أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -القدرية- في حياتنا اليومية














المزيد.....

-القدرية- في حياتنا اليومية


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1635 - 2006 / 8 / 7 - 10:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كم دَهَشَت الناس وحيَّرتهم ظاهرة "تعارض النتائج مع التوقعات"، فسعيهم، أكانوا أفرادا أم جماعات، من أجل تحقيق شيء ما، أو هدف ما، كان ينتهي في معظم الأحيان بنتائج فعلية تذهب بالتوقعات، أو بنتائج لم يتوقعونها قط، وكأن ثمة يد خفية تعمل دائما في اتجاه معاكس أو مضاد لمساعيهم وخططهم وأهدافهم. لقد وجد الناس، وحتى رجال الفكر منهم، مشقة ذهنية كبرى في تفسير هذه الظاهرة المحيرة والمثيرة للقلق والاضطراب في النفوس، فاعتقدوا بـ "القضاء والقدر" وبما يشبه هذا المفهوم في معناه كمثل "الحظ" و"البخت".

وكان ممكنا أنْ يُنْظَر إلى الأمر نظرة مختلفة ومغايرة، فالإنسان لا يمكنه في أثناء قيامه بعمل ما توصلا إلى هدف ما إلا أن يتفاعل ويتبادل التأثير مع غيره من البشر، فلا يحدث، بالتالي، إلا نادرا، أن يتمخض عمله عن النتيجة التي يريد. إنَّ تفاعل وتضارب مساعي البشر، أكانوا أفرادا أم جماعات، يؤديان، حتما، إلى نتائج فعلية مخالفة ومضادة للتوقعات والخطط.

وفي هذه الطريقة فحسب يُصنع "التاريخ"، الذي طالما جرت رياحه بما لا تشتهي سفن البشر والدول والأحزاب، والذي بسبب خاصيته الجوهرية تلك استغلق على البشر فهم الطريقة التي فيها يَصْنَع أحداثه، فمالت الغالبية العظمى من علماء الاجتماع والتاريخ ومن الفلاسفة إلى إخراج "التاريخ" من عائلة "العلوم المضبوطة" كمثل علم الفيزياء.

يد القدر في صنع الأحداث في حياتنا اليومية تحولت مع مرور الوقت وتراكم التجارب الإنسانية من تفسير افتراضي لظاهرة "تعارض النتائج مع المساعي" إلى عقيدة تعتقد بها غالبية الناس، وخصوصا أولئك الذين لا يملكون إلا قدرا ضئيلا من السيطرة على أحوالهم الحياتية كمثل المزارعين والبحارة والصناع الذين ينتجون البضائع من أجل بيعها في سوق يجهلون ما تتعرض له من قوى تأثير. ومع ترسخ هذا الاعتقاد في عقول ونفوس البشر تضاءلت حتى تلاشت تقريبا ثقتهم بقوة وقدرة الإرادة الإنسانية، وأخذوا يتساءلون عما إذا كان الإنسان يملك فعلا "حرية الإرادة"، فنشأ، بالتالي، وتتطور مذهب "التسيير والتخيير".

وكان الفيلسوف الألماني نيتشه أول من اكتشف أنَّ الشرقيين، بإيمانهم بالقضاء والقدر، قد نسوا أمرا بسيطا ولكن في منتهى الأهمية وهو أنَّ إرادتهم "ذاتها" يجب أنْ تكون مشمولة بـ "نظام القضاء والقدر"، أي أنَّ الإنسان المؤمن بالقضاء والقدر ينبغي له أنْ يؤمن، في الوقت نفسه، بأنه لا يريد إلا ما قُدِّر له أنْ يريد، فأنا لم أختر الذهاب إلى بيتي عبر هذه الطريق، بحسب ما "أتوهم"، وإنما كان مقدَّرا لي أنْ أذهب في هذه الطريق، وأنْ ألعب "لعبة الاختيار" بما يتفق وهذا القدر.

إنَّ الحاضر في حياة الإنسان هو لحظة الفعل الذي من دونه لا يُصنَع المستقبل. والإنسان، في مشاعره، يرتبط بماضيه ارتباطا مختلفا عن ارتباطه بمستقبله، فهو قد يندم على الماضي، ولكنه لا يخاف منه، وقد يخاف من المستقبل، ولكنه لا يندم عليه. وكثيرا ما قال الإنسان إنه، إذا ما رجع به الزمن شهرا أو سنة أو سنين، لن يفعل هذا الذي فعل، وسيفعل ما لم يفعل، وكأن هذه "الحكمة" التي تلبَّسته الآن يمكن أن تنشأ لو أن الأحداث التي يندم على حدوثها لم تحدث!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبنان يُقْتَل.. والعرب يموتون!
- موت -الكتابة-!
- الآن بدأت -حرب جرائم الحرب-!
- سلاح يدعى -المطالب الانتقالية-!
- قانا.. عاصمة -الشرق الأوسط الجديد-!
- لدينا -نقاط-.. ولكن أين -الحروف-؟!
- بعض من أوجه -قوة المثال-!
- شعار رايس مترجَما بالعربية!
- إنَّهم لا يجرؤون على الانتصار!
- الجواب عند دمشق!
- -الشرق الأوسط الجديد-.. تنجيم أم سياسة؟!
- -القابلة- رايس آتية!
- هل تسيطر إسرائيل على حدود لبنان مع سورية؟
- الانفجار الكبير Big Bang.. بين -الفيزياء- و-الميتافيزياء-!
- بعض من السمات الجديدة للصراع
- كوميديا -تعقُّلنا- وتراجيديا جنونهم!
- لا سياسة إلا إذا كانت بنت -الآن-!
- قصَّة الْخَلْق
- حلٌّ متبادَل ولكن غير متزامن!
- الحرب المعلَنة في هدفها غير المعلَن!


المزيد.....




- بضمادة على أذنه.. شاهد أول ظهور لترامب بعد محاولة اغتياله وس ...
- بلينكن يعرب لمسؤولين إسرائيليين عن -قلق بلاده العميق- بعد غا ...
- الجيش الأمريكي: الحوثيون هاجموا سفينة تملكها إسرائيل في البح ...
- نتنياهو أمر الجيش بعدم تسجيل مناقشات جرت -تحت الأرض- في الأي ...
- فرنسا دخلت في مأزق سياسي
- القوات الجوية الأمريكية ستحصل على مقاتلات -خام-
- 7 أطعمة غنية بالألياف تعزز فقدان الوزن
- مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس.. كيف ينظر إلى الحرب بغزة؟
- ناسا تنشر صورة لجسم فضائي غير عادي
- الدفاع الروسية: إسقاط 13 مسيرة أوكرانية خلال 24 ساعة في عدة ...


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -القدرية- في حياتنا اليومية