أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ناديا مراد طه تشكو اغتصابها لمغتصبيها














المزيد.....

ناديا مراد طه تشكو اغتصابها لمغتصبيها


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6900 - 2021 / 5 / 16 - 22:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن العالم، وبخاصة أعضاء مجلس الأمن الدولي، بحاجة إلى أن تجلس الشابة اليزيدية ناديا مراد طه لتروي لهم ما فعلته داعش بها وبعائلتها وباليزيديين، كي يعلموا ما حل باليزيديين في الموصل. فما جرى معروف للجميع عبر وسائل الإعلام، دع جانباً وسائل الاستخبارات والأقمار الصناعية ووسائل الرصد المتنوعة.
كانت كلمات الضحية مغمسة بمرارة التجربة، وكانت ابنة الواحد وعشرين عاماً متماسكة للصور المريعة التي راحت تمر على ساحة وعيها وهي تروي، تابعت روايتها ولم تهزها عثرات اللغة. صفق لها الحضور رغم التعليمات بعدم التصفيق، كما قالت سامانثا باور مندوبة الولايات المتحدة ورئيسة المجلس التي تأثرت حتى سالت دموعها.
كان العالم، كل العالم، وأقوياؤه على وجه الخصوص، يعلمون عن داعش أكثر مما قالته الفتاة اليزيدية. وكانت لديهم، وهذا هو الأهم، المعرفة والقدرة الكافيتين لمنع حدوث ما جاءت الشابة لترويه على مسامعهم. وفي الصورة النهائية والحقيقية فإن ناديا جاءت كي تدينهم أكثر مما جاءت تشكو لهم. ولكن لا خيارات للضحية. ماذا تستطيع الضحية الوحيدة المستضعفة سوى أن تشكو. التباين الهائل في مستويات القوة، يغري باستعمال القوة المجردة من أبسط احترام للقيم الإنسانية، ويجعل من الضعف عامل جذب للإجرام، ويدفع الضحايا الناجين إلى هدر اعتباراتهم الشخصية على أقدام الأقوياء.
تتحدث ناديا طه عن بؤسها وهي في سوق نخاسة فعلي، سوق نخاسة يتجول فيه رجال بلحى طويلة وأسلحة حديثة وأجهزة اتصال شديدة التطور، وكيف أنها اختارات الرجل الذي بدت قدماه صغيرتين كي ينقذها من الرجل الضخم الذي أراد الاستئثار بها. هكذا يفرض على الضحية أن تتعرف على جلاديها من أقدامهم، فلا يحق لها النظر في وجه جلاديها (كما كان يفرض على سجناء سجن تدمر العسكري الأسدي أن يفعلوا)، أو لا تمتلك الضحية، بفعل ما يحيط بها من عنف لفظي ومادي، القدرة النفسية الكافية على النظر في عين جلاديها. عالم اليوم يكرّس القوة باعتبارها القيمة العليا، يحدد المسرح ويطلق الوحوش بعد شحنهم بفائض من الكراهية والقوة، ثم يستقبل الضحايا، ضحاياه، كي يستمع إلى قصصهم المثيرة ويبدي تعاطفه "الإنساني"، كي يواصل بعدئذ دوسه على أبسط معايير العدل.
لا شك أن مراكز اتخاذ القرار المؤثر في العالم لا تنتظر شهادة ناديا وأمثالها كي تبني سياساتها، العكس هو الصحيح. إن سياسات وقرارات مراكز القوة في العالم هي التي تنتج الضحايا الشبيهة بناديا ثم تجلبهم كي يرووا معاناتهم في طقوس أممية مكرسة لتجميل آلهة العصر الحديث، وتنزيههم عن الجريمة المنظمة وجعلهم ممثلي العدالة الذين يلجأ إليهم المظلومون.
يجلس ممثلو القوى الكبرى ليصغوا إلى رواية مثيرة فيها الكثير من العنف وانعدام القيم ومرارة الاستضعاف، سعداء من كون الضحية تشكو لهم، ما يجعلهم على الضفة المقابلة لداعش وكبائرها، وجهة يعتد بها لرفع الظلم. يصفق ممثلو القوى الكبرى ويذرفون الدموع ويتعاطفون، وفي الليلة نفسها تنتج سياساتهم "المدروسة" آلاف الضحايا من أمثال ناديا.
يصغي هؤلاء إلى شكوى ناديا المغتصبة والمنتهكة إلى آخر حدود الانتهاك والوعي، وفي عروقهم تسري لذة المجرم المخفي، أو المجرم الذي يفرّغ نزعته الإجرامية بالاستماع أو التفرّج على إجرام غيره، بالطريقة التي تؤدي إلى دغدغة ال"هو" داخل كل منهم، دون المجازفة باختلال صورة "الأنا"، ودون الألم الناجم عن تقريع "الأنا العليا"، بحسب الترسيمة الفروديدية الشهيرة. هكذا تمثل "الدولة الإسلامية" وسلوكها الإجرامي والمتوحش، ما يمكن اعتباره الـ"هو" الخاص بالنظام العالمي الرسمي الحالي، ولكنه "هو" متجسد في "دولة" وممارسات تقع خارج "أنا" العالم الرسمي. كل العالم الرسمي يتبرأ من "الدولة الإسلامية" تماما كما يتبرأ "الأنا" من شهوات الـ"هو". ولكن كما لا يمكن أن تنفصل الأنا عن الهو، كجزئين مترابطين في بنية النفس الواحدة، كذلك لا يمكن أن تنفصل داعش عن النظام العالمي الرسمي، إنهما يتكاملان في علاقة تنطوي على التواطؤ أكثر مما تنطوي على العداء.
ديسمبر/كانون اول 2015



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرائف سوداء
- الوجه والقناع
- عن المعتقل المجهول
- الوطنية السورية والفيدرالية
- التضامن المدني مدخلنا إلى الديموقراطية 2
- التضامن المدني مدخلنا إلى الديموقراطية 1
- ميشيل كيلو، المعارض النجم
- الفيدرالية، مخرجاً للطغمة الأسدية؟
- الفشل الوطني هو القاسم المشترك
- بيتنا القديم والإسفلت
- السطو على ضمير المتدينين
- بين لوحتين
- تعودت أن أحب كاسترو
- جنازة لا تحتاج إلى موتى
- ستيف جوبس وألان الكوردي
- المعارضون السوريون بين الداخل والخارج
- عن ذبح -غير الأبرياء-
- في القسوة
- عن استمرار الثورة السورية وحواجز الخوف
- قناع السلطة


المزيد.....




- معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف: ...
- مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر.. ...
- نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
- -نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل ...
- بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية ...
- -معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد ...
- شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11 ...
- صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا ...
- بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي ...
- -إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ناديا مراد طه تشكو اغتصابها لمغتصبيها