أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد هجرس - مجزرة قانا: أكثر من نذالة أخلاقية .. وأقل من استراتيجية ذكية















المزيد.....

مجزرة قانا: أكثر من نذالة أخلاقية .. وأقل من استراتيجية ذكية


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1633 - 2006 / 8 / 5 - 11:10
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


"جريمة قانا" ليست المذبحة الأولى التى يقترفها الإسرائيليون، بحيث أننى لو حاولت أن أسجل أسماء المذابح التى ارتكبتها الدولة اليهودية منذ نشأتها حتى جريمة قانا يوم الأحد الماضى لما تبقى سنتيمتر واحد من المساحة المخصصة لمقالى هذا، بل ربما احتجت إلى ضعف المساحة إذا كتبت تاريخ كل مجزرة إلى جانب مكان وقوعها.
إذن .. وإذا لم تكن مذبحة قانا هى الأولى من نوعها .. فلماذا كل هذا الاهتمام بها؟
الأسباب كثيرة .. ومتنوعة.
فهى – أولاً – جريمة بشعة تقشعر لها الأبدان، ويهتز لها ضمير اى أنسان سوىّ مهما كانت جنسيته أو ديانته أو انتمائه السياسى.
فما بالك إذا كان الذى ارتكبها "دولة" تزعم أنها "واحة الديموقراطية واحترام حقوق الانسان وسط صحراء العرب البرابرة".
وإسرائيل – التى أقترفت هذه الجريمة الهمجية والوحشية التى استهدفت الإبادة الجماعية لأطفال أبرياء ونساء لا حول لهن ولا قوة – طالما حاولت تأليب المجتمع الدولى على العرب جميعاً إذا قام فرد واحد فلسطينى بتفجير نفسه وسط مجموعة من المدنيين الإسرائيليين، ودأبت على وصف مثل هذا السلوك اليائس بأنه "إرهاب" وشاركناها نحن العرب – قبل غيرنا – بإدانته باعتبار أنه يستهدف مدنيين. وبالتالى فان من حق العالم كله – بل من واجبه – ان ينظر إلى مجزرة قانا باعتبارها "إرهاب دولة" دون لف أو دوران، ودون الالتفاف إلى الكلام الفارغ الذى حاولت به إسرائيل تبرير هذه الجريمة النكراء، التى تعد – بكل المعايير القانونية والسياسية والأخلاقية – جريمة ضد الإنسانية.
ثم إن حكومة ايهود أولمرت رئيس وزراء اسرائيل قامت بهذه الفعلة الشنعاء أثناء وجود وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس فى القدس المحتلة.
وهذه مسألة بالغة الخطورة، لأنها تعنى أن الإدارة الأمريكية شريك ضالع فى هذه الجريمة، أو على الأقل أنها موافقة عليها. فلو لم تكن موافقة لقامت كوندوليزا رايس بمغادرة إسرائيل فوراً – وهذا لم يحدث – ولأصدرت بيان إدانة للمجزرة – وهذا مالم يحدث كذلك – وما حاولت فى مجلس الأمن أن تعترض سبيل صدور قرار يندد بالمذبحة ويدين إسرائيل – وهذا ما لم يحدث بل إن ما حدث هو العكس تماماً حيث مارست الإدارة الأمريكية كل الضغوط التى يمكن تصورها لإبقاء القرار فى حدود "إبداء الحزن" على الضحايا دون التقدم خطوة واحدة نحو إدانة إسرائيل.
وفضلاً عن أن إسرائيل لا يمكن أن تفعل شيئاً ضد المشيئة الأمريكية، فإن الإدارة الأمريكية شريكة فى كل ما جرى ابتداء من شن العدوان الإسرائيلى على لبنان ووصولاً إلى مذبحة قانا ليس فقط بالغطاء السياسى الذى وفرته لها – بالزغم المتبجح بأن الدولة اليهودية تمارس حق الدفاع عن النفس – وإنما أيضاً بترسانة السلاح الأمريكى الهائلة التى لا تنقطع عن تل أبيب وآخرها صفقة القنابل "الذكية" والقذائف الرهيبة التى استخدمتها إسرائيل فى ارتكاب مذبحتها المشينة.
وهذا التواطؤ الأمريكى – الإسرائيلى فى تنفيذ المذبحة يتساند معه وظيفياً سلوك النظام العربى الرسمى الذى يتحمل قدراً من المسئولية عن جريمة قانا.
كيف؟!
ليس بالصمت المعهود، والعجز المعتاد، فقط ، تكمن مسئولية النظام العربى الرسمى عن هذه الجريمة. فالجديد أن هذا النظام "العربى"الرسمى ساند العدوان الإسرائيلى على لبنان. وهذه أول مرة تحدث – علناً – فى تاريخ الصراع العربى – الإسرائيلى.
وهو الأمر جعل أولمرت يتبجح فى الخطاب الذى ألقاه يوم الأثنين الماضى أمام رؤساء المحليات الإسرائيلية ويقول أن هناك كثيراً من الدول العربية والإسلامية تؤيد إسرائيل فى ضرب حزب الله.
وهو الأمر الذى جعل وزير دفاعه، عمير بيرتس، يقول قبله أن هذه أول حملة عسكرية إسرائيلية تتم بتأيد عربى رسمى.
وقد حاولت بعض الدوائر الرسمية العربية تبرير هذه المساندة – المباشرة أو غير المباشرة- للعدوان الإسرائيلى، بعذر أقبح من الذنب هو القول بأن حزب الله شيعى وأن الشيعة يضمرون العداء للسنة – ودفعت هذه الدوائر بعض المراجع الدينية لاصدار فتاوى – على غرار مشروعات ترزية القوانين عندنا – تحرم تأييد حزب الله!
بينما بررت دوائر رسمية عربية أخرى نفس الوقت المساند – موضوعياً – للعدوان الإسرائيلى، بحجة أن حزب الله قام بعمل منفرد ومغامرة غير محسوبة تعطى الذريعة للإسرائيليين لشن الحرب على المنطقة بأسرها.
ونسيت هذه الدوائر العربية أنها – رغم علاقتها العلنية أو السرية، او الأثنين معا، مع إسرائيل ورغم تحالفها الاستراتيجي مع الإدارة الأمريكية – لم تنجح بعلاقاتها الخاصة مع الاثنين فى تليين موقفهما من القضايا العالقة للصراع العربى الإسرائيلى والتى هى أساس كل هذه المسائل المتفجرة التى كان ولابد أن تشتعل فى يوم ما وتتحول إلى حريق يأتى على الأخضر واليابس.
ولم تنجح فى حث الإدارة الأمريكية – حليفتها الاستراتيجية – على ممارسة الضغط على إسرائيل للتجاوب مع التماسات السلام العربية التى تحولت إلى شكل فج من أشكال الحب من طرف واحد.
ولم تنجح فى توظيف علاقاتها – وتنازلاتها الكثيرة – مع واشنطن وتل أبيب من أجل كبح جماح صقور الجيش الإسرائيلى فى تدمير لبنان بأسره وليس ضرب حزب الله فقط، بما يمثله ذلك من احتمالات لنسف سياسة التسوية السلمية من أساسها، حتى فى ظل محاولة فرض تسوية استسلامية لا تلبى الحد الأدنى من متطلبات حركة التحرر الوطنى اللبنانية والفلسطينية .. ناهيك عن المسار السورى المرتهن.
هذه التسوية الاستسلامية المختلة والمجحفة .. التى تراود واشنطن وتل أبيب عبر توزيع الأدوار فى سيناريو العدوان على لبنان – بما فى ذلك مذبحة قانا وغيرها من أشكال الانتقام الجماعى من المدنيين – هى الهدف الرئيسى لما أسمته كوندوليزا رايس فى أول لحظة لاندلاع العدوان الإسرائيلى يوم 12 يوليه بـ "الشرق الأوسط الجديد".
والواضح أن هذه الشرق الأوسط الجديد ليس شيئاً آخر غير شرق أوسط منزوع المقاومة.
وكان الهدف من أعمال الانتقام الجماعى من المدنيين، بما فى ذلك مجزرة قانا الثانية، هو:
1- ترويع سكان الجنوب وإجبارهم على النزوح أو الانقلاب على حزب الله وزعيمه حسن نصر الله الذى يقود المقاومة الباسلة.
2- تأليب الطوائف اللبنانية الأخرى على حزب الله وتحميله مسئولية الدمار الذى يحمله العقاب الإسرائيلى له.
3- تفجير شرارة حرب أهلية بين اللبنانيين – ربما تؤدى إلى إحياء مشروع الكانتونات القديم، وبخاصة فى ظل التجربة العراقية الجارية.
4- تعميق العزلة العربية ، والدولية ، للمقاومة الوطنية اللبنانية، بما يساعد – سياسيا وعسكرياً – على تكسيح حزب الله ونزع سلاحه ودفع فلوله إلى ما وراء نهر الليطانى، تحت مظلة قرار مجلس الأمن 1559.
5- ترويض سوريا بعد ذلك، بفعل التطورات فى جاريتهما الأساسيتين: العراق ولبنان، وحرمان إيران من أحد أهم أوراقها فى صراعها مع السياسة الإمبراطورية الأمريكية
هذه – إلى جانب النذالة والحقد الصهيونى على اللبنانيين الذين أذاقوهم من قبل طعم ذل الهزيمة ومرارة الانسحاب من الجنوب اللبنانى عام 2000 –هى الاهداف السياسية لعمليات الانتقام الجماعى من المدنيين، فى قانا وغيرها، فهل تحققت؟!
لا .. لم تتحقق .. بل ما حدث هو العكس على طول الخط .. حيث شقت تداعيات المجزرة دروباً جديدة طالما حاولت واشنطن وتل أبيب تجنب السير إليها أو عليها.
وللحديث بقية.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعنة قانا
- مذبحة قانا فى ماسبيرو
- صورة حية من العراق إلى المعجبين بالديموقراطية تحت سنابك الاح ...
- مقاومة العدوان الإسرائيلي أولى بالرعاية من -كاترينا
- نصف قرن علي تأميم قناة السويس
- مأزق المراهنين على قراءة نعى المقاومة
- حكومة .. هوايتها زيادة نكد المواطنين
- إسرائيليون.. أفضل من المارينز العرب
- العراقيون يختلفون فى القاهرة على كل شئ.. ويتفقون على طلاق أم ...
- الطابور الخامس
- مقاومة المقاومة!!
- حسن نصر الله يستحق اللوم
- -المغامرة - الإسرائيلية الجديدة.. تحلم بنهاية التاريخ وامتلا ...
- يفضلونها -جارية- .. ونريدها -صاحبة جلالة-
- من حق الجماعة الصحفية أن تفرح.. وأن تواصل مسيرة الأحلام
- المساعدات الأمريكية تنتهى عام 2009 .. فما هو البديل .. وهل ق ...
- لماذا يكرهون الصحفيين .. ولا يستغنون عن الصحافة؟!
- مبادرة راجي عنايت
- لماذا يتلذذ -ترزية القوانين- بحبس الصحفيين؟!
- اغتيال مهنة الصحافة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد هجرس - مجزرة قانا: أكثر من نذالة أخلاقية .. وأقل من استراتيجية ذكية