أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - الموظفة














المزيد.....

الموظفة


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 6932 - 2021 / 6 / 18 - 09:01
المحور: الادب والفن
    


من نافذة غرفة نومها، حدقت في الحديقة، لم يكن هذا ما قصدته، كانت تتوق إلى البدلات المخملية، الى ترنيمة الى حديث، الى شيء ما يوقظ صمت الحيطان، لكنها الان تمر في أسوأ أيام حياتها، وتشعر كما لو أن العالم قد تآمر لإبقائنا مشتتين على الدوام ومدمنين على آخر التحديثات في اجهزتنا الالكترونية بغض النظر عن أهميتها، وتساءلت عما إذا كانت ستوصي ان يكتب على شاهد قبرها:
هنا ترقد مدمنة البريد الإلكتروني والرسائل النصية وتقليب صفحات الانترنيت والفيس بوك.
في كثير من الأحيان، لم تكن تعرف ما إذا كانت ما وجدته في تلك الصفحات نفايات أم كنوز، الى ان تلاشى إحساسها بالهدف، ولم تكن تلك الوظيفة مناسبة، لقد أخضعت نفسها لجميع العادات غير اللازمة، ولحياة اقل كفاحًا وبلا إثارة، حياة بلا حياة، سخرية دائمة، سأم وتقاعس مأساوي، شعر ناعم، ملابس بسيطة، حياة فارغة تسير على وتيرة واحدة، فصارت خائفة من السقوط على وجهها، وهربت الى الأفلام والمسلسلات والكتب الرخيصة، ومع هذا فالأمور لم تسير حسب الخطة، ولم يتجمع أي أثر يدل على وجودها كما اتضح، وكل شيء تسلل للخلف تحت جنح الظلام, من سينقذها من هذه الدوامة التي لا تستطيع الخروج منها بمفردها؟
كيف لها ان تقضي على الملل والضجر وتصبح امرأة اخرى، ولا تجبر على محبة ما لا تحب او كراهية ما لا تكره وهي في حالة تيه عن كل ما يدور حولها وعن نفسها وبالكاد تعرف ذاتها المعذبة.
العلاقة الجنسية هي مزيج من المتعة والخيال والحلم، اما الحب فان له قوانين اخرى تضاف الى هذه الصفات، هذا ما تعلمَته من الكتب والقصص الغرامية وحاولَت ان تَجده بالواقع يعني بالممارسة العملية، ولم تَعثر على ما يؤكده أبداً، فمن أين جاء الكتاب والمؤلفين بهذا الخرط؟
وفكرت في الشرق الملعون الذي سبب لها ولأمثالها الماسي والكدر والهم والغم وخاطبت ذاتها الممزقة:
انا هنا لا أعلن عن تباشير حلم جديد، او احاول مناقشة فلسفة غرام الأغاني وموسيقى السهر، أني فقط أقول ان كان ذلك هو الحب حقا فسوف نشعر معه دائما باننا مازلنا صبية حالمين وأننا عثرنا على الدواء، اما الان وانا اتألم من هذا الخطأ فهذا ما لا انصح به احدا غيري.
فكلها اوهام تؤثر فيَّ ولا اقوى على مقاومتها عندما تجتاحني، وبسبب استسلامي لها بدت وكأنها مصير لا فكاك منه، لا أدرى ما هي أهميتها بالنسبة لي، أنها شاذة عن المألوف، وفي كل إشارة وكل لفتة تقول لي هذه الاوهام باني أصبحت بلا صداقات غير ليل يطويني، ولا اعتقد باني وحيدة في هذا الشعور، بينما يتردد صداها اليوم من أماسي قديمة غائرة بالقدم كغيرها من اماسي الشرق وبمظهر من مظاهر الدجل وبصخب وضجة في الطريق، تخبرنا عن صانعيها ومستوياتهم العقلية والفكرية الذين يستحقون القصاص.
وفجأة تمزق ثوبها وتجردت من ارديتها وهي في أحضان أحد ما، وبدا المكان ضيقا لا يتسع لكلاهما لأنه معتم من كل الجهات، وبعيد عن نور الشمس، هل ستفتح له ذراعها، هل ستحبه، هل ستوافق على ان تحبه، هل ستلبي نداء حُلمها ثانية؟
وهكذا وجدت طريقة اخرى اقل كلفة للاستمرار في العيش او على الأقل اصبح لحياتها طريقا وهدف لتقنع نفسها بانها صارت امرأة ثانية ولم تعد وحيدة وان لديها هدف وواجبات وانها تريد ان تعيش اطول وقت ممكن، وستجرأ أخيرًا على الأمل مرة اخرى، وستنسى ذكرى (الهدية) المروعة، ونكران الجميل والجبن، بعدما فشلت في أقامه علاقة حميمة بينها وبين (أ) و (ب).
كان الاستسلام هو الخطأ الأكبر، وكان الموت مؤكدًا، واختلط الصادق بالكاذب واصبح الحب بلا معنى، ولم يكن لم الشمل سهلا، بل انه لم يكن سوى نفايات وتفاهة.
وأُسدلت ستائر غرفتها وذبلت حديقتها وضاعت وصيتها ولم يُكتَب على شاهد قبرها سوى اسمها وتاريخ الوفاة.



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروب الثقافتين
- رجال في الخفاء
- رسالة الفنان
- استعمار متجدد
- الحركة والرؤية
- الابتكار والتجديد
- ذهبي الذي ضاع
- حركة الحياة
- الواقعية والشكلية والفن الحديث
- انحطاط الثقافة البصرية العربية
- الملابس والعري
- عام الفأر
- اغتراب
- مشياً بالمطر
- اللون الابيض
- احتفالا بالوداع
- دعونا نصاب بالجنون
- الثورة وكلماتها
- الفخ الديني
- استعداداً لتشرينية جديدة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - الموظفة