الحسين أيت باحسين
الحوار المتمدن-العدد: 6924 - 2021 / 6 / 10 - 01:25
المحور:
الادب والفن
علاقة الأمازيغ بالحلي تاريخيا:
من بين الشواهد على علاقة الامازيغ بالحلي، العثور على قلادة بمغارة الحمام مصنوعة من الصدفيات والقواقع. إذ حسب بيان صادر عن وزارة الثقافة المغربية؛ عثر علماء من المعهد المغربي للآثار والتراث بالتعاون مع جامعة أكسفورد البريطانية على نحو عشرين من الصدفيات البحرية استعملها الإنسان قديما كحلي في مغارة الحمام بمنطقة تافوغالت؛ علما أن مغارة أو كهف الحمام تقع قرب بلدة "تافوغالت" في شمال المغرب الشرقي على بعد حوالي 55 كلم شمال غرب وجدة. وهذه المجموعة من الحلي يترواح عمرها 82 ألف سنة؛ ويعتقد أنها الأقدم في العالم. وبهذا الاكتشاف تصير الحلي التي عثر عليها في المغرب أقدم من تلك التي اكتشفها العلماء في جنوب أفريقيا والتي تعود إلى70 ألف سنة أو التي عثر عليها، حتى الآن، في أوروبا أو في فلسطين والتي تتراوح بين 30 و40 ألف سنة.
لمزيد من التفاصيل يمكن العودة إلى ما يحيل عليه الرابط التالي:
https://www.wikiwand.com/ar/%D9%85%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D8%A9_%D8%AA%D8%A7%D9%81%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%AA#/%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D9%81%D8%A7%D8%AA
أما فيما يخص علاقة الأمازيغ بصناعة الحلي؛ في شمال إفريقيا وفي المغرب خصوصا؛ فإن بعض الأبحاث والدراسات تؤكد أن الأمازيغ قد استطاعوا أن يطوعوا المعادن عبر العصور، بحيث تشير الدراسات إلى أنه قبل 3000سنة تمكنوا من إذابة المعادن واولها كان النحاس.
وأوردت وثائق مصرية كون الأمازيغ قد توصلوا الى إذابة المعادن قبل 3000 سنة، وأشارت إلى ظهور الحلي في تلك الحقبة.
وكتوثيق لهذا السبق في صناعة الحلي، ولتلك العراقة في التعدين، تجدر الإشارة إلى أن لوحات الفن الصخري قد وثقت؛ من خلال النقوش الصخرية؛ لهذه العراقة ولذلك السبق من خلال ما احتفظت به رسوم الخلخال بمنطقة تازناخت إقليم تارودانت. فمن بين ما ورد بصدد هذه النقوش الصخرية بتازناخت ما يلي: " إن التيمات التي تحملها هذه النقوش هي:أشكال هندسية وقوى طبيعة كالشمس وأشكال حيوانية و أشكال أدمية و الخلالات “تازرزيت” و رسومات لادوات وآليات النسيج"؛ وللمزيد من المعلومات يمكن العودة إلى التقرير الذي يحيل عليه الرابط التالي:
https://amadalamazigh.press.ma/%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D9%88%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF-%D8%AA%D8%A7%D8%B2%D9%86%D8%A7%D8%AE%D8%AA-%D9%86%D9%85/
كما أن هناك إشارة إلى كون الملك الأمازيغي يوبا الأول (85 – 46 قبل الميلادي) "قد خلف لنا عصره الكثير من الآثار الثمينة، وفي مقدمتها عملات نقدية خاصة اتخذها للمعاملات التجارية في مملكته، وكلها من معدن الفضة وتحمل صورة وجهه"؛ ويحيل الرابط التالي إلى صور 7 عملات فضية نادرة للملك الأمازيغي يوبا الأول:
http://www.portail-amazigh.com/2019/02/Juba-I-Numidia.html
الزي الأمازيغي النسائي المرصع بالحلي الفضي، مكوناته:
يتميز الزي الأمازيغي عند النساء بأشكال وألوان جد متنوعة، لكنها تميز وتدل على مختلف المناطق؛ بحيث يتعرف الناظر إليها على المناطق التي تنتمي إليها. وما يميز أيضا هذا الزي الأمازيغي عند النساء هو أنه مرصع أساسا بالحلي الفضي الذي يشمل ترصيعه كل أطراف جسد المرأة من أعلى رأسها (ئسني، تاسكيوين – تاج على شكل قرون رقصة تاسكيوين) إلى قدميها (أخلخال – أساور الرجلين) مرورا بجبهتها (تاونزا – الناصية) وأذنيها (تيخرصين - أقراط) وعنقها (تازرا، تيفيليت - قلادة) وصدرها (تازرزيت – الخلالة) ويديها (ئبزكان، النبالة - أساوراليدين) وأصابع يديها (خواتم – الخواتم) وخصرها (تاكّست، سّمطا – الحزام) وصولا إلى رجليها (أخلخال – أساور الرجلين).
حول رمزيات مكونات الحلي الأمازيغي ودلالاتها:
من بين مكونات هذا الحلي؛ من حيث رمزياته ودلالاته؛ ما هو مرتبط بمجرد التزيين كمزج الأحجار الكريمة ببعض مكونات الحلي؛ أو بمعتقدات عريقة؛ أوبامتداد الهوية الأمازيغية الثقافية؛ أوبتوظيف من أجل نصرة قضية وطنية (دعم المقاومين، داخل تلك القرون، بالبارود والرصاص من طرف النساء المقاومات).
لمزيد من الاطلاع على مجموعة من المقاربات لدلالات مكونات الحلي الأمازيغي يمكن الاطلاع، قصد الاستئناس، على المراجع التالية:
FLINT, Bert (1973) Formes et symboles dans les arts du Maroc.Bijoux / Amulettes,Rabat.(Sujet : Costumes / Bijoux).
AMARIR, Abdessalam (2007) Les bijoux (Tizuzaf), Publication de l’Institut Royal de la Culture Amazighe (47 pages).
OTHMANI, Meriem (1987) Tizerzai : la fibule du Maroc, Edit. SICOPA, (213 pages).
RABATE, Marie-Rose GOLDENBERG, André (199) Bijoux du Maroc).
أيت باحسين الحسين (التنسيق والمراجعة العامة) (2008) المرأة والحفاظ على التراث الأمازيغي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط. (181 صفحة,(
انظر مقال الحسين أيتب احسين: "دور المرأة الأمازيغية في الحفاظ على البعد الأمازيغي للهوية المغربية من خلال إبداعاتها (ص. 9-36؛ خاصة الصفحة رقم: 29، المتعلقة ب "نماذج من الحلي).
https://www.facebook.com/photo?fbid=10225372012143899&set=a.10225372014543959
لماذا يفضل الأمازيغة الفضة على الذهب ؟
أثبتت أدلة تاريخية استعمال الأمازيغ للذهب، في التبادل التجاري مع القرطاجيين، حسب ما ورد في رحلة حانون القرطاجي وتبعا لما أورده هرودوت (1) من أن القرطاجيين يتبادلون سلعهم مع الأمازيغ بكميات الذهب التي تساوي ثمن تلك السلع؛ مع الإشارة إلى أن الطرفين كانا عادلين في مبادلاتهما. السؤال المطروح ، ما دام الأمازيغ يتاجرون في الذهب، لماذا يفضلون التزين بالحلي الفضية والأكل في الأواني الفضية؟
فعلا، فضل الأمازيغ؛ على مر العصور، وفي مختلف المناطق التي يتواجدون فيها في شمال أفريقيا؛ معدن الفضة على الذهب ضمن الحلي الذي يتزينون به. وهذا التفضيل ليس مرتبطا بالدين أو بندرة الذهب، فكل من اهتم بالموضوع لاحظ أن الأمازيغ يتعاملون مع الذهب من حيث قيمته المالية والتجارية؛ أما معاملتهم مع الفضة؛ التي يطلقون عليها إسم: "نّقرت:النقرة"؛ فتتعدى القيمة المالية والتجارية إلى قيم ثقافية ورمزية مرتبطة بمبررات أهمها:
الذاكرة الشعبية و"الفرعون الفضي":
إن مجوهرات المرأة الأمازيغية جلها، إن لم نقل كلها، من الفضة؛ وتتوارثها الأسر.
فارتباط الأمازيغ بالفضة يعود إلى دلالتها الضاربة في عمق تاريخهم، وأضحت ضمن الذاكرة المشتركة للأمازيغ.
كانوا يتبركون بـ "الخميسة"الفضية، وهي على شكل اليد المفتوحة تُعلق للمرأة المتزوجة حديثا وللمولود الجديد للتفاؤل، كما أنها تلصق في باب المنزل درءا لعين شريرة.
ومن شواهد تفضيل الفضة على الذهب لدي الأمازيغ ما اكتشفت في مقبرة شيشنق على يد الفرنسي البروفيسور مونيته في سنة 1940، والتي وجدت بكامل كنوزها ولم تتعرض للنهب. وبسبب الكمية الكبيرة للفضة المكتشفة في القبر سُمي شيشنق بـ”الفرعون الفضي”.
علما أن شيشنق هو الملك الأمازيغي الملقب بـ”الفرعون الفضي”، والذي استطاع أن يصل إلى تولى حكم مصر وأن يحمل لقب "الفرعون"، ويؤسس بذلك الأسرة 22 في عام 950 قبل الميلاد، وأن تحكم سلالته قرابة قرنين من الزمن. وما يبرر هذا التفضيل كونه لجأ، بعد موت زوج ابنته سليمان، إلى الهيكل فهدمه؛ حسب ما ورد في التوراة؛ واستولى على ما به من خزائن الذهب لينعش خزائن مصر الفرعونية التي أفرغت قبل وصوله إلى هرم السلطة الفرعونية التي امتلأت مقابر أهراماتها بمنتوجات ذهبية؛ وذلك عكس ما امتلأت به مقبرة شيشنق.
الفضة في الثقافة الأمازيغية كرمز للصفاء:
يظهر حب الأمازيغ للفضة وارتباطهم بها في الشعر، الحكم والأمثال، بل حتى في النصوص ذات الصبغة الدينية كما هو الشأن عند الشاعر الأمازيغي المغربي سيدي حمو الطالب في شعره.
ومن الأمثال التي يتداولها المغاربة عن الفضة، المثل الشعبي القائل: "الله يعطيك شي نقرة فين يغبر نحاسك” (الترجمة الحرفية: نتمنى من الله أن يرزقك فضة يختفي فها نحاسك)، وهو مثل يدل على صفاء الفضة وقيمتها الكبيرة لدى الأمازيغ.
ومن حيث الدلالة الرمزية بأن الأمازيغ يفضلون الفضة لإيمانهم بأنها “ترمز إلى الصفاء ويرمز بياضها الناصع ونقاءها إلى الخير والحب والسلم والأمان”.
وهناك مقولة صينية ترى أن الفضة مرتبطة بالقمر مما توفر الشعور بالراحة والاسترخاء. وقد بداء العلم الحديث يثبت فوائدها المختلفة وأسرارها الطبية والسيكولوجية وغيرها مما يفيد الجسم والنفس (الروح).
-----------------
(1) أعشي، مصطفى (2008) أحاديث هيرودوت (489/487-425 قبل الميلاد) عن الليبيين (الأمازيغ)، (ترجمة وتعليق وشرح)، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (مركز الدراسات التاريخية والبيئية، سلسلة الترجمة رقم: 13)، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2009، ص.100، فقرة:196.
الحسين أيتب احسين
باحث في الثقافة الأمازيغية
#الحسين_أيت_باحسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟