رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 6883 - 2021 / 4 / 29 - 02:15
المحور:
الادب والفن
التضحية وجمالية تقديمها
أحمد حسيان
"لا تحطّموا مقعدي الشاغر وسطكم
فقد تحتاجون إلى التوكؤ عليه ذات غياب!
لا تسفكوا دمي المهدور بينكم
فقد تحتاجون إلى التوضؤ به ذات سراب!
ما أحوجكم إلى غيضٍ من فيض وفائي
كي ترمّموا ما بداخلكم من خراب!
ما أشقى من يُسقي بدموعه شوكاً
ويَنزف حباً في أرضٍ يباب!"
النص الجميل يستوقفنا ويثيرنا لما فيه من خصب، فالجمال يمكن أن يكون في الفكرة وطريقة تقديمها، ويمكن أن يكون في توازن الأفعال وتناسق الألفاظ، ويمكن أن يكون في الشكل الذي قدم به، وإذا ما حاولنا اقتحام هذا النص سنجده عصي وحصين، بحيث لا يمكن السيطرة عليه، لهذا سنحاول (وصفه) من الخارج، لعل وعسى نقرب القراء منه وما فيه من جودة.
نلاحظ في النص تركيز الشاعر على الفعل المضارع: "تحطموا، تحتاجون (مكرر)، تسفكوا، ترمموا، يسقى، ينزف، وهذا يشير إلى والواقع الآن وما فيه من معاناة، فالأفعال بمجملها سوداء وقاسية، كما أن هناك ألفاظا شديدة وقاسية: "غياب، دمي، المهدور، أشقى، بدموعه، شوكا، سراب، خراب، يباب" وإذا أخذنا المدلول/المعنى المجرد لحرف المنع ولنهي "لا" فسنكون أمام نص مطلق السواد، تجتمع فيه الفكرة مع اللفظ لخدمة الواقع الأسود، هكذا يبدو النص بشكله المجرد.
لكن هناك جمالية مخبأة خلف هذا السواد، وجاءت في خاتمة المقطع، فبدا الشاعر/المتكلم وكأنه المسيح الذي أوصى الآخرين بالخير وضحى بنفسه متحملا ما لحق به من عذاب: "تحطموا مقعدي، تسفكوا دمي" ليخلصهم مما هم فيه من جهالة وتوحش، فالصورة التي قدمها الشاعر:
" ما أشقى من يُسقي بدموعه شوكاً
ويَنزف حباً في أرضٍ يباب!"
تأخذنا إلى ما فعله السيد المسيح، لكن بطريقة التغريب، فالمسيح لم يتذمر على ما لحق به من عذب، بل تقبل ذلك برحابة صدر، إذا ما استثنينا غواية الشيطان هو مصلوب، وصراخه: ألهي إلهي لماذا تركتني" فالشاعر يقدم صورة الاصلاح/إعمار الخراب/اليباب بطريقة مذهلة، فقد جعل السقي بالدموع، والسقي ليس لورد بل ل "شوكا"، والساقي ينزف/يتوجع/يتألم، أليس هذا حال من بقى (قايض على دينيه/أخلاقه/مبادئه!؟.
النص منشور على صفحة الشاعر Ahmad Hsayyan"
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟