أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - ذكريات من فندق المرضى














المزيد.....

ذكريات من فندق المرضى


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6924 - 2021 / 6 / 10 - 11:41
المحور: الادب والفن
    


أنت لا تعرف تاريخ المكان ، و لم يكن لك ماض هنا، لم تدرس في المدارس حيث تربطك الذاكرة بمن تخرّجت معهم في المدرسة الثانوية. أنت لست من هنا . إنّك من هناك . الحديث ليس لي بل لصديقي السويدي من أصول يونانية ، هو نزيل الفندق الذي أقمت فيه حوالي الشّهر . فندق جميل ، وخدمة خمسة نجوم ، لكن اسمه مخيف قليلاً فهو فندق المرضى، و الجزء الذي أعيش فيه من الفندق مخصص للمرضى الذين يذهبون للعلاج الإشعاعي من أجل مكافحة السّرطان .
بالنسبة لي أحبّ من الطّعام الفروج مع البرغل ، أو الجبن البلدي ، أو حتى الزيت و الزعتر ، ومع علاج الأشعة تنخفض قدرتك على التّذوق للطعام، وبخاصة لو كان طعام أمّ أخرى !
الطعام في الفندق هو سفرة مفتوحة في الصباح الظهر و المساء ، فيها مالذ وطاب بدءاً من العسل، و انتهاء بالكافيار ، ومن يرغب بين الوجبات أو في المساء فإن القهوة و الشاي موجودان، و الطعام مخزّن في البراد ، و المكارويف حاضر ، و لكن. . .
كان الطعام سمكاً في ذلك المساء ، و إلى جانبه كالعادة صوص أبيض ، بطاطا مسلوقة، سلطة بروكلي، عصائر ، مياه غازية ، وعدّة أنواع من الخبز ، منها الخبز المقرمش . شممت الرائحة ، ولم أستطع الاقتراب من الطّعام فدهنت الزبدة على قطعة خبز مقرمش، وجلبت كأس شاي ساخن ، وجلست إلى طاولتي . أتى صديقي ، ومعه صينية الطعام، وجلس إلى طاولتي أيضاً . قال لي: ألم يعجبك الطّعام؟ أجبته بتحفظ: الطعام جيد، لكن الغثيان يمنعني من أن أستسيغه . ضحك وقال : نوع السمك هذا فاخر، لكن لو كان التحضير على الطريقة اليونانية. أتيت منذ خمسين عاماً إلى السويد، زوجتي سويدية ، ولي عائلة ، لكن لكل بلد نكهة طعام قد لا تزول من على لسانه. إنّها الطّفولة الأولى . تحدّث لي عن عائلته في اليونان . قلت له : أنت أوروبي ، وسويدي منذ خمسين عاماً، ولست مندمجاً كفاية .
في كل ليلة أصبحنا نلتقي في صالة التلفاز،نثرثر حول أشياء كثيرة حتى أصبحنا أصدقاء . سألني عن جريمة الشّرف في سورية ، وكان التلفزيون السويدي يعرض قصة رجل سوري قتل زوجته ، أخذ أطفاله الثلاثة إلى الروضة ، وحاول أن يفرّ إلى الدانمارك ، لكن البوليس أمسك به ، وهذه ليست أول حادثة قتل . أهل الزوجة ليسوا في السويد جميعهم في سورية لذا تبرّع زملاؤها في العمل بدفنها على الطريقة الإسلامية . نظر إلي وقال: شيء مرعب . صحيح أنّ حوادث قتل الزوجات موجود حتى في الغرب ، لكنّ الأضواء تسلّط عليه، وليس بهذا الحجم.
قال لي: منذ خمسين عام و أنا هنا ، لي أصدقاء، لكنّني لا زلت يونانياً حتى بنظر زوجتي و أولادي . نحن لسنا من هنا ، بل من هناك ، لكن العالم اليوم متعدد الجنسيات ، فأنا يوناني سويدي، وزوجة ابني فلندية سويدية، و ابنتي سويدية متزوجة من أمريكي . سوف يأتي يوم يصبح فيه العالم مختلطاً .
لم أكن أعرف أن صديقي يكتب الأدب إلا قبل وداعه بيوم بعد أن أنهى جلساته، وفي تلك الليلة قبل مغادرته كان على طعام العشاء نوع من الكاتو المعجون بالتوت البري ، فأخذت قطعة دون أن أضيف لها البوظة. قلت له: أنا مريضة سكري . قال و أنا أيضاً آخذ ثلاث حبات وإبرة في المساء. سألته: هل أكلت البوظة. قال : بالطبع. أكلت قطعتين !



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوروبا ، وسياسة الهجرة
- هواجس الصّباح
- جميعهم الرسول محمد
- طريق الهاوية -20-
- طريق الهاوية -19-
- طريق الهاوية -18-
- طريق الهاوية -17-
- طريق الهاوية -16-
- لا تنتهي الدكتاتورية بموت الدكتاتور
- طريق الهاوية -15-
- طريق الهاوية -14-
- النّبش في الذّاكرة
- طريق الهاوية -13-
- طريق الهاوية -12-
- قصة عن العبودية
- طريق الهاوية -11-
- انتصار الفكر الداعشي في المحرّر
- طريق الهاوية -10*
- الصحفي مهدد بالقتل في عقر داره
- طريق الهاوية -9-


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - ذكريات من فندق المرضى