|
قراءة في قصيدة كبوتَ يوم كبا جوادُكْ للشاعر العراقي مصطفى السنجاري
بابير الحموي
الحوار المتمدن-العدد: 6895 - 2021 / 5 / 11 - 14:01
المحور:
الادب والفن
بقلم الشاعرة: براءة الجودي
ولا تصفِ السنين سنينَ نحْسٍ فأنتَ السعدُ يصنعه اجتهادُكْ
بعد الاجتهاد والكفاح يكون هناك طعم ولذّة للشعور بالسعادة ثم أنك بدأت المطلع وكأنّ هناك كلام مفقود نتج عنه استكمال الخطاب ، واو الاستئنافية تعني الكثير ، إضافة إلى استعمال لا الناهية مما يجعل القارئ يستعدّ للاستماع لخطاب وتوجيه قويّ فرييد من نوعه ومليء بالحكمة والتجربة .
أتطمح أن تكونَ نبيَّ علمٍ فكيفَ به .. وأنت الجهلُ زادُكْ..؟
فعلا ، واستعمالك للفظة ( نبيّ) كان موفّقا ، خصوصا أنّ الأنبياء والرسل هم أعلم أهل الأرض لأنّ الله اصطفاهم وأوحى لهم ، اعجبني استعمالك لها مع لفظة العلم كونه خاصيّة وميزة للأنبياء عن بقيّة البشر .
مددتَ العمرَ عشباً فوقَ عشبٍ فكيف يكونُ كالنخلِ امتدادُكْ
الله الله ، هذا البيت بديع المنظر ، ومُلهم في تخيّله ورائع في معناه رغم مافيه من تقريع قويّ وكأنها صفعة لتوقظه لا لتميته أي كيف تُمضي عمرك كالعشب القصير الذي لم تسقيه وتنميه ، وبعد هذا تريد أن تكون شامخا وقامة في العلم كالنخل أن تشبه فعله بعدم اعتنائه بالعلم او باي امر ىخر قابل للتطوير والنموّ بالعشب ووجه الشبه القصر ، ثم تشبّه رغبته وأمله في ان يصير قامة في العلم وتشبيه هذه القامة بطول النخل لهو تشبيه فريد وموفّق ربما تشبيه القامة في كل شيء والشموخ بالنخل وارد عند الشعراء ، أما التشبيه الأول وهو عدم اعتنائه أو إهماله أو قعوده كما هو بقصر العشب فلم يسبق أن قرأت مثله على الأقل بالنسبة لي ، ولا أعلم إن كان قد ورد شبيها به عند السلف ، وهو في كل الأحوال رائع .
زرعتَ بخصبِ أرضِك كلّ دَغْلٍ وتزعلُ إن يكن دغلاً حصادُكْ
الدغل هو عادة يُطلق على الغابات كثيفة الاشجار ملتفة من تقاربها وتشابك أغصانها ، وتعني أيضا ( عيب في الأمر يفسده) ،وكذلك الريبة وأظنّ والله أعلم هي الأقرب ، أي أنك تزرع الريبة في كل مكان في أرضك ثم تزعل أن يكون حصادك سيئًا وفيه عيوبا . وكلّ إنسان يحصد مازرعه ، إن خيرا فخير وإن شرًّا فشرّ معنى وتصوير جيد .
كفاك مُعاتباً للدهرِ خصماً فخصمُك ليس دهرُك بل عنادُكْ
طريقة تعامل الإنسان مع الأقدار التي تقع في حياته تُحدّد اجتيازه ونهايته ، لذا من يسيء التصرف مع ماقُضي أن يقع عليه وقُدّر أن يأتيه ي كون غالبا سبب نفسه غن لم يدرك أغلاطه بالتصويب ، فنجد بعضهم يعاتب ويلقي على الزمن جام غضبه وسوء ماحصل له وإنما هو راجع في الأساس لطريقة تفكيره وتصرفاته أو عناده .
قد اعتدتَ الخمولَ مع الأماني فما لَثِمَ الأمانيَّ اعتيادُكْ
النفس على ماعوُّدت ، فإن تركتها خاملة اعتادت وإن درّبتها على الهمّة تخلّصت من الكسل بالتدريج وتصوير جيد في العجز ، مما يوحي أن عدم لثم الأماني لاعتياده الخمول هو رفضٌ من أمانيه له ولخموله وأنها لن تتحقق بهذه الصفة التي اعتادها.
حشدتَ قِواك في جشعٍ وجهلٍ وتزعمُ في رضا الله احتشادُك
الله الله أسلوب فيه مباشرة وهذا طبيعي في الخطاب وشديد التوبيخ الجيم ، والهاء الساكنة والزاي الساكنة والحاء والكاف ولفظ الجلالة المشدّدة أعطت شدّة وقوّة للمعنى وأما تكرار الشين فأعطت معنى شناعة هذا الفعل أو هذه الصفات من الجشع والجهل وهي صفات مذمومة . يقودُكَ بعضُ وهمٍ واتّكالٌ وسهلاً كان في الجهل اقتيادُكْ
وتفخر بالجدود وهم براءٌ فليت بهمّةٍ كان اعتدادُكْ
الله عليك فكم وكم ممن افتخر بحسبه ونسبه وأمجاد قومه بشكل دائم وهو لم يقم بما قاموا به كما قال أحد الشعراء .. "ألهى بني تغلُبٍ عن كلِّ مكرُمةٍ قصيدة قالها عمرو بن كلثومِ" كثرة الفخر بغير داع يجرُّ إلى الغرور أو القعود والتقاعس ، وكأنّه رضي بمستواه أو بما هو عليه .
وتحسبُ فيك رشداً كلَّ هذا فأخيبْ بالذي يُدعى رشادُكْ
ايه والله أعجبني استعمال أخيب مما تزيد الابيات قوة وتقريعا لعلّ من يتصف بذلك يشعر ويثوب إلى رشده
جوادُ ك ماتَ من سقيا خمولٍ فأنتَ كبوتَ يوم كبا جوادُكْ
هذه زبدة القصيدة وأحلاها وعروسها ، وكالأبيات السابقة إلا تمهيدا لهذه الخاتمة الصاعقة ونقول نعم:
جوادك مات من سقيا خمول = فأنت كبوت يوم كبا جوادك
شعراء العراق لهم ميزة خاصة في قصائدهم فهي غالبا على الخطّ الساخن سواء في الغضب أو الروقان تأتي المشاعر فيها ثائرة يثيرها الجمال ويثيرها الحق ويكون منبعها الإخلاص ، إضافة إلى قوّة المفردات وجزالة الأسلوب .
حينما اقرأ على هذا الوزن وهذه القافية أتذكر قصيدة الدكتور سمير العمري بعنوان ( سقط القناع) ومافيها من قوة وتقريع في الخطاب إضافة إلى الحكمة .
بورك المداد براءة الجودي
#بابير_الحموي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جائزة الطيب صالح 2021 فئة الشعر
-
قراء في قصيدة مصطفى السنجاري ( كبوتَ يوم كبا جوادُك)
-
حملة (الدكتور~آآآه)
-
مصطفى السنجاري .. ظاهرة شعرية
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|