|
مشروع التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (14)..
عباس موسى الكعبي
الحوار المتمدن-العدد: 6898 - 2021 / 5 / 14 - 22:25
المحور:
الادب والفن
الحلقة (14): مهدي عيسى الصقر (1927 – 2006)
روائي عراقي، ولد في البصرة سنة 1927، بدأ حياته الأدبية بمحاولات في كتابة الشعر، ولكن القصة استهوته فاتجه لكتابتها، وكانت أولى محاولاته بين عامي 1947 و1948، ونشر بعض القصص في مجلة (الأديب) اللبنانية. ينتمي إلى جيل الخمسينات الأدبي الذي ضم كتاب مثل فؤاد التكرلي و غائب طعمة فرمان... يعد من رواد الكتابة الواقعية في العراق فعرض في قصصه الصراع بين المدينة والصحراء، وسعى إلى إبراز حياة هؤلاء الناس ومعانأتهم. عمل موظفًا في شركة نفط البصرة لأكثر من خمس وعشرين سنة وهو المكان الذي مكنه من فهم معاناة عمال النفط ومشكلاتهم فهمًا طبقيًا، فكان في الخمسينات قريبًا من أوضاعهم ومن أفكارهم، دفعه ذلك إلى أن يرتبط بالتيار التقدمي اليساري فشهد على مدى عقود مظاهرات عمال النفط والموانئ العراقية فاستبطن تلك الأحداث لاحقًا في نتاجه. ولم يمض وقت طويل حتى نجده ينشر قصته الاولى (( الرجل المجنون)) عام 1948 وكانت هذه القصة تنبئ بميلاد قاص عراقي جديد ومحاولة جادة لتقديم المدينة الجنوبية على حقيقتها .. لدرجة ان بدر شاكر السياب يتحمس لهذا القاص الشاب ويشجعه على الاستمرار ولم يمض وقت طويل حتى كانت القصة الثانية (الطبيب الخافر) بين يدي السياب واذا بتلك القصتين تشكلان علامات جديدة بارزة في عالم الادب العراقي انذاك .. واذا بهما الى جانب محاولات غائب طعمة فرمان وشاكر خصباك وعبد الملك نوري وفؤاد التكرلي ايذاناً بولادة جيل من الكتاب يسعى لتقديم صورة حقيقية عن واقع المجتمع العراقي وكشف الزيف المحيط به . .. وتبلغ حماسة السياب ذروتها حين يدفع صديقه القاص الى نشر اولى مجموعاته القصصية فكان ان اصدر مجموعة (مجرمون طيبون) عام 1954 عن رابطة (الفن المعاصر) وهي رابطة كان للسياب والبريكان وعدد من مثقفي بغداد الفضل في تاسيسها.. مجموعاته القصصية الاولى (مجرمون طيبون ) (غضب المدينة ) التي صدرت في اواخر خمسينيات القرن الماضي كانت بالفعل شيئا متميزا ومختلفا عن التيار الوصفي الذي كانت تتسم به القصة العراقية انذاك وكان هذا التطور متناغماَ مع الجو السياسي والثقافي الذي ساد الشارع العراقي .. كما ان النجاح الذي حققه غائب طعمة فرمان وعبد الملك نوري في قصصهما قد اغرى العديد من الكتاب بالابحار على مراكب الواقعية الجديدة.. وهي الواقعية التي تغوص في حياة الناس من موظفين صغار وحرفيين ومضطهدين ومنبوذين وهكذا فعل الصقر في اغلب كتاباته، بالاستفادة الواضحة في تذوق الادب العالمي الذي انكب على قراءته باللغات الثلاث التي يجيدها الانكليزية والفرنسية والالمانية.. توفي في 14 آذار 2006. النتاج الروائي: الشاهدة والزنجي، 1988- “أشواق طائر الليل”، 1995- “ "صراخ النوارس”، 1997- “الشاطئ الثاني”، 1998- “رياح شرقية، ورياح غربية”، 1998- “بيت على نهر دجلة”، 2006.. النتاجات الأخرى: “مجرمون طييون” (مجموعة قصصية)، 1954- “غضب المدينة” (مجموعة قصصية)، 1960- “حيرة سيدة عجوز” (مجموعة قصصية)، 1986- “أجراس” (مختارات)، 1991- “شتاء بلا مطر” (مجموعة قصصية)، 2000- “شواطئ الشوق” (مجموعة قصصية)، 2001- وجع الكتابة – مذكرات ويوميات”، 2001..
رواية بيت على نهر دجلة:
تبدو هذه الرواية موغلة في عمق الجرح العراقي النازف لتجسد البُعد المأساوي للحرب بكل افرازاتها الاجتماعية والأخلاقية.. قصة تدور ضمن اجواء الحرب العراقية الايرانية وما افرزته من تداعيات سلوكية سلبية في اغلب الاحيان انعكست بثقلها على شخصية الفرد العراقي.. تبدأ الرواية بالبطلة (ساهرة المطلوب) حيث تقضي وقتا لتنويم اخيها (سعيد) والاطمئنان على سكونه قبل ان تعود الى فراشها مع زوجها وهو يتمدد مستفزا خائفا من ليلة جديدة يقوم فيها سعيد (المختل العقل الى حد ما) باشعال النيران في البيت كما يفعل بين الحين والاخر.. انه (سعيد) مشعل الحرائق الذي سيق الى الحرب ووقع في حقل الغام ثم الى الاسر، فيما اكتشف المسؤولون العسكريون في وحدته وفاته لتعيش شقيقته (ساهرة) وزوجته (فاتن) اياما في مركز استلام الجثث مع الضابط (منصور).. خلال ذلك كانت (ساهرة) تعاين كل الجثث العائدة بينما اكتفت (فاتن) بالتجربة الاولى في المشاهدة ثم اغمي عليها ففضلت الجلوس في غرفة الضابط مما مهد لها وله سبيل علاقة جديدة.. كان الحديث في مركز استلام الجثث يدور عن التوابيت وعن طوابير انتظار تسلم الجثث وعن العويل المفجوع والرائحة المقززة.. رائحة الجثث المتفسخة وكيفية تنظيفها من الدود والنمل، إلى جانب الإشارة إلى الجثث التي تنفجر عند إنزالها من الشاحنات . يقول منصور وهو يتحدث باسترخاء لذيذ في حضرة فاتن : ” أحيانا ً يبعثون إلينا شحنات من الأهوار، بعض الجثث تصلنا منتفخة مثل البالونات ، مليئة بالغازات والسوائل بسبب بقائها في الماء..".. "لا احد يعرف خبايا الحقل المميت حتى يتجنبه"، وهكذا لم يتجنب احد الحقل الذي مشى فيه.. حقل الالغام هذا، وهو حقل الحياة نفسها الذي نقل فاتن زوجة سعيد من بيت زوجها الى بيت زوجها الثاني الضابط (منصور).. وهو حقل الالغام ذاته الذي وضع الروائي ابطال روايته فيه.. هو حقل الغام مفتوح يمتد من ارض الجبهة الى المقبرة حيث ترقد جثة لقتيل باسم (سعيد مطلوب) على سبيل الخطأ، لان سعيد قد عاد من الاسر وهو شبه مجنون مما سبب لشقيقته الكثير من المتاعب... (ساهرة) تتمسك باخيها سعيد ميتا او حيا، بعقل او بدون عقل، وتظل تعيش ازمة الاستمرار في اعادة صياغة شخصية سعيد معتبرة تجربتها هذه تجربة العمر الاساسية التي تقفل عند مشهد الرواية الاخير وهي تقترب من زوجها ، وما ان تقترب حتى تملأ غرفتها رائحة حريق التهم البيت كله في وقت غادر فيه مشعل الحرائق (سعيد) الدار بعدما نفذ ما اراد. رواية ” بيت على نهر دجلة ” جاءت مدونة مفعمة بروح الصدق والجرأة ، تؤرخ لحقبة مظلمة من الزمن العراقي، حقبة حافلة بالحروب الدموية المدمرة التي بدأت ولم تنته بعد وربما ستظل نهايتها مفتوحة حتى اشعار اخر ..
#عباس_موسى_الكعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروع التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (11)..
-
مشروع التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (12)..
-
مشروع التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (10)..
-
مشروع التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (9)..
-
مشروع التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (7)..
-
مشروع التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (8)..
-
مشروع التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (5)..
-
مشروع التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (6)..
-
مشروع / التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (3)..
-
مشروع التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (4)..
-
زاوية الحانة
-
الانسان بين العدم وعبثية الحياة..
-
لماذا لم يصل بنا التطور الى الخلود؟
-
اهداء الى جميع الاحرار..
-
حوار بين عراقيين قبل 2003
-
سادة وعبيد
-
بهائم بشرية
-
بداية بلا نهاية...!؟
-
هلاوس كورونية.. (1)
-
هلاوس كورونية (2)
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|