أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الداهي - راهنية الشعر وديمومته















المزيد.....


راهنية الشعر وديمومته


محمد الداهي

الحوار المتمدن-العدد: 6895 - 2021 / 5 / 11 - 09:02
المحور: الادب والفن
    


فيما يلي الكلمة التي افتتحت بها ندوة " حصيلة الشعر المغربي" التي نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط بتعاون مع مركز دراسات الدكتوراه، ووحدة التكوين: آداب وفنون متوسطية، وذلك يوم الأربعاء 31 مارس 2021 في إطار الاحتفال باليوم العالمي للشعر.
يسعدني- في هذه المناسبة التي نحتفل فيها باليوم العالمي للشعر- أن أستحضر أهمية الشعر في الوجود، فعلاوة على قيمته الفنية والرمزية بصفتها رافدا من روافد التراث اللامادي، يعد نسغ الحياة وإكسيرها. قد نعاين مع توالي السنين تراجع مقروئيته من جراء قدرة أشكال التخييل الجماهرية على منافسته، واكتساح الكون لكن مفعوله ما فتئ وسيظل بلسما لنفوسنا الكليمة والجريحة، وترياقا للسموم التي تنخر قلوبلنا وتهد كياننا. ولهذا يعد الشعر دعامة أساسية في مناهج جامعة محمد الخامس كغيرها من جامعات المعمورة، إذ يشغل - بمختلف ألوانه واتجاهاته ومذاهبه- شجرة راسخة متجذرة لرد العجز على الصدر، وحفظ التسلسل بين الطريف والتليد.
وفضلا عن حصة الشعر في مناهج التعليم، نظمت كلية الآداب ندوات ولقاءت عليمة بتنسيق مع شعبة اللغة العربية وآدابها، ومركز دراسات الدكتوراه، وووحدة تكوين الدكتوراه آداب وفنون متوسطية. أذكر من جملتها في السنوات الأخيرة ما يلي على سبيل المثال:
-الحدود بين الشعر والسرد في تجربة شربل داغر بتاريخ 16 دجنبر 2015.
- ندوة في شعرية محمد بنطلحة بتاريخ 19 أبريل 2016.
- ندوة محمود درويش: التجربة الشعرية وآفاقها الجمالية، يتعاون مع بيت الشعر في المغرب بتاريخ 28 نونبر 2018.
- الاحتفال باليوم العالمي بالشعر بتعاون مع بيت الشعر يوم 21 مارس2018.
- الاحتفال باليوم العالمي للشعر الذي نظمه مؤخرا القطب الثقافي ونادي القراءة يوم 25 مارس نخبة من الشعراء المغاربة.

عندما قمنا- في وحدة الدكتوراه آداب وفنون متوسطية - بتقويم مواضيع الإطاريح الجامعية وأدائها لاحظنا أنه- مقارنة مع باقي الأجناس الأبية- حصل تباطؤ في إعداد الأطاريح حول الشعر بدءا من عام 2008 إلى حدود 2018(أطروحة أو أطروحتين كل سنة)، وهذا راجع إلى اسباب عديدة، وفي مقدمتها الفراغ الذي خلفه تقاعد الأساتذة الباحثين الذين كانت لهم الريادة في تطوير الدراسات عن الشعر، وحفز الطلبة على الاهتمام به في أبحاثهم وأطاريحهم؛ ومن ضمنهم أذكر على سبيل المثال أمجد الطرابلسي،وأحمد المجاطي، ومحمد بنشريفة، وعباس الجراري، ومحمد بنيس.
وبفضل جهد أعضاء الوحدة تحققت الطفرة عام 2019 بمناقشة ستة أطاريح في مجال الشعر العربي، وستناقش في غضون السنوات الثلاث القادمة ثلاث عشرة أطروحة بما فيها أربعة أطاريح ستناقش خلال هذه السنة الجامعية.
من بين المفاهيم التي تواترت في الشعرية العربية المعاصرة (عزالدين إسماعيل، إلياس خوري، أدونيس) أذكر التطور أو التحول أو التجاوز بما يحمله كل مفهوم على حدة من حمولة نقدية، وخلفيات نقدية ومعرفية وإيديولوجية. وعلى تباينها فهي ترهص-من جهة - بنظام مغاير للقواعد المتوارثة، وبطريقة خاصة في التعبير والذوق والفهم، وتبحث - من جهة أخرى- عن نمط بديل للعيش والحياة.
ومما آخذه محمد بنيس على هذه المفاهيم هو أنها ترصد التطور بصفته لغة واصفة دون إبراز المقصود بها، وتحديد مرجعيتها. ولذا اقترح عوضها مفهوم الإبدال بالمعنى الفوكوي ( نسبة إلى ميشيل فوكو) الذي يطلق على تحولات النظام العام الذي يتحكم في الانتقال من تشكيلة خطابية إلى أخرى، ويقر بالاختلاف قبل الوحدة، والتمايز قبل التفاضل، وبالرؤية الحلزونية قبل الرؤية الدائرية، وبالإفراغ قبل الملء.
ما ظل ثابتا في علاقة مشرق العام العربي بمغربه يجمله ابن عبد ربه" في هذه العبارة المستلهمة من القرآن الكريم "بضاعتنا ردت إلينا". كانت القاهرة في المقام الأول وبيروت في مرحلة لاحقة يمثلان قلب البؤرة الثقافية للعالم العربية وما دونهما خاصة في الجهة الغربية هو بمنزلة الأطراف أو محيط الدائرة الذي يُرجِّعُ صدى المركز. وقد ساهمت ظروف ثقافية وسياسية ( حرية التعبير، الصناعة الثقافية، الصحافة، المجلات الثقافية الرئدة ( الأديب، الآداب، شعر، حوار، مواقف، الكرمل) في تعزيز الريادة الشرقية في نظم الشعر وتجديده، وفي تجاهل ما تجود به فريحة شعراء الهامش أو الاستخفاف بقيمته الفنية. وهذا ما حفز باحثين مغاربة خصوصا على دحض هذه الأطروحة التي كرست لديهم-بحسب محمد بنيس- عقدة الذنب حيال نظرائهم المشارقة ( ويأتي في مقدمتهم عبد الله كنون في كتابيْه "النبوغ المغربي"، و"أحاديث في الأدب المغربي")، ودفعتهم إلى نفض الغبار عن مكنونات الأدب المغاربي وذخائره. وبفضل الوثبة التي تحققت اجتماعيا وثقافيا وأدبيا في المغرب مع توالي السنين، استطاع أن يزحزح المركزية الشرقية، ويصبح عنصرا فاعلا في النهضة العربية لتحقيق النماء والتجديد والانبعاث، وينتزع الاعتراف بقيمة منتجاته الشعرية وجودتها.
ويعد أبو القاسم الشابي من الرواد الأوائل الذين كسبوا ثقة المركزية المشرقية وشرعيتها من خلال الصلة الثقافية والشعرية التي وطدها مع زكي أبي شادي وجماعة أبولو عن طريق الرسائل المتبادلة بينهما، ومع ثلة من مجايلية التونسيين وفي مقدمتهم محمد الحليوي لتأسيس مشروع ثقافي بالتبرع والاكتتاب المالي لحل أزمة النشر، وغرس بذرة الحياة الأدبية في تونس. وإن كان الشابي قد أخفق في مسعاه الأخير قبل أن يوافيه الأجل مبكرا، فقد نجح في نشر قصائده بمجلة أبولو مبرزا عبقريته بعد أن " لقي الغمط والنكران في تونس" (محمد بنيس، الشعر العربي الحديث،ج4، مساءلة الحداثة،1991، ص.106)، ومنتزعا اعتراف المركز بموهبته وهو " الأمل الممكن لخروج الشابي على البنية الثقافية التقليدية" (المرجع نفسه،ص.106).
ظل العراق في مرتبة المحيط الثقافي إلى حدود الأربعينيات، إلى أن دشن بدر شاكر السياب فترة جديدة بنشر ديوانه أزهار ذابلة قي القاهرة عام 1947 على حسابه، ونشر قصائده في مجلات شعر والآداب وحوار. وقد تزامن ذلك مع اعتراف المؤسسة الأدبية بفضل الشعراء العراقيين والسوريين على تطوير القصيدة العربية، وحداثتة تجاربهم الشعرية.
لم يرحل الشعر المغربي خارج وطنه، ولذلك ظل يكرس النموذج المشرقي بالضرب على منواله. وهذا ما جعل محمد بن براهيم وعبد الكريم بن ثابث ومحمد الخمار الكنوني يسيرون على نهج نظرائهم في المشرق، ويقتفون أثرهم ( وهم على التوالي أحمد شوقي، ثم خليل مطران، ثم يوسف الخال). وبفضل مجلات رائدة في المغرب العربي ( الثقافة الجديدة، والحياة الثقافية، والعالم الأدبي، والفصول الأربعة)، والجمعيات الأدبية، ودور النشر، انتزعت القصيدة المغاربية الاعتراف بها، وأضحت تنشر في كبربات المجلات العربية، ومع ذلك لم تتخلص من المواقف انفعالية لتكريس تبعيتها للمتربول المشرقي ( الزوبعة التي أثارها سيعدي يوسف عام 2013 مدعيا أن الشعر المغربي لا يقول شيئا).
لقد جرت- منذ عصر النهضة إلى الآن- مياه كثيرة تحت الجسر، ما أدى إلى زحزحة المركزية الشرقية ( القاهرة) بظهور بؤر ومنارات ثقافية في المحيط، وبروز أسماء شعرية جديدة تشق مسالك وتفتح آفاقا جديدة في نظم الشعر وتمثيل العالم؛ ومن ضمنها أذكر على سبيل المثال محمد بنطلحة. وهو ما يستدعي مقاربة الشعر العربي بعد نكسة 1967 بوعي مغاير وأدوات نقدية وشعرية مستحدثة لاستيعاب حركية التنوع والتعدد في إطار الوحدة التي تؤمن بالتمايز والاختلاف بضفتهما شرطين لتغيير جلد الشعرية العربية ونسغها، وضخ دماء جديدة في شرايينها.



#محمد_الداهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدور المجموعة الكاملة من مجلة - رسالة الأديب-.
- السرد عماد الوجود وإكسير الحياة حوار أجراه معي الباحث والروا ...
- ضوابط البحث العلمي
- الطيف الجموح
- في زمن كرونا نلزم بيوتنا على بارق الأمل
- بأي حال عاد الدخول الثقافي العربي؟
- التعليم عن بعد يعمق الفوارق الاجتماعية.
- السيرة الفكرية .. ما لها وما عليها
- الثوابت العامة في المشروع النقدي للباحث الناقد محمد مفتاح
- ما الفرضية المثلى لانتحار فان كوخ؟
- وقفة مع محمد الداهي
- مَرَحُ الزَّرع
- القتل الرمزي للأب
- -مناظرة الصناعة الثقافية والإبداعية-
- الأدب والالتزام.. ترجمة محمد الداهي
- الدفاع عن الحياة بالديمقراطية الأدبية / د. محمد برادة
- واجب الذاكرة ( إيمانويل سامي)
- هواجس الردة الثقافية والسياسية
- سؤال الثقافة العربية في الوقت الراهن
- الفراغ الكوني


المزيد.....




- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الداهي - راهنية الشعر وديمومته