أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن مدن - النفط ليس ظاهرة خليجية فقط














المزيد.....

النفط ليس ظاهرة خليجية فقط


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6892 - 2021 / 5 / 8 - 12:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


النفط ليس ظاهرة خليجية فحسب، من زاوية أخرى غير إنتاجه وتصديره، فهو في مفاعيل العوائد الناجمة عنه بات ظاهرة عربية، من خلال ما بات يعرف في دراسات علمي الاجتماع والاقتصاد بـ«الهجرة إلى النفط»، حيث تعمل وتعيش جاليات عربية كبيرة، هي عرضة لأوجه متناقضة من التأثيرات الناجمة عن ذلك، فهي من جهة تشعر بشيء من الغبن وسوء المعاملة، ومن جهة أخرى فإنها تتأثر بشكل كبير بنمط الحياة الاستهلاكي السائد في المجتمعات النفطية، وبالقيم المحافظة التي تَسِمُ هذه المجتمعات، بالقياس للمجتمعات المنفتحة التي أتت منها العمالة العربية المهاجرة، ومن ثم تحملها، أو تنقلها، إلى مجتمعاتها الأصلية، في تأثير عكسي، لا يمكن أن نعده إيجابيًّا.
يفترض أن يشكل هذا موضوعًا لأعمال إبداعية، ولكن ذلك لم يحدث كما تفضلت «الفيصل» في سؤالها، ما يتطلب بحثًا معمقًا، وبخاصة أن قضية النفط وتأثيراته نالت قدرًا كبيرًا من البحث والتحليل من الزوايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وإذا كان النفط ليس ظاهرة خليجية فحسب، فهو موجود وبكميات كبيرة في بلدان عربية أخرى غير خليجية، إلا أنه في الخليج بالذات يمتلك مكانة محورية لا في بنية الاقتصاد وحده، إنما في مجمل التحولات الاجتماعية، وفي التكوين الثقافي والنفسي للبشر. على الصعيد الخليجي، يمكنني القول، كاجتهاد شخصي: إن الأمر يعود، في جانبٍ رئيس منه على الأقل، إلى حقيقة أن المدينة الخليجية الحديثة، من حيث كونها نتاجًا للحقبة النفطية ما زالت حتى اللحظة في طور التشكل، ولم تثبت على حال بعد، فهي دائمة التغير والتحول، ما يجعلها في حالة من «السيولة» وعدم الثبات، وهو يعيق التراكم الضروري الذي يسمح بتشكل ذاكرة إبداعية، وبخاصة على صعيد السرد، الذي يتطلب بانوراما واسعة في الزمان والمكان؛ لذا نلحظ تعدد الأعمال الإبداعية التي تناولت المرحلة السابقة للنفط، كونها مرحلة تاريخية منجزة جرى تجاوزها، وشكلت ذاكرتها المنجزة، مقابل التهيب من الاقتراب من البيئة التي شكلها النفط.
تجربة عبدالرحمن منيف فريدة، كمًّا ونوعًا، لكن علينا ملاحظة أن «منيف» لم يعش البيئة التي دارت فيها أحداث خماسيته «مدن الملح»، لقد فعل ما يفعله الكتاب الكبار الناضجون المتمكنون من أدواتهم الفنية، بأن اشتغل على مادته شغلًا، ولم يشتغل على مادة متاحة منجزة عاشها. وفي الأصل فإن «منيف» درس اقتصاديات النفط، وفيها نال درجة الدكتوراه، وعمل كخبير في هذا التخصص، في سوريا والعراق، وفي بغداد رأس تحرير مجلة «النفط والتنمية». هذا الأمر أتاح له معرفة تفاصيل دقيقة عن الصناعة النفطية كاملة: استخراجًا وتكريرًا وتسويقًا واستهلاكًا، وتفاصيل دقيقة عن اقتصاديات النفط، وعن مكانة هذه السلعة الإستراتيجية في الأسواق العالمية وصلة ذلك بالسياسة، لقد أصبح خبيرًا فيما يمكن تسميته مجازًا «الاقتصاد السياسي للنفط». هذه المعرفة الواسعة التي عززتها التجربة المتابعة الدؤوبة جسَّدها في «مدن الملح»، التي بدأ فيها عارفًا بتقنيات النفط، وبالآثار الحاسمة الناجمة عن اكتشافه على الحياة الاجتماعية في الجزيرة العربية وعلى نفسيات الناس فيها.
فقد أفلح «منيف» في الخماسية في تتبع التحولات العميقة التي حدثت في البنية الاجتماعية والقيمية في منطقة الخليج بعد اكتشاف النفط وما جاء به من آثار متناقضة، ولا شك أن المقاربة الإبداعية لهذه التحولات هي الأكثر رهافة في اقترابها من العالم الروحي للإنسان الذي يتمزق بين بيئة نفسية وثقافية راسخة التأثير في وجدانه يجدها تتصدع أمامه، وبين ثقافة جديدة تحمل في ثناياها نقائض لا سبيل للخلاص منها؛ لأنها خرقت مسارًا مستقرًّا كان يمشي الهوينى، فإذا بنا أمام انقلاب عاصف أصابنا بما يشبه الدوار.
يمكن أن تكون تجربة «منيف» ملهمة للمبدعين من أبناء هذه المنطقة، ومن خارجها أيضًا، في تتبع أوجاع الإنسان الحائر بين ماضٍ اقتلع منه قسرًا وحداثة مشوَّهة غير مكتملة، وليست في طريقها نحو التمام.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتشائل
- حديث عن الخسارة
- عزاء النساء
- عيد العمال في زمن كورونا
- الجولاني في البذلة
- الكتّاب يقومون من أضرحتهم
- تخليص الإبريز
- تحوّلات المدينة الخليجية
- القرية الكونية: عولمة لم تتعولم
- مبارزات المثقف النقدي
- بحثتُ ذلك بنفسي
- ألبرتو مورافيا في الصين
- الفلسفة تأتي في الصباح
- في الفرق بين الحشود والجماعات
- رفات لوركا
- عائد إلى القدس
- لماذا أكتب؟
- التاريخ الخفي
- شفافية الدولة الاستبدادية
- حرب باردة -كورونية-


المزيد.....




- موزة وشريط لاصق..عمل فني مثير للجدل يظهر من جديد في مزاد
- مسؤولة أممية: جميع سكان شمال غزة يواجهون خطر الموت
- -إكس- تعلّق حساب خامنئي بالعبرية بعد 24 ساعة فقط من إنشائه
- مصر.. حكم مشدد على شاب ارتكب جريمة ثأر
- -أشرار-.. استطلاع يكشف آراء الناخبين الأمريكيين بالحزب الذي ...
- نجوم تركيا على أرض مصر وتفاعل جماهيري كبير (صور)
- مراسلنا: مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين في قصف إسرائيلي لمناط ...
- اغتيال مدو على رؤوس الأشهاد..  وليمة الزعيم الحديدي الأخيرة! ...
- المهاجرون يخلفون وراءهم دراجات هوائية بقيمة 30 ألف يورو على ...
- مصر.. قرار يضع شروطا لسفر بعض السيدات إلى السعودية


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن مدن - النفط ليس ظاهرة خليجية فقط