أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - موريس لوموان - في -القدر الجليّ- للولايات المتحدة الاميركية















المزيد.....

في -القدر الجليّ- للولايات المتحدة الاميركية


موريس لوموان

الحوار المتمدن-العدد: 481 - 2003 / 5 / 8 - 03:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 


Maurice Lemoine

في 22 شباط/فبراير 1927 الموافق يوم عيد ميلاد جورج واشنطن، دعا سفير الولايات المتحدة في باريس، مايرون هيريك، ممثلي دول اميركا اللاتينية الاعضاء في الاتحاد الاميركي الى مأدبة ومما قاله في خطابه: "ان الولايات المتحدة ليست متعطشة للاراضي فلا رغبة لديها ولا حاجة لمناطق جديدة. وكما يعرف المدركون فإننا حاولنا باستمرار وعن تصميم طوال الاربعين عاما الماضية، عدم الافادة من الفرص التي اتيحت لنا للتوسع. فالذين يتهموننا بالامبريالية هم جاهلون او سيئو النية [1] . بالطبع، فقد جعله النبيذ واضواء مدينة الانوار البراقة ينسى ما اقتطع من المكسيك وتقييد كوبا والهيمنة على هايتي والدومينيكان وانتزاع بنما من كولومبيا واجتياح نيكاراغوا وضم الفيليبين...

عام 1823، وفي رسالة موجهة الى الكونغرس اطلق الرئيس الاميركي جيمس مونرو العقيدة التي لا تزال تحمل اسمه. ففي الوقت الذي كانت تتداعى فيه الامبراطورية الايبرية لتوقظ بعض المطامع البريطانية، رفض مونرو اي تدخل اوروبي في الشؤون الاميركية. وكان المبدأ مفيدا للجميع لو لم تسعَ الولايات المتحدة تحت غطاء مكافحة الاستعمار الخارجي، الى توجيه سياستها الخارجية نحو تشكيل كتلة قارية تبغي الهيمنة عليها.

وفي عدم اكتراث بإضفاء المصداقية على مبرراتها، قامت الولايات المتحدة بالتدخل عسكريا عام 1824 في بورتو ريكو وعام 1831 في الارجنتين وبين 1845 و1847 في المكسيك وعام 1857 في نيكاراغوا وعام 1860 في مقاطعة بنما وايضا في نيكاراغوا. الى درجة ان حكومات تشيلي وبوليفيا والاكوادور وغرينادا الجديدة (كولومبيا) والبيرو تنادت عام 1847 الى الاجتماع في ليما لبحث ما تثيره هذه السياسة التدخلية من مشكلات. في العام التالي، تأكدت شكوكها مع حرب المكسيك حيث ضمت الولايات المتحدة نصف اراضي جارتها، من تكساس الى كاليفورنيا.

مع نهاية الحرب الاهلية الاميركية، ادركت اميركا الشمالية حجم قوتها. وابتداء من العام 1880، وبعد ان اكملت فتح المناطق الغربية التفتت نحو الجنوب. خلال رئاسة الجنرال غرانت (1869 -1877) عرضت الولايات المتحدة جهرا مشروعها من خلال ما سمّي نظرية "القدر الجليّ": السيطرة على القارة باكملها. بالطبع كان المبرر الروحاني الدائم هو "الدفاع عن الديموقراطية" لكنها وضعت سياستها هذه موضع التنفيذ بواسطة العصا الغليظة وارسال مشاة البحرية. وتعاقبت التدخلات العسكرية المحددة مع عمليات الجتياح تتبعها اقامة المحميات.

تمردت كوبا التي بقيت تحت الاحتلال الاسباني بينما استقلت باقي المستعمرات الاميركية. واطلق فيها خوسيه مارتي منذ العام 1985 حرب استقلال ثانية. في 15 شباط/فبراير 1898 وضمن ظروف غامضة انفجرت المدمرة الاميركية يو. اس. ماين في مرفأ هافانا. تذرع الرئيس وليم ماكنلي بهذا الحادث ليعلن الحرب على اسبانيا. وبعد ان تفوقت على القوات الاسبانية اثر "حرب قصيرة رائعة" كما كان يحب تسميتها تيودور روزفلت، احتلت القوات المسلحة الاميركية بورتو ريكو [2] . وبموجب اتفاقية باريس في 10 كانون الاول/ديسمبر 1898، تخلت اسبانيا ايضا عن كوبا والفيليبين.

تحت ضغط الاحتلال العسكري، اضطرت كوبا "المحررة" الى اضافة ملحق لدستورها وهو "تعديل بلات" الذي صوت عليه الكونغرس الاميركي في العام 1901 والذي تعطي بموجبه هافانا الولايات المتحدة حق التدخل "لضمان الاستقلال الكوبي" (كذا)، والمحافظة على حكومة تحمي "الحياة والملكية والحريات الشخصية". وقد جاء في الوثيقة اضافة الى ذلك: "من اجل تأمين الشروط المطلوبة للولايات المتحدة من اجل المحافظة على استقلال كوبا وحماية شعبها وتأمين حماية نفسها ايضا، تقوم حكومة كوبا ببيع او تأجير الولايات المتحدة الاراضي الضرورية لتكديس مخزون الفحم او لانشاء المحطات البحرية في بعض النقاط المحددة...". هكذا ولدت قاعدة غوانتانامو [3] .

هكذا فقدت الجزيرة استقلالها حتى قبل ان تحصل عليه. وكان التدخل الاميركي يحصل في سياستها الداخلية ومؤسساتها ونظامها الانتخابي والضرائبي اضافة الى التدخل العسكري في 1906 و1912 و1917. وقد استمرت حكومات المحمية الكوبية دون سلطة فعلية حتى العام 1934.

" ان الاستمرار في سؤ التصرف او العجز المؤدي الى التراخي العام للاواصر الخاصة بمجتمع متحضر يمكن ان يحتما في النهاية تدخل دولة متحضرة وذلك سواء في اميركا او في مكان آخر. ففي الجزء الغربي من الكرة الارضية يمكن ان تضطر الولايات المتحدة بحكم التزامها مبدأ مونرو وفي حالات الجرم المشهود في مواجهة سؤ التصرف هذا او العجز، الى ممارسة دور البوليس الدولي مهما نفرت من القيام به". هذا هو التحذير "الملازم لمبدأ مونرو" الذي اطلقه الرئيس تيودور روزفلت عند انتخابه في العام 1903.

ومن اجل ارغام دول اميركا اللاتينية على احترام "تعهداتها الدولية" و"العدالة تجاه الاجانب" (اي المقصود ديونها للشركات المتعددة الجنسية الناشئة)، ومن اجل جلب "التقدم" و"الديموقراطية" للشعوب "المتأخرة"، نزل جنود المارينز في المكسيك ونيكاراغوا وكولومبيا والاكوادور. وكان الرئيس تافت اقل رياء من غيره حين اعلن عام 1912: "سنمتلك القارة بأكملها كما نحن نمتلكها الآن معنويا بفضل تفوقنا العرقي".

من دون ان تأخذ الامور طابع الغزو الاستعماري او الحرب المعلنة بات وضع اي جمهورية مستقلة من اميركا اللاتينية اقل شأنا من مجرد ولاية داخل الولايات المتحدة حيث يبقى تدخل الحكومة الفيديرالية محدودا ويحتاج الى اذن من الكونغرس الفيديرالي [4] . ويتحول الدفاع عن السيادة الوطنية في هذه الدول الى تمرد على السلطة التي نصبت نفسها وصية ويغرق التمرد في قمع دموي ليس دفاعا عن الحضارة بل عن مصالح نافذة.

منذ حق الاستثمار الاول الذي حصلت عليه في كوستاريكا عام 1878، شيدت شركة "يونايتد فرويت" لنفسها امبراطورية موز على الشواطىء الاطلسية لاميركا الوسطى (اضافة الى كولومبيا وفنزويلا). وتشكل ملايين الهكتارات والمناطق الخاصة بها ممالك مستقلة فعلية. والمطلوب الدفاع عن مصالحها. وفي رعاية "الارادة الطيبة" الملهمة، يتدخل العم سام ديبلوماسيا وعسكريا بقرار منه ومن دون ادنى رقابة، في المسائل الداخلية الخاصة بهذه الجمهوريات.

انها بالطبع أمم مضطربة تعيش في حال من الفوضى الدائمة والتخبط المالي. لكن بعض السوابق مثل القضاء العرقي على الهنود الحمر والحرب الاهلية الاميركية لا تعطي جار الشمال الكبير الحق في تلقين الدروس للآخرين. لكن وبالاضافة الى الدفاع عن مصالحها الاقتصادية تريد الولايات المتحدة من هذه المنطقة التحكم بالقناة المستقبلية التي سوف تربط المحيطين الاطلسي والهادىء.

بعد ان تأخرت كولومبيا في اعطاء موافقتها على شروط التخلي لمئة عام عن الممر المائي المقبل في مقاطعة بنما، شجعت الولايات المنحدة انفصال هذه المنطقة عام 1903. مقابل 10 ملايين دولار حصل الاميركيون في 18 تشرين الثاني/نوفمبر وبموجب معاهدة هاي ـ برونو ـ فاريلا على الاستخدام المؤبد للقناة اضافة الى منطقة تمتد لثمانية كيلومترات على طول ضفتيها مع السيادة المطلقة على هذا الحيز. وازدادت التبعية بعد توقيع معاهدة تحالف عام 1926 يمنح بندها السادس حقوقا خاصة لواشنطن في زمن الحرب مما يحول بنما افتراضيا ومن الناحية العسكرية الى ولاية اميركية جديدة.

لكن "ديبلوماسية الدولار" امّنت السيطرة الامبراطورية في نيكاراغوا بشكل خاص حيث كان المطلوب كذلك ضمان امتلاك القناة بين المحيطين خصوصا ان موقعها النهائي لم يكن قد تحدد بعد. وبعد انزال أول عام 1853 بهدف "حماية ارواح المواطنين الاميركيين ومصالحهم"، ظهر جنود البحرية الاميركية من جديد عام 1912 من اجل تحطيم مقاومة الليبيراليين الذين رفضوا الاستدانة من الولايات المتحدة مقابل السيطرة المالية الاميركية على نيكاراغوا. وقع الرئيس المنصب ادولفو دياز على القرض مقابل ضمانات من العائدات الجمركية والموافقة على وجود مراقب جمركي عام من الولايات المتحدة تعينه مصارف نيويورك بموافقة وزارة الخارجية. الى ذلك التاريخ يرجع وجود حامية اميركية في العاصمة ماناغوا من 1912 الى 1925. في غضون ذلك منحت معاهدة بريان ـ شامورو في العام 1914 الولايات المتحدة الحقوق الحصرية في بناء القناة المأمولة.

دخل المارينز مجددا المسرح عام 1927 بعد ان استعاد ربيبهم المحافظ اميليانو شامورو السلطة من طريق الانقلاب العسكري. لم يغادر جنود البحرية الا في العام 1932 اثر نضال طويل وغير متكافىء من "الخارجين على القانون" في "الجيش الصغير المجنون" بقيادة اوغستو سيزار ساندينو. في تلك الفترة، انشأت الولايات المتحدة الحرس الوطني برئاسة ضابط من المارينز حتى العام 1932 قبل ان يتسلم هذه المسؤولية الجنرال اناستازيو "تاشو" سوموزا.

في هندوراس تدخلت الولايات المتحدة في 1903 و1905 و1919 و1924 من اجل "اعادة النظام" (خصوصا نظام شركة "يونايتد فرويت" وغيرها ممن تستثمرالارض والمناجم والغابات). وفي العام 1915، اقدمت الديموقراطية الاميركية الكبيرة دون ضجة على خنق جمهورية هايتي الصغيرة. بعد نزوله في مدينة بور ـ او ـ برنس على رأس قوة غازية، فرض الاميرال وليم كابرتون على الحكومة معاهدة ذات بنود شرعية في الظاهر لكنها تسلم في الواقع الادارة المدنية والعسكرية كما المالية والجمارك والمصرف المركزي (الذي استبدل بمصرف "ناسيونال سيتي بنك") الى الاميركيين. ومن اجل تحطيم المقاومة اعلن حال الطوارئ في كل البلاد كما حصل في جمهورية الدومينيكان حيث سمحت حال الطوارئ ايضا للغزاة بموجب معاهدة الثامن من شباط/فبراير 1907 بادارة الجمارك وتوزيع عائداتها على الدائنين الاجانب.

في العام 1934استبدل الديموقراطي فرانكلن روزفلت سياسة العصا الغليظة هذه بسياسة "حسن الجوار". وقد اعاد مؤتمر الحفاظ على السلام (بيونس آيرس، 1936) والمؤتمر الثامن للدول الاميركية في ليما (1938) التأكيد على السيادة المطلقة للبلدان. لكن خلال مرحلة الحماية نجحت الولايات المتحدة في اقامة انظمة توتاليتارية مستقرة تستند الى القوات المسلحة المحلية المدافعة عن مصالحها. فترجمت سياسة حسن الجوار بدعم الحكام الديكتاتوريين من امثال رافاييل ليونيداس تروخيو في جمهورية الدومينيكان وخوان فنسنته غوميز في فنزويلا وخورخي اوبيكو في غواتيمالا وتيبورسيو كارياس في هندوراس وفولغانسيو باتيستا في كوبا وسلالة آل سوموزا في نيكاراغوا.

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ورد في

Louis Guilaine, L Amérique latine et l impérialisme américain, Armand Colin, Paris, 1928.  

[2] خضعت الجزيرة لحكم ذاتي غير واضح المعالم تحت سلطة حاكم اميركي. وفي العام 1917، وبعد سنوات من احتجاج المسؤولين البورتوريكيين امام الكونغرس، منحت الجنسية الاميركية الى جميع من يرغب بها من البورتوريكيين الى ان منحت الجزيرة عام 1952 وضعا قانونيا لا يزال ساري المفعول يعتبرها ولاية اميركية حرة مشاركة.

[3] في الواقع حصلت الولايات المتحدة على غوانتانامو وباهيا هوندا لكن الثانية ارجعت عام 1912 مقابل توسيع الاولى.

[4] Louis Guilaine, op. cit

 

 

جميع الحقوق محفوظة 20031© , العالم الدبلوماسي و مفهوم
 



#موريس_لوموان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - موريس لوموان - في -القدر الجليّ- للولايات المتحدة الاميركية