|
السياسة والحب 1 و 2 من 7
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6892 - 2021 / 5 / 8 - 23:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السياسة والحب 1 - السياسة حب أولاً ، والسياسة حب أخيراً ، ولا يمكن لها ان تكون فن العمل بالممكن ( كما هو تعريفها في علم السياسة ) ان لم تكن في جوهرها حباً لا حدود له لمن تدير شؤونهم . فهي تهدف الى ان يكرس السياسي نشاطه حول محبوبه الذي هو الشعب : يحميه من كل أنواع الخوف ، ويتفانى في تلبية طلباته ، وإشباع حاجاته الأساسية ، وصولاً الى تحقيق سعادته في الحياة ...
2 -
ان تحب ، بالمعنى الواسع لكلمة حب : حب شامل لكل البشر ، وحب للبيئة التي نشأت فيها بالحفاظ عليها من التلوث ، وتسليمها للأجيال الآتية صالحة للسكن ، والتفرد بخطاب سياسي يشيع التهدئة والتسامح والسلام الاجتماعي ، فذلك يعني انك موهوب سياسياً . لان الحب هو الاداة التي تقدم الموهبة السياسية نفسها للناس من خلاله . وسيبلغ الحب بصاحب الموهبة السياسية ذروته ، حين يصبح مسؤولاً عن تصريف شؤون الدولة : اذ سيفيض الحب من قراراته التي تجيء مطابقة لأحلام الاغلبية بما تتضمنه من إصلاح لحياتهم الاقتصادية والثقافية ، وارتقاء بمستواهم الاجتماعي . عكس السياسي : الأمعة ، اللا موهوب سياسياً ، الذي يفيض خطابه السياسي بالحقد والكراهية ، وباثارة المشاعر الطائفية والعنصرية والعشائرية ، التي تؤدي في النهاية الى إشعال حروب أهلية داخلية وخارجية . ولان الحب هو وجه الموهبة السياسية الآخر ، وليس البطش وفرض الامر الواقع بالإكراه : لا أستطيع القول بأن عبد الكريم قاسم كان ذا موهبة سياسية ، كما لا أستطيع قول ذلك عن : احمد حسن البكر ، رغم كثرة القرارات النافعة للأغلبية في سنوات حكمهما ، وذلك لرفض الاثنين : الانحياز الى منهج الامة التي بلغت سن النضج : وأصرارهما على ان يمثلا الامة وهي في طور القصور : اذ ان علامة نضوج الامم في عصرنا الحديث يتمثل بانحيازها الواعي الى التعددية ، وبما تمليه عليهما من وجود معارضة ، وآلية انتخابات وتداول سلمي للسلطة . لقد رفضا تحكيم صندوق الاقتراع بما يتضمنه : من حكمة وتسامح ومحبة . فارتضى قاسم ان يظل حاكماً ، ورفض ان يكون مواطناً ، حتى مصرعه بالطريقة نفسها التي رفعته الى سدة الحكم : طريقة الانقلاب العسكري ، وظل البكر أميناً للتصور الموروث عن الحكم ، وهو تصور ناتج عن تدامج مفهوم ضرورة طاعة " أولي الامر " الأسلامية ، بالرؤية التقليدية عن العسكري الذي يتقدم الصفوف ويقودها في حرب مقدسة ضد أمم ( الكفر والضلالة ) ، وهو تصور فيه الكثير من القسوة ، بل هو القسوة بعينها ، لخلوه تماماً من الرأفة والرحمة والتسامح ، حتى أقصته آليات القسوة هذه من الحكم بانقلاب قصر قاده الشقاوة صدام حسين . ومنذ العام 2003 الذي تمت فيه ازاحة سلطة صدام حسين بالقوة والى الآن : ظل العنف وليس التداول السلمي للسلطة هو : وسيلة صعود وهبوط القوى من والى قمة السلطة والقرار . لم يحقق عنف امريكا تغييراً حقيقياً في التقليد السياسي العراقي صوب تجميع القوة : قوة التنظيمات السرية لضباط الجيش قبل 2003 ، وقوة الميليشيات بعد 2003 . ولم تحاول امريكا ادخال العراق في عصر الحضارة الصناعية بالقوة كما فعلت مع المانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية ، ولاحقاً كوريا الجنوبية وسواها : بتسييد قوى ديمقراطية حقيقية ، وهي تعرف ان القوة في عصر الحضارة الصناعية : صناعة لا استيراد ، تنتجها حكومات الامم التي بلغت طور الرشد ، ولا يمكن للأمم التي تحلم بأعادة بعث إمبراطورياتها الزراعية : إنتاج القوة ( كما هو حال زعامات العراق في العهدين القومي قبل 2003 ، والإسلامي بعد 2003 ) اذ عادة ما يتم تجميع القوة في دول الحضارة الزراعية لا إنتاجها ، وهذا التجميع كان يتم بالاستيلاء والاغتصاب . فكل الفتوحات التي قامت بها الامبراطوريات الزراعية : حدثت لسلب الشعوب أراضيها الزراعية ومصادرة اسلحتها وثرواتها ، فيما قامت فتوحات الحضارة الصناعية : في مرحلة الاستعمار ، وحتى في مرحلة سابقة : هي مرحلة الاستكشافات الجغرافية ، اعتماداً على صناعة تكنولوجيا جديدة متقدمة : من السفن العابرة للمحيطات وليس للبحار ، الى البنادق والمدافع وكل الأسلحة التي تقتل عن بعد : بعد استخدام البارود . فالثبات على استراتيجية تجميع القوة بالاستيراد من قبل العراق ومعظم بلدان العرب والمسلمين : أدى الى إشاعة روح الارتزاق وبناء ميليشيات لا جيوش وطنية بإسناد من فتاوى فقهاء الشيعة والسنة على السواء ، الذين يمنحون الشرعية لتأسيس الميليشيات ، ويصدرون الفتاوى المؤيدة لخططها اللا وطنية ، والدعوة مستمرة لاستبدال الجيوش الوطنية بالميليشيات الطائفية : ووصل البناء الميليشوي الحد الذي لا بد لأي ميليشيا من بلوغه في جميع أنحاء العالم : حد الحرب الأهلية التي امتدت من ليبيا الى سوريا الى اليمن ، وحد توازن الرعب الطائفي في العراق وفي لبنان . ولذلك لا يصح الحديث عن وجود دولة حديثة في العراق ولا في سواه من البلدان العربية ، طالما تفتقر جميعها الى الشفافية : السمة الأرأس من سمات الدول الحديثة ، التي لا تسمح آليات عملها بوجود زوايا ظلام يتسلل منها المتآمرون للقيام بانقلابات عسكرية كما في المرحلة القومچية ، أو للقيام بنهب منظم لثروات البلاد ووارداتها القومية كما في المرحلة التي نعيش : مرحلة قيادة الاحزاب والتنظيمات الاسلامية ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شهيد أم قتيل
-
بعد ان تجاوزت الإصابات الملايين
-
الأمن والتفجيرات
-
لماذا تفضلون العيش في عالم التخلف ؟
-
السودان : من مقولات - الترابي - الجهادية الى مفاهيم الحكومة
...
-
رحلة حرة في ذاكرة العراق التاريخية القريبة
-
كيف نجا الأدب بشقيه الشعري والسردي من مجازر الردات السياثقاف
...
-
الوحوش
-
اطردوا اشباح الماضي
-
دولة الإمارات العربية المتحدة / ملاحظات أولية
-
عن استراتيجية بث الذعر والخوف
-
( 2 ) الجلوس على عرش : شجرة عيد الميلاد
-
الجلوس على عرش - شجرة عيد الميلاد - ( 1 )
-
حركة التحرر الكردي : ثورات لا تنقطع ( 2 من 2 )
-
حركة التحرر الكردية : ثورات لا تنقطع ( 1 من 2 )
-
مساء الليلة الماضية
-
البيت الشيعي
-
شيعة العراق ومقتدى الصدر
-
تعيين الكاظمي بمنصب رئيس الوزراء ليس شرعياً
-
توقفوا عن تدوير هذه الزبالة السياسية
المزيد.....
-
-45 ساعة من الفوضى-: مصادر تكشف لـCNN كواليس إلغاء قرار ترام
...
-
مستشار ترامب: يجب على مصر والأردن أن تقترحا حلا بديلا لنقل س
...
-
-الطريق سيكون طويلا جدا- لإعادة بناء غزة من الصفر
-
إدارة ترمب تسحب 50 مليون دولار استخدمت لـ-الواقي الذكري- في
...
-
أميركا نقلت صواريخ -باتريوت- من إسرائيل إلى أوكرانيا
-
-الشيوخ- الأميركي يعرقل مشروع قانون يعاقب -الجنائية الدولية-
...
-
مقتل العشرات بتدافع في مهرجان هندوسي ضخم بالهند
-
ترمب يأمر بتقييد إجراءات عمليات التحول الجنسي للقاصرين
-
دفع أميركي باتجاه وقف هجوم حركة -أم 23- على شرق الكونغو
-
توقيف رجل يشتبه في تخطيطه لقتل مسؤولين في إدارة ترمب
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|