أديب كمال الدين
الحوار المتمدن-العدد: 6888 - 2021 / 5 / 4 - 18:26
المحور:
الادب والفن
السّؤال العجيب
***************
قالَ لي حرفي:
أريدكَ أن تجيبَ على سؤالٍ
لنْ أذكرَ مضمونَه أو تفاصيله!
قلتُ: كثيراً ما سُئلتُ
مثل هذا السّؤال العجيب.
فكنتُ أفتحُ في الفجرِ كتابَ الحياة
وأهبطُ سطراً
وأقرأُ صفحةً
وأطلقُ طائراً.
قال: وماذا وجدتَ جواباً؟
قلتُ: وجدتُ أن أستغفرَ ذنباً
وأمسحَ من الوهمِ حلماً
وأذرفَ دمعاً.
* كم بلغَ حُبّكَ له؟
*************
قالَ لي حرفي:
كم بلغَ حُبّكَ له؟
قلتُ: كيفَ أصفُ ما لا يُوصَف
وكيفَ أضربُ مثلاً
لحُبِّ مَن ليسَ كمِثْلِهِ شيء؟
قالَ: أرجوك!
قلتُ: أظنُّ أنَّ قلبي
لا ينبضُ إلّا حينَ يذكرُ اسمَه،
وأنَّ دمعتي الحرّى فاضتْ
حتّى بلّلتْ لحيةَ يعقوب
وهو يبكي يوسفَ ليلَ نهار.
* اثنان
*******
قالَ لي حرفي:
مَن هلكَ في حُبِّ القائلِ للشيء كن فيكون؟
قلتُ: هلكَ اثنان
رجلٌ لم تكنْ في يدهِ أصابع
فلم يطرق الباب
ولم يعرفْ أنّ بإمكانه أن يؤشّرَ من بعيد
لتنفتحَ لهُ الباب.
ورجلٌ أخذتهُ العزّة بالاستعارة
فتصوّرها قصيدةً يكتبُها كما يشاء
لا كما يشاءُ الذي يقولُ للشيء كن فيكون.
* قلب من نور
*************
قالَ لي حرفي:
حينَ أُلقِي إبراهيم في النّار
فهل عرفَ لغتَها؟
قلتُ: لا.
قالَ: فكيفَ نجا؟
قلتُ: أنجاهُ الذي يقولُ للشيء كن فيكون.
قالَ حرفي: ربّما عرفَ الكاف
بعدَ أن خرجَ من اللهيبِ سليماً؟
قلتُ: بل ربّما عرفَ النّون
إذ لم يعدْ مُحتاجاً للقمرِ ولا للشمس،
لم يعدْ مُحتاجاً للاطمئنان
بعدَ أن منحتهُ النّارُ قلباً من نور.
السّؤال الذي لم يقله أحد
***************
قالَ لي حرفي: ما أعظم الأسئلة؟
قلتُ : السّؤال الذي لم يقلْهُ أحد.
قالَ: فهل عرفته؟
قلتُ: نعم،
لكنّني قبلَ أن أعلنهُ للناس
عشقتُ
ثُمَّ جننتُ
ثُمَّ احترقتُ
ثُمَّ ذُرَّ رمادي في دجلة
من الصّباحِ حتّى المساء.
فنسيتُ كلَّ شيء،
نسيتُ حينَ رأيتُ رمادي
يكلّمُ الماءَ والسّمك.
#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟