أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - لماذا غزة؟ وما الذي يُخطط لها؟















المزيد.....

لماذا غزة؟ وما الذي يُخطط لها؟


ابراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 6910 - 2021 / 5 / 27 - 14:00
المحور: القضية الفلسطينية
    


أسئلة تتبادر إلى ذهن الكثيرين وهم يشاهدون المجازر البشعة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، فبالإضافة إلى الاحتلال والحصار تعرض القطاع لأربع موجات من العدوان العسكري الهمجي: 2009/2008، 2012، 2014، و2021. قما قصة قطاع غزة؟ وأين يكمن سر الحقد والعداء الصهيوني لقطاع غزة وسر صموده ومقاومته؟ ولماذا تستهدف إسرائيل غزة بالخراب والدمار أكثر من المناطق الفلسطينية الأخرى؟ وما الذي يتم تخطيطه لقطاع غزة؟.
لغزة سر وقصة تمتد لأكثر من ثلاثة آلاف عام .
استهلالاً نشير إلى أن مدينة غزة أكبر مدن القطاع الذي تبلغ مساخته 365 كيلومتر مربع أي ما نسبته 1,33 %فقط من مساحة فلسطين. وجاء اسم (قطاع غزة) نسبة إلى مدينة غزة، وهناك مدن وقرى أصغر حجماً وأقل سكاناً بالإضافة إلى 8 مخيمات للاجئين، إلا أنه في قطاع غزة من الصعب الفصل بين المدينة والقرية والمخيم حيث أنصهر الجميع في بوتقة الهوية الوطنية الفلسطينية الجامعة التي يشاركهم فيها حوالي 14 مليون فلسطيني.
بالرغم من أن كل مدن وقرى وربوع فلسطين متساوية من حيث الانتماء والمشاركة في النضال الوطني إلا أن منطقتين استقطبتا الاهتمام المحلي والدولي أكثر من غيرهما وكل منهما تميزت برمزيتها وخصوصيتها التاريخية والنضالية: مدينة القدس بما لها من رمزية دينية ولكونها عاصمة دولة فلسطين، كما تزعم إسرائيل إنها عاصمتها الأبدية، وقطاع غزة لرمزيته الوطنية ولما شهده من أحداث وحالات عدوان لم تشهد مثيلا لها بقية مناطق فلسطين. كان الموقف مما يجري في هاتين المنطقتين بمثابة ترمومتر يؤشر على سخونة الأحداث أو هدوئها ، كما كان الموقف العربي والدولي مما يجري في هاتين المنطقتين يُقاس عليه للحكم على مسار القضية الفلسطينية بشكل عام .
تعتبر مدينة غزة ثاني أكبر مدن فلسطين بعد مدينة القدس حيث تُذكر غزة في أقدم الوثائق التاريخية الفرعونية التي تعود لأكثر من ثلاثة آلاف عام ، ولا ينفصل صمود غزة وتاريخها النضالي المعاصر عن تاريخها القديم في مواجهة الغزو العبراني الأول ، حيث جاء في أحد الكتب الدينية اليهودية وهو (سفر الملوك الأول) الذي يعود لعهد سليمان كما يزعم الصهاينة : إن حدود مملكة اليهود تنتهي عند حدود مدينة غزة التي لم تدخل أبدا ضمن مملكة اليهود، وظلت بعد ذلك ملكا للفلسطينيين ( الملوك الأول 4 : 24 ) ومنذ ذلك التاريخ وغزة ملعونة عند اليهود.
لن تحوض كثيراً في النص أعلاه، ولكن مع افتراض صحته فهو يؤكد على لسان اليهود أنفسهم على حقيقتين: الأولى أنه عندما جاء العبرانيون إلى فلسطين وجدوا فيها الشعب الفلسطيني وهذا يفند كل مزاعمهم بعدم وجود شعب يسمى الشعب الفلسطيني، والثانية أن لغزة تاريخ نضالي يمتد من العصور القديمة ولم يتوقف.
غزة تلك المنطقة الصغيرة من جنوب فلسطين والفقيرة بمواردها الطبيعية وشبه الصحراوية، لم تتميز فقط من خلال تاريخها ودورها النضالي بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 – كانت آنذاك تحت الحكم الإداري المصري - بل كان دورها النضالي قبل الاحتلال لا يقل أهمية عن دورها بعد الاحتلال. فقطاع غزة حافظ على الهوية الفلسطينية بعد النكبة وفي سنوات التيه والضياع بعد أن فرضت إسرائيل جنسيتها وقوانينها على فلسطينيي الخط الأخضر، ومنح الأردن جنسيته وقوانينه لفلسطينيي الضفتين، فيما كان فلسطينيو الشتات يعيشون أوضاعا صعبة .
خلال سنوات التيه والضياع استمر فلسطينيو القطاع في حمل راية الهوية الوطنية والحفاظ على الشخصية الوطنية، وخصوصا أنه بعد حرب 1948 تغيرت التركيبة الجغرافية والسكانية، حيث رسمت اتفاقية الهدنة – اتفاقية رودس 1949 بين مصر وإسرائيل - الحدود الحالية لقطاع غزة. قطاع غزة الذي كان تعداده حوالي (80000) ثمانين ألف استقبل مع حرب 48 حوالي (200000) مائتي ألف من لاجئي النكبة، مما غير من تركيبته الديمغرافية والسسيولوجية، وأصبح ثلاثة أرباع القطاع اليوم من اللاجئين الذين كانت الغربة وحياة اللجوء دافعاً قوياً عندهم لرفض واقع اللجوء وإصرارهم على النضال من أجل العودة لأراضيهم التي هُجروا منها عنوة، ولاجئو القطاع جسدوا وعبروا عن خصوصية كل قرية ومدينة فلسطينية بملابسها ولهجاتها ومأكولاتها وتجاربها النضالية وذاكرتها التاريخية .
في قطاع غزة تشكلت أولى خلايا المقاومة الوطنية منذ خمسينيات القرن الماضي وأبناء القطاع رفدوا الثورة الفلسطينية عندما كانت القيادة في الخارج بخيرة القيادات والمقاتلين ، ومن قطاع غزة انطلقت شعلة الانتفاضة الأولى 1987 ، وقطاع غزة احتضن اللبنات الأولى لمؤسسات السلطة الوطنية التي كان يؤمَل منها تجسيد حلم الدولة ولو في إطار تسوية مشكوك بنجاحها، فكان المطار ومقر الرئاسة (المنتدى) ومقرات وزارية والمجلس التشريعي والبدء بمشروع ميناء غزة ،بالإضافة إلى الممثليات الأجنبية ومشاريع تنموية واعدة الخ، كما انطلقت منها الانتفاضة الثانية 2000.
إن كانت غزة بالنسبة إلى الفلسطينيين تمثل جنوب فلسطين أو منطقة من فلسطين يحبونها كما يحبون فلسطين، فإنها بالنسبة لأهل غزة تمثل مسقط الرأس أو الوطن الصغير وخصوصا بالنسبة لمن لم ير أية منطقة أخرى من فلسطين. ولكن وطن الذاكرة أو وطن مسقط الرأس مجرد إثبات مكان مولد أو ذكريات جميلة عن مرحلة الطفولة والمراهقة، إنه حب اضافي لفلسطين الوطن الكبير، كما هو الحال لحب ابن الخليل لمدينته وحب أبن القدس لمدينته وابن يافا لمدينته الخ.
لكن لا يمكن لمسقط الرأس أن يشكل وطنا ودولة، ولا يمكن لأي منطقة تتميز بدور أو بخصوصية نضالية أن تشكل دولة أو كياناً خاصاً، فلكل مدينة في فلسطين تاريخها النضالي وبطولاتها المُشرفة، ومقابر شهداء فلسطين في الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية لا تميز بين شهداء مدينة ومدينة ، فالشهداء قضوا في سبيل الله والوطن وليس دفاعا عن مدينة بعينها، وزنازين الاحتلال لا تميز بين معتقل من غزة وآخر من الضفة .
صمود وتضحيات أهل غزة ومقاومتهم للاحتلال وللحصار ولكل الموجات الأربعة للعدوان يعبر ويعكس صمود ونضال كل الشعب الفلسطيني . كل الشعب الفلسطيني تصدى للعدوان وعانى من العدوان . دافع وضحى في هذه الحرب أبناء غزة الأصليون، أحفاد شعب غزة الذي واجه الغزو العبري قبل ثلاثة آلاف عام قاتلوا ودافعوا عن مدينتهم في : الشجاعية، التفاح، بيت حانون، بيت لاهيا، جباليا، خانيونس، ورفح . دافع وضحى في غزة أبناء وأحفاد أهالي: يافا، حيفا، اللد، الرملة، المجدل، الجورة، حمامه، زرنوقه، عاقر ، دير سنيد، دمرة، سمسم، هربيا، بيت جرجا، السبع، صفد، يبنا، بيت دراس، المغار ، الفالوجا، صرفند، النعاني، المسمية، بيت طيما، الخ ، أبناء وأحفاد الجيل الذي تم تشريده من أرضه ويريدون الانتقام من عدو لم يكتفِ بتهجيرهم من مدنهم وقراهم بل يلاحقهم حتى في اماكن اللجوء، ويرفض حق عودتهم لأراضيهم، وحقهم في دولة مستقلة، ولو على جزء من ارض فلسطين.
لأن غزة كل هذا الماضي والحاضر، ولأن غزة أيضا الواجهة البحرية الوحيدة للدولة الفلسطينية في حالة قيامها ، ووجود نفط وغاز في مياهها، ولأن في غزة فصائل مقاومة مسلحة طورت قدراتها الصاروخية لتضع كل مدن فلسطيني المحتلة في مرمى نيرانها، ولأن غزة تأبى ان تنفصل عن الكل الفلسطيني ولبت نداء الواجب عندما استنجد بها أهلنا في القدس، ولأن الكيان الصهيوني يخطط لفصل غزة عن بقية أراضي الدولة الفلسطينية، ولأن هذا الكيان يريد لغزة ومشاكلها أن تبعد الأنظار عن ساحة المعركة الرئيسية في الضفة والقدس... لكل ذلك يحقد عليها العدو الصهيوني ويستهدفها بموجات متعاقبة كل بضعة سنين حتى يدمر كل ما تم بنائه والأهم بالنسبة له تدمير صمود وكرامة وأنفة أهل غزة، كما يتمنى لو بلعها البحر.
إلا أن غزة ستبقى عصية على الانكسار والخضوع، وستستمر غزة حاضنة الوطنية الفلسطينية وجزء من الدولة الفلسطينية التي ستقوم لا محالة. إذا ما تم نزع غزة من سياقها الوطني البشري والجغرافي، كما تسعى إسرائيل واطراف أخرى، ستفقد كينونتها وتميزها وسر صمودها ومقاومتها . حمى الله فلسطين وكل الفلسطينيين وحمى غزة من الإجرام الصهيوني ومن كل أصحاب الأجندات الخارجية التي تسعى لنزع غزة من سياقها الوطني وإقامة كيان مسخ فيها.
[email protected]



#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسطينيون الجُدد يصوبون مسار قضيتهم
- مشروع سلام فلسطيني جديد ضرورة وطنية الآن
- حتى لا تعود الأمور إلى ما كانت عليه
- صواريخ غزة مقاومة مشروعة ولكنها ليست وحدها المقاومة
- في الذكرى 73 للنكبة الفلسطينيون يصوبون المسار
- أين القيادة الفلسطينية مما يجري؟
- من حق الشعب الفلسطيني ايضاً الدفاع عن نفسه
- ارهاصات ثورة فلسطينية معاصرة
- المواجهات في حي الشيخ جراح مجرد حلقة من صراع ممتد منذ مائة ع ...
- لماذا تحولت الانتخابات الفلسطينية إلى إشكال؟
- جدال بين ثوري وسلطوي
- وداعاً عز الدين المناصرة
- لماذا (إسرائيل) الأكثر استقراراً وتطوراً في الشرق الأوسط؟
- من وحي كتاب (الصراع في إسرائيل)
- دلالات مشاركة الأسرى الفلسطينيين في الانتخابات العامة
- حوارات الفلسطينيين في القاهرة :تحديات وتساؤلات
- حتى لا يرتد سلاح المقاومة على الشعب
- العدو يذكرنا إن نسينا أو تناسينا
- الملتقى الوطني الديمقراطي الفلسطيني
- فوضى (الربيع العربي) تطبيق للجيل الرابع للحروب


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - لماذا غزة؟ وما الذي يُخطط لها؟