أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدن - سقط سهواً














المزيد.....

سقط سهواً


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6909 - 2021 / 5 / 25 - 01:57
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


سمعتُ، مرةً، أنّ التعبير الشائع: "سقط سهوًا"، استخدم، أول ما استُخدم، من قبل الصحف في بداياتها، حين كانت حروفها تطبع على الرصاص، ثم تصف بعناية في وعاء يجري شدُّه من أطرافه الأربعة بإحكام، قبل أن يُمرر عليه الورق بعد إضافة الحبر، فكان يحدث أن بعض الحروف، أو حتى السطور، تسقط من النص قبل أو أثناء الطباعة، وحين تلاحظ الجريدة ذلك، متأخرة، بعد طباعة العدد وتوزيعه، تنشر في العدد التالي توضيحًا أو تنويهًا، على هيئة اعتذار، عن الخطأ غير المقصود، لأن الناقص "سقط سهوًا".
قمتُ بما يلزم من تحرٍ وبحث لأجد سندًا لهذه المعلومة، لكنني لم أفلح، ما يجعلها في مدار الشك، ولكني أعترف بأنها راقت لي، في تفسير أصل التعبير، وليس ثمة خطيئة في أن نجد جمالًا أو جاذبية في معلومة خاطئة أو غير دقيقة، في تفسير أو شرح ظاهرة من الظواهر. أليست الأساطير، الني بتنا ندرك أنها ليست حقيقة، تنطوي على مقادير هائلة من الشاعرية وسعة الخيال، وأن الفنون والآداب، وربما حتى الفلسفة، طالما نهلت من المخزون الثري والمدهش للأساطير؟
ما أكثر ما تخرج المفردات والتعابير من السياق الذي نشأت فيه أول مرة، وتكتسب، مع الاستخدام، دلالات وشحنات أخرى مختلفة عن تلك التي بدأت بها، لذا فإن القول: "سقط سهواً"، بات اليوم يطلق على سلسلةٍ لا تنتهي من الاعتذارات، لا تلجأ إليها الصحف وحدها لتفسير أو تبرير ما تقع فيه من هفوات، وليست كلها غير مقصودة بالمناسبة، وإنما بات يُقال حتى في تفاصيل تتصل بحياتنا اليومية، حين ننسى دعوة أحد ما لمناسبة من المناسبات، ثم نكتشف ذلك بأنفسنا، أو يأتينا التنبيه من آخرين، أو اللوم والعتب من الشخص المعني، وويلٌ لنا إذا كان هذا الشخص ذا مقام عالٍ.
لكن ما ألحّ على بالي، أكثر من غيره، وأنا أتفكر في هذا الأمر هو التاريخ. قيل إن المنتصر هو من يكتب التاريخ، وهذا صحيح، وقيل أيضًا إن التاريخ لم يقع، لأن المؤرخ لم يكن هناك، فهو أشبه بشرطي المرور الذي لم يشهد الحادثة، وإنما سجّل تفاصيلها من شهادات أطرافها، وهي، عادةً، شهادات مختلفة، وحتى متضاربة، فليس مألوفًا أن يعترف المتسبب بخطئه.
التاريخ، إذن، كٌتب بعد أن بعد وقعت أحداثه، لا لحظة وقوعها. وبالتالي علينا السؤال: كم من التفاصيل سقطت سهوًا عندما كُتب هذا التاريخ، خاصة وأنه أعيدت كتابته مرات، وعلينا تخيل التفاصيل التي سقطت، أو أُسقطت، سهوًا أو غير سهو، منه في كل مرة تعاد فيها الكتابة.
أوشكتُ على القول إنه ليس كل ما قيل عنه سقط سهوًا، قد سقط سهوًا بالفعل، وإنما جرى إسقاطه مع سابق الإصرار والتعّمد.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طاغور في القاهرة
- راسبوتين الذي رأى
- مفاتيح الذاكرة
- أسئلة كبرى في ذكرى (صناعة) الكيان الإسرائيلي
- بين المعري وطه حسين
- الصاروخ الصيني
- النفط ليس ظاهرة خليجية فقط
- المتشائل
- حديث عن الخسارة
- عزاء النساء
- عيد العمال في زمن كورونا
- الجولاني في البذلة
- الكتّاب يقومون من أضرحتهم
- تخليص الإبريز
- تحوّلات المدينة الخليجية
- القرية الكونية: عولمة لم تتعولم
- مبارزات المثقف النقدي
- بحثتُ ذلك بنفسي
- ألبرتو مورافيا في الصين
- الفلسفة تأتي في الصباح


المزيد.....




- مقتل يحيى السنوار.. CNN حللت فيديو لحظة مقتلة وهذا ما وجدته ...
- تحذيرات طبية بشأن الإفراط في تناول الباراسيتامول
- كيف تطورت الكلاب لتلبية احتياجات البشر؟
- اكتشاف عوالم حيوانية مزدهرة تحت قاع البحر!
- بماذا سيضحي أردوغان لقبول دولته في -بريكس-؟
- خبير ألماني يتوقع تقليص الإنفاق الأوروبي على أوكرانيا
- عقب مقتل السنوار.. بلينكن يشدد لنظيريه القطري والسعودي على ض ...
- صحة غزة: 1206عائلات فلسطينية مسحت من السجل المدني خلال عام م ...
- هاريس تدافع عن سياستها.. وجمهوريون ينتقدون أداءها
- مساعدات أميركية لكييف تزامنا مع إعلان -خطة النصر- الأوكرانية ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدن - سقط سهواً