أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - عن امواج عبد الله ابراهيم















المزيد.....

عن امواج عبد الله ابراهيم


محمد الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 6906 - 2021 / 5 / 22 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


عن "أمواج" عبد الله ابراهيم
عبثاً تحاول مع هذه الحياة، فلا بدّ من أن تدفع بك امواجها لتخط لك مسارات هي التي تختارها، تلك تنفرد بك وحدك لتكون لك مسارات ذهنية متراكبة، متتابعة حتى تفتح بها أمامك بوابات مغلقة، لتكون بفضلك مفتوحة أمام الغير. فانت أبن هذه الحقبة الكابوسية القاتمة التي مرت فوق العراق وانت بينها تطحنك بفعلها المقيت، تلك الحقبة الخطيرة مرت بنا أو مررنا بها كأنما كنا نمشي على حبل رفيع مربوط بين ضفتيتن وتحتها بحر متلاطم الامواج، ان زلت بك القدم، فسيأخذك ذلك الموج الى مجهول اللجّ العميق. من ثم ذلك الموج يحملك مجبر الى محطات تفتح بعضها على بعض، محطات مهمة، وأثيرة عصيّة على النسيان، ولابد ان تكون قد تركت اثراً بالغاً بفعل ضربات الموج العات العنيف، تلك الضربات، تترك بفعلها تحولاً من ضربة الى اخرى، من موجة الى موجة.. تغيراً مهماً على بنية عقل الرجل الذي بات يعرف من بين أهم الاسماء في سماء الثقافة على كوكب الأرض – حسب راي كمتابع شغوف- على الاقل أراه بين نقاد مهمين اضافوا الى المكتبة الانسانية.. مثل "تيري ايغلتون" ، "فرديرك جميسون "، أرنست بلوخ، والتر بينجامين، ماكس هوركهايمر، هيربرت ماركوس وغيرهم؛ مثلهم مثل الذين خرجوا من بوتقة الركود والخمول من المعرفية السابقة الممنهجة على ان لا تبقى تدور في طور الاستعراض بل الى الاتقاد الثقافي والشمولي الانساني. تعهده في حالة تطور الى الإضافة والمساهمة في الإضافة المضيئة، العطاء وفق مشروعه الشخصي، أي؛ ايصال القاريء الى حالة من التفاعل الثقافي مع النص المتناول – بشكل عموم- اي جعل القاريء في متن النص.. حاضر معه بكل ثقافته، فهو يتخذ قبل الدخول الى مقدمة محايدة لا يستغفل فيها القاريء العارف. وبعدها يدخل برأيه الذي غالبا ما وجدته قد سبق به غيره من النقاد، وهذه الاضافة هي ثمرة ثقافية مضافة الى النص المجترح فهمه؛ خصوصاً ان الرجل – عبد الله ابراهيم – لا يهتم بالمبالغات الاعلامية، ومن الصعب ان تجده حوله اضواء كافية مطلّة على فكر الرجل، بقدر ما موجود على الفكرة العربية المنفصلة عن ماهية وجود الشخوص الكولونيالية.
لعل هذه السيرة – امواج – سيرة عراق متكاملة في زمن تحولات هامة – سوف يخلد ونعده كتاب من الطراز الأول يستحق منا كل المديح. اذ ادهشتني مفاهيمه الجديدة للزمن والمكان فتكون تلك السيرة "مفهوم وطن" تجري فيه وعليه تحولات حادة تأخذ معها كل مستقر وكل متحرك، تحولات عنيفة بعنف "الامواج" التي تترك بصماتها حتى على الصخور..
فصول سيرة؛ وليس كبقية كتب السيرة التي نتدلّه مُتندرين بقراءتها؛ كتاب صادم بمعنى الكلمة من محتوى، لانه يكشف غفلة العماء الايدلوجي المفروضة علينا كمنهج (استخدمه النظام السابق واليوم يفرضه بعنجية أكبر النظام الحالي)؛ بغرض جعلنا مفصولين عن التعلم ومن ثم التحرر منه، يديم مواصلة الجهل المؤدي الى جهل أكثر قتامة، ويبقينا في مآل التحجر والظلام. كتاب صادم لانه يضع النقاط على الحروف، في زمن ولى فيه التفتح والمواصلة ولكن ليس بعد فوات الاوان.
(كالأمواج المتلاطمة، تتدافع حينا، وتتابع حيناً آخر، فتنحسر موجة لتظهر أخرى).. كتاب سيرة حمل في متنهِ مساحة تذكر لمسارات حادة في حياته الفكرية. كشفت لنا مآل خطوات هذا العقل المتمكن من أحرف قوية مباغتة توضح كيف تكونت تلك الرحلات في المتون السردية وفق ما آلت اليه عبقرية "عبد الله ابراهيم"، بعد ان تصدر جمهرة شحيحة من النقاد العراقيين الذين يعدون على اصابع اليد الواحدة. اذ تغيّب النقد الراقي عن العقل العراقي، وبقيّ الطبق فارغاً تلعب به الشمول . حيث مساحة النقد العراقي لم تعهد مثله ناقداً حقيقياً فتكشف تلك الامواج عن عمق ثقافة حقيقية أدت لنا غرضها الحقيقي بقلم حقيقي..
فالدهشة من قلمه المباشر - تأخذني كابن لهذه الحقبة المريرة، والتي سبقثتها- بل تخضّني خضّاً عنيفاً، ان تغيرت الازمنة، والامكنة، وتفاوت الاحداث بقي يكتب عن مسيرتي الفكرية الشخصية، فالرجل سبقني الى هذه الحياة ببضع سنوات، تولد 1957م من مدينة كركوك، وانا 1961م من مدينة بعقوبة.. الجيل الذي اضاعته حروب الطغيان ذاتها، بكل عواصفها وايدلوجياتها.. حتى الكتب ذاتها واحدة سمح لنا بقرائها من بعد تمحيص رقابي، حضرت وفق ما اراده "القائد الضرورة والايدلوجية المقيتة المغلقة"، كما وصفتها رواية الاخ الاكبر 1984. العصر الذي فتحت بمفاتحيه المغاليق ذاتها. لن يصبني شيء ان ذكرت ان كل كلمة مرت عليّ – أمواج عبد الله ابراهيم – كنت اتشرّبها الى حدّ الارتجاف، لانها مسيرة فكر لجيل عراقي عاش الحرب وويلاتها بكل تفصيل، ويكاد التفصيل منسوخا ليمر على كل فرد عراقي طبخته المحنة. (لاني افتقرت الى الرؤية النقدية، وما أصبت الا شيئاً ضئيلا منها. لم يكن مفهوم الاستبداد واضحاً لدي، وربما حالة الاستشراف ضامرة، فما توفرت على تربية سياسية متنوِّعة تعمِّق في بصيرة المعرفة، وهي البوصلة الموجِّهة لكل مجتمع سليم – 423ص)... في متن هذا الكتاب مواجهة مع الذات، انها لن تعيب سوى على البقاء في حالة القنوع والاستسلام، فالقراءة تجعل من الفرد في تلك المواجهة، القراءة في اجواء اخرى ساعدت على كل حرف يأتي الى العقل، فيأخذه العقل بجدية اخرى لن تكون الا مولدة لفكرة جديدة اخرى. لقد اختصّ الرجل بمفردات الثقافة وكل ما يمليه عليه النظر بالمقارنة وفق ما يقرأ، فالنظام السابق كان يضعنا في متن مفردات العزلة، يريد لنا ما يريده من تفكير وتدبير، يفكر نيابة عنا، وينزع لنا التفكير الذي كنا نريد ان نفكره، ونترك له كل ما في انفسنا، لنتحول من خنوع الى خنوع، فالنظام كان يريد لنا ان نفكر وفق ما يدعم استمرار بقاءه علينا، ويعزلنا مادام هو مخيماً فوقنا. حيث كنا ابناء الحقبة تلك، عبد الله ابراهيم بيننا يفكر تحت نفس الظروف، ولكنه عندما ابتعد عن تلك الظروف، وخرج عن طوعها صار يقرا بحرية ما معنى النظام الشمولي، النظام الخانق الذي يحتل العقل بمفاهيم اخرى غير معاصرة، وبرجالات لاهمَّ لها سوى تطبيق وتعميق رؤية النظام، وتراقب بكل امكانيتها كل ما يخرج عن ذلك النظام، وتقومه بالوشاية تلو الوشاية.
في الكتاب سيرة أسماء كانت متسيدة واجهة الثقافة التي كانت تصنع للنظام بقاءه وتصنع له خلوده وتسطونا بتلك التماثيل الصلبة الغبية، التي لم تتقبل العالم الجديد، حتى حدثت المواجهة بينها وبين نفسها في أول فرصة بعد انهيار طغمة النظام السابق، وسوف يحدث ذلك مع طغمة النظام اللاحق ايضاً.. فكم؛ نحنُ نتشارك تلك المفردات الثقافية، حيث اردنا حلماً ان نصبح خارج تلك الدورة اللولبية المستمرة التي ما فتأت تدور تحت نفس نير- الثيران- ثوابت ذلك القائد الضرورة. حلمنا ولم يكن احد معنا يشاركنا ذلك الحلم بالخلاص، حيث الحلم كان يعد احدى الثوابت التي لا يمكن تفكيكها.. تبين لي ان النظام كان يزرع الرقيب في مساحة عقلنا كلها، ويريد ان يسيطر عليها بما تمتلك من حيوات وتطلعات، (تبين لي أنني لم أزل مشوّشا، فلا يستقيم أمر الوعي بالرغبة والادِّعاء، أنما بالتجارب والملامسات المباشرة، وكلما حاولت ان أطور وعياً في قضية أجدني خاملاً في أخرى، ولعلي أدرك الآن بأن اكتساب الوعي الكامل.. أمر مستحيل، فالمرء تلتبس لديه احاسيس متداخلة من الماضي والحاضر، ومن العلاقات والمصالح، ومن التأملات والمواقف، وهو بحاجة لإعادة تعريف متواصل بالظواهر التي تحيط به- ص432)..
كانه الكتاب حرّضني على إعادة ترتيب ذهني من جديد بشأن استنتاجات أوشكت حسم الوصول الى صحتها، قبل موجة الصراعات هي التي توش عليّ كعراقي دفعتني من هنا وقربتني من هناك.. كتاب سيرة يجب قراءته بتجرد المثقف الشمولي، ويتخلى عن مهاترات العقيدة والنضال وبؤس الايدلوجية المُسبقة التي تجري أمامنا بمهزلة وتقودنا الى أمكنة ليس من المفترض الذهاب اليها، حيث تستهك شبابنا وأعز خلايانا.. عدم العدول عن اليقظة التي تحرر الفرد المواطن من تلك العصبية لتعطيه حقه في العيش كبشر له حيز في هذا الكوكب. كتاب سوف يبقى من بين أهم الكتب التي تمرّ في حياة الانسان، لتذكره كيف ساهمت تلك الحقبة في عزله، ومنعته من احلامه او غير مسارات طموحاته..
2021-05-22



#محمد_الأحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفاهيمي الخاصة في التجنيس الأدبي
- التأريخ وعاطفة المنبر
- التواضع والكاتب
- ملاحقة التأريخ
- اللغة الحس
- في ذكرى الموسيقار العظيم محمد عبد الوهاب
- تضع كفها على قلبي حمامات بيض تنزل، فلا اموت
- الفصل /3/ ليلى والحاج
- عن الرواية عامة
- نصوص التواصل الأجتماعي
- اسرار القراءة في رواية دمه
- عن -أمير الحلاج- ايضاً
- قامة عبد الستار نصر
- كلب -فرانز كافكا- الذي يكره النباح ولكنه داع الى الثورة
- كأسك ليس بملآن
- يصارعوك كي لا ينتصر عليهم شكهم.
- حتى حماري ينصح كل صاحب لي
- كن كحمار الحكيم حكيما
- حماري الحكيم الناصح
- حدثنا بائع الفشافيش الباحث عن فصوص لاليء التحشيش


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - عن امواج عبد الله ابراهيم