مثنى حميد مجيد
الحوار المتمدن-العدد: 1636 - 2006 / 8 / 8 - 07:05
المحور:
كتابات ساخرة
فلما فرغ البغل من كلامه التفت الجمل الى الخنزير فقال له قم وتكلم واذكر ما تلقون معشر الخنازير من جور بني ادم ، واشك إلى الملك الرحيم ، فلعله يرق لنا ويرحمنا ، ويفك أسرنا من أيدي بني ادم ، فإنكم من الأنعام.
فقال حكيم من حكماء الجن ، لا لعمري ليس الخنزير من الأنعام بل من السباع ، ألا ترى أن له أنيابآ ويأكل الجيف ؟
وقال قائل اخر من الجن ، بل هو من الأنعام ، ألا ترى أن له ظلفآ ويأكل العشب والعلف ؟ وقال الاخر ، لا بل هو مركب من السباع والأنعام والبهائم مثل الفيل ، والزرافة مركبة من الحمار والجمل.
ثم قال الخنزير للجمل ، والله ما أدري ما أقول وعمن أشكو من كثرة اختلاف القائلين في أمرنا. أما حكماء الجن فقد سمعت ما قالوا. وأما الإنس فهم أكثر اختلافآ في أمرنا وأبعد رأيآ ومذهبآ ، وذلك أن المسلمين يقولون إنا ممسوخون ملعونوون ، ويستقبحون صورتنا ، ويستثقلون أرواحنا ، ويستقذرون لحومنا ، ويتشاءمون من ذكرنا . وأما أبناء الروم فيتنافسون في أكل لحومنا في قرابينهم ، ويتبركون بها إلى الله . أما اليهود فيغضبوننا ويشتموننا ويلعنوننا من غير ذنب منا إليهم ولا جناية عليهم ، لكن لعداوة بينهم وبين النصار . وأبناء الروم وأبناء الأرمن فحكمنا عندهم كحكم البقر والغنم عند غيرهم يتبركون بنا من خصب أبداننا وسمن لحومنا وكثرة نتاجنا وغزارة ألباننا . وأما الأطباء من اليونانيين فيتداوون بشحومنا ويتواصفونها في أدويتهم وعلاجاتهم . وأما ساسة الدواب فيخالطوننا بدوابهم وعلفها ، لأن حالها يصلح عندهم بمخالطتنا وشمها روائحنا . وأما الأساكفة والخرازون فيتنافسون في شعر أعرافنا ، ويتبادرون في نتف أسلتنا في شدة حاجتنا إليها ، فقد تحيرنا لا ندري لمن نشكر وممن نشكو وممن نتظلم!
..........................
النص منقول كاملآ من كتاب رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء المجلد الثاني ، دار صادر ، بيروت.
#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟