أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طريق الهاوية -11-















المزيد.....

طريق الهاوية -11-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6895 - 2021 / 5 / 11 - 00:35
المحور: الادب والفن
    


نتمسّك بالحلم ، نعتقد أنه حقيقة ، نتشارك فيه مع أحلام اليقظة ، نقضي العمر نطارده دون جدوى. لا ندري إن كنا نحن نطارده ، أو هو من يطاردنا ، ربما كانت أحلامنا وهم يطاردنا ، يحوم فوق رؤوسنا ، نتمسّك بها ، نعتقد أنّنا في طريق الوصول . تحلّ بنا الكارثة ، نسقط في حفرة، لا نعرف طريقاً للخروج. نتعوّد على الحفرة ، فكل الذين يقيمون فيها يعتقدون أنّها المكان الأجمل . لا نتأثّر بالصدمات الحضارية، فلو سخّرت لنا بساط الريح لقفزنا من فوقه وعدنا إلى تلك الحفرة . نغادر الحفرة أحياناً ، نطير ، أو نركب على متن قارب، عندما نصل نبني حفرة مماثلة ، فذلك المكان هو فقط من يشبع عواطفنا ، عادات الحفرة لا نغيّرها ، ونحاول أن نبتكر لها طرق عبادة جديدة أشد من تلك التي نشأنا عليها .
نحن فلاسفة في النقاش البيزنطي ، أبطال على وسائل التّواصل ، كتّاب، شعراء ، عارفون بجميع الأشياء.
كان لي أخ أحبّه ، نسي أنني أخته
أب نسي أنني ابنته
أمّ لم تعرف نفسها منّي
وحل عالق بقدمي ، أكاد أغطس فيه
و يأتي أبناء حفرتي ليقولوا :
عليك بالمشاعر الإيجابية ، و لا شيء مستحيل
البارحة مات صديقي وهو يتحدّث عن الوطن
هو لا يعرف الوطن، فقد أمضى حياته في السجن
غداً سوف يحتفلون بأمّ الشهيد
وسوف تقول : أبنائي من أجل الوطن
ماهو الوطن ، و ما معنى كلمة شهيد؟
يقول النبيل ابن النبيل " القاتل نبيل":
كلنا من أجل الوطن
يطعمنا نضالاً ، نصفق له ، هو بعيد عن الحفرة ، لكنه خبير بضعفنا الذي نسميه قوة ، يشجعنا على الموت كي يحيا
. . .
-أشم رائحة خطر قادم ، هو مجرد شعور ، وربما ما يسمونه الحاسة السّادسة . الحاسة السادسة تلك صنعت خصيصاً لنا ، فنحن نحس بأن الموت يخطف عزيزاً ويخطف الموت ذلك العزيز . نحس أن الكارثة على مقربة منا ، فإذ بنا نعيش فيها . هي ليست حاسة سادسة بل حاسّة التعاسة .
لم تعد تأتي فاطمة . استنجدت بنا ، ولم نستطع أن نعمل لها شيئاً . هربت من بيت أبيها ، جلبتها الشّرطة إليه موجودة ، جلدها أربعين جلدة كي لا تعصي أوامره . زوّجها لصديقه أبو الإيمان كزوجة رابعة كي يسترها من العار. هو حنون لم يشأ أن يقتلها حتى اليوم ، ولو أراد لاستطاع ، لكنّه يقول أنّ التأديب أفضل ، وزوجها أبو اإيمان هو ولي أمرها اليوم يستطيع حتى قتلها لو خالفت شرع الله .
-كفّي عن الحديث يا نوال! لقد وقف شعر جسمي من الخوف . تلك القصص تخيفني أكثر من الأسر . لا أعرف لماذا أطلقوا سراحي . كنت مستعداً للموت في السجن على العودة. العودة سببت لي الألم ، لم أجد عائلتي ، ولا أستطيع استخراج بطاقة هوية، و أنت تهدّدينني بالخطر القادم حيث تسمينه بحاستك التعيسة . أين يمكنني الذهاب؟ أنا لاجئ عندك ، وقد أكرمتني ، لكنّني متردد طوال الوقت في البقاء .
سوف أغادر الآن ، أمشي في طريق غريب
كلما سقطت مرّة أنظر إلى السماء :
خذيني أليك الآن
دعيني أبكي ، ثم أبكي حتى يختفي وجه القمر
دعيني أندب ، أقول الآه
أتدرين كم كنت غبيّاً ؟ كلّهم يعرفون أكثر منّي . زميلي في السّرب أكمل بطائرته وحط في بلاد غريبة. دخل السجن لأشهر، ومنحوه لجوءاً إنسانياً لأنّه رفض الأوامر بالقتل ، بينما أنا جبان . صحيح أنّني بالصدفة لم أقتل أحداً ، لكنّني لم أفعل كما فعل.
-كفالك بكاء يا ياسر ! نحن أقوياء ، سوف نقاوم ما دمنا على قيد الحياة .
-هل تعتقدين أنّنا على قيد الحياة؟ أصبحت تتحدثين مثلهم . نحن مستسلمون ياعزيتي ، فقط ننتظر قدراً لئيماً . أم أنك سوف تنشرين الطّاقة الإيجابية في صحن السّم الذي نتجرّعه؟
-لو فتحت صدري لوجدت ألف أغنية ندب
لو جعلتني أنوح لما استطاع اللحاق بي سرب حمام
لو تركتني أبوح بكل ما أحمله من أذى الزمن ، لكان موسوعة بعدة أجزاء
لكنّني لا أستطيع . لماذا؟ لآنّني ببساطة لا أستطيع ، فدموعي رحلت إلى الماضي ، ونوحي بقي قرب القبور، وبوحي هو الآن ، فهلا شعرت به؟
. . .
سوف أدوّن بعض الأفكار : أشعر أن العالم متنمّر ، كلما مرّرت به كلّف أحدهم بصفعي . يتنمرون ، يتفاخرون ، يحطون من قدرك ، تعتقد أنّهم صائبون ، تتعوّد على اإذلال، تفتّش عن النّقص فيك .
أحياناً يصدمك موقف أحدهم ، ربما ليس أحدهم بل أحد الذين تحبّهم . كأنّهم يشمّون حالات ضعفك فيتنمّرون ، لا يغرّنك الكلمات النّاعمة عندما تكون في حالة أفضل من حالهم ، مجرّد أن تقع يصبحون مجموعة من النّاصحين لك ، والذين يحملونك مسؤولية كونك ضحية .
عندما تركت زوجي قال لي أخّي أمام أبي و أمي: أنت تتحملين مسؤولية قرارك . والدتك ووالدك لن يعيشا إلى الأبد ، ولكل منّا عائلته لا يستطيع أن يضيف لها أشخاصاً . في ذلك الوقت أمسكت بي غصّة لم تفارقني حتى اليوم. كلام أخي صحيح ، لكنّ لم يكن في وقته الملائم . نحن ننتظر موت الضحية حتى نرثيها ، ونصورها في أسوأ حالاتها، ثم نبكيها ، وربما نضع أقنعة على وجوهنا عليها صورة الضحية ، قد نؤسس جمعية خيرية من أجل الضحايا ، نسميها غير ربحية ، فنغتني من التمويل .
أسأل من نحن؟
كيف يمكننا أن نتغيّر في نفس اللحظة
كل الذين اعتلوا هم أبطال لنا
كلامهم ككلام الكتب المقدسة
وجوههم ، سجائرهم ، كؤوسهم ملهمة
أقوالهم تشبه أحاديث الأنبياء
ونحن تحت نعالهم لو تجرّأنا بالكلام
سوف يرفضنا الجميع لأنّنا لم نعتل في المرتبة
ما أدرانا بلغة السّماء، ونحن تحت الأرض
أسأل من أنا؟
أعرفني . إنني تلك العنيدة التي لا تحترم الأشياء
لا تقدّس الأنبياء و الشعراء
هم بشر
لكنهم اعتلوا
بعضهم وصف بالعادل ، وكان ظالماً
وبعضهم أصبح إله
وأنا و أنت الشعب ، والعباد
لا أعرف لماذا كتبت تلك الأفكار ، ومن سوف يقرأ، أو يسمع .
نثرثر كي مثبت أنّنا نحمل فكراً .
هي ثرثرة على الورق. الفكرة واضحة في ذهني ، ولا داعي لها . على كلّ قتلت قليلاً من الوقت كي أتجاهل آلام الصّداع . الآن سوف أتمتّع بحرق كلماتي تحت ضوء القمر . اذهبي ياهباب الكلمات مع الرّيح .
أضحك ضحكة مدوّية علي ، و أسقط بالكية ، أنظر للقمر الشّاحب ، و أغفو ددون غطاء.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتصار الفكر الداعشي في المحرّر
- طريق الهاوية -10*
- الصحفي مهدد بالقتل في عقر داره
- طريق الهاوية -9-
- لحظات ضعفي ، ولحظات قوّتي
- عزيزتي الأم
- الاندماج
- 80 دولة حول العالم تحتفل بالأول من أيار
- الحركات النسوية العربية، ومي تو
- طريق الهاوية- 8-
- الثّرثرة
- طريق الهاوية -7-
- مساهمة المرأة في صنع المجتمع الذّكوري
- يموت المعارضون ، ويبقى الدكتاتور
- طريق الهاوية 6
- هبّات إسلامية
- عن البوذية
- جنون عظمة سوري
- طريق الهاوية -5-
- موسم أزهار الكرز


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طريق الهاوية -11-