أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهلالي - ميشال فوكو: السلطة السياسية والسلطات غير المرئية (الميكرو-سلطات)














المزيد.....

ميشال فوكو: السلطة السياسية والسلطات غير المرئية (الميكرو-سلطات)


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 6912 - 2021 / 5 / 29 - 02:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعتقد ميشال فوكو (1926-1984) أن السلطة ملازمة للعلاقات الاجتماعية. فهي ليست جوهرا ولا ممارسة تحتكرها طبقة اجتماعية بعينها دون بقية الطبقات الاجتماعية. إن السلطة تنتج عن عمليات تفاعل ما بين الأفراد، وهي عمليات متنوعة ومعقدة، فالسلطة حاضرة في كل مكان بما أنها ملازمة لكل علاقة اجتماعية منظورا إليها من زاوية موازين القوى.
كما أن السلطة مرتبطة بالمعرفة، فمؤسسة السلطة هي التي تخلق المعرفة وذلك بتوليد مفاهيم تضفي الشرعية على وجودها ويُعتمد عليها لاشتغال على هذه السلطة.
أوضح ميشال فوكو في كتابه (المراقبة والعقاب – Surveiller et punir, naissance de la prison) كيف صنعَ السجنُ مفهومَ الانحراف، وكيف صنعتْ مؤسسة الطب النفسي مفهومَ المرض العقلي. فالتخصصات المعرفية تخلقُ عقوبة غير مرئية (ميكرو-عقوبة) بواسطة إجراءات معرفية تنشر وترسخ معاييرها، بل إنها تقدمُ تصرفات فرضتها السلطة التأديبية على أنها حقائق طبيعية.
كما أن العلاقة ما بين السلطة والمعرفة تشتغل في اتجاه آخر وهو أن المعرفة تصبح هي ايضا منبعا للسلطة. إنها سلطة موضوعها هو حياة الأفراد والسكان وليس المجال الترابي. فنشر سلطة جديدة يتطلب معرفة العمليات المتنوعة والمعقدة (سيرورات) والقوانين التي تخترق حياة الأفراد.
تُمارسُ السلطة اعتمادا على إجراءات خاصة ومتميزة. لا يتبنى فوكو التصور الذي يفسر السلطة على أنها تعمل فقط انطلاقا من قواعد وممنوعات. إنه يسلط الضوء على "تكنولوجيات" السلطة التي تُترجمُ في إجراءات تم اختراعها وتطويرها وتقليدها وتطبيقها في مجالات متنوعة. تلجأ السلطة إلى تقنيات بيداغوجية دقيقة من أجل احتواء أية اضطرابات اجتماعية.
تُمارس عملية الترويض هذه من خلال مؤسسات الدولة المختلفة مثل المدرسة والإدارة والمستشفى والسجن، والتي تشكل عالما "عقابيا غير مرئي"، في حدود كونها تستهدف تحقيق تطبيع الفرد مع المؤسسة من داخلها. ينتشر العقاب (الذي يبدو من الظاهر ضروريا للتطبيع) باعتباره أداة لممارسة السلطة.
تمارسُ السلطة حسب فوكو انطلاقا من أمكنة متعددة وانطلاقا من علاقات غير متكافئة ومتغيرة، لذلك يمكن القول إن السلطة مكونة من عدة مكونات متنوعة (أي غير متمركزة في مكان واحد). لا توجد سلطة واحدة والتي هي السلطة السياسية، أي سلطة الدولة. وإنما توجد كثرة من السلطات الدقيقة غير المرئية لأنها غير مجسدة في أجهزة، وهي حاضرة في كل أنحاء المجتمع.
وبما ان مهمة السلطات غير المرئية (الميكرو – سلطات) هي تطبيع التصرفات والسلوكيات، فإنها تُمارسُ من طرف بعض الأفراد (الآباء، الأساتذة، الأطباء...) على أفراد آخرين. كما تُمارسُ من طرف بعض المؤسسات (مستشفيات الأمراض العقلية، السجون...)، كما تُمارس السلطات الغير المرئية (الميكرو – سلطات) من طرف بعض الخطابات.
أما الاختلاف الموجود بين الميكرو-سلطات والسلطة السياسية فيكمن في الكيفية التي تُمارَس بها الميكرو-سلطات: فبينما تفرض السلطة السياسية نفسها بالقمع (قمع التعبير، قمع الرغبات، قمع اللذات...) فإن الميكرو-سلطات تخلق صلة وثيقة مع الفرد من أجل التحكم في وجوده: على سبيل المثال يعترف الفرد للراهب (بالنسبة للمسيحيين) وللأستاذ وللطبيب...
يقيمُ فوكو تعارضا بين القانون (الذي يحيط نفسه بطقس مسرحي) والمعيار (الذي هو خاصية تميز الميكرو-سلطات)، والمعيار غير مباشر وواسع الانتشار. وهو يهدف إلى أن يحظى بقبول المسيطر عليه. ينجح المعيار في الانغراس في سلوك وتصرف الفرد من خلال الإغراء الذي يجعله أكثر فعالية.

للاطلاع على مواضيع ذات الصلة:

https://www.facebook.com/hilaliphilo



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إدموند هوسرل Husserl : معنى الوعي (حسب الفينومينولوجيا)
- الفيلسوف نيتشه: ما هي السعادة؟
- جون بول سارتر: -تأملات في المسألة اليهودية- كتاب يُحلل مُعاد ...
- كارل ماركس: حول المسألة اليهودية
- رسالة رولان بارت إلى المخرج والكاتب السينمائي أنطونيوني حول ...
- مصطفى الحسناوي: بين سبينوزا وبوكوفسكي
- مارسيل خليفة مغربي: محمد أزمي حسني
- مجلة الحرية تحميل
- حوار مع خديجة رياضي حول وضعية الحركات الاجتماعية بالمغرب أجر ...
- مِنَ العلمانية وإسْلام الحُكام إلى الإسْلام المُقاوم (قراءةٌ ...
- نقدُ الصّهيونية وتمْييزِها عنْ اليَهوديّة (حوارٌ ما بين أبرا ...
- هل يوجد حب بدون تضحية؟ (الحب من منظور الفلاسفة)
- عُقدَةُ النّقص وَدوْرُها في مُواجَهَة صُعوبات الحَياة
- ما مكانة مكيافيللي في سياسة الدولة المغربية؟
- السلطة في حياتنا اليومية: من يحكمنا؟
- المقاطعة الاقتصادية: السلاح الجديد في الصراع الطبقي
- صدور العدد 3 من مجلة الحرية (المغرب)
- التحليل النفسي والعلاج النفسي: الموضوع والمنهج والنتائج
- علاقة الفلسفة بالصحافة: الفلسفة صحافة راديكالية
- لِمَاذا اسْتولى الأشخاصُ الرّديؤون عَلى السّلطة؟ حوارٌ مع ال ...


المزيد.....




- العثور على جثث 4 أطفال في الجزائر عليها آثار حروق
- -إعصار القنبلة- يعصف بالساحل الشرقي لأمريكا مع فيضانات ورياح ...
- في خطوة رائدة.. المغرب ينتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في ...
- أذربيجان تتهم الخارجية الأمريكية بالتدخل في شؤونها
- ماكرون يسابق الزمن لتعيين رئيس للوزراء
- نائب روسي ينتقد رفض زيلينسكي وقف إطلاق النار خلال أعياد المي ...
- ماكرون يزور بولندا لبحث الأزمة الأوكرانية مع توسك
- الحكومة الانتقالية في سوريا تعلن استئناف عمل المدارس والجامع ...
- رئيس القيادة المركزية الأمريكية يزور لبنان للتفاوض على تنفيذ ...
- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهلالي - ميشال فوكو: السلطة السياسية والسلطات غير المرئية (الميكرو-سلطات)