أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - هوذا الشاعر التونسي الفذ جلال باباي كما أراه..وكما أصغي إلى قصائده العذبة..














المزيد.....


هوذا الشاعر التونسي الفذ جلال باباي كما أراه..وكما أصغي إلى قصائده العذبة..


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6928 - 2021 / 6 / 14 - 23:52
المحور: الادب والفن
    


للقصيدة حياة وروح من روح شاعر يغوص في عمق محيط ظلامه دامس ليطفو على سطحه ويعانق خيوط الشمس،فبين الظلمة والنور،يتنقل الشاعر بحرفية اللغوي المتمرس والمتمكن من ريشة الرسام البارع،ليُلقي المعنى الحي في روع الصورة ويحدث شرخا بين عالمين يصعب تجاوزه..بين من يكتب الشعر انطلاقا من واقع الخيال،ومن يكتب الشعر انطلاقا من خيال الحقيقة.
للواقع ظلمة وللحقيقة نور يجعل للمعنى تجليات،وللصورة الشعرية حركة وحس على أرض قصيدة تصبح آهلة بأرقى المشاعر وأصدقها تتفاعل وتتأثر في كل من يكون بين يديها،تسكن وجدانه فيشعر بروعة جمال الصورة وعذوبة حلاوة معنى له نماء في عقل وفكر يعزف لحن شاعر تتهادى على إيقاعه قوافل القوافي لتقول لنا هذا أنا..جلال باباي شاعر التحدي والصمود في وجه الليالي العاصفات..والمواجع المبكيات...
الشاعر التونسي القدير جلال باباي شاعر معاصر له الكثير من الإنتاج الأدبي الموسوم والمميز بنفس الشاعر وبأسلوبه المختزل المختزن الذي لا يستغرق زمنا طويلا في قراءته،لكنه يحتم على القارئ الوقوف طويلا عند الإبحار في عالمه وخياله ودلالة معانيه،فهو قليل كثير،وسهل ممتنع،يستعصي على غير المكتنزين بذلك المعجم اللفظي والدلالي والأسلوبي للشاعر،فقصيدته في كثير من الأحيان ومضة بارقة تبعث حكاية البارق النجدي عند الصوفيين في المخيلة حين يمتزجون ويتحدون مع الذات الإلهية وفق تعبيرهم ومعتقدهم.
ويسعى الشاعر (جلال باباي) في بعض قصائده إلى لغةٍ شفافة تعتمد على الوضوح والواقعيَّة؛فهي لغة تكاد تكون خاصة بالشاعر،لغة تنطلق من الواقع ومن وعي الشاعر بأدواته الفنيَّة،فالنظر في التجربة الشعوريَّة وفَهم الحالة الذهنية لقصيدةٍ ما يتطلَّب القدرة على الانغماس في العالم النفسي للشاعر واستحضار حالته النفسية من خلال كتابته لهذه القصيدة،وفَهمُ الحالة الذهنية تَعني القدرة على استعادة الجوِّ الشعوري ومُعايَشتِه من جديد،ولا يتم ذلك إلا إذا استطاع الناقد أن يُمعِن النظر في الظروف والوقائع التي أدَّت إلى ولادة القصيدة، وبدون ذلك قد تُنزع القصيدة عن سياقها النفسيِّ وتَبقى تراكمًا لغويًّا وشكلاً دون معنى،وتفقد الحسَّ الشعري..
لنستمتع جميعا بهذه القصيدة للشاعر جلال باباي تاركا للقارئ الكريم حرية التفاعل والتعليق:
مدٌ...و جزر
حجم المعاناة كان أضيق من وسادة البيت
كان فمي ليٌنا فوق العادة ليقضم رغيفا يابسا
أتطاول على قصر قامتي
لأختطف عصافير السطح
أرشد يدي اليسرى إلى مكمن التحيات
فتفتك منها سبٌابة اليمنى باقي الزكيات
مازلت أناور عدوٌي بالعجلة الخامسة
لم اكترث بانحباس الوقود في ربع الجسد الساخن
كان غبار الطريق طافحا بالخراب
حلٌ العويل بمفاصل الركبتين
واكمل باقي الجسد
افتراش التراب سبيلا وحلحلة
تعدٌدت السقطات...
اضعت بوصلتي في الزحام ♣
وأرخت يمناي أصابعها العشر للمقصلة.
جلال باباي
ختاما أقول:
الشعر صنو المعاناة،فهما روحان في جسد واحد،جسد الشاعر الذي يعيش لحظات المعاناة ليعكسها شعراً ينبجس من قلبه ووجدانه.
والشاعر بحكم تكوينه النفسي،وحبه العميق للتعبير عن وجوده وتفاعله مع الحياة، يعيش دائماً مع المعاناة،ويتصالح معها،لأنه إنسان ذو إحساس رقيق وشعور مرهف..يستطيع أن يصنع من هذه المعاناة شعراً خلاّقا يداعب الذائقة الفنية للمتلقي،ويدفع به-قسر الإرادة-إلى حلبة الرقص على إيقاع الكلمات..
وهنا أضيف:لا تولد القصيدة وفي فمها ملعقة من ذهب، بل تأتي من رحم المعاناة،إذ يبث كاتبها الروح فيها بعد عناء، فتلتقط أولى أنفاسها على يديه، ويحرص على ألا تخرج إلى الدنيا إلا وهي في أبهى حلتها، بعد تنقيح وتعديل، وتغيير وتبديل، لتكون ثمرة مواقف وتجارب، وخلاصة دقائق مليئة بالانفعالات، وأيام متخمة بالمشاعر، وأشهُر، أو حتى سنوات، مزدحمة بالتدفق العاطفي الشاعري.
وبهذا تنطلق القصيدة متكاملة العناصر،تنطلق إلى عالم الشعر كالدرة،لتزيد الكون جمالاً وشاعرية وأحاسيس.
هوذا الشاعر الفذ جلال باباي كما أراه..وكما أصغي إلى قصائده العذبة..
على سبيل الخاتمة :
تتجاوز مهمة الشاعر رصف الوحدات اللسانية بالطريقة،التي تتحقق بها السلامة المعنوية، وتتعدى اللغة الشعرية حدود القواعد النحوية لتتبنى منطقا جديدا هو منطق اللغة الشعرية،لأن المنطق الذي يخرق المألوف ويقتحم عوالم المجهول لأنّه يؤلف بين دوال متباعدة،لا تلتقي في نظام اللغة−المعيار أي اللغة المتداولة التي لا تسعى إلى تحقيق ما أطلق عليه جاكبسون ″الوظيفة الشعرية″. وإذا كان الشاعر لا يتعامل مع اللغة تعاملا بريئا،لأنّه يستدعي الألفاظ وينسجها بطريقة مقصودة (الشاعر التونسي القدير جلال باباي نموذجا )،فإن القارئ مطالب بأن يكون حاذقا في فك شفرات النصوص بالدفع بكل كلمة إلى مجال تنكشف فيه الدلالات الخفية التي لا تتمظهر على سطح النص،ويؤول الأمر في النهاية إلى قراءة القراءة وإلى دلالة الدلالة.
وهو ما يستدعيه النّص الأدبي،حتى يبقى ديناميا ومفتوحا على التأويل.
ونرجو من الله التوفيق في استيعاب وفهم الدلالات والإيحاءات الإبداعية في قصائد شاعرنا التونسي الفذ جلال باباي..



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغة الترميز والإيحاء والتكثيف في الحدث السردي لدى الروائي وا ...
- قراءة-تأملية-في قصيدة الشاعر القدير-د-طاهر مشي (عزف..على وتر ...
- الروائي التونسي القدير محسن بن هنية يتحدّث عن تجليات الإبداع ...
- الثورةالتونسية المجيدة.. هي نشيد الجماعة ومرآتها..وليس الفرد ...
- تجليات السرد الروائي..وإشرقات الإبداع التجريبي.. لدى الروائي ...
- هل آن الأوان لوقف انتشار ثقافات التسطيح واستسهال الأمور..وال ...
- على العرب أن يعوا: -ليس من السهل الارتداد بحركة التاريخ التي ...
- على هامش ملحمة غزة البطولية : سلام هي فلسطين
- حتى نستردّ كرامتنا المهدورة.. لكل عربي يعيش من المحيط إلى ال ...
- حين يواصل الأدباء والفنانون والمفكرون - عمل الآلهة في الخلق” ...
- هل بإمكاننا القطع مع النمطية و»إعلام الزعيم» والتأسيس لإعلام ...
- كيف يمكن مواجهة الإختراق الثقافي الكوني في ظل راهن يتعولم إق ...
- حين تكتب المقاومة الفلسطينة الباسلة..تاريخ المجد والإنعتاق و ...
- البندقية سيدة الموقف..أما المصالحة الوطنية،فهي مجرد فكرة جمي ...
- تموقعات النص الشعري..في أدب المقاومة
- حين تحاربنا-إسرائيل-بجيش إعلامي يستهدف اقتلاع جذور الهوية ال ...
- حين ينحت الشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي لوحاته الشعرية بحب ...
- على هامش الذكرى الثالثة والسبعين للنكبة *: ثلاثة وسبعون نكبة ...
- إسرائيل..إحتلال توسعي..وهي «دولة» لا عمل لها غير ميدان القتا ...
- سلام..هي فلسطين


المزيد.....




- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - هوذا الشاعر التونسي الفذ جلال باباي كما أراه..وكما أصغي إلى قصائده العذبة..