أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جبار فهد - مريم والمجنون















المزيد.....

مريم والمجنون


محمد جبار فهد

الحوار المتمدن-العدد: 6906 - 2021 / 5 / 22 - 15:41
المحور: الادب والفن
    


”وحيدون مع جنوننا...
نرى أنه لم يبق شيء لنكتب عنه..
أو ربما من الضروري أن نكتب
عن الاشياء القديمة ذاتها..
بالطريقة نفسها..
نكرر الاشياء دائما وأبدا..
حتى يستمر الحب ويصبح كل مرّة مختلفاً“..

.....-$--$--$--$--$-.....-$--$--$--$--$-.....

- جون آشبري / شاعر أمريكي

________________________

أفكّر بما يحزنني..
بما يرعبني، ناسياً
أنّك حلمٌ جميل لا
ينتهي، يتمدّد فوقي
كعروسٍ مجروحة وديعة..

ضحكتي اُطفئت..
سعادتي انتحرت..
أفكاري قُتلت..
نفسي شُنقت..
لا أعلم كم تبقّى
لي من العمر،
لكني أعرفُ
جيّداً، ومن
داخل أعماق
قلبي الحزين،
أنّك العمرُ الوحيد..

قُلت لي مرّة؛
”منذ فترة وأنت متوقف
عن الكتابة لا تكتب لي شيئاً“
لكنك لم تعلم أنني كنت
أكتب.. وأكتب.. وأكتب
بلا سكون.. بلا ملل..
لم تعلم أنني أحرقت
كل القصائد
التي كتبتها
من أجلك..
لماذا؟..
لم تكفيني اللغة..
ولم تكفيني عيوني..
فاضطررت أن أرسمك
في قلب الكون الرحيب..
فأنظر إلى ماذا حصل..
فرّقتنا الأقدار..
فرّقتنا الظروف..
أنا.. أنا فرّقتنا وقتلتنا..
أنا.. أنا وحدي.. أنا صاحب
العهد والوعد والعشق والضمير..
أنا الذي كنت طيبا وصرت شرير..
أنا الذي عذبني والدي فأصبحت حقير..
لا أحد ينافسني.. لا أحد ينازعني
حين يكون الحديث عن جُرم أبي الكبير..
أحببته.. فمقتُه.. لأنه أورثني أبشع جيناته..
كيف بوسعك أن تعامل أمك؟.. بالشتم والضرب..
كيف بوسعك أن تعامل ذاتك؟.. بالقهر والعُهر..
كيف بوسعك أن تنتشي؟.. امزج الصلاة بالخمر..
كيف بوسعك أن تَجُن؟..
لم يعلّمني الجنون.. لم يعلّمني..
علّمت نفسي.. علّمت نفسي..
ولستُ مجنوناً..
بل أنا أمّةٌ من المجانين..
ونحو المقابر اتجه وافرش
روحي.. فهناك.. هناك انتمائي..

كم أرغب أن أطير
إلى حيث قلبُكِ يرغب..
فقلبي متاهة سوداء
لا يُرى فيه شيئاً..
مرعب ودنس..
أما قلبُكِ فمملكة
حُبٍّ يستحيل
عليَّ أن أضلُّ فيها..

حزينة جداً..
وحيدة جداً..
قلبكِ، من الأسى،
يتحطّم ويتمزق..
وحدكِ، يا أيتها
الكوكبة البيضاء،
تعرفين لماذا أنتِ
حزينة جداً هكذا..

في النظر إلى الوراء لا أرغب..
على فُراقك لا أقدر..
طوال لياليِّ أنا جالسٌ
أُحدِّق في صورنا الجميلة..
صورنا التي غدت ضباباً غريق
وجزءاً من الذكريات والأحلام..
كم من ألم يعتريني حين
أتذكر ما كتبته لكِ؟..
ألا اعتبرُ سارقاً في دينكِ؟..
فلِمَ لا تُقطَع يدي كي
أهديها إليكِ؟..

معكِ
الأحلام تحلم..
القيثارة تتكلّم..
النجوم تُغنّي..
السماء تتأرّض..
القفص يتحرّر..
الطاغية يتصدّق..
الأسد يتأنّث..
معكِ
المستحيل
مُجرّد كلمة غبية..
معكِ
الأبدية تتحقق..
الشياطين تتألّق..
الشمس تتعرّق..
الله، في الأنفس، يتدفق..
أما أنا فأحيا في ثانية،
أخونكِ.. ثم ارجع اختفي إلى الأبد..
هذا أنا.. مَصدر فوضى كُل شيء..

علام أبكي؟..
علام أدخن؟..
علام أحزن؟..
علام أغضب؟..
علام أتكلم؟..
فعلتها ولست راضياً
على ذلك.. فعلتها
وها أنا ذا كُلي
حسرات وندم..
كُلي نارٍ وألم..

لقد خُنت المرأة
التي أراد أن يسرقها الجميع..
حطمت قلبها
شوهت روحها
عبثت بإيمانها..
لست بارعاً ربما في
إيذاء الأجساد،
لكنني حتماً اعتبر
قاتلاً للمعنى النبيل..
قاتلاً لكُلِّ دليل..
وما أنا
بالنهاية إلا
المتناقض العليل..

لقد استشرى
الغضب في روحي..
لم أعد أنظر إلى الأشياء
من خلال عين جروحي..
لقد عرفت الحقيقة
وأصبحتُ الأشياء ذاتها..
لا يوجد سبب كي
اُفكر بالإنتحار..
فها أنا ذا قد انتحرت
حينما خيبت ظن الجميع..
لم أتعلم إلّا شيئاً
واحداً من دوّامة
هذه الحياة..
أن الكل وسيلة إلهاء..
أن الكل مؤمن،
وبمجرد أن يفقد
إيمانه.. سيموت
بلا قبر.. بلا جيفة..
بلا بكاء.. بلا رثاء..
بلا ثأر.. بلا سقيفة..

يا أيها الألم القاتل..
يا سيّد الآلهة..
لا تتركني..
لا تتركني وحيداً..
اجعلني عبدك..
اجعلني عبدك
لأموت..
لأموت بنقاء
وأعرِّفُ البشرية
بغاباتي الإبليسية..
لقد غزرت خنجر
الأسى في قلب حبيبتي..
لم أستشير الطبيعة
كما يفعل هولدرلين..
أكملت حياتي،
ومشيت خطوة خطوة،
بجسد صلب وبروح أصلب..
كان حبي نيرودي
يَعلو الشهوة والرغبة..
لكني خنقته.. فتكت به..
أريته حقيقتي المضطربة
فألقى بي بعيداً
في جحيم العدم..
لن أبحث عنه مجدداً..
لن أتوسل.. لن أصلي..
لن أركع.. لن أؤمن..
يا أيها الألم القاتل..
خُذني.. خُذني..
أحملني.. عانقني..
انتشلني من
رُكام الآثام
والبؤس المرير..
يا سيّد الآلهة
أنني فيك..
أنني نجلك
الذي يُهزم دائماً..
أنني خليلك
الذي لا يجيد
قوانين اللعبة
ولا فن الكذب..
يا أيها الألم القاتل..
لنرحل.. لنرحل..
بنقاء.. بنقاء..
كما تودِّعُ طيور الربيع
شفاه أشجار التين..
لنرحل.. لنرحل..
بنقاء.. بنقاء..
كشهابٍ يمرُّ
على سماء الأرض
بلا علّة.. بلا معلول..
كپودلير..
كنيتشه..
كدوستو..
كجبران..
لنرحل.. لنرحل،
في آناءِ الليل
يا صديقي،
بنقاء.. بنقاء..

لم تموتي.. ولن تموتي..
لن أكتب قصيدة
الوداع أبداً أبداً..
وحين تموتين
سأنحت على
قبرُكِ؛ ”لا زالت
حيَّ فيَّ، هذه
خالقةُ الخالقين“..

___________________________

”أن الحقيقة تُصنع لا تُكتشف“..

.....-$--$--$--$--$-.....-$--$--$--$--$-.....

- رتشارد رورتي / فيلسوف أمريكي

___________________________

لا تفكروا بصغر حجمكم..
لا تفكروا بأنكم نكرة ولستم ذا شأن..
لا تفكروا بكمية التوحش التي أنتم عليها،
والتي دائماً ما تتغلب عليكم وتطرحكم أرضا..
وتجعلكم ضجرين.. بائسين.. جاحدين.. مكتئبين..
آمنوا بسلاسة
واربحوا اليقين..
لا تكونوا شياطين..
صدقوني.. ستُحرقون
وأنتم أحياء وسترّحبون
بكلِّ زومبي يشعر بما تشعرون..
لا تكونوا.. ولا تفكروا..
اربحوا الإيمان.. اربحوا الراحة..
ارصفوا العبثية والعدمية
وضعوها جانباً على ميسم أحد الأزهار..
فإنّها لا تصلح إلّا لمن هم موتى
في كل شيء.. تجاه كل شيء.........
لا تتركوا أرواحكم تائهة وحرة..
كبلوها بالإيمان.. ألجموها
بالفن
والجمال،
فلست أريد
إلا حمايتكم....
ارجعوا.. ارجعوا
إلى إيمانكم،
فإنما الجُبن والغباء
بحاجة الى امثالكم........

كم أنا فخور بنفسي..
فكل يوم شخصية..
كل يوم اُبعث إلى يوم
القيامة وأقتل أحداً..
كل يوم اهدمُ شيئا
ما بيدي.. بلساني.. بعقلي..
كل يوم ارفع فأسي الحديدي
واقطع غيمة من سمائي..
كل يوم امحي شيئا..
كل يوم ألعب مع الشيطان..
كل يوم العن الآلهة والبشر..
كل يوم العن الحقيقة..
لا أعلم أين أجد الراحة..
أنا بعيد.. بعيد جدا..
على الراحة ان تجدني..
قبل ان اختفي واكونُ
ضحية اخرى.. جثة اخرى
تضحك عليها الأحياء
وتبكي عليها الموتى....

مُلحداً يُدعونني..
مؤمناً يُريدونني..
لست مع أحد..
أنا ضد الجميع..
ضد نفسي وضد
خالقي......
ضد كل شيء..
كيف أربح اللعبة؟..
لقد ربحت
قبل أن أخلق..
قبل أن يقرر الأحمق خلقي..
قبل أن يرسم ملامحي المشوّهة
ويفجِّر فيَّ روحه الخبيثة...
لقد ربحت.. لقد خسرت..
لقد عشت.. وعرفت..
ثم مُـــــــــــــت..

الغضب والهدوء،
الحب والحقد،
البشاعة والجمال،
النُبل والإنحطاط،
الحياة والموت،
العاطفة والعقلانية،
أولئك سادة الجرائم الكبرى،
يتصارعون فيَّ وكأنني أحتملُ
شيئاً من هذا القبيل..
قد آذتني العاهرة الرخيصة
التي يدعونها وعي..
قد عذبتني أشواك
المعرفة وحيّرني
وحي الكُهّان
المرضى..

لدي رغبة كل إله..
لدي حدس
كل مغتصب..
لدي عقل كل
لص محترف...
لدي ذكاء كل
شيخ محتال..
لدي لباقة كل
سياسي ثرثار..
لدي بلاغة كل
خطيب وثني..
لدي روح كل
عصفور سجين
وكل فكر إنساني
ممسوخ..
ألا أن شيئاً واحداً لا أملكه؟ ؛
العالم..
أريده..
أريد أن أنهيه
من العذاب الذي يتنفسه..
من الضحكة الزائفة
التي تملأ فمه..
من متناقضاته
التي هي أطهر ما رأيت..
أريدُ أن أمحيه في ثانية،
عالم أولئك البشر الأذلّاء،
وأعيدُ تركيبه في سبعة ثوان..



#محمد_جبار_فهد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأشتاقُ لكِ دوماً...
- ترَاويح كافر
- كِلانا...
- التي تُطاردني.. هاتيك الحقيقة.. قد أرتني..
- لا تقرأوني.. فأنا أكتب الكذب..
- القيثارة...
- تُرّهات لامنتمي (لاإكتراثي)..
- فرويد في قبري...
- خُذني...
- آه كم هو مُؤلم...
- حان الآن..
- صراعٌ مع الأغلال الوهمية
- أنا لستُ وحشاً...
- لُعبة الحيارى
- دُخان النار الأزليّة..
- لأنّنا خالقون..
- الإنسان...
- كيف تُفكّر الفراشة...
- أحياناً...
- الإنسانة والحمامة والطبيب..


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جبار فهد - مريم والمجنون