أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد كريم إبراهيم - تقاليد عربية متروكة من أجل غربية














المزيد.....


تقاليد عربية متروكة من أجل غربية


محمد كريم إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 6883 - 2021 / 4 / 29 - 17:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ملابس أجنبية, أجهزة الكترونية امريكية, الفاظ ومصطلحات انكليزية وفرنسية, أطعمة ومشروبات ايطالية, مساكن غربية, وأخلاقيات مسيحية, هذه القليل مما يمكن ذكرها من العادات والتقاليد الغربية الموجودة عند كل شاب وشابة عربية الذين يعيشون داخل الدول العربية, ناهيك عن المغتربين في البلاد النائية.
لقد تحول المجتمع العربي اليوم إلى نسخة أخرى (وإن كانت نسخة رديئة) من المجتمع الاجنبي, بل تحول العالم بأكمله إلى نسخة من هؤلاء البيض القوقازيين, وتحقق أخيراً حلم الرومان القدماء عندما أرادوا إخضاع البشرية الجمعاء تحت أقدام امبراطوريتهم, ومعاملتهم للأعراق المختلفة كمواطنين من الدرجة الثانية.
العرب تركوا وراءهم الكثير من عادات وتقاليد أجدادهم القدماء من أجل المجاراة والتأقلم مع العصر الحديث, كما فعل الآخرين أيضاً : لم يعد اليوم على سبيل المثال يتكلم العرب باللغة العربية القديمة, كما لا يتكلم البريطانيون باللغة الانكليزية القديمة, ولا يلبسون مثلما كان يلبس السابقون كما لا يلبس الناس الاجانب ملابس العصور الوسطى, وبفضل العلم والتقنيات, لا يستخدمون الحيوانات للتنقل. كل تلك التحورات هي أساسية و وظيفية ومن المستحيل عدم تبنيها ومن السخرية الاستمرار بالآلات العتيقة المتخلفة بأسم التمسك بالعادة وحفظ التراث.
لكننا تركنا وراءنا أيضاُ بعض من الأمور التي لا داعي لها بأن تذهب: الكلمات العربية مثلاً تتبدل الآن بسرعة بكلمات اجنبية, كلمات بسيطة مثل شكراً, طيب, وعفواً, تبدلت الآن بكلمات ثانكس, اوكي, و سّوري. التصاميم العربية والنقوشات النمطية المميزة في الاقمشة والجدران كانت رائجة للغاية في وقتها وفي جميع بقاع العالم, نرى الآن تغيرت بكتابات انكليزية ورسومات رياضية. والأخلاقيات العربية الفاضلة من حسن الجوار وإكرام الضيف وتمجيد الحياء تلاشت مع قدوم أخلاقيات مسيحية وأخرى ليبرالية.
كيف ولماذا تم اهمال كل هذا؟ سابقاً, كان الاحتلال هو المسبب الرئيسي في فقدان أهل الحضارة لتراثهم وعاداتهم المحلية. مع سقوط بغداد بيد المغول, وصعود العثمانيون للسلطة وحكمهم للمناطق العربية لأكثر من 500 سنة, بدأ الأجداد بترك تراثهم العربي بالتدريج عن طريق الامتزاج والاختلاط, حتى أصبح من أشرف وأفخر الألقاب عندهم هي الباشا والأفندي. فقد غيروا ملبسهم ومأكلهم بتقليد الترك, وأُضيفت إلى اللغة العربية المئات إن لم نقل الآلاف من المصطلحات التركية, وبات لكل قوم من الأقوام العربية لهجة خاصة بها بفضل التُرك.
ثم جاء بعد ذلك الثورة الصناعية في حدود عام 1850 التي غيرت العثمانيون أنفسهم, وتقطرت تلك التأثيرات على المجتمع العربي المحكوم أيضاً بالطبع. أشياء حديثة من السيارات والملابس المصنعة بالمكائن والحرف الجديدة في المعامل والشركات أغرقت العادة العربية وحورتها عن مسارها القديم, وجعلت من تقليد الاجانب أمراً ممكنًا.
وبعدها برزت هناك موجة جديدة في عام 1940, ما تسمى بموجة الإلكترونات, التي سرعت من عملية التبني والتقليد. الراديو والتلفاز ثم الانترنت والهاتف الذكي جعل الناس واعين أكثر مما يحدث في الطرف الآخر من العالم. بدأ المجتمع العربي منذ ذلك القرن بفقدان ما تبقى من تراث أجدادهم القدماء, حيث التصرفات المعتادة استبدلت بأفعال وأقوال مأخوذة من التلفاز والسينما التي كانت تنقل الافلام الاجنبية والأخبار المحلية على طريقة الأجانب, والطبخات الغربية المُقدمة في البرامج التلفزيونية علت على الطبخات المنزلية التقليدية, واقتدى الشاب العربي بمشاهير العالم بدلاً من أن يقتدي بآبائه وأجداده.
خلقَ عملية التغريب هذه نوعًا من الصراع داخل الإنسان العربي نفسه, حيث لا يدري الشاب والشابة العربية بعد الآن إلى أي مجموعة ينتمي, هل يصنف مع العرب ام مع الغرب, هل هو امتداد لتاريخ مجتمعه ام نسخة رخيصة من العجم؟



#محمد_كريم_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقارنة بين عادات الاجتماعية للمجتمعات الشرقية الاسلامية وبين ...
- المقدمة في تعريف الأنظمة
- عن الحب والجمال
- أفلاطون مكتشف الشيوعية
- تعليم الفنون وتفنين العلوم


المزيد.....




- تعديل بعض أحكام قانون الجنسية في الكويت.. و5 حالات يمكن بها ...
- في تصريحات نادرة.. ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما ...
- رئيس الوزراء الألباني: حظر -تيك توك- لم يكن رد فعل متسرعا عل ...
- البابا يتهم إسرائيل بالقسوة وغطرسة الغازي
- أسوأ انتقال رئاسي أمريكي على الإطلاق
- أبرز ما يميز درونات Legionnaire الروسية
- روسيا.. تطوير مجمع تقني يحول النفايات إلى مادة عازلة للحرارة ...
- غواصة نووية جديدة حاملة للصواريخ المجنحة بحوزة الجيش الروسي ...
- علماء يكشفون سر بناء معلم ستونهنج الشهير قبل 5000 عام
- مصادر: إسرائيل ما زالت تنتظر قائمة الرهائن الأحياء لدى -حماس ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد كريم إبراهيم - تقاليد عربية متروكة من أجل غربية