|
موقف ديكارت ومالبرانش من مسألة خلق الحقائق الأبدية
أحمد رباص
كاتب
(Ahmed Rabass)
الحوار المتمدن-العدد: 6928 - 2021 / 6 / 14 - 03:09
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عندما ذكر لأول مرة مذهب خلق الحقائق الأبدية، في رسالته إلى ميرسين المؤرخة بخامس عشر أبريل 1630، طلب ديكارت من مراسلته الكشف عن المذهب دون الكشف عن اسم صاحبه. يتعلق الأمر باختبار ردود فعل الجمهور، كما يقول ديكارت، “سأكون سعيدا جدا بمعرفة الاعتراضات التي يمكن للمرء أن يوجهها ضده”. لا شك أن هذا المذهب لن يقبل بسهولة، فوفقا للرسالة الموجهة إلى مبرسين بتاريخ سادس ماي 1630، يبدو أنه لا يمكن التوفيق بينه وبين دوغما “في البدء كانت الكلمة”، أي أن هذا التعبير يُفهم بالمعنى المضاف الموضوعي (لأن الكلمة مولودة وغير مخلوقة) أو بمعنى المضاف الذاتي (لأن الله من المفترض أن يخلق الأشياء الموجودة انطلاقا من جواهرها المتأملة في الكلمة). في عام 1630، قدم ديكارت مذهبه على أنه جديد وقمين بالإثارة. لم يشر إلى أي شخص كسند لمذهبه. ومع ذلك، بعد حوالي خمسة عشر عاما، في الرسالة الموجهة إلى ميسلاند بتاريخ ثاني ماي 1644، تبنى ديكارت القديس أوغسطين، ليس لاعتماد خلق الحقائق الأبدية بشكل مباشر، ولكن على الأقل لاعتماد المصادفة، في الله، للرؤية، للإرادة ولللفعل، وهي مصادفة زعم في وقت مبكر من عام 1630، ضمن الرسالتين المرسلتين إلى ميرسين في سادس ماي وسابع وعشرين ماي، على أنها تسير جنبًا إلى جنب مع خلق الحقائق الأبدية. لا يمكن أن يتوانى الله عن خلق الحقائق الأبدية إذا كان قديرا وسببا لكل ما هو موجود. هذا يعني أن لا شيء يكون موضوع فهم الله دون أن يكون موضوع إرادة الله. وعلى العكس من ذلك، لا يوجد شيء هو موضوع إرادة الله ولا يكون موضوع فهم الله. هذا الموضوع للفهم والإرادة هو لا شيء في حد ذاته أو خارج فعل الفهم والإرادة التي تجعله على ما هو عليه. وبالتالي، فإن السؤال الذي سنطرحه هو التالي: هل أعلن القديس أوغسطين قبل ديكارت عن خلق الحقائق الأبدية، وإذا لم يعلن عنها فلماذا يشير إليه ديكارت في الرسالة إلى ميسلاند المؤرخة بثاني ماي 1644؟ سوف نبين أولاً أن القديس أوغسطين لم يعلن عن خلق الحقائق الأبدية فحسب، بل أعلن أيضا في السؤال السادس والأربعين من أصل ثلاثة وثمانين سؤالا مختلفا، ضد الاستخدام الوثني لأفلاطون من قبل فارون (Varron). والذي تعرض للسخرية منه في “مدينة الله”، تحديدا في الفصل الثامن والعشرين من الكتاب السابع، (أعلن) عن أفلاطونية مسيحية تستبعد خلق الحقائق الأبدية. أولاً، لم يعلن القديس أوغسطين في الواقع عن خلق الحقائق الأبدية. هذا لن يكون صحيحا إلا إذا تم التغلب على بعض الصعوبات الاصطلاحية. لأن هناك العديد من المواضع التي يمكن العثور عليها ولا سيما في “مدينة الله”، حيث يدعي القديس أوغسطين أن الله هو خالق الطبيعة كلها. من الواضح أن كلمة “طبيعة” في هذه المقاطع ليست مرادفة لـ”الجواهر”. إن الطبيعة التي يكون الله خالقها هي الأشياء فقط كما ولدت (وفقا للأصل الاصطلاحي) أو الأشياء كما خلقها الله. إن الادعاء بأن الله هو خالق الطبيعة كلها، كما في الفصل السابع من الكتاب الحادي والعشرين من “مدينة الله”، يرقى بالتالي إلى الادعاء بأن الله هو خالق كل الأشياء الموجودة، في بدايتها وفي نهايتها وفي خصائصها (سواء كانت هذه اعتيادية أو غير اعتيادية). إنه خالق كل التغييرات، إن لم يكن كل الطفرات التي يعتبرها الذكاء البشري مستحيلة، والتي تحدث فيها. االاستحالة التي أثارها القديس أوغسطين في هذا الجزء من “مدينة الله” ليست استحالة منطقية، ولكنها استحالة مادية ظاهرة، تنبع من الجهل البشري بطبيعة الأشياء. عندما نقول عن بعض الحقائق أنها تحدث ضد الطبيعة، فهذه مجرد طريقة بشرية في التحدث، لأن الله أرادها أن تحدث وكان الله قصد أنها ستحدث في الطبيعة التي خلقها، في حين أن قوانين الطبيعة تعكس فقط ما يحدث عادة في الطبيعة التي خلقها. يتبنى مالبرانش وليبنيز هذا التمييز بين الحقائق الأبدية وقوانين الطبيعة، فالأولى تنتمي إلى مجال غير المخلوق والأخيرة إلى مجال المخلوق، والذي يميل ديكارت، من جانبه، إلى إخلائه من خلال خلق حقائق رياضية تضع على جوهر الأشياء المادية تشريعا صالحا في جميع العوالم الممكنة. ثانيًا، لم يكن باستطاعة القديس أوغسطين أن يعلن عن خلق الحقائق الأبدية، لأن هذا يتعارض مع الأفلاطونية المسيحية التي أعلنها في السؤال السادس والأربعين من الأسئلة المختلفة والبالغ عددها ثلاثة وثمانين. في هذا النص، يتفق القديس أوغسطين مع رأي أفلاطون في نقطتين: 1 / هناك أفكار. 2 / الأفكار هي “أشكال” أو “أسباب” مبدإ الأشياء الموجودة والتي بمشاركتها يجعل الله ما هو موجود كما هو كذلك. لا ينحرف القديس أوغسطين عن أفلاطون إلا عندما اعتقد أن الأشياء الموجودة خلقها الله وأن الأفكار السابقة على خلقها لا توجد في مكان آخر غير فكر الخالق. الأفكار غير مخلوقة وأبدية، على عكس الأشياء المفردة المخلوقة من أفكارها وخاضعة للزمن. لماذا يجب إقحام الأفكار؟ يجب إقحام الأفكار لأن الله لا ينشئ أي شيء بدون سبب ولأن سبب خلق الرجل ليس نفس سبب خلق الحصان. يتم خلق جميع الأشياء الفردية لأسباب خاصة بها. الخلق كله تنظمه الأسباب. ولكن من المؤكد أنه لا يوجد شيء خارج الله يمكن أن يكون نموذجا له: ففي ذاته يرى الله هذه الأسباب التي يتخذ منها نموذجا. الأفكار لم يخلقها الله، إنها موجودة وباقية فيه جل جلاله. في الكتاب الثاني من "الإرادة الحرة"، يضيف القديس أوغسطين أنوار الإيمان إلى أنوار العقل لكي يوازن بين الحقيقة وحكمة الله. من الممكن إثبات وجود الله بالعقل، انطلاقا من اللحظة التي نعترف فيها بأنه إذا كانت هناك حقيقة أعلى من عقولنا، فيجب أن تكون هذه الحقيقة هي الله، التي نفترض على الأقل أن لا شيء يعلو عليها . لكن هناك حقيقة أعلى من عقولنا. هذه الحقيقة الأسمى من عقولنا هي الحقيقة. الله - نور الحقيقة - يجب أن ينير كل إنسان ينطق بالحقيقة، ويظهرها لذكائه حتى ولو كان بذكائه منتبها لها. لأن الحقائق (فيما يتعلق بالحقائق الرياضية والحقائق الأخلاقية) ليست خاصة (خاصة بهذه الروح المخلوقة أو تلك)، ولكنها عامة (مشتركة بين جميع الأرواح المخلوقة). الحقائق المشتركة بين الجميع أبدية وثابتة، في حين أن الروح المخلوقة ليست أبدية ولا ثابتة. لذلك لا يمكن للعقول المخلوقة أن تتحد إلا مع الحقيقة الوحيدة، التي تستمد منها كل الحقائق أبديتها وثباتها، إذا أرادت أن تذكر أي حقيقة كيفما كانت. إنها الحقيقة التي تسمح لها بالحكم على كل شيء (بما في ذلك أنفسها) دون أن يحكم عليها أي شيء (بما في ذلك أنفسها). هذا هو السبب في أنها ليست أدنى من الأرواح المخلوقة ولا حتى مساوية لها، ولكنها (الحقيقة) متفوقة على الأرواح المخلوقة. إن الحقيقة أسمى من الأرواح المخلوقة وكل واحدة منها مدينة لها بالحكمة أو موهبة الحكم المخصوصة لها. لذلك، يبقى السؤال عما إذا كان الله فوق الحقيقة أم أن الحقيقة نفسها هي الله. من المناسب هنا ضم أنوار الإيمان إلى أنوار العقل، لأن التأكيدات، بحسب العقيدة المسيحية، يمكن الدفاع عنه: 1 / الحكمة لها أب. 2 / الحكمة المولودة والتي لم يخلقها الأب تساويها. إن الأرواح المخلوقة التي تتحدث عن الحقائق هي في مرتبة أدنى من الله ، ولكن الحقائق التي تعلن عنها، طالما أنها موجودة أو تكتسب طابعها كحقائق أبدية وثابتة فقط في فهم الله, ليست أدنى من الله. كحكمة من الله، فإن الحقيقة (التي تستمد منها كل الحقائق حقيقتها) مساوٍية لله. يحرص القديس أوغسطين على عدم إخضاع الله للحقيقة. إن إله المسيحيين ليس مثل آلهة الوثنيين الخاضعة للضرورة. لكن لا يتبع ذلك أن الله يخلق الحقيقة. على العكس من ذلك، الحقيقة، الأبدية والثابتة مثل الله نفسه الذي تكمن فيه، هي غير مخلوقة. كذلك لم ينسب ديكارت أبدا إلى القديس أوغسطين مذهبه في خلق الحقائق الأبدية. سنفحص الآن سبب إشارة ديكارت إلى القديس أوغسطين، مدركين تماما أن مذهب خلق الحقائق الأبدية لا يمكن أن ينسب إليه. إن المذهب الذي ينسبه ديكارت إلى القديس أوغسطين، في الرسالة إلى ميسلاند بتاريخ ثاني ماي 1644 ، ليست هو مذهب خلق الحقائق الأبدية، بل هو مذهب المصادفة، في الله، للرؤية والرغبة والعمل. كتب ديكارت في رسالته المومئ إليها يقول: "تعلمنا فكرتنا عن الله أنه لا توجد فيه سوى حركة واحدة، بسيطة جدا وخالصة جدًا؛ ما تعبر عنه هذه الكلمات للقديس أوغسطين بشكل جيد للغاية: sunt، ea، Qia vides، إلخ..، لأن بالنسبة لما في الله videre وvelle هما نفس الشيء." لم يكلف ديكارت نفسه عناء التعليق على المقطع الذي اقتبسه من "الاعترافات". إنه يطور فكره الخاص: تنبع عقيدة خلق الحقائق الأبدية من فكرة الله الفطرية - ليس من معرفة الله المكتسبة عن طريق ما سمعه، ولكن من معرفة الله المكتسبة من خلال التأمل الفلسفي. أيضا كائن محدود يرى نفسه على هذا النحو، ولا يتصور نفسه كذلك إلا بفكرة الكائن المفكر المحدود الذي لا يكونه. فكرة الله هي فكرة الكائن غير المحدود والكامل. هذه الفكرة لا أصوغها من خلال تضخيم اكتمالاتي، بل أجسدها بالأحرى بقدر ما أنا الكائن المحدود الذي يتصور نفسه على أنه محدود، ويطمح إلى اكتمالات الكائن اللامتناهي الذي يكتمل إلى ما لانهاية له. فكرة الله هي فكرة عن كائن بدون أدنى قيد، محايثة للفكرة التي أكونها عن ماهيتي. هذا هو السبب في أن هذه الفكرة مغلفة ليس فقط في فكرتي، ولكن أيضا في الفكرة عن كل ما أتصوره بجلاء ووضوح. لا أستطيع أن أتصور أي شيء بشكل جلي وواضح ما لم يجب أن أتصور الله بشكل أجلى وأوضح ، بحيث تكون فكرة الله هي الأجلى والأوضح من بين كل أفكاري الجلية والواضحة، على الرغم من أنني لا أفهم ( وأنا أعلم أنني لا يجب أن أفهم)، أنا المحدود وغير الكامل، طبيعة اللامتناهي والكامل. هذا الله، الذي أحمل بصمته، بل أنا بصمته، بعيدا عن صياغة الفكرة، هو سبب الحقيقة الموضوعية للفكرة التي تمثّله لي. وهذا الله، الذي هو سبب الحقيقة الموضوعية للفكرة التي تمثله لي، هو السبب الأبرز لكل ما هو موجود (صوريا أو موضوعيا). إنه السبب البارز لكل حقيقة كيفما كانت وهو في نفس الوقت سبب تصوري لذاته، هو وحده موجود لذاته. إلله اللامتناهي والكامل هو بالتالي الله الكلي القدرة الذي يجعل كل ما هو موجود، دون أن يكون في ذلك محددا بأي شيء، من ماهيات (ياتي في مرتبتها الأولى جوهره الخاص) مثل الوجودات (ياتي في مرتبتها الأولى وجوده الخاص). يحدد ديكارت في رسالته إلى ميرسين المؤرخة بسادس ماي 1630: "وجود الله هو الحقيقة الأولى والأكثر أبدية من جميع الحقائق التي يمكن أن توجد، والحقيقة الوحيدة التي تنطلق منها كل الحقائق الأخرى." لذلك تمثل فكرة الله بالنسبة لي جوهرا أو طبيعة حقيقية وثابتة، تسمح لي معرفتها باستنتاج صفات الله ووجود الله، حالما أكون متيقنا، وهذا هو الحال أخيرا في التأمل الخامس، من كون ما أتصوره بجلاء ووضوح منتميا إلى طبيعة شيء ما ينتمي بالفعل إلى ذلك الشيء. أن يكون الله هو هذا الكائن الخلاق بشكل متكامل والذي لا يحدده شيء، ولا حتى جوهره الخاص، فهذا يعني أن قراراته لا يمكن فصلها فعليا، إن لم يكن عقليا، عن جوهره: ليس الله في حقيقته إلا في الفعل الوحيد والأبدي الذي به فقط يجعل كل ما هو موجود موجودا، من الماهيات وكذلك الوجودات، هذا الفعل الذي يجمع بين اللامبالاة والضرورة وفقا للحوار مع بورمان (في الفصل 23 من الجزء الأول من "المبادئ"). لا يوجد سوى فعل أبدي في الله حيث الرؤية والإرادة والفعل شيء واحد. ذلك ما أكده ديكارت منذ عام 1630، على ما يبدو دون التفكير في القديس أوغسطين، ولم يتوقف عن تكراره لاحقا، لا سيما في الفصل 23 من الجزء الأول من "المبادئ". تستبعد لا نهائية وكمالية الله أمكان أن تحدث فيه عمليات متعاقبة فقط بل متباينة، اسبقية منطقية، إن لم تكن زمنية، لغعل فهمه بالنسبة لفعل إرادته. ومع ذلك، تطرح عدة أسئلة. لماذا يلجأ ديكارت إلى القديس أوغسطين؟ ولماذا لجأ إلى القديس أوغسطين سنة 1644؟ هل يمكننا أن ننسب إلى القديس أوغسطينوس مذهب المصادفة ، في الله ، في الرؤية والإرادة والفعل ، إذا لم نتمكن من أن ننسب إليه مذهب خلق الحقائق الأبدية الذي لا ينفصل عنه ديكارت؟ لا يمكننا الإجابة على السؤال الأخير دون تحليل مقطع من "الاعترافات" التي اقتبسها ديكارت في الرسالة إلى ميسلاند بتاريخ ثاني ماي 1644. لا يمكننا الإجابة على الأسئلة السابقة دون مقاربة هذا المقطع من النصوص الديكارتية التي تحتوي على أسباب لجوء ديكارت إلى القديس أوغسطين، خاصة في ستة 1644. ما هي هذه النصوص؟ أولاً، النقطة السادسة من الإجابات السادسة. ثانيا، الفصل 23 من الجزء الأول من "المبادئ"، المتزامن مع الرسالة الموجهة إلى ميسلاند في ثاني ماي 1644. في الفصل الثامن والثلاثين من الكتاب الثالث عشر من "الاعترافات"، يعارض القديس أوغسطين طريقتين للنظر إلى الأشياء الموجودة: طريقة الإنسان وطريقة الله. يقول ديكارت: "أما بالنسبة لنا، فنحن نرى هذه الأشياء التي اوجدتها، لأنها موجودة. لكنك، لأنك تراها، فهي موجودة. أما نحن فنراها خارجنا لأنها موجودة وفينا لأنها حسنة. لكنك رأيتها مخلوقة حيث ارتأيت خلقها."
لا يتحدث القديس أغسطين في النص الأخير سوى عن المخلوقات، وليس عن الحقائق غير المخلوقة. هذه الأشياء المخلوقة، يدركها الإنسان بعديا، إذ يجب أن توجد في وجودها وفي صلاحها، أولاً من خلال الحواس في وجودها، ثم من خلال الذكاء في صلاحها (الطريقة الأسمى لإدراك صلاحها من قبل الإنسان بالذكاء هي إرجاعها إلى عمل الله الذي خلقها بسبب صلاحها، وهو يتأمل أفكارها). بخلاف ذلك ذلك، يدركها الله بعديا لأن رؤية صلاحها تعادل رؤية وجودها، ورؤية وجودها تعادل رؤية وجودها. لا حاجة لله بأن تكون هذه الأشياء المخلوقة موجودة حتى يدرك وجودها وصلاحها. إنه من خلال إدراك صلاحها ووجودها في ذاته، في فهمه، يمنحها وجودا خارجه. يتأسس خلق الأشياء الموجودة في الإدراك الإلهي بصلاحها أو بسبب وجودها، في توافق مع السؤال السادس والأربعين من الأسئلة الثلاثة والثمانين المختلفة. لذلك لا يقول القديس أوغسطين بالصدفة، في الله، للرؤية، للإرادة وللفعل. يسبق الإدراك الإلهي للصلاح منطقياً الإدراك الإلهي للوجود، والإدراك الإلهي للوجود يسبق منطقياً الأمر الإلهي أو الوجود نفسه. لكن ليس للوجود سبب آخر غير الإدراك الإلهي للصلاح؛ فالله يوجد خارجه كل ما له في ذاته سبب للوجود. يكفي أن يرى الله في ذاته أن شيئا صالحا حتى يرى في ذاته أن هذا الشيء يجب أن يكون موجودا، ويكفي أن يرى الله في ذاته أن شيئا يجب أن يوجد حتى يمنح وجودا لهذا الشيء خارجه. ليس من المستغرب أن يتعارض التاويل الأوغسطيني لكتاب سفر التكوين مقدمًا مع التأويل الديكارتي لنفس الكتاب. بالنسبة للقديس أوغسطين، يصادق ويعلن الله في الأشياء التي خلقها الصلاح، المحايث لهذه الأشياء، الذي بمقتضاه خلقها. ففي الفصل الحادي والعشرين من الكتاب الحادي عشر من “مدينة الله”، يوضح أن الله ليس عليه انتظار إنجاز عمله لمعرفة صلاحه، لأنه، بخلاف ذلك، يقوم بعمله فقط لأنه يعرف صلاحه. لذلك لا يعلم الله أن عمله حسن بعمله، بل يعلم أن عمله حسن بعمله. خلق الله الأشياء لأنه رأى أنها صالحة. لا يرى الله أن الأشياء صالحة لأنه خلقها، أو لهذا السبب الصوري وحده أنه صانعها (كما يعيب لايبنيز على ديكارت في الفصل 2 من خطاب الميتافيزيقيا). في الواقع، يقلب ديكارت الاقتراح الأوغسطيني في النقطة الثامنة من الإجابات السادسة. ليس هناك أي طبيعة للصلاح، ولا سبب للوجود والخلق، لا يتوقف على إرادة الله وفي نفس الوقت على فهم الله، لأنه لو لم تكن الحالة كذلك، لما كان الله قديرا. الله ليس عازما على عمل الأفضل، لكن الأفضل هو ما يقرر القيام به دون أن يحدده أي شيء، بكل اللامبالاة والضرورة وفقا للمقابلة مع بورمان (في الفصل 23 من الجزء الأول من المبادئ). هل يهتم ديكارت بالمعنى الحقيقي لمقطع “الاعترافات” الذي اقتبسه؟ قد نميل للإجابة بلا. أولاً، تم نقل قول القديس أوغسطين دون احتياطات من الوجودات إلى الماهيات. الفعل الذي ذكره ديكارت هو ذلك الفعل الذي أوجد الله من خلاله طبيعة الحقيقة وطبيعة الصلاح تماما كما توجد جميع الأشياء في العالم كما هي موجودة. وفقا للرسالة الموجهة إلى ميرسين بتاريخ 6 ماي 1630، (“من هنا بالذات يريد أي شيء، على هذا النحو يعرفها، وعلى هذا النحو فقط يكون الشيء حقيقيا). وفقا للرسالة الموجهة إلى مرسين بتاريخ 27 ماي 1630 (“من هنا بالذات خلق الأشياء التي أرادها أن توجد وتمثلها على أنها بكل الأبدية). هذه الصيغ التي تعود إلى 1630 أوغسطينية باقل قدر ممكن. ثانيا، ربما تكون لقول القديس أوغسطين وظيفة تشخيصية.كلماته تعبر بقوة لأن لا شيء، بالنسبة له، يتدخل بين الماهية والوجود، بين الرؤية والصلاح، بين الرؤية والوجود، بين رؤية الوجود والوجود ذاته. ومع ذلك، وبغض النظر عن العفوية التي يستخدمها ديكارت في اقتباس كلمات القديس أوغسطين، وهو يعلم أنها لا تصف نفس المصادفة، في الله، للرؤية، للرغبة وللفعل، التي سعى إلى وصفها، يتيسر اكتشاف سبب حقيقي للجوء إلى القديس أوغسطين في رسالة تعارض، بعد النقطة السادسة من الإجابات السادسة، حرية الإنسان بحرية الله. فكما يعارض القديس أوغسطينوس بين طريقتين في النظر إلى الأشياء الموجودة، إحداهما بشرية والأخرى إلهية، يعارض ديكارت بين طريقتين في النظر إلى الجواهر، إحداهما بشرية والأخرى إلهية. بينما يُحدِّد الله الجواهر، يجدها الإنسان على الفور مثبتة من قبل الله، الأمر الذي يبرر في النقطة السادسة من الإجابات السادسة ليس فقط طريقتين للنظر إلى الجواهر، ولكن أيضا حريتان للإرادة. يقول ديكارت: “أما بالنسبة لحرية الإرادة، فإن سبب وجودها في الله ليس هو نفسه سبب وجودها فينا.” يوجد في الله كما في الإنسان حرية الإرادة أو إرادة حرة، لكنها ليست حرة في الإنسان لنفس السبب الذي يجعلها حرة في الله. تعتمد حرية الإرادة أو عفويتها في الإنسان على عدم تناسب الفهم والإرادة. تعتمد حرية الإرادة أو عفويتها في الله على مصادفة الفهم والإرادة. في الإنسان، يُمارس الإرادة الحرة بمزيد من الحرية أو العفوية لأن الإرادة تتحدد على ما تحدده تمثيلات الفهم. كلما زادت الإرادة على ما يتم تحديده، زادت حريتها. كلما قلت الإرادة على ما يتم تحديده، كلما قلت حرية الإرادة. لن تكون أبدا حرة إلا عندما تتحدد كشيء غير قابل للشك ولن تكون أقل حرية إلا عندما تتحدد على أنها ليست كذلك. منذ التأمل الرابع، نعلم أن اللامبالاة هي أدنى درجات الحرية، وأن في الله تمارس الإرادة بحرية أو عفوية ليستا نسبيتين، بل مطلقتين، لأن الإرادة تحدد ما تتحدد به، بعيدا عن أن يتم تحديدها بأي شيء عن طريق تمثلات الفهم. لهذا السبب تعرف حرية الإنسان مقابل اللامبالاة والحرية الإلهية باللامبالاة. دائما ما تكون أفعال الإرادة البشرية حرة وغير مبالية من حيث أنها تنبع من الإرادة الحرة كقوة ذاتية التحديد دون قيود خارجية، ولكن من خلال الدافع الداخلي لأسباب الفهم. ومع ذلك، فإن حقيقة أن الإنسان لديه من حيث المبدأ إرادة حرة لا تمنع هذه الإرادة الحرة من أن تكون أكثر حرية في استخدامها لأنها تتغلب على القيد الداخلي الذي تشكله تمثلات الفهم، التي، لا تسمح بمشاركتها في انتقائها، ما دامت (التمثلات) غير مشكوك فيها. يقول ديكارت: “وهكذا تكون اللامبالاة الكاملة في الله دليلا قويا على قدرته المطلقة. لكن الأمر ليس كذلك مع الإنسان، الذي، من الواضح، وهو واجد بالفعل طبيعة الخير والحقيقة مؤسسة الله ومحددة من قبل الله، ويمكن لإرادته بما هي كذلك أن بشكل طبيعي أن تتوجه فقط إلى ما هو صالح، أنه يحتضن عن طيب خاطر، وبالتالي بحرية أكبر، الخير والحق، كما يعرفهما بشكل أوضح؛ وأنه لا يكون أبدا غير مبالٍ إلا عندما يتجاهل ما هو أفضل أو أكثر صلاحا، أو على الأقل عندما لا يظهر له ذلك بوضوح بحيث لا يستطيع الشك فيه بأي حال من الأحوال.” يؤسس الله ويحدّد طبيعة الحقيقة والصلاح. يجدها الإنسان مؤسسة ومحددة. ندرك هنا المعارضة الأوغسطينية في “الاعترافات”، لكنها تنطبق على الجواهر. ومع ذلك، يكمل الفصل 23 من الجزء 1 من “المبادئ” الاعتراض الوارد في الإجابات السادسة. يقول ديكارت: “على الرغم من الإحساس بكمال معين فينا، لأنه مع ذلك يوجد شغف في كل إحساس وأن المعاناة (نابعة) من الاعتماد على شيء آخر، فلا ينبغي بأي حال من الأحوال أن نفكر في أن الله يحس، ولكنه يتمثل الأشياء التي يريدها بالذكاء. وهذا الأمر نفسه لا يقوم به مثلنا، من خلال عمليات متميزة بطريقة ما، ولكن بطريقة أنه بفعل واحد ودائم وبسيط للغاية، يتمثل نفسه بالذكاء، ويراقب ويعمل في نفس الوقت. الكل، كما أقول، يعني كل ما هو شيء: إنه لا يريد، في الواقع، خبث الخطيئة، لأنها لا شيء.” في هذا الفصل 23، يستبعد ديكارت ثلاثة اشياء: 1 / الله ليس له جسد. 2 / الله ليس لديه تمثيلات حساسة (لجوهر الله فقط ذكاء وإرادة خالصة) ؛ 3 / عمليات فهم الله وعمليات إرادة الله ليست متتابعة ولا حتى متميزة. مثل القديس أوغسطين، يعارض ديكارت بين المعرفة البشرية والمعرفة الإلهية. إن الكائن الذي تتحد روحه بجسد محكوم عليه بمعرفة الأشياء، ليس بالضرورة من خلال الحواس، ولكن على أي حال بمناسبة شهادة الحواس. حسب القديس أوغسطينوس، فلأننا نرى الأشياء بالحواس، نرى صلاحها بالذكاء. حسب ديكارت، الإنسان قادر على معرفة فكرية خالصة بالأشياء، ولكن عن طريق التجريد، وبالتالي دائما على أساس المعرفة الحسية بالأشياء. أما بالنسبة لمعرفته الفكرية البحتة بالأشياء، فهي مبنية على الجواهر نفسها التي حددها الله. وفقًا للفصل 24 من الجزء الأول من “المبادئ”، سنحاول، من خلال اعتبار الله خالقا لكل الأشياء (من خلال اعتباره خالقا للجواهر بالإضافة إلى الوجود)، أن نكتشف بالعقل كيف أن الأشياء التي قمنا بتجربتها أمكن لها أن تصنع من قبله. بعبارة أخرى، المعرفة البشرية ليست أبدا قبلية بنفس المعنى كما المعرفة الإلهية. لا يكفي فقط أن نضيف إلى الاستنباط القبلي للقوانين الطبيعية الصالحة في جميع العوالم الممكنة تفسيرا بعديا لظواهر هذا العالم من خلال فرضيات قابلة للتحقق تجريبياً، وتتمثل وظيفتها في إظهار كيف يمكن أن تكون الأشياء في هذا العالم قد خلقت بدلاً من كيفية خلق أشياء هذا العالم فعليا. ولكن لا يزال يتعين علينا أن نستند، أثناء الاستنباط القبلي للقوانين الطبيعية الصالحة في جميع العوالم الممكنة، على الأفكار الفطرية التي ندركها فقط في أنفسنا، وليس في الله. الكائن الذي لا تتحد روحه بجسد لا يُحكم عليه بمعرفة الأشياء من خلال الحواس. لدى الله على الفور معرفة فكرية صرفة بالأشياء. وفقا للقديس أوغسطينوس، لا يحتاج الله لأن تكون الأشياء موجودة حتى يدرك سبب وجودها. على العكس من ذلك، فهو يحتاج فقط إلى رؤية سبب وجودها لكي تكون موجودة. حسب ديكارت، ليس لله فقط تمثيلات فكرية بحتة، ولكن أيضا عمليات فهم الله وعمليات إرادة الله ليست متتالية ولا حتى متميزة. وهكذا، لم يعد الله بحاجة إلى أي شيء (ولو كان شيئا في ذاته) ليوجد كل ما هو موجود، من ماهيات ووجودات. الموقف الديكارتي يعمق الموقف الأوغسطيني. وفقا للقديس أوغسطينوس، يحتاج الله فقط أن يرى في نفسه أفكار كل الأشياء، لكي توجد هذه الأشياء؛ بحسب ديكارت، لم يعد الله بحاجة إلى أي شيء (ولو كان شيئا في ذاته) لكي تكون كل الأشياء موجودة. عمليات العقل البشري متتالية ومتميزة. عمليات العقل الإلهي ليست متتالية ولا متميزة. ولأن الله لا يجب أن يفصل عقله عن الحواس، فليس عليه أن يخضع إرادته لفهمه. ولأن الإنسان يجب أن يفصل تفكيره عن الحواس، يجب عليه إخضاع إرادته لفهمه. يجب على الإنسان أن يبذل جهدا حتى تكون أحكامه مبنية على أفكار واضحة ومتميزة، وليس على أفكار غامضة ومشوشة. لا يوجد فيه تفاوت بين الفهم والإرادة فحسب، بل يوجد فيه أيضا حركة ذهاب وإياب بين الفهم والإرادة. الإرادة، التي تم تحديدها أولاً من خلال التمثيلات الغامضة والمربكة، لا تكتفي بالتمثلات التي، بتحديدها بشكل ضعيف، لا تسمح لها بأن تكون حرة كما يمكن أن تكون إذا تم تحديدها من خلال تمثلات واضحة ومتميزة، وحتى من خلال تمثلات لا لبس فيها، لا يوجد تمثل أكثر وضوحًا من الإرادة الحرة نفسها. لذلك فإن الأصل المحسوس للتمثلات هو سبب تعاقب وتمييز عمليات العقل البشري. الله، الذي ليس لديه تمثيلات من أصل محسوس، يفلت من تعاقب وتميز عمليات العقل البشري. لا يوجد فيه تفاوت ولا حركة ذهابا وإيابا بين فهمه وإرادته. فعل فهمه وفعل إرادته هما فعل واحد وأبدي. فيه “videre و velle لهما معنى واحد.” تُرتب النقطة السادسة من الإجابات السادسة والفصل 23 من الجزء الأول من “المبادئ” للإحالة على القديس أوغسطين في الرسالة الموجهة إلى ميسلاند بتاريخ 2 ماي 1644. ولم يعلن القديس أوغسطينوس عن خلق الحقائق الأبدية، بما فيها الله، ولا عن المصادفة،في الله، للرؤية، للإرادة ولللفعل. ذلك أن الجواهر هي شيء في حد ذاتها، حتى لو كانت أشياء في ذاتها، فهي كذلك فقط في فهم الله، فقط في فعل فهم الله، وحتى لو اكتفي الله أن يتمثلها بفهمه لكي تحدد إرادته الإبداعية. كذلك لا ينبغي للمرء أن يبحث في النصوص الأوغسطينية عن مذهبين ديكارتيين صريحين غير موجودين. وحتى لو كان فكر ديكارت مضادا لفكر القديس أوغسطين الذي بالنسبة له تكون الحقيقة غير مخلوقة وينتظم الفعل الخلاق لله على حكمة الله غير المخلوقة، فهناك في فكر القديس أوغسطين عناصر تعلن عن فكر ديكارت. ورغم أن الجواهر لا تعتمد على إرادة الله كما عند ديكار ، فهي ليست مستقلة عن الله كما عند أفلاطون. إنها تعتمد على الله الذي تعيش فيه، دون الاعتماد على إرادة الله التي تنظمها من الداخل. بعد ذلك، يجب على الإنسان أن يتعرف على هذه الجواهر من خلال وساطة الأشياء الموجودة، بينما يتأملها الله في نفسه دون وساطة الأشياء الموجودة. يُنظر إليها كما لو أنها معكوسة في المرآة طالما يراها الإنسان في الأشياء الموجودة، ولن تُرى مباشرة إلا عندما يراها الإنسان ليس في الأشياء الموجودة، بل في الله. لذلك فإن المعرفة البشرية بالجواهر يمكن مقارنتها حاليا بالمعرفة الرياضية بالجواهر كمعرفة رمزية بالجواهر. إنما للذكاء البشري، في سعيه لرؤية المعقول، يُظهر الله الحقائق التي تتفوق عليه، وإنما للإيمان البشري، عبر هبة الإيمان وهبة الذكاء، ييسر الله أن يرى أن المعقول هو في بداية كل ما خلقه. إن الجواهر ليست فقط مصدرا للوضوح، ولكنها أيضا مصدر للوجود، لأن الله صالح، وفي صلاحه يجعل كل شيء خارج نفسه له سبب للوجود. الفكر الأوغسطيني ليس فكرا في خلق الجواهر، ولكنه ليس فكرا في رؤية الجواهر في الله. بعد كل شيء، يعلن ديكارت أيضا، في التأمل الخامس، أنه عندما يقول الإنسان حقائق رياضية، فإنه يقول، من خلال ممارسة ذكائه ومن خلال أنماط تفكيره التي تمثل بالنسبة له الجواهر أو الطبيعة الحقيقية وغير القابلة للتغيير، الحقائق التي تفرض نفسها في ذهنه. أخيرًا، لا يوجد في الله فصل بين التأمل في الجواهر وخلق الأشياء التي من أجلها تشكل هذه الجواهر سبب الوجود.. يكفيه أن يرى حتى يريد، ويكفيه أن يريد ختى يفعل. لا شيء يقف بين الرؤية والإرادة بين الإرادة والفعل، حتى لو لم تتطابق الرؤية والإرادة والفعل كما عند ديكارت. إن فعل الله بسيط. لذلك لا يستطيع الله أن يفعل أي شيء بخلاف ما تم فعله. يفعل ما يراه في الجواهر التي يفكر فيها هذا الجانب الأخير ألفت انتباه ديكارت بشكل خاص واثار موافقته. إن قدرة الله المطلقة لا تتمثل في القدرة على فعل شيء آخر غير ما تم القيام به. حول هذه النقطة، يكون القديس أوغسطين حليفا لديكارت: كلاهما متعارض، من ناحية، مع من يعرّفون حرية الإرادة الإلهية بسلطة "مطلقة" لا تستنفدها قوته "المنظمة"، من ناحية أخرى ،ومع اللديكارتيين الذين ، مثل مالبرانش و لايبنيز، يبررون ما فعله الله فيما يتعلق بما كان بإمكانه فعله. دون الذهاب إلى أبعد من الضرورة السبينوزوية - لا أحد يحتج أكثر من سبينوزا ضد هذه المفاهيم عن قدرة الله المطلقة (خاصة في التعليق على الاقتراح السابع عشر من الجزء الأول من الأخلاق) - يدافع القديس أوغسطين وديكارت عن حرية الإرادة الإلهية التي تستثنى المصادفة من فعلها. حتى لو ان الله أوجد خارجه كل ما له سبب للوجود، أو اوجد الله كل ما موجود، سواء كان من الماهيات أوالوجودات، بدون أي شيء يحدده، ولا حتى جوهره الذي هو أول الجواهر التي اوجدها فإن فعل إرادة الله يصرف الحرية والضرورة. ذلك ما يفسر أيضا التقارب بين الفيلسوفين فيما يتعلق بإخضاع أفعال الإرادة البشرية الحرة لما أراده الله وخطط له، لم يخف ديكارت، في المقابلة مع بورمان (في المادة 23 من الجزء الأول من المبادئ) ، انتصاره لجانب القدريين ضد الأرمينيين واليسوعيين أن نقول إن الله كان بإمكانه أن يصنع الحقائق الرياضية والأخلاقية والميتافيزيقية بخلاف ما هي عليه، وحتى القول إن الله كان بإمكانه أن يصنع التناقضات معا، فهذا يعني جعلها كما هي، لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال ان هناك وجودا في الله للاحتمالات الأخرى، بما فيها إمكانية جعل المتناقضات متوافقة، والتي من خلالها يمنح الله قوة مطلقة لا تستنفد قوته "المأمورة". لا يؤكد ديكارت أن هناك إمكانا غير مطلوب يجعل القوة ممكنا مطلوبا. لأنه يؤكد أن ما لا يصنعه الله ليس بشيء.
#أحمد_رباص (هاشتاغ)
Ahmed_Rabass#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمد الكنودي يوجه رسالة إلى محمد حفيظ ويدعوه فيها إلى الاستق
...
-
أرجوحة مالبرانش بين ديكارت وأوغسطين
-
هيومن رايتس ووتش: السياسات الإسرائيلية التعسفية جرائم ميز عن
...
-
المغرب بعيون ماركسية
-
الفلسفة والتاريخ: جدلية العام والخاص
-
اقتصاد المخدرات وشبكات الفساد في المغرب (2/1)
-
هل ما زال الفقر ظاهرة اجتماعية ذات راهنية سوسيولوجية؟
-
الحقيقة عند نيتشه غير قابلة للتفسير والتعريف
-
ألبرت إنشتاين والصهيونية، أية علاقة؟
-
كوفيد-19: مناظرة فلسفية بين سلافوي جيجيك وجورجيا أغامبين
-
فجيج: أصحاب نخيل واحة العرجة ضحايا الصراع بين المغرب والجزائ
...
-
ما مدى تأثير الخوف من الإصابة بكوفيد على النشاط الجنسي؟
-
هل الكيف ضامن لمستقبل منطقة الريف المغربية؟
-
من الكيف إلى الحشيش..تطور صناعة القنب الهندي في المغرب
-
في حوار مع الفيلسوف الماركسي دانيال بنسعيد حول راهنية المارك
...
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|