أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الغربي عمران - -على كف رتويت- رواية فاضحة لرغبات مكبوتة..















المزيد.....

-على كف رتويت- رواية فاضحة لرغبات مكبوتة..


الغربي عمران

الحوار المتمدن-العدد: 6897 - 2021 / 5 / 13 - 22:49
المحور: الادب والفن
    


وتعدد الوجوه الزائفة.

عنوان لافت يوحي بعالم العفاريت لمن لا يعرف معناه بالعربي .. العمل الروائي الثاني الذي يقع بين يدي للروائية الخضيري.. صادر عن مسكيلياني بتونس أواخر 2020.
بين هذا العمل وما سبقه نجد تطور ونقلة نوعية في البنى الفنية.. والفضح الموضوعي. يبرز من خلال أسلوبا وطريقة سرد الأفكار وتقديمها.. وإن اشترك العكل الأول والتالي بالغوص في أعماق المجتمع.. وتلك العلاقات المتداخلة بين شرائحه وطبقاته. كذلك تسليط الضوء على تحولات وتغيرات المجتمع السعودي.. فكرا وممارسة .
"رتويت" رواية وصفية بامتياز.. خاصة في التركيز على الشخصيات.. من غازي الذي تصفه "يبلغ الآن الثامنة وخمسين عاماً.. هو الثاني في ترتيب الإخوة.. ملامحه تشبه الفنان محمود المليجي.... له سوالف كثة رمادية اللون.. بيضاء من ناحية الأمام.. مشتبكة بذقنة الخفيف...". الخ. ثم تصف عايش "كان عايش جد غازي لأمه رجلا متدينا.. ذا وجه بشوش.. عيناه صغيرتان...". الخ. ثم صاحب دكان الحارة "العم صالح رجل قصير قوي العضلات.. أصلع.. ذو لحية كثة...". الخ. ثم شخصية أخرى "سامي شاب وسيم.. طويل القامة.. وعيناه بلون القرفة..." وهكذا تأخذ معظم الشخصيات حقها في الوصف الخارجي.. لتتعدد الشخصيات وتتنوع الصفات مثل: رضا.. جومانا.. رقية.. نورة.. خديجة.. مشاعل.. سلطانه.. سعود.. العنود.. علي.. بدرية.. فهد الخ تلك الأسماء التي يظهر بعضها ليختفي كما ظهر فجأة. حيث تفسح الخضيري مساحات كافية لكل شخصية.. وكأنها تتركهن في عراك ذاتي.. ولم تمنح أحداها التميز كشخصية محورية دون أخرى.. فتجدنا نظن في البداية أن غازي هو الشخصية المحورية.. ليأتي رضا ويأخذ مساحته.. ليظن المتلقي بأن رضا هو لشخصية المحورية.. ثم سامي.. علي .. سلطانة... الخ تلك الشخصيات.. لنكتشف بأنها رواية تعدد الشخصيات.. فكل له دوره ومساحته في مجتمع مضطرب.. ومتطور. وكأن الكاتبة أرادت عدم التدخل في جعل إحداها تطغى على البقية .. لتترك تلك الشخصيات في صراع مدهش .. بتعاملاتها وعلاقاتها وسط مجتمع نامي.. هو مجتمع الرواية.. وكأن الكاتبة توحي بعدم تدخلها في تنامي الأحداث.. ولا في تطور تلك العلاقات.. لتدعها تصنع ذاتها وتنهج مسارات مصائرها دون تدخل أو فرض رؤيتها. وهو ما أسمية ديمقراطية الكاتب.
قسم العمل إلى 11 قسما.. كل قسم يأتي ببداية فعلية مثيرة للتساؤل.. مثل "جلس في هيئة تأمل يحدق في الفراغ..." وبدية ثانية "تعود بدرية كل مساء إلى منزلها.. تتفادى لعنات وشتائم جدتها..." وثالثة "أستدعى الضابط أحد عسكره وأمره بإيداع المتهم عبد الملك التوقيف..." ورابعة "جلست تنتظر طائرتها المغادرة إلى إيطاليا في الساعة الأولى من الفجر..." وهكذا هي الجمل الأولى في جميع أقسام الرواية التي تشوق القارئ وتشده.. لتثير تساؤل "ماذا بعد؟".
قدمت الكاتبة في تلك الأقسام حكايات شخصياتها.. دون إغراق.. متبعة في كل قسم إظهار شخصية من زاوية محددة.. وتلك العلاقات المتداخلة بين أفراد مجتمع الرواية.. الذي يمثل مجتمع مدينة الرياض بشرائحه.. وفئاته.. مثل: رضا الشخصية الجشعة المحب لجمع المال.. الجاحد لزوجته السابقة خديجة.. وأولادها منه حتى موته. دون أن يلتقيهم يوماً حيث عاشوا في كنف جدهم حياة الفقر والكفاف.. بينما والدهم وأولاده من زوجته الثانية مشاعل.. يعيشون حياة البذخ والترف.. ليسيطر ابنه سامي على تلك الثروة "هامور العقار" كما وصفته. هكذا كانت بقية تلك العلاقات المتقاطعة لشخصيات عملها.. لتشعر المتلقي بشراكته لها في عناقيد حكاياتها التي تشابه مشاهد سينمائي باذخة الإدهاش.. حيث نسجت مصائر شخصياتها في حبكات متنامية حتى نهاية كل شخصية.. فالجد عايش عاش كرجل نزيه.. حتى موته بعد ان رعى ابنته خديجة واولادها حتى أضحوا يعتمدون على أنفسهم.. وقد نجح حفيدة غازي أن يكون أسرته.. ويعيش حياته بعصامية رائعة. مقابل أخوه سامي الذي أستولى على ثروة والده المتحركة والثابتة بمباركة والدته.. الذي بدوره يخضع لسيطرة زوجته "جومانا" إلا يسقط في النهاية.
يموت رضا كمدا.. وتموت مشاعل زوجته بعد معاناة مرض عضال.. وتنتهي حياة سامي في السجن .. نتيجة اشتراكه في صفقات مالية مشبوهة..
صديق سامي "علي" الكاتب المشهور يموت في حادث مروري. وهكذا نسجت الكاتبة مسارات حيوات شخصياتها.. مخططة لمصائرها الدرامية في حبكات فنية متخيلة.. يتقبله المتلقي كواقع.
الراوي العليم هو المهيمن بسرد أحداث الرواية.. إلا أن الكاتبة تركت لشخصياتها أن تشارك بسرد بعض الأحداث هنا وهناك.. ما يوحي بعفوية البناء السردي.. وتنامي تلك الشخصيات.. فسعود سارد.. وسلطانة ساردة وكذلك هو سامي.. وبهذه التناوبية منحت الكاتبة نوع من الديمقراطية لشخوصها.. ليحكي كل حكاياته.. في انسيابية ومرونة تشعر المتلقي بأنه يعيش تلك الأحداث ويعايش تلك الشخصيات بآمالها وهمومها.. لتداخل الأصوات وتتشابك الأحداث في تصاعد متوالي حتى النهاية.
تلك الشخصيات لم تأتي بها زينب على شكل موحد.. فقد رسمت غازي مشابها لجدة عايش.. وكأن الشخصية المثالية يرثها الحفيد عن جده.. وكذلك سامي يرث من أبيه رضا تلك النوازع الشرانية.. وحبه للمال والتملك.. علي المأجور كاتب مشهور لا يشبهه أي شخص من شخصيات الرواية.. شخصية انتهازية.. وهكذا هي سلطانة.. العنود.. وبقية الشخصيات.. تنوعت بتنوع تأثير البيئة الاجتماعية عليها.. فكانت شخصيات حيوية.. منها المثالي .. والشخصية المركبة.. لتتنوع كتنوع افراد المجتمع.
قسمت الكاتبة روايتها إلى إحدى عشر قسما.. تداخلت مواضيعها.. لتجد هنا معالجة لثيمة ما.. تمتد إلى قسم أو أكثر.. لتتعدد المواضيع.. وتتداخل. إلا أن القسم "7" هو الأكثر تميزا.. فقد فردت مساحته الكاتبة لمعالجة موضوع واحد.. تلك المساحة الأكثر بين مساحات بقية الأقسام.. أو أنه جوهر الرواية.. كونه يعالج تلك العلاقات المستترة.. حيث قدمت الكاتبة وجوه شخصياتها المشوهة.. عبر الواقع الافتراضي.. بغوايتها ورغبات شخصياته المكبوتة.. بكل غموضه وتصالباته.
إنها الحياة الحقيقة لشخص هذا العصر.. متاهات وجوده.. فصلا من المتعة والجنون.. يجد القارئ نفسه يعيش تلك الخدع وتلك العلاقات الغير مرئية.. لذاته من خلال تلك الحبكات السردية باذخة الإغواء والفضح.
لقد جسدت الكاتبة بمهارة عالية حكايات مجتمع مع العالم الا مرأي من خلال شخصياته الرواية. قسم ممتع أهرت الكاتبة قدرات كبيرة على رسم شخصية المجتمع.. خالعة جلابيب التقى.. ومسوح الفضيلة.. ومثل قدرة الكاتبة على تقديم مجتمعها ضمن مجتمع القرية الكونية.. في عدة صفحات لم تتجاوز الـ 30 . لشخصيات تعيش الانفصام بكل أبعاده.. شخصيات متخفية.. بوجوه ليست وجوهها المشوهة.. وأروحها المهترئة.
هذا العالم المتخيل.. الحقيقي.. تمنيت لو أن الخضيري فردت له رواية مستقلة.. بعد بروز مقدرتها في 30 صفحة من الوضوح الفاضح.. لكائن هذا العصر.. مقدرة تخييل وسرد تلك العلاقات المستترة وأن تمضي بقارئها لمآت الصفحات.
الوصف المتنوع والمقنع للشخصيات جعلني أتساءل: لماذا غاب وصف المكان.. فالمكان لديك في روايتك السابقة شخصية واضحة إلى الشخصيات الأدمية.. إذ نجده هناك بأوصافه المتنوعة حاضرا.. هو إذا ليس عجزا.. وأظنه تكنيك أرادت الكاتبة أن تقدم الشخصية بأبعادها.. وإن كان المكان مكمل وجزء هام أن يوصف.
وعودة على بدء.. إلى بداية الرواية وذلك الحوار الفاتن مع الذات.. كبداية لتلك العلاقة بين سامي وصديقه علي.. لتعود الكاتبة بقارئها بعد تلك الصفحات.. لماضي شخصيات أخرى.. بداية المنتصف أكثر تشويق.. قلم تبدأ الكاتبة.. لا من النهاية ولا من بداية البداية.. بل بداتها من المنتصف لتقدم أحداث روايتها في نقلات شيقة بين الماضي والحاضر.. كبندول ساعة.. مستخدمة حلم.. كابوس.. يكشف أعماق النفس.. جدل الذات.. ذلك كان في صفحتها الأولى .. ثم لم تستخدمه الكاتبة بعد ذلك الأسلوب المتعمق في صفحاتها اللاحقة .. حيث انشغلت بحياكة ونسج أحداثها التصاعدية .. اضافة إلى تنامي شخصياتها في نقلات سريعة.. وخفيفة.. من حاضر لماضي ومن ماضي لحاضر كما ذكرنا سابقا.. ضمن مسارات متشعبة.. تتباعد.. ثم تلتقي.. تضفرها بدراية من تمتلك أدوات وقدرات الكاتبة المتمكنة.. لتتداخل تلك لحكايات .. وتتمازج كحزمة ضوء حتى النهاية.
الرواية قاربت المائة وخمسين صفحة.. ورغم حجمها المتوسط إلا أنها عجت بالشخصيات المختلفة.. وبأحداث وأمكنة متعددة.. لتقدم للقارئ ذلك المجتمع بتناقضاته.. صراعات بكافة مستوياتها.. وعلاقات إنسانية بتصالباتها.. وعقدها.. إنها رواية الإنسان المعاصر .. الإنسان التائه الضائع في متاهات الحياة وحب الظهور.. والسعي وراء الشهرة بكل حيله.. هي مرآة لما نعيشه من عقد تتراكم بتراكم تعقيدات الحياة. ليس لمجتمع الرياض.. بل لجميع مجتمعاتنا الشرقية.
خاتمة: تلك الحكايات العاطفية المبتورة.. الملفتة بعدم اكتمالها.. والمتمثلة بالعلاقة بين سعود وسلطانة.. لقد ربطت الكاتبة بين بواكير العلاقة.. وإمكانية استنساخها من جديد. إلا أن المرأة العصرية من خلال سلطانة أثبتت عقلانيتها بكبت رغباتها.. ورفض الخضوع والضعف.. في سبيل سمو نحلم به جميع.



#الغربي_عمران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية أسكندرانية
- قراءة في مستوطنات تعليمية
- الفيل يفك ضفائر السرد في اصداره الجديد باختراق التابوهات
- دانة البطران تراوح بين المفارقة والترميز
- رياح محمد الشميري في قصاصة عنيدة المضامين ذاهبا بها لمناقشة ...
- واقعية سيرية .. ايدلوجية الطرح في رواية عبد الرحمن خضر -شرخ ...
- لابوانت.. رواية السخرية السوداء.. وتشظي الهوية.
- المرواني يمزج بين فنون الشعر والسرد في مجموعته- انبثاق ضوء-
- عادل سعيد في الأسايطة يكسر مسارات السرد.. ويعري التسلط....
- صلاح بن طوعري.. يلون نصوص بغموض السحر.. سحر جزيرة سقطرى...
- قراءة في مجموعة قصصية لسلوى بكر
- قراءة في رواية مغربية
- قراة في رواية سنوات الغروب
- قراءة في رواية رايات الموت
- قراءة لرواية سيدات الحواس الخمس
- مقاربة حول رواية سيدات الحواس الخمس


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الغربي عمران - -على كف رتويت- رواية فاضحة لرغبات مكبوتة..