أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الشيخ إياد الركابي - النسخ و التناسخ















المزيد.....

النسخ و التناسخ


الشيخ إياد الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 6909 - 2021 / 5 / 26 - 21:22
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


 
هذه  الموضوعة  جدلية بإمتياز  وفيها وعليها   ،    ثمة أقوال وأراء متناقضة   ،   كما أن هناك   إسقاطات معرفية جرى فيها خلط   بين  المعنى  المعجمي  والمعنى الدلالي  للفظة   ،  من غير فرز ولا تحقيق  بينهما  مما  جُعل  من المعنى  الدلالي  هو ذاته  المعنى المعجمي   ،  وجرى هذا الخلط  في لغة أهل التراث  وإستخداماتهم  و في كتبهم ومنتجاتهم  ،  وعُمم  هذا المعنى  في الأدب  الفقهي تحت بند وحدة المعنى المُدعاة    . 
   لكن  اللفظ  في  الكتاب المجيد   دلالته ومعناه  بعيدين   عن المعنى المعجمي     ،   فالله  حينما  يقول   :  -  [  ما ننسخ   من آية  أو نُنسها  نأت بخير منها  أو مثلها  ]  -  البقرة 106  -   ،  نرآه  يتحدث  في   حدود  سياق  الإمكانية  والقدرة المطلقة  له تعالى ،    ( أي إن الله قادر بالفعل   وبالقوة  على  ذلك  )  ،  ولكنه  لا يريد  القول   إنه سيفعل ذلك في الكتاب  المجيد في نصوصه وأحكامه     ،   أي إن الحديث عن القدرة والإمكانية المجردة أو الخالصة    ،  بمعنى أدق   :  -  إن الله  في الكتاب يصف نفسه  بالقدير والقادر  على تغيير آيات الخلق  والكون   -     ،  وهذه  الصفة   مرتبطة بطبيعته كخالق ومكون لهذا الكون وآياته  ،  وليس بمعنى :   -  إن الله بعد ما نزل  الكتاب المجيد  قام بعملية نسخ وتبديل في الأحكام   -   ،   وهذا  الكلام يشبه قوله تعالى  :  -  (   يمحوالله  ما يشاء ويثبت   )  -  الرعد 39  -   ،  أي إن الكلام  هنا  يتمحور  حول  جهة الإمكانية والقدرة  على نحو مطلق    ،   ولا يتعلق الأمر  بما ورد  في الكتاب المجيد من نصوص وأحكام   ،   ذلك ان هذا الكلام إن أُرُيد  به نصوص الكتاب وأحكامه   ،  يكون  كلاماً   غير مقبول من الناحية الموضوعية  . 
   لماذا  ؟   :  -  لأن  الكتاب المجيد  لازالت  نصوصه   وأحكامه   تتنزل  على قلب محمد النبي عليه السلام   ،   والتي لم تنزل دفعة واحدة بل  جاءت تباعاً   وتدرجاً   بحسب الظروف والحاجة  ،   كذلك  ولم تطبق من الناحية الموضوعية حتى  يُقال  إن أحكامها بحاجة إلى عملية  إعادة نظر  أو تغيير  أو تبديل   ،   إذ  لم  يتم  بعد  الحكم عليها وعلى صلاحيتها وقابليتها  وموافقتها   للواقع   ،  ومعلوم بالضرورة ان الكتاب  المجيد  نزل نجوماً على بضع وعشرين سنة   ،   أي إنه أستغرق   وقتاً  حتى أستكمل مُراده  ومحتواه    ،  وفي هذه  الحالة  فلا يصح  القول    :  - ان الله قد غير وقد بدل في نفس الكتاب هذا   -  ،   (  لأن هذا النوع من الكلام  إن صح  يكون ترفاً  و عبثاً  وفوضى  )  تعالى الله عن فعل  ذلك  أو القيام به  . 
لماذا  :  لأن ذلك سيولد  في نفس المتلقي  الشك والريبة في علم الله    ،   لكن  الكلام  عن  النسخ  في الكتاب المجيد  ورد  وصفاً   لقدرة  الله   وإمكانيته  على ذلك  ،   تلك القدرة الأزلية  حتى من  قبل نزول الوحي على النبي محمد عليه السلام  ،  ولا يتعلق المعنى  بما هو نازل بالفعل على محمد النبي عليه السلام  . 
  وأما  ما ذهب إليه البعض من معاني النسخ  في الأحكام والتلاوات والقراءات  فلا معنى له   هنا  ،   ثم   إن الله  إنما   تحدث عن الآيات  وليس عن الأحكام !!    ،   ومفهوم الآيات   جدلاً   و موضوعاً  يتعلق  بالمعجزات  التي هي من  باب الخلق والتكوين ولا علاقة لهذا  بموضوعة التشريع والأحكام       . 
 
 
لكن ماذا يعني النسخ  في لغة العرب ؟   ،   يقول   أبن منظور  في اللسان    :   [  نسخ الشيءَ ينسَخُه نَسْخاً وانتسَخَه واستنسَخَه  ،  اكتتبه عن معارضة  ]    ،   وهذا المعنى يشبه المعنى الجديد  المتداول   (  الفوتوكوبي  )   يعني نقل الشيء كما هو من غير زيادة أو نقصان  مع الحفاظ على الأصل    ،   لكن هذا  المعنى يصح في حالة واحدة حينما نعتبر ، إن هذا الكتاب صادرا  أو مستنسخا  عن  أم الكتاب الذي هو النسخة الأصلية   الموجودة لدى الله   ،  لكن  الفقهاء وبعض المفسرين  لم يأخذوا بهذا  المعنى ،   وقالوا  بل    النَّسْخ  المُراد   :  هو  إِبطال الشيء وإِقامة  شيء  آخر مقامه    ،   أو   هو  تبديل الشيء  إلى غيره  ، وهذه الفجوة  المفهومية  تُثار  كجدل معرفي   حول ماهية النسخ   ،   وهل المُراد  بالنسخ   هو ما  يشمل  الأحكام والنصوص     ؟   ،  أم إن  المُراد  بالنسخ   هو ما  يتعلق بالآيات  حصراً    ؟   . 
  عامة  التراثيين  قالوا بالنسخ  العام   ،  مستعينين  بذلك على المقولة البسيطة   -  إن الله على كل شيء قدير -  البقرة 107  في تعليلهم وإثبات مُدعاهم   ،  وزاد  بعض الفقهاء في الإستسهال  حتى قالوا  : بقدرة الحديث النبوي على نسخ نصوص الكتاب المجيد    ،   وعندنا الأمر مختلف   إذ   إن  النسخ   المقصود   في الكتاب  يعني  قدرة الله على تغيير آيات الكون والخلق   ،   وليس بمعنى تبديل في سنن الشرائع  والأحكام   لأن هذه بالذات لا تحتاج إلى تدخل مباشر من قبل الله ، إذ ثمة فسحة أتيحت للفقهاء ان يغيروا بحسب الظروف والواقع   ، وهنالك من قال بذلك صراحة حين يتعلق الأمر بالواقع الإجتماعي   . 
  وأما  عن  الحديث النبوي فلا إمكانية  له  على ذلك  ،  وليس هذه  من صلاحيته وسلطته     ،  وبهذا نكون قد رفضنا  ما ذهب إليه بعض  الفقهاء  في ذلك وأبطلناه    . 
  وأما  النسخ  من  جهة  الموضوع  :  فهو  إزالة  شيء وإستبداله بأخر   ،  هكذا قيل  وفي هذه الحالة  يكون موضوعة  النسخ هي عينها موضوعة  المحو  ،   والله  قد  أشار إلى هذا بقوله -  يمحو الله ما يشاء ويثبت  -   ،  ولكن هذا كله  يتعلق بقدرته المطلقة    من جهة   ومن جهة ثانية   يشير  إلى  ما  قبل نزول الوحي على محمد سلام الله عليه ،   ويكون هذا  من الناحية الموضوعية   في طريقة  الخلق وفي طريقة  التكوين على الهيئة والصورة التي حددها  ورسمها مسبقاً   ،  أي أن  هذه الإشارة   تتحدث عن  الإمكانية والقدرة  في  الزمن  الماضي  زمن التكوين والخلق    ،  وهذا  لا يشمل  ما يذهب إليه  بعض الفقهاء وبعض المفسرين     ،   كذلك   وليس إلى  ما سيكون لاحقاً   فالشيء  ينسخ الشيء نَسْخاً   حين  يزيله ويتخذ  مكانه   ،  وهذه  لا تكون في الكتاب المجيد  لا في شرائعه ولا في أحكامه  ،  إلاَّ من جهة تغير المفهوم بناءاً على تغير متبنيات  الزمان والمكان   ،   أي إن الأمر كله متعلق بالفهم  المتغير  تبعاً لتغير المعرفة  بالأشياء بحدود الواقع   وأدواته المعرفية   ،   وقد أخطأ  الفرّاء  بقوله  إن  :  [  النسخ أَن تعمل بالآية ثم تنزل آية أُخرى فتعمل بها وتترك الأُولى  ]   ،   لما قدمنا في ذلك من تعليم  وتوضيح في المعنى والدلالة   .

ولا يصح  البتة  قياس  تبدل  الفهم  ككونه مساوقا  لمعنى   النسخ  ، ففي ذلك تدليل ناقص  وتشويه معرفي  ،  فمثلاً  لا يصح  على نحو إعتبار ما عليه  الفكر النبوي في طول المسيرة  حاكماً  على ماورد بالنصوص الإلهية  ،  ذلك إن النبوات تتكامل ولا تتناسخ  ولا تلغي  بعضها بعضاً   ، كونها  تنطلق من مشكاة واحدة  تدور في فلك  تطوير معارف الإنسان  ومداركه   لكي يصل إلى الكمال  في ذلك   ،   ومن هنا  حين تقول العرب  :   (   نسَخَت الشمسُ الظلّ وانتسخته    )  ،   أي بمعنى   أَذهبته أو أزالته   وحلت محله   من جهة المكان والزمان المعينين  ،  فهذا المعنى التداولي   لا يصح  تطبيقه وإجرائه  على ما في الشريعة  والعقيدة في الكتاب المجيد  ،  لأن هذا المعنى الذي تسوقه المعاجم   هو  من المعاني الرجراجه  المتحولة   ،  وهذا لا يصح إعتباره حجة بذاته  لأنه غير ممكن  ،  ان يكون  دليلاً مستقلاً  على صحة النسخ في الكتاب  . 
 
ولكن   هل  التناسخ   الذي تفترضه   المذاهب الكلامية   له صلة  بالنسخ الذي تحدثنا عنه  ؟  ،   هذا  السؤال   الجدلي  يدور  بالفعل  في فلك   الميثولوجيا  الدينية  القائلة    :   بإمكانية  إنتقال الروح  من شخص إلى أخر  ،    أي من  شخص قد  مات  إلى أخر  قد ولد  حديثاً   ،  هذه المقولة الميثيولوجية   تولد في الذهن  هذا  التسلسل  من جهة  بقاء الروح  وتدرجها  في الصعود  والهبوط  بحسب طبيعتها  وفعلها    ،  هذه المقولة :  أمنت  بها فلسفات قديمة   عديدة  وأديان  ومذاهب   منقرضة وحالية  ،    [   كالبوذية  والهندوسية  وبعض طوائف  المسلمين  من علويين  ودروز  وغيرهم  ]   ،  والفكرة  من حيث هي هي  و في ذاتها عميقة   ،   وتحتاج  في فهمها  إلى تحليل  فلسفي  برهاني   معمق  ،    ذلك  لأن  الفكرة  لم تأت عبثاً   إنما  أرتبطت  جدلاً   بمفهوم  العدالة الإلهية  والقضاء والقدر والجنة  والنار    ،  وهذه  المفاهيم الكلامية  هي مفاهيم نسبية    ،  وقد جاء  التناسخ  ليدعم  هذه النسبية   ويعزز  الوثوق بها   ،  من حيث  ما يلاقيه  المرء  من سعادة وشقاء  في دنياه   ،   مما يعكس طبيعة ما عليه الروح  المستنسخة  من هذا الذي تحصل عليه  في عالم الدنيا  ،  يستتبع هذا  نفي فكرة العذاب الأخروي  ونفي الأخرة ككل  بإعتبارها وهم  ،  فالموت  بالنسبة لهذه  الفكرة هو مجرد نهاية جسد  وإنتقال روحه لجسد جديد  ،  فما كان يحمله هذا الجسد  لهذه الروح  من سعادة  أو شقاء سيكون ملازماً لهذا المخلوق الجديد  الذي حلت به   . 
 
 تقول العلوية :  [    إن التناسخ  في  الأرواح هو إحدى أسمى تجليات العدالة الإلهية على الأرض  ]   ، ولديهم  على  ذلك  ثمة   أمثلة  و نماذج   دالة على ذلك   ،   كقولهم  :  إنه  ليس  من العدل  ألّا تُمنح الروح أكثر من حياة لتعيش دورتها كاملة  حتى تستوفي شروط وجودها  الموضوعي   (  قبل أن يحاسبها الله  )   !!   ،  وطبعاً  هذه المقولة  :  تقودنا  لدفع  المعنى الذهني  المعروف لدى عامة  المؤمنين    ،   والقائلة : -  بأن  الله  لا يحتاج  إلى هذه الدورة  طالما  هو   يعلم   علماً  مسبقاً    ماهي  الأرواح المؤمنة  وماهي الأرواح  الكافرة  -    ،   ومع ذلك  يصر العلوي  بقوله : -  إن حكمة الله وعدله  تقتضيان حصول الروح  ، على حياة متكررة  لتثبت بذلك أهليتها  قبل يوم الحساب  ،   وهم بذلك يبررون  الفكرة  حول إنتفاء الحجة أو ثبوتها  بعد كل هذه التمارين  والممارسات  ،  والفلسفة العلوية  في هذا  تقول : -  إنه  من المستحيل   جدلاً  أن تصعد الروح إلى الجنة أو تدخل النار   ،   من  دون أن تكون قد  مرت  بهذه الدورة  وتناسخت  مرات عديدة  في الجسد الترابي للكائن الحي     ،   والتعليل في ذلك نجده  عندهم مكتوباً   على أساس إن  التناسخ  فعل  تقوم به  الروح كجزء من واجباتها   تجاه  نفسها أولاً وتجاه الله ثانياً  ،  وفي ذلك تثبت أهليتها لتكون من أهل الجنان أو من أهل النيران !!  . 
 
هذه الميثولوجيا   الغنوصية   يُطلق عليها  -  بالتقمص  -   ،   وتكون تارة  على شكل جمعي أو فردي   ،  وهو بمثابة  التوالي  أو التتابع  جيلاً فجيلا   ،  أو قل هي ذاكرة  يحتفظ بها كل جيل  في صفته وهيئته  الفردية  أو الجمعية  ،   وعما كان  حاضراً  في الماضي من أحداث وذكريات من أحزان  ومن أفراح    . 
إن إخضاع  الروح  لعملية تمحيص الذنوب  ،  يتم  من خلال  مجموعة الأعمال الصالحة  ،  وهذه  الأعمال  تتفاوت في  الدرجات   و  الفهم تبعاً  لطبيعة  الجسد الحامل لهذه الروح   ،  وفي ذلك تواصل دورتها وعملها  في الخير لكي تبلغ أعلى المراتب في سُلم الصعود والكمال ،  وفي المقابل تنحدر الروح الكافرة  في سُلم الهبوط  لتبلغ أسوء  درجات  المقام  فتستحق الخلود في النار ، هكذا تفسر الكلامية العلوية معنى التناسخ على نحو بسيط  .  
وفي هذا  الجو  يواجهنا  السؤال  التالي :  وهل   إن  زيادة  نسبة  الحسنات والعمل الصالح كفيلة  بدخول المرء  الجنة  أم  لا   ؟     ،   تجيب  الفلسفة العلوية  على ذلك  بالقول  :  إن هذا ليس شرطاً لازماً   ،   فدخول الجنة  لازمه  إن يحصل   المرء  على  الإيمان الكامل والخالص لوجه  الله   والبعيد  من كل شائبه    ،   وفي ذلك  تتجلى  عدالة الله    ، فالعدل الإلهي  لا يكون مع زيادة الحسنات وحسب  كما إن دخول الجنة لا يكون مقروناً  بها   ،   ولكن   ماذا عن قول الله   تعالى : -  إن الحسنات يذهبن السيئات -  هود 114  ،   تبرر الفلسفة  العلوية  ذلك وتقول من هنا تأتي الحاجة  إلى معنى التناسخ ودورته  في الحياة  ،   والتي تجعل من غلبة الحسنات هي السائدة وتزول معها  السيئات  وعلى أي نحو  ،  إذن هذا هو الشرط الموضوعي اللازم  لدخول الجنة   ،  فالمؤمن   لا يدخل  الجنة وفي قلبه ذرة   من  كفر   ،  ولا يدخل الكافر النار وفي قلبه ذرة  من  إيمان     ،    ولكن ما معنى ذلك  ؟   ،   تفسر  الكلامية العلوية  ذلك فتقول   :   إن مفهوم الذرة المشار إليها  هاهنا  (  يستحيل  التخلص  منها )    ،    ودليل الإستحالة  يكون  في معنى   و على أساس نسبيتها   ويضربون مثلاً  في ذلك   فيقولون   :  -  لو   ان  شخصاً  كافرا  قام   بعمل صالح   فهو بذلك يكون  قد أكتسب ذرة من فعل  الخير  الذي هو  عمل  صالح      ،   ونفس الشيء يُقال  بالنسبة للشخص الكافر   -     ،    بمعنى  أدق :  إن نزع أو محو هذه الذرة من العمل   سواء من جهة الخير أو الشر تبقى  عملية  نسبية  في فهمنا لها  ،  ولكن إمكانية ذلك  واردة  حين يتعلق الأمر بقدرة الروح على دورها في عملية التناسخ   تلك  ،  فيقولون   : -    حين يصل الأمر إلى بقاء ذرة واحدة من الشر في إنسان ما  ،  مقابل ذرة واحدة من الخير في إنسان  آخر  ،   فإن كل ذرة تعذّب مَن يملكها لأنها لا تنتمي إلى جوهره  ، وهذا ما يجعل كل واحد منهما يرغب في التخلص منها بملء إرادته  ،  فتقتضي الحكمة والعدالة الإلهية أن يأخذ المؤمن ذرة الإيمان التي يملكها الكافر ، ويأخذ الكافر ذرة الكفر التي يملكها المؤمن ، فيصعد الأول إلى الجنة  ، ويهبط الثاني إلى  النار  -  !!!!!  . 
ونأتي هنا  للسؤال  المعرفي  وهو :  كيف يرى العلوي  الروح  الطيبة  ومتى تحل في الجسد الآدمي ؟  ،  والجواب عندهم  ينقسم إلى نوعين  الأول  يقول   : -  إن الروح  الطيبة محلها  عالم الملكوت والجنة    (   عين الحياة   )   ،  وهي لا  تنزل لحظة ولادة  المولود  ولكن تبقى هناك معلقة تسعة أشهر  ألاَّ  أن الوعاء والجسد المناسب لها فتهبط وتحل فيه    !!   ،  ولذلك يعللون بكاء المولود لحظة الولادة  بحزن الروح  لنزولها من عالم الملكوت والجنة إلى العالم الترابي  -  . 
والثاني يقول  :  -  إن الروح سواء  أكانت  مؤمنة  أو كافرة  فإنها لحظة مفارقتها لجسد  ما بالموت  تسكن أو تحل  في جسد آخر وُلد في نفس اللحظة  ،  ومن  أجل   يعتقد  العلويّون  بالأخوة الإنسانية أو الآدمية  ، بإعتبار الروح واحدة وهي تحل حيثما أراد لها الله  (  بالتقمص )  ،  والمعيار المعتمد عندهم هو بالعمل  تحقيقاً لقول الله تعالى  : - [  وقل أعملوا  فسيرى الله عملكم .... وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ] -  التوبة 105   . 
وبالنظر لأهمية الفكرة التي طرحت هنا  ، لا بد من القول : إن ماذهبت إليه الفلسفة العلوية في هذا ، منحازة وغنوصية وليست واقعية من جهة فهم  نصوص الكتاب ودلالاتها  ،  ثم إن إن هناك عوز معرفي وعلمي حول تفسير معنى الروح وأزليتها  ،   وبحسب المنطق العلمي  المعاصر تكون الروح مرافقة  للجنين في بطن أمه ،   وقد اختلف العلماء في ذلك بين قائل انها تتشكل  معه  بعد مضي أربعين يوماً  ،،  وأخرين قالوا بعد أربعة أشهر وعشرة أيام  ،  والهندسة الجينية   الحديثة  تعتبر الجنين في بطن أمه  كائن بشري تام  ،   ويمتلك كل المقومات والمشاعر والعواطف والأحاسيس والرغبات  الكائن الحي خارج بطن الأم  ، والذي يحركه انما هي الروح التي قد حلت به ،  وبالتالي يكون المعنى  الذي تقول به  العلوية  وبحلول الروح بعد الولادة أمراً غير مفهوم بالنسبة لنا  وبالنسبة للعلم  ونصوص الكتاب المجيد  . 
 



#الشيخ_إياد_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت .. وفلسفة الموت
- تهنئة بمناسبة فوز السيد جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأ ...
- بيان حول أحداث كربلاء في ليلة الأربعين
- في ظلال آية المحارب الحلقة الثانية
- في ظلال آية المُحارب ( الحلقة الأولى )
- قول في نجاسة الكفار والمشركين
- متلازمة الأمن والإقتصاد .... الحلقة الرابعة
- متلازمة الأمن والإقتصاد .... الحلقة الثالثة
- متلازمة الأمن والإقتصاد .... الحلقة الثانية
- متلازمة الأمن والإقتصاد
- كورونا .. ونهاية العولمة
- كورونا ... ونهاية سلطة القانون
- في رثاء صديقنا وأخينا الدكتور محمد شحرور
- الأضحية
- كلمة في وداع الدكتور – الطيب التيزيني -
- رأينا في العدل ( الجزء الثاني )
- رأينا في العدل ( الجزء الأول )
- بيان بمناسبة يوم الجمعة الدامي
- الوصية .. والميراث
- الإمامة ثانياً


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الشيخ إياد الركابي - النسخ و التناسخ