأمريكية والصمت العالمي؟. * عمل قذر هذا الذي يجري أمام نظر العالم دون رد فعل جاد وقوي. شعب يعاقب بكامل فئاته وبأكثر الأسلحة فتكا وقتلا ودمارا. في نفس الوقت الذي تنتهك فيه أكثر قرارات الشعوب أملا وحيوية: الحق في مقاومة الظلم!؟. المنصوص عليها في " إعلان حقوق الإنسان والمواطن" الأول والثاني غير القابلين للنقاش. وهو الحق المنصوص عليه صراحة في مواثيق أمم أخرى صامتة أو متآمرة مثل " إعلان الاستقلال الأمريكي" أو "إعلان حقوق وواجبات الإنسان الاجتماعي" الذي أقرته سويسرا في القرن الثامن عشر، والعديد من الوثائق الإنسانية التي تسكت أمام آلة الفساد الإسرائيلي (العسكرية والإعلامية والمالية) مثلما تسكت أغلب المنظمات والهيئات الدولية، بل حتى المثقفين الذين يدعون بعض نظافة الضمير. الحقيقة ساطعة. لقد أدى أسر بعض الجنود في عملية عسكرية عادية من طرف المقاومة كرد فعل على اغتيال نشطائها إلى أسر أمة بكاملها!. وبحجة البحث عن مطلوبين تم في فلسطين اختطاف أعضاء من الحكومة المنتخبة ومناضلين من أجل الحقوق والحريات، وفي لبنان قصف مدنيين غير مسلحين وغير معنيين حتى بالحرب... العدالة الإسرائيلية في أعلى نماذج عدالتها: اختطاف جندي واحد يساوي اختطاف شعب!؟. ليس هناك أكثر وضوحا من هذا النموذج... * الصمت.. صمتنا على ما يحدث أمام سمع ونظر شعوب العالم يزيد الإسرائيليين وقاحة وتجرأ علينا، ويزيد الفلسطينيين واللبنانيين ألما وحسرة على آلامهم وحسراتهم التي تغذيها الآلة العسكرية الإسرائيلية في كل لحظة من لحظات حياتهم. هذا التخلي عنهم في محنتهم يجعلنا بشكل من الأشكال جزءا من الآلة العسكرية التي تدمر كل آمالهم في تفادي البربرية الإسرائيلية باتفاقيات من طرف واحد أو مفاوضات طرشان أو صمت المهزومين... إننا ننتظر بضمير مخدر أو متهاون أو جبان ما تنفرج عليه معركة نعرف مسبقا أنها ظالمة وغير متوازنة إطلاقا. والنتيجة: لم يعد هناك من يلب دموع الأمهات الثكالى.. من يداوي الجراح النازفة.. من يخرج للشارع للتنديد بما يحدث أو ينشر بيانا لإدانة الجريمة... من يا ترى ـ لا يزال يتحدث عن سلام مستباح أو اتفاقيات منتهكة أو الذمة الإسرائيلية غير مأمونة الجانب؟.. نحن نخسر معركة جيلنا كما خسرنا معركة الديمقراطية والتحديث والوحدة العربية،، ومعارك إنسانية ووجودية لم تترك فينا سوى الذل والهوان... وها أنا لا أطلب منكم أن تحملوا السلاح وتلتحقوا بجبهة الحرب فأنتم لم ترثوا عن آبائكم هذه الخصلة الحميدة، لكن المطلوب كلمة حق، وموقف رجال، وتضامن إنساني قبل أن ينزل عليكم عقاب من هيئة ما، ربما ضميركم المؤجل لعدم نجدة بشر في حالة خطر؟!.
* كاتب وروائي جزائري
#عبد_العزيز_غرمول (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
-
حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع
...
-
البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان
...
-
أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
-
مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
-
أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني
...
-
تحقيق لأسوشيتد برس: حملة قمع إسرائيلية ضد الفلسطينيين المقيم
...
-
خبير فرنسي: هذه هي الإدارة الأكثر معاداة للفلسطينيين في التا
...
-
واشنطن بوست: معاد للإسلام يعود للبيت الأبيض
-
ثورة طبية.. الذكاء الاصطناعي يضمن الجراحة في 10 ثوان
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|