أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد مهدي - ((التواصل مع الأجيال بغية إحساس ناضج لمعنى الحياة))















المزيد.....

((التواصل مع الأجيال بغية إحساس ناضج لمعنى الحياة))


رائد مهدي
(Raed Mahdi)


الحوار المتمدن-العدد: 6885 - 2021 / 5 / 1 - 12:56
المحور: الادب والفن
    


مقالة نقدية كتبتها إضاءة على النص السردي الحكائي (ماضينا البسيط) النص ينتمي لسلسلة (حكايات قديمة) للأديب العراقي ناظم عبدالوهاب المناصير .
النص الحكائي :
______________
حكايات قديمة / ماضينا البسيط
لا أكتم أي شيء عما يحصل في سنوات عمرنا الماضية و ما كان يجري فيها من
حياة بسيطة ، لكنها كانت بألوان جذابة جميلة .. ففي بداية منتصف القرن الماضي ،
كنتُ أرى وأنظر وأستطلع كل صغيرة وكبيرة تحدث أمامي أو من وراء ستائر
شفافة وأنا حدث صغير .. كنّا ننهض مبكراً نتناول فطور الصباح ومن بعيد نسمعُ
نهيق حمار ، حيثُ أنحنى ظهره وهو يحمل عليه أكثر من مائة كغم من الملح
الصحراوي ثلاث أو أربعة أكياس كل كيس فيه ما يقارب خمسة وثلاثون كيلوغراما
من الملح ، صاحبه يسوقه في أرض الله الواسعة ..توقف ذلك اليوم بالقرب من باب
بيتنا ، كان عطشاناً ، سقيته بالماء .. يبيع صاحبه الكيس الواحد بحدود 250 فلساً
وبعد التداول معه من قبل المشترين ، يبيعه عليهم بمائتي فلس ..
ولابد من حدوث ضجة تتعانق مع كهوف الذات ، بائعي النفط .. نفط ..نفط ..
مصلحي المواعين الفرفوري المكسورة وجراخي السكاكين والمقاصيص .. وفي
الضحى تمر القابلة والممرضة ماري عبو يحملها وراءه سائق الدراجة الهوائية
لقاء مبلغ من المال فتذهب إلى البيوت لغرض توليد النساء بمواليدهم ، وكانت
قبلها أم أمل....( ام امل هي التي من ولدٌتني --- اي جدتي ) واخرى نعيمة أسطيفان .. وهناك نشأت في القرية امرأة أمية أتخذت
نفس العمل وبسعر أرخص ..
اضافة لذلك فإن القرية لا تخلو من آخرين فهناك من يبيع البطيخ والمتوت
بالمقايضة مقابل تمر يابس أوحشف .. يعقب ذلك رجل يهودي يدعى ( الملقن )
يشتري البيض من ربات البيوت بسعر البيضة الواحدة ستة فلوس وبدوره يبيعها
في العشار بسعر عشرة فلوس أو أقل ..
أم صالح اليهودية بوجهها السمح والمبتسم دائماً ، تدخل البيوت تحمل صرة كبيرة
لبيع القماش بألونه الجميلة وبسعر مناسب وأقل من سعر السوق ..
أبو عزيز المطهرجي يحمل شنطته الصغيرة وخاصة في فصل الصيف ليقوم
بعمليات ختان الأطفال من الذكور .. الأطفال بعد الختان يلبسون دشداشة خيطت من
قماش ( الململ ) ..
هناك مهمة صيانة القدور والصفريات ، فيأتي بين وفترة أخرى الصفارون
ليقوموا بتصفير وتلميع هذه المواعين ..
في هذه القرى يوجد نجارون ، يصنعون الكراسي وبرادات الماء ( صندوق ثلج )
والكرويتات ولوالك للأطفال الرضع ..
وكنا كل شهر نذهب إلى الحلاق يحلق رؤوسنا ( نمرة صفر ) لأن المعلم
المرحوم عبدالوهاب فعيل لآ يقبل إلا نمرة صفر محاربة للقمل وعدم أنتشاره بين
الطلبة .. كان المرحوم كاسي من الحلاقين المشهورين في مناطق القرية وقرى
أخرى ..الحلاقة بـ ( عشرين فلساً ) أو يدفع له سنوياً عند موسم التمر ..
عادة تفتح الحسينيات النسائية ( أم جمال ) وأخرى ( بيت البناء عبدالواحد )
وأخرى رجالية تعود لبيت الزوار .. النسوة الفقيرات أو أبناؤهن يبعون ( اللبلبي )
ويصيحون ( لبلبي حار ومستوي بيع أمك وأشتري ) .. وأتذكر عندما مرضت
نذرت والدتي أن تقوم بعمل ( الجداوة ) في هذه الحسينيات إذا تحسنت صحتي
، فتمسك بيدها طاسة مصنوعة من مادة البرنج وتدور بين النساء هذه تضع
عشرة فلوس وهذه فلسين وأخريات عانة ( أي أربعة فلوس ) .. بعد الإنتهاء من
هذه المهمة تضع ما جمعته في صندوق التبرعات الحسينية ..


المقالة النقدية:
______________

كان إنسان تلك الحقبة من تاريخ العراق يعيش حياة بمستلزمات بسيطة إلا أنه كان قادر على الإستمتاع بحياته نتيجة لعدم تشتت وعيه ولأنه أبعد مايكون عن ضجيج الفكر المتمثل بهموم الحاضر المتشعبة والقلق على مستقبله ومصيره.

إن أجدر الناس بتوثيق تلك الأجواء من تلك الحقبة على ماتضمنت من البساطة والمتعة
هو شخص نبت على تلك الأرض، تجذر بها، عايش فصولها حرها وبردها ،حلوها ومرها ، سلمها وحربها، طوفانها وصيهودها، وله ذاكرة ممتدة على سبيل أيامها الحافل بالأحداث .

جميل أن تكون ذاكرة الأديب ناظم المناصير مهتمة بحفظ هذا الكم الهائل من خبرات الجمال الإنساني ، وجميلة هذه المساحة الشاسعة من قلبه وهي تحوي مشاعر إنتماء عذبة ومرهفة بكم هائل من الحنين، وجميلة أدواته في التوثيق وهي تشمل تلك التفاصيل الدقيقة لعينة من تلك الحقبة وماذلك إلا لتقريب القارئ أقصى مايمكن من المساحة التي يريد له معايشة أجواءها والإحساس بطبيعة إنسانها.

الجبل الشاهق لم يكن سوى ذرات صغيرة تراكمت على بعضها واقتربت من بعضها اقصى مايمكن ،كذلك الذوق الإنساني وإحساسه بجماليات الحياة هو عملية بناء وتراكم تتطلب أحيانا مثل ذلك التقارب مع تفاصيل جمالياتها.

أحيانا يتساءل البعض عن مغزى كتابة تفاصيل ومذكرات خاصة بفرد باعتبارها تجربة شخصية خاصة جدا بصاحبها لاتضيف أحداثها أي خبرة جديدة للمجتمع لكني أذهب الى أن كاتب النص الأدبي (التوثيقي) على شاكلة مايكتبه ألأديب ناظم المناصير هو معني بتربية الحس والذوق الإنساني لكونه أديب و باعتباره مسؤول عن إيصال مايشعر به إنسان تلك الحقبة مع مايمكن أن يشعر بها إنسان المرحلة الحاضرة
من أجل خلق وتركيب إحساس أسمى وبلوغ حالة من نضوج الوعي ورفعة الذوق وبالتالي نضوج الهدف نحو الإرتقاء والتطلع لما هو أفضل.

إن الأديب المعني ببناء الحياة ستكون أبرز عناوين خطته وعمله الإبداعي معنية بتوثيق الجمال وربطه ببعضه كالنسيج ليكن قطعة واحدة ممتدة من الماضي مرورا بالحاضر ونحو المستقبل.

الأديب ناظم المناصير قلم دافق بجماليات الحياة وجسر لحقبتين إحداهما متجذرة بأعماق الماضي والأخرى على سطح حاضر في خضم عواصف وأعاصير قد تعيق الوعي لدى إنسان هذه المرحلة من الشعور بلذة ألانغراس في حاضره وتجمد فيه الإحساس بالمتعة اللحظية للحياة.

ولأن إحساس الإنسانية ملك وميراث لكل أجيالها فلا ضير من فتح ملفات تلك الحقبة بغية الإستعانة والتحفيز من أجل ربيع أخضر للذوق الإنساني ومن أجل الإرتقاء بالإحساس بمعنى الحياة ومتعتها لهذا الجيل .



#رائد_مهدي (هاشتاغ)       Raed_Mahdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعور الإنساني مادة غنية بالإثارة والإهتمام
- ((طبيعة الجسد الإنساني إمتداد لطبيعة الكون))
- ((الزمن لاينتظر أحدا ))
- (( طقوس محتواها الحب ))
- //الٲزمة والٳنفراج في قصة (موعد)//
- (مَخرَج وحيد لمعاناة ثنائية الطرف)
- ألإنتظار الشهي
- ((الخيال .. الكفة الثانية لميزان المعنى))
- // لا منطق للحياة بتوقيت بغداد // الواقع في حيز الفنتازيا
- // لامنطق للحياة بتوقيت بغداد // الواقع في حيز الفنتازيا
- لاسبيل الى السبيل
- لاحياة لجسد بلا رأس
- الوجع مادة للإبداع
- راغدة
- ماهذا الجنون !!!!
- ((أحزان الحضارة..رؤية مرحلية بجذور تاريخية))
- ضوء
- الوثنية..تقديس الحجر لإخضاع البشر
- خَيال
- سعادة


المزيد.....




- كيف تتباين الروايات الغربية والإيرانية حول طريقة اغتيال هنية ...
- بصمات روسية مضيئة
- العاصمة الروسية تتحضر لمهرجان -يوم الرياضي في موسكو-
- فنان مصري يتصدر التريند بعد امتلاكه سيارة سعرها تخطى الـ100 ...
- منتزه فورونتسوفو يشهد العرض الأول للمسرحية الموسيقية -كنوز ا ...
- الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية
- مقتبسا كلمات الفنانة فيروز.. ماكرون يحيي الذكرى الرابعة لانف ...
- كيف أرخ الشعر لحقبة الجاهلية ووقائعها وحركة المجتمع فيها؟
- -لا شيء أسود بالكامل-.. رواية الموت والحرب والاختبارات الفني ...
- متاحف قطر تفتتح معرض -الفكر الأولمبي: قيَمٌ وقمَم-


المزيد.....

- ديوان قصَائدُ لَهُنَّ / ياسر يونس
- مشاريع الرجل الضرير مجموعة قصصية / كاظم حسن سعيد
- البحث عن الوطن - سيرة حياة عبدالجواد سيد / عبدالجواد سيد
- Diary Book كتاب المفكرة / محمد عبد الكريم يوسف
- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد مهدي - ((التواصل مع الأجيال بغية إحساس ناضج لمعنى الحياة))